رياضة

توابع السوبر الإيطالي.. انتقادات غربية واسعة لأبطال الغولف المشاركين في بطولة بالسعودية الشهر المقبل

نجحت المملكة العربية السعودية في استضافة عديد من الفعاليات الرياضية بالآونة الأخيرة، أبرزها نهائي كأس السوبر الإيطالي الذي فاز به لاتسيو الأحد 22 ديسمبر/كانون الأول، وكذلك مسابقة السوبر الإسباني بمشاركة فرق في يناير/كانون الثاني المقبل، بجانب عديد من فعاليات الرياضات الأخرى.

لكن بالتزامن مع ذلك، تثير إقامة تلك الفعاليات جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان بأوروبا، التي تتهم حكومة الرياض باستغلال الفعاليات الرياضية في تبييض سجلّ المملكة السيئ في انتهاكات حقوق الإنسان.

ومؤخراً، قوبل الملاكم البريطاني، أنتوني جوشوا، باستهجان واسع من الجماعات المعنيَّة بحقوق الإنسان في بريطانيا، بعدما أصر على خوض نزال على لقب بطولة العالم للملاكمة في الوزن الثقيل أمام المكسيكي أندي رويز، وهي أول مباراة من نوعها تقام بالشرق الأوسط.

واتهمت تلك الجماعات جوشوا بالإسهام في محاولة السعودية غسل صورتها السيئة من خلال الرياضة، وإخفاء سجلها الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان خلف زهو الحدث الرياضي المرموق.

وقيل وقتها إن جوشوا أصر على خوض النزال في السعودية، بعدما تقاضى مقابلاً كبيراً يقدَّر بنحو 60 مليون جنيه إسترليني (78 مليون دولار) مقابل خوض النزال.

وقبل يومين، كتب أنتوني هاروود، محرر الشؤون الخارجية السابق بصحيفة The Daily Mail البريطانية، مقالاً في مجلة Newsweek الأمريكية، ينتقد فيه الموافقة على إقامة بعض جولات لعبة الغولف للرجال والسيدات في السعودية.

وقال هاروود إن لعبة الغولف، التي طالما افتخرت بقواعد السلوك الصارمة التي تجعلها واحدة من آخر معاقل الشرف واللياقة، إلا بعض حكايات العنصرية والتفرقة على أساس الجنس أدانت لعبة الغولف منذ أن ظهرت لافتات «لا يُسمَح بالكلاب أو النساء» في نادي أوغوستا الوطني للغولف.

والآن، بات بالإمكان إضافة تهمة تبييض الصورة باستخدام الرياضة إلى تلك القائمة، بعدما أعلنت جولات الرجال والسيدات خططاً للمشاركة في مسابقات بالمملكة العربية السعودية.

ولكل مَن لا يألف هذا المصطلح، فإنَّ «تبييض الصورة باستخدام الرياضة» يحدث حين تستخدم بلدان ذات سجلات سيئة في حقوق الإنسان جاذبية وإثارة الفعاليات الرياضية الساحرة لإزالة الشوائب التي تُلطِّخ سمعتها، والتظاهر بأنَّ كل شيءٍ وردي.

وأضاف في مقاله، أن السعودية واحدة من أسوأ المنتهكين في العالم، وبلغت مرتبة «المنبوذة عالمياً» حينما اتضح أنَّه «من المرجح بشدة» أنَّ ولي العهد الشاب، محمد بن سلمان، أصدر أوامره بعملية القتل الوحشي للكاتب بصحيفة The Washington Post الأمريكية جمال خاشقجي، قبل ما يربو على عام بقليل.

تقف الرياض كذلك متَّهمةً بشن حملة قصف مستمرة منذ 5 سنوات في اليمن، أسفرت عن سقوط 100 ألف قتيل، وأشعلت أزمة إنسانية تركت 85 ألف طفل على حافة المجاعة.

ثُمَّ هناك السجن والتعذيب المستمران لنشطاء حقوق المرأة، وعمليات الرجم والإعدامات الجماعية.

وفي ظل وجود الكثير للتكفير عنه، يبدو أنَّ السعودية لجأت إلى الرياضة والترفيه، ليس فقط لتنظيف صورتها من السلوك السيئ، بل أيضاً لتشغل سكانها الشباب ممن تقل أعمار 70% منهم عن سن الثلاثين.

لهذه الغاية، تبني السلطات مدينة ترفيهية بتكلفة 5.9 مليار جنيه إسترليني (7.7 مليار دولار تقريباً) في الصحراء، من المقرر أن تستضيف فيها سباق فورمولا ون الجائزة الكبرى (Formula One Grand Prix) للمرة الأولى بالبلاد.

وغيَّرت منظمة العفو الدولية، في الأشهر الأخيرة/ لهجتها تجاه ما ينبغي لنجوم الرياضة عمله حين تُعرَض عليهم مبالغ مالية ضخمة للذهاب إلى المملكة الصحراوية.

وفي حين قالت سابقاً إنَّهم يجب أن يقاطعوا الرياض تماماً، تقبل المنظمة الحقوقية الآن إمكانية مشاركتهم في أي مكان، لكنَّهم يجب أن يجهروا بالحديث عن الانتهاكات الجارية بالبلاد.

لكن بالنظر إلى ردود الرياضيين المبدئية، لا يوجد احتمال كبير لحدوث هذا.

إذ قال اللاعب البريطاني جاستن روز: «لستُ سياسياً، أنا لاعب غولف محترف».

وقال الأمريكي بروكس كوبكا: «لن أتدخل في الأمر».

في حين قال الفائز بمسابقة العام الماضي، الأمريكي داستن جونسون، ببساطة: «وظيفتي هي أن ألعب الغولف».

جاء الرد الأكثر إهانة من فيل ميكلسون، البطل السابق لبطولات الأساتذة ورابطة لاعبي الغولف المحترفين وبطولة بريطانيا المفتوحة للغولف، والذي قال: «أنا أتفهم أولئك المنزعجين أو المُحبَطين. ستكونون بخير».

وبرَّر قَطعه مسيرة 30 عاماً من المشاركات المتتالية في بطولة فينيكس المفتوحة؛ من أجل الذهاب إلى السعودية، بقوله: «بعد رفض فرص للذهاب إلى الشرق الأوسط سنوات عديدة، أنا متحمس للذهاب؛ من أجل اللعب ورؤية مكان بالعالم لم أزره قط».

وحين أشار الكاتب في شؤون لعبة الغولف، إيوان موراي، إلى أنَّ ميكلسون لا يزال بإمكانه زيارة البلاد دون الحصول على عائد مشاركته الكبير في البطولة وتبييضه صورة البلد باستخدام الرياضة، ردَّ قائلاً: «يمكنني ذلك، لكن بالنظر إلى الفرصة المتاحة أمامي للذهاب واللعب والتنافس في أثناء الزيارة، فإنَّ توصيتك تبدو غبية بالنسبة لي». وقال لاحقاً للصحفيين: «قوموا أنتم بعملكم، وسأقوم أنا بعملي».

في المقابل كانت هناك مواقف مشرفة لنجوم آخرين، منهم الأيرلندي الشمالي روري ماكلروي، حيث قال: «لا، لن أذهب، والأمر قضية أخلاقية بنسبة 100%». 

كذلك رفض تايغر وودز عرضاً بقيمة 2.5 مليون دولار للعب، وقال بطريقة دبلوماسية إنَّ الشرق الأوسط بعيد جداً بحيث يكون السفر صعباً، وتذرَّع الإنجليزي بول كيسي بكونه سفير نوايا حسنة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف). 

إذن، ما لم يعودوا جميعاً فجأة إلى رشدهم، يبدو أنَّ الجولة الأوروبية ستكون في السعودية الشهر المقبل (يناير/كانون الثاني)، حيث يقول ميكلسون إنَّه يتطلع إلى «القيام بدوره لتنمية اللعبة في المملكة».

وبطريقةٍ ما، كان الأمر الأكثر إثارة للصدمة هو قرار الجولة الأوروبية النسائية اللعب بالسعودية في مارس/آذار المقبل، وذلك بالنظر إلى سجل البلاد المروع في حقوق المرأة.

وعلى الرغم من الإصلاحات التي تمنح المرأة حق قيادة السيارات والسفر خارج البلاد، لا يزال نظام ولاية الرجل الجائر يعني أنَّ المرأة عليها الحصول على إذن من الولي الرجل للزواج أو مغادرة ملجأ فرَّت إليه للهروب من الانتهاكات.

وافقت أكثر من 100 سيدة على المشاركة في البطولة التي تُقام بجدَّة. ربما سيكون عليهن التخلي عن تنوراتهن والملابس القصيرة، لأنَّ لاعبات الغولف لا يُسمَح لهن إلا بارتداء سراويل طويلة في السعودية، على الرغم من ارتفاع الحرارة إلى نحو 32 درجة مئوية في مارس/آذار.

لكن على الأقل، بات بإمكانهن الآن قيادة السيارات بأنفسهن إلى ملعب الغولف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى