تقارير وملفات إضافية

مصيرها الفشل.. تحديات داخلية وخارجية أمام الحكومة اللبنانية الجديدة، فهل وقع دياب في فخ حزب الله؟

بعد التكليف لن يكون كما قبله، هكذا ربما تبدو الصورة في لبنان بعد ساعات من التكليف الرسمي للوزير الأسبق حسان دياب تشكيل الحكومة الجديدة.

دياب
الذي يعلم أنه أداة مناورة بين حزب الله وخصومه الداخليين والخارجيين، يدرك أن
هناك الكثير مما ينتظره. ظهر هذا سريعاً عبر الرفض الواسع والقاطع الذي عبّر عنه
اللبنانيون لهذا التكليف، وهو ما ينبىء بمواجهات خطيرة على أكثر من صعيد.

وشهدت
العاصمة اللبنانية، بيروت، الخميس 19 ديسمبر/كانون الأول 2019، احتجاجات رافضة
لتكليف دياب تشكيل الحكومة الجديدة، بعد اكتمال الاستشارات النيابية.

ويخشى
المراقبون من تصعيد الشارع اللبناني للحراك، وتحوله إلى قطع طرق وصدامات مع القوى
الأمنية ومناصرين لـ»حزب الله» و»حركة أمل» وربما التيار
العوني، وهو ما قد يجعل من تسمية دياب نذير شؤم على لبنان، بمضاعفة الأزمات
داخلياً وتدهور علاقاته مع الخارج وصولاً إلى ما لا تحمد عقباه.

يتنبأ
عرافو السياسة أن دياب لن يستطيع المضي في تشكيل حكومته لأنه يصطدم بعوامل داخلية
وخارجية. 

في
الداخل لم يحظ الرجل لا بدعم سني ولا درزي ولا نصف المسيحيين أعطوه أصواتهم في
الاستشارات.

حسان
دياب الذي يعرف عنه سعيه الدائم للدخول إلى نادي رؤساء الحكومات، يبدو اليوم مجهول
المصير السياسي. فالرجل الذي جاء ترشيحه عبر جبران باسيل، يتوقع خصومه والشارع
اللبناني والمتشوقون لخلافته سرعة انتهاء مهمته وفشله فيها.

محللون
لبنانيون قالوا لـ»عربي بوست» إنهم غير متفائلين بهذا التكليف، ويتوقعون
عدم تشكل هذه الحكومة، وتحديداً لأن رئيسها جاء بإرادة «حزب الله» وخطة
رسمها باسيل ومشى بها ميشال عون.

بحسب
مصادر مقربة لـ»عربي بوست»، فإن دياب يتخوف أن يترك وحيداً في مواجهة
مصيره مع أحزاب المعارضة ومع الشارع.

وذكرت
المصادر أن الرجل ألمح لبعض أصدقائه أنه يخشى أن يكون كبش فداء وأداة صراع بين
الحريري وباسيل، وأنه قد يكون استدرج لـ»فخ» حزب الله الذي يستخدمه
لتوجيه رسالة للأمريكيين أن الأمر للحزب في السياسة والميدان.

ويخشى
الرجل -بحسب المصادر- من اضطراره الاعتذار عن التكليف، أو تشكيل حكومة لا تحظى
بثقة برلمانية أو حتى السماح بسقوطه في الشارع.

دياب
سيسعى لتأمين دعم داخلي عبر جولته على المسؤولين ومحاولة استمالة بعض وجوه الحراك
-كما يظن- لإقناعهم  بالمشاركة في حكومته المهتزة الأركان.

وأوضحت
مصادر من داخل تيار المستقبل لـ»عربي بوست» أن حكومة الرجل «ولدت
لتموت»، فهي لن تستطيع استكمال طريقها في ظل تربص قوى دولية وعربية بحزب الله
ودوره المتغول على الدولة والمؤسسات في لبنان.

ويؤكد
المصدر أن الحريري لن يشارك في حكومة دياب عبر تسمية شخصيات مقربة من تياره.

وكذلك
سيفعل نجيب ميقاتي الذي غادر البلاد مباشرة لمنع حصول اللقاء البروتوكولي بين
المكلف والسابقين، ما يعني رسالة واضحة أنه لن يتعاون مع الرجل.

ويرى
المصدر أن تعاطي دار الفتوى والمفتي عبداللطيف دريان سيكون في نفس السياق الرافض
لغياب الميثاقية عن الرجل وحكومته.

وأمام
كل تلك الأمور سيجد الرجل نفسه محشوراً في زاوية، وسيضطر للاعتذار ويعود الرجل
لمتابعة حياته الأكاديمية بعيداً عن أحلام الزعامة.

حسان
دياب لم يحصل على غطاء السنة، ولم يحظ بدعم مكوناتها ونوادي السياسة والدين
والفكر. بل بقي في ذمة حزب الله ورعاية حلفائه.

كل
هذا تسبب في «استفزاز» السنة، وهو ما لن يمر مرور الكرام في معادلة
«الميثاقية» المخروقة التي فرضها التيار الوطني الحر.

ويرى
محللون أن هذا التكليف له أهداف وخفايا أخرى تتعلق بضرب الحراك الشعبي، عبر الذهاب
نحو خطاب المذهبية، وذلك في استكمال لما شهدته بيروت من محاولات توتير مذهبية.
وبالتالي، استفزاز السنة سيؤدي إلى استفزاز المسيحيين والشيعة، ما يعود بنا إلى
الصراع التقليدي ما قبل الانتفاضة اللبنانية الأخيرة.

وبالتأكيد،
ما جرى لا يمثل استفزازاً لنصف اللبنانيين فحسب، بل للإرادة الدولية التي اشترطت
عودة دعمها المالي بتشكيل حكومة اختصاصيين أو تكنوقراط.

وسارعت
مصادر دبلوماسية إلى وصف ما جرى بأنه إنتاج لحكومة حزب الله وحكومة جبران باسيل
المرفوض دولياً وعربياً. 

لدى
بعض الدول وجهة نظر واضحة ضد هذه الحكومة، يستوقفها ذهاب حزب الله إليها بينما كان
يرفض حكومة اللون الواحد. 

وأوضح
المحللون أن الحزب استُدرج إلى هذه الحكومة بعد ضيق خياراته، وبعد طرح اسم نواف
سلام، المقبول دولياً. فسار الحزب في خيار باسيل، ولكن التأليف لن ينجز. وإذا
أُنجز سيكون لبنان حتماً أمام تفجر للأزمات المتوالية.

في
بيروت وطرابلس وكل المدن اللبنانية احتشد آلاف اللبنانيين الرافضين للتكليف فيما
اعتبروه ضرباً لثورتهم، وإمعاناً من السلطة لتجاهل مطالبهم المتمثلة في حكومة
مستقلين يقودها اختصاصي يضع نصب عينيه تحسين شروط الحياة في الجمهورية المأزومة.

وعلت
أصوات المتظاهرين في بيروت وطرابلس بهتاف «لا سعد ولا حسان ولا السعودية ولا
إيران»، ما يؤكد مجدداً رفض الثوار لمنطق تعليب الحكومة وتنفيذ أجندات
إقليمية على حساب لبنان ومطالب شعبه.

جاء
هذا تزامناً مع هتاف اللبنانيين المعهود «كلن يعني كلن»، وهو هتاف موجّه
بشكل خاص ضد حزب الله والتيار الوطني الحر وعهدهم الذي جلب الويلات للبلاد
والعباد، في رأي المتظاهرين. 

ولأنّ
الحزب لم يهدأ منذ اليوم الأول في ضرب الحراك وتعليب مطالب الناس، وفشل في استيعاب
الحراك، كانت المواجهة في الشارع من خلال اقتحام أنصاره لساحات التظاهر من بيروت
إلى النبطية، إلى صور وصيدا مروراً بكفر رمان وعين الرمانة. 

الحزب
يضع نفسه اليوم مجدداً في مواجهة الثورة من خلال تسمية المرشح حسان دياب. هذا تحدّ
جديد أمام ثوار 17 تشرين، يتمثّل في كيفية مواجهة حزب الله، الراعي الرسمي للحكومة
العتيدة، بقوّته الشعبية والأمنية والعسكرية وأبعاده الإقليمية؛ الحكومة التي تريد
العودة إلى 16 تشرين.

حسّان
دياب من مواليد بيروت في 1 يونيو/حزيران 1959. متزوج وله 3 أولاد، بنت وولدان. 

يحمل
دياب شهادة البكالوريوس مع مرتبة الشرف في الاتصالات، وماجستير بامتياز في هندسة
نظم الكمبيوتر، والدكتوراه في هندسة الكمبيوتر، من جامعة «باث»
البريطانية عام 1985.

انضم
دياب إلى الجامعة الأميركية في بيروت عام 1985، وهو أستاذ مادة الهندسة الكهربائية
وهندسة الحاسبات في كلية الهندسة والعمارة. 

لديه
أكثر من 130 منشوراً في مجلات علمية دولية ومؤتمرات. شغل منصب العميد المؤسس لكلية
الهندسة والرئيس المؤسس خلال 2004-2006 في جامعة ظفار في مسقط عمان.

في
أكتوبر/تشرين الأول 2006، تمّ تعيينه في منصب نائب الرئيس للبرامج الخارجية
الإقليمية في الجامعة الأمريكية في بيروت، بميزانية مشاريع سنوية تزيد على 20
مليون دولار.

واعتباراً
من 13 يونيو/حزيران 2011، تمّ تعيينه وزيراً لوزارة التعليم والتعليم العالي في
الحكومة التي ترأسها حينها الرئيس نجيب ميقاتي.

منذ
سطوع نجم حسان دياب بدأت الفضائح بالخروج إلى العلن، أبرزها طباعة كتاب عن
إنجازاته في وزارة التربية بكلفة 70 مليون ليرة
من موازنة وزارة التربية، واستغلال
منصبه السابق لاستبدال اسم مدرسة باسم والدته.

كذلك
جاء تمرير رخصة «الجامعة اللبنانية الدولية» بلا إعلان رسمي، إضافة إلى تزوير إفادات
كوليكيوم الصيدلة

وانسحبت
فضائحه أيضاً إلى المجال الأكاديمي، حيث قال مغردون إنّ دياب، الذي سبق أن انتدبته
الجامعة الأمريكية في بيروت لتولّي منصب الرئيس المؤسس وعميد كلية الهندسة، كان
يطلب من تلاميذه إعداد الأبحاث والدراسات ليعود ويسجلها باسمه بحجة أنه غير متاح
للطلاب أن يقوموا بذلك. 

كما تحدث الأستاذ السابق في
الجامعة الأمريكية، حسام كدارة، أنّ دياب طلب وساطة لتوظيف ابنه، الذي لا يتمتع
بالكفاءة والخبرة المطلوبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى