تقارير وملفات إضافية

خبايا الشركة الإماراتية الجديدة للصناعات العسكرية.. ولماذا قد تكون إسرائيل شريكها المفضل؟

جاء الإعلان عن إطلاق شركة إيدج الإماراتية للصناعات الدفاعية من قبل حكومة أبوظبي، بعد أقل من شهرين من الهجوم الذي تعرضت له منشأة شركة أرامكو السعودية باستخدام طائرات بدون طيار.

ورغم التزامن اللافت بين الهجوم والإعلان عن الشركة فإن الإماراتيين يؤكدون أن قرارهم ليس له علاقة بالهجوم الذي يعتقد أن إيران تقف وراءه، ولكن مرتبط بمجمل الوضع الاستراتيجي في المنطقة والمعبأ بالأخطار.

ولكن ما هي المجالات التي ستعمل بها شركة إيدج الإماراتية للصناعات الدفاعية وهل تستطيع الإمارات تحقيق تقدم في صناعة الأسلحة، ومن أي المصادر ستحصل الشركة على التكنولوجيا المتقدمة في المجالات الدفاعية، وما هي علاقات الشركة المحتملة مع إسرائيل.

وكان الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب بالشركة فيصل البناي قد أعلن أمس الأول الثلاثاء في حفل التدشين أن الشركة الجديدة ستستثمر في التكنولوجيات الدفاعية المتطورة، وستوظف الشركة نحو 12 ألف شخص.

وحضر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي حفل إطلاق الشركة.

رغم قصر عمر الدولة ذاتها، فإن الإمارات تعد نسبياً من أكثر الدول العربية التي قطعت شوطاً في مجال الصناعات الدفاعية، إذ نجحت البلاد في خوض مجال الصناعات الدفاعية بطريقة مشابهة لتعاملها مع قطاع العقارات، بالاعتماد على إدارة جيدة متعددة الجنسيات تتعامل مع المشروعات بطريق أقرب للقطاع الخاص مع استقطاب العناصر الأجنبية الكفؤة بأجور مناسبة.

وشركة إيدج لن تكون كياناً جديداً بالكامل بل الواضح أنها ستكون مظلة لمجموعات شركات قائمة مع توسع في أعمالها.

فقد أعلن ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي يشغل أيضاً منصب نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، دمج 25 شركة لإنشاء تكتل جديد يحمل اسم إيدج (Edge)  لتكوين واحدة من أكبر مجموعات الدفاع في الشرق الأوسط.

وإيدج كيان تجاري ولكنها مملوكة لحكومة أبوظبي، وجميع الشركات التابعة للشركة تلبي احتياجات قطاع الدفاع والأمن. 

وتشمل الشركة فروعاً من شركة الإمارات للصناعات الدفاعية ومجموعة الإمارات للاستثمارات المتقدمة وتوازن القابضة وغيرها من المؤسسات المستقلة، وقد يكون هناك بعض المشاريع المشتركة مع الشركاء الدوليين.

 و «تبلغ الإيرادات الحالية أكثر من 5 مليارات دولار. ويعمل في فروع إيدج حالياً 12 ألف فرد موهوب، حسب تعبير الشركة، يعملون في 25 شركة في خمس مجموعات: المنصات والأنظمة والأسلحة والصواريخ، والدفاع الإلكتروني، والحرب الإلكترونية، والاستخبارات، ودعم المهام».

ومن الواضح أن تأسيس الشركة الجديدة كمظلة للشركات السابقة يأتي في إطار التركيز على مجالات معينة من الحروب.

إنها مزيج من 25 شركة حكومية وخاصة، وسيتطلع هذا المزيج إلى معالجة تهديدات الإنترنت والطائرات بدون طيار.

ستكلف الشركة الجديدة بإنتاج أحدث التقنيات الدفاعية التي تهدف إلى مكافحة ما تسميه الأنواع الحديثة من الحرب الهجينة (مجال يشمل الحروب التي يدخل القتال مع الدعاية والحروب السيبرانية وحروب العصابات). 

وقال فيصل البناي، المدير التنفيذي والعضو المنتدب لشركة Edge، في خطابه الأول، إن الشركة الجديدة ضرورية لأن العالم ينخرط بشكل متزايد في حرب هجينة حيث تخوض المعارك في الفضاء الإلكتروني.

وقد يشير هذا إلى أن الإمارات المتورطة أصلاً في فضائح على الإنترنت وصلت إلى درجة إقفال تويتر حسابات لها تريد التغول أكثر في هذا المجال. 

وذكّر الجميع كيف أوقفت ضربات الطائرات بدون طيار في أغسطس/آب الإنتاج في أكبر منشأة لمعالجة النفط في العالم في المملكة العربية السعودية. «هذه هي التهديدات المستقبلية التي نواجهها. هذه هي الحقيقة الأمنية الجديدة».

 وقدم الاحتفال بالشركة الجديدة نظرة خاطفة على مجالات اهتمام مثل الروبوتات في ساحة المعركة، والأسلحة الكهرومغناطيسية التي تدمر الأعداء بلمسة زر، والطائرات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت والقدرة على الضرب في أي مكان في العالم في أقل من ساعتين.

 وقال البناي: «كمجموعة واحدة متكاملة لدينا خطط طموحة سنستقطب أفضل العقول من جميع أنحاء العالم، سنعمل بشكل وثيق مع الجميع سنبني شراكة استراتيجية، وسنكون مستعدين للمشاركة في الاستثمار والتطور المشترك، عمل الشركة يدور حول تطوير المنتجات العملية، وخلق بيئة للبحث والتطوير، وقرارات سريعة دون انتظار البيروقراطية، مما سيساعد دولة الإمارات على تحقيق السيادة الوطنية».

في منتصف سبتمبر/أيلول 2019، تم استخدام 25 طائرة وقذيفة في هجوم قبل الفجر على منشآت أرامكو السعودية التي أجبرت المملكة العربية السعودية المجاورة على إغلاق نصف إنتاج النفط في البلاد. 

الرياض وواشنطن تلومان إيران على الهجمات التي تنفيها طهران.

 وفي حديثه إلى CNBC يوم الثلاثاء، قال البناي إن تشكيل شركة إيدج -التي تتطلع إلى التركيز على الهجمات الإلكترونية وطائرات بدون طيار عسكرية- لم تتشكل كرد فعل مباشر على هجمات أرامكو.

 «ليس صحيحاً. هذه الأشياء تأتي وتذهب. وقال البناي: «لقد عشنا دائماً في منطقة بها مشكلات».

 واعترف القائد الجديد لشركة إيدج بأن الشركة ستتطلع لمساعدة الجيش الإماراتي في المنطقة على الحصول بسرعة على كل من البرامج والأجهزة اللازمة للتصدي للتهديدات للمحلية.

وأضاف الرئيس التنفيذي أن المجموعة سوف تتطلع إلى جلب أسلحة غير فتاكة مثل أجهزة التشويش على التردد والأنظمة الكهرومغناطيسية تحت نفس مظلة تكنولوجيا الرادار وصناعة الصواريخ.

 وقال البناي، الذي كان أيضاً مؤسس شركة إكسيوم تيليكوم، إن أهداف إيدج هي ضمان أن تتمتع دولة الإمارات العربية المتحدة بقدرة سيادية على حماية نفسها وتطوير اقتصاد المعرفة من أجل الاستعداد للحظة التي سينفد بها برميل النفط الأخير«.

كان أمراً لافتاً إلى كل الأحاديث الإماراتية الواردة عن الشركة تتحدث عن تركيزها على الأمن السيبراني وحروب الإنترنت والطائرات بدون طيار وأجهزة الرادار والتشويش وهي كلها مجالات تحقق فيها إسرائيل تفوق خاصاً، ولكن ليس هذا فقط.

فلقد تعاونت الإمارات مع إسرائيل في هذه المجالات تحديداً.

وكانت الإمارات من ضمن 16 دولة عربية التي اشترت معدات تجسس إسرائيلية بعد حصولها على موافقة تل أبيب “غير المباشرة” على تصدير برنامج “بيغاسوس” التجسسي الذي أنتجته شركة “NSO” الإسرائيلية، بحسب تحقيق نشرته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية.

وأوضحت “القناة 13” الإسرائيلية أن هذا البرنامج يستخدم للتنصت على نشطاء حقوق الإنسان، ومراقبة رسائل البريد الإلكتروني واختراق التطبيقات وتسجيل المحادثات، مؤكدة أنه يحوّل جهاز الهاتف إلى جهاز تجسس متطور وشامل.

ولكن الإمارات ليست مجرد دولة عربية تشتري برمجيات من إسرائيل ضمن موجة تطبيع شبه سرية تنتاب الحكام المستبدين للمنطقة.

تحتفظ الإمارات بعلاقة خاصة مع إسرائيل، ولدى إسرائيل نظرة خاصة للإمارات.

يمكن تفهم النظرة الإسرائيلية الخاصة لأبوظبي من التقارير الإعلامية الأمريكية التي أفادت بأنه عندما طرح مسألة احتمال شراء الإمارات لطائرات إف 35 الشبحية فإن تل أبيب لمحت إلى أنها يمكن ألا تعترض على مثل هذه الصفقة بشرط ألا تتوسع لبيع هذه الطائرات المتطورة إلى  دول خليجية أخرى.

أي أن إسرائيل تضع الإمارات في مرتبة خاصة حتى مقارنة بباقي دول الخليج الأخرى، بما في ذلك السعودية أكبر دول المنطقة والتي تشهد بدورها تقارباً ملحوظاً مع إسرائيل وهو تقارب له مغزى خاص بالنظر إلى أهمية السعودية الدينية والاقتصادية في المنطقة.

سبق أن أخبر الأمير محمد بن زايد المسؤولين الأميركيين أنه يرى إسرائيل كحليف ضد إيران والإخوان المسلمين. 

لقد وثق علاقته بإسرائيل بما يكفي لأن تقبل أن تبيع الولايات المتحدة  نسخاً من طائرات طراز F-16  متطورة جداً، حتى إنها تفوق النسخ الأمريكية تطوراً، فضلاً عن برامج التجسس المتقدمة للهاتف المحمول، حسب تقرير لصحيفة New York Times .

وتشارك الولايات المتحدة في محادثات سرية بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل لمواجهة التهديدات التي تشكلها إيران، الخصم المشترك بين الدول الثلاث.

 ويبدو أن المناقشات بين المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين والإماراتيين، رغم أنها لا تزال في المراحل الأولية، تشير إلى أن تلك الاتصالات قد تجاوزت كونها رمزية واستكشافية لرسم خرائط التنسيق بشأن قضايا محددة. 

وقال المسؤولون الأمريكيون إنهم يهدفون إلى زيادة التعاون الدبلوماسي والعسكري والاستخباري في التعامل مع إيران حسب صحيفة Wall Street Journal   الأمريكية.

وقال مسؤول أجنبي مطلع على الدبلوماسية لصحيفة  New York Times إن المحادثات تهدف إلى توسيع التعاون من أجل تبادل المعلومات الاستخباراتية والعسكرية بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل.

ولكن التعاون بين البلدين تعاون تطبيقات تجسس على معارضين والنقاشات السياسية والأمنية، فقد وصل الأمر إلى التقنية العسكرية.

فقد باعت إسرائيل طائرات تجسس مقاتلة ترقيات لطائرات إلى الإمارات العربية المتحدة، حسب صحيفة  New York Times.

ومن المرجح أن عمليات البيع هذه كان نقطة الاتصال فيها إحدى الشركات التقنية التي أصبحت جزءاً من شركة إيدج الجديدة.

 وقبل ذلك، شاركت الإمارات في عام 2017 في تدريب «Iniohos 2017″، وهو تدريب عسكري مشترك مع القوات الجوية لليونان وإيطاليا والولايات المتحدة وإسرائيل. 

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يسافر فيها الطيارون الإماراتيون إلى جانب الإسرائيليين. ففي العام السابق 2016، شاركت دولة الإمارات العربية المتحدة أيضاً في تمرين «العلم الأحمر» في ولاية نيفادا الأمريكية

 بالنظر إلى أن إسرائيل ساندت في عام 2009 محاولة الإمارات العربية المتحدة ضد ألمانيا أن تصبح المقر الرئيسي للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا) ، فمن الواضح تماماً أن السياسة الإماراتية قد تحولت تجاه إسرائيل بالفعل منذ فترة قديمة، وإن كان بشكل غير رسمي. 

وبالنظر إلى تطور هذه العلاقات وبالنظر إلى أن المجالات التي تركز عليها شركة إيدج هي مجالات تحظى فيها إسرائيل بتفوق خاص، فيمكن توقع أن الشركة ستحاول الحصول على تكنولوجيا إسرائيل.

ولكن السؤال الأصعب في الإجابة: هل تقبل إسرائيل رغم قوة علاقتها مع الإمارات على تقديم تكنولوجيا فارقة لأبوظبي من شأنها أن تكسر الاحتكار الإسرائيلي؟ 

فرغم ترحيب الإسرائيليين بالتطبيع الإماراتي الذي وصل للتحالف، فإنهم لن ينسوا أن شاه إيران كان حليفهم، وأنه لم يمانعوا حصوله على طائرات إف 14 الأمريكية المتطورة، وفي النهاية سقطت الطائرات في أيدي خصومهم.

كما أنهم تعاونوا مع تركيا عسكرياً وصدروا لها أسلحة وتحديثات لأسلحة، ولكن اليوم باتت تركيا من أهم مؤيدي القضية الفلسطينية، وعلاقتها مع تل أبيب متوترة كما ظهر في تأييد إسرائيل للأكراد في شمال سوريا ضد أنقرة.

فالإمارات تظل دولة عربية مهما تحالف رجلها القوي محمد بن زايد مع إسرائيل. 

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى