تقارير وملفات إضافية

هل ترامب يهدد الاستقرار في العالم فعلاً؟ وكيف ينعكس قتل سليماني على أسعار النفط؟

تركزت التحليلات حول التداعيات المتوقعة للقرار المفاجئ الذي اتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، باغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، حول مدى الضبابية وعدم الاستقرار الذي يخيم على المشهد الآن، متهمين ترامب بتهديد الاستقرار، فما القصة؟

شبكة سي إن إن الأمريكية نشرت تقريراً، بعنوان: «ترامب يهدد الاستقرار في العالم»، في حين نشرت شبكة سي إن بي سي تقريراً آخر، بعنوان: «لماذا يمكن أن يكون مقتل أكبر قائد عسكري في إيران محفزاً لاضطرابات أطول أجَلاً في أسعار النفط».

ذهب دونالد ترامب إلى إجراءات متطرفة بإصداره الأمر باغتيال القائد العسكري الإيراني الأبرز والأكثر تبجيلاً، وهو أمر كانت قد أتيحت الفرصة لرؤساء آخرين لفعله، لكنهم اختاروا ألا يفعلوا ذلك. وها هي إيران قد تعهدت بالانتقام، أي إن القادم غالباً ما سنشهد خلاله مقتل عراقيين وإيرانيين وأمريكيين. لكن، أياً كان ما سيحدث، أظن أن الرئيس الأمريكي سيجد العزاء والراحة في حقيقة أنه تصرَّف وفقاً لطبيعته وما يعتقده.

والحق أنه من المثير للقلق على نحوٍ عميق أن الرئيس الأمريكي، الذي سبق أن أصدر الكونغرس بالفعل قراراً يقضي بعزله، لا يزال في منصبه، ولا يزال بإمكانه إصدار قرارات وتوجيه ضربات قد تشعل حرباً، ومع ذلك، فإن هذا هو الواقع، والنتيجة المنطقية لطريقة القيادة التي يتبعها ترامب. علاوة على أنه دليل على كيفية تصرفه تحت الضغط.

وبعد مرور ثلاث سنوات على رئاسته، بات من المحتم علينا أن ندرك، حتى وإن لم نقبل، أن «طريقة ترامب في الحكم» غالباً ما تتضمن قول وفعل أشياء لن يقولها أو يفعلها أحد غيره. إذ يعمد ترامب إلى التعامل على مستوى أكثر العناصر البشرية إثارة للفزع، العدوانية والقبلية والخوف والغضب، ولا يحفل كثيراً بمخاطبة الغرائز العليا والأهداف السامية، فقد أبدى ترامب اهتماماً ضئيلاً بمساعي صنع السلام أو بناء التحالفات التي حرص عليها رؤساء آخرون لتحقيق ما فيها من مصلحة كبيرة لأمريكا والعالم.

إن إثارة أزمة عسكرية، وربما حتى حرب، تلائم تماماً وجهة النظر القديمة التي تذهب إلى أن البشر «أشرار بطبيعتهم»، وأن «الحياة عبارة عن سلسلة من المعارك». يوم الجمعة، برر ترامب اغتيال سليماني، بالقول إن القائد الإيراني كان «يخطط لشنِّ هجمات وشيكة على دبلوماسيين وعسكريين أمريكيين، لكننا استبقناه خلال تنفيذها، وقضينا عليه». ومع ذلك، فإن ترامب لم يقدم أي دليل ملموس لدعم ادعائه وتبرير التوقيت الذي اختاره لتوجيه تلك الضربة المميتة، التي جاءت في لحظةٍ يعاني فيها ترامب المحاصَر ضغوطاً شديدة، وهو أمر أقل ما فيه أنه يثير الاشتباه في العملية ومبرراتها.

ثمة عاملان قد يكون لهما دور في قرار ترامب إعطاء الضوء الأخضر لتنفيذ هذه العملية المحفوفة بالمخاطر، أولهما قرار عزله الذي صدر قبل أسابيع فقط والذي بات يشعر معه بأنه محاصَر أكثر من أي وقت مضى، وقد أخبرني أحد النواب الديمقراطيين بالكونغرس، متحدثاً إلى في أعقاب التصويت بعزل ترامب، بأن بعض زملائه في الكونغرس متخوفون من أن العزل قد يجعل ترامب أكثر تهوراً.

العامل الثاني قد يكون المتمثل في تراجع أولئك المستشارين الذين كانوا قادرين على إضفاء الاعتدال على قرارات وأفعال ترامب، فبعد خلو الإدارة من مستشارين عقلانيين وذوي كفاءة مثل وزير الدفاع السابق جيمس ماتيس ورئيس الأركان السابق جون كيلي، أصبح ترامب أكثر حرية في إصدار وابلٍ من القرارات هنا وهناك وبكل اتجاه، مطالباً برؤية النتائج، والنتائج التي تسفر عنها طريقة ترامب قد ترضي الرئيس في اللحظة الحالية، فقط لتأتي بعواقب مفاجئة ومثيرة للقلق في وقت لاحق.

أحد الأمثلة على ذلك: قرار تعليق المساعدات عن أوكرانيا، والذي دق أجراس الإنذار التي أفضت بالنهاية إلى الشروع في إجراءات عزل ترامب. كانت المساعدات قد أُوقفت قبيل المكالمة الهاتفية المخزية التي جرت في 25 يوليو/تموز 2019، في مساعٍ من ترامب آنذاك للضغط على الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، لفتح تحقيقات من شأنها أن تفيد الرئيس الأمريكي سياسياً.

بعد شهر من ذلك، أرسل مايكل دوفي، المسؤول بمكتب الإدارة والميزانية، رسالة بريد إلكتروني تمثل دليل إدانة صريحاً إلى مراقب الحسابات في البنتاغون، وفقاً لوثائق لم تخضع للتنقيح وعرضها موقع  Just Security التابع لوكالة الأمن القومي. إذ قدّم فيها دوفي تفسيراً لا لبس فيه لتعليق المساعدات فترة طويلة امتدت شهوراً، وكتب فيها توضيحات بشأن قرار تأخير المساعدات الذي كان قد أثار قلقاً شديداً بين المسؤولين، الذين يعرفون أن كييف في حاجة ماسة إليها للدفاع عن نفسها في حربها ضد روسيا ووكلائها، قائلاً إن ذلك القرار كان «بناءً على توجيهات رئاسية واضحة باستمرار تعليق المساعدات».

كما دفع ترامب باتجاه ترويج روايات كاذبة عن بايدن وأوكرانيا، مجازفاً بتعريض حياة أفراد عسكريين أوكرانيين للخطر، وكاشفاً أن المخاوف من الأضرار الجانبية الحتمية لمثل هذه القرارات لا تؤثر في حساباته أو تُثنيه عن طريقته.

أمَّا في الولايات المتحدة نفسها، فقد ردّ ترامب على قرار عزله باستخدام كلمة «انقلاب»، وإطلاقها في التجمعات والمسيرات وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. كما أخذ يتهم خصومه بأنهم «خونة»، ويحذر علانية من «حرب أهلية». ويعد هذا النوع من التصريحات تحريضياً، لدرجة أنني لا أستطيع أن أتذكر أي رئيس سبق أن تحدث بهذه الطريقة على الإطلاق. ومع ذلك، فإن ترامب أخذ ينوح مستخدماً كلمة «خيانة»، ما لا يقل عن عشرين مرة.

لا أحد يمكنه أن يقول إن الرؤساء السابقين، خاصةً أولئك الذين واجهوا أزمات المساءلة والعزل، كانوا مثاليين، ومع ذلك، ورغم كل عيوبهما، فإن الرئيسين ريتشارد نيكسون وبيل كلينتون كانا -على ما يبدو- مدركَين أن الرئاسة أكبر منهما، وقد دفعهما هذا الفهم إلى الاتجاه نحو خيارات التسوية وحلول الوسط. ترامب، على الناحية الأخرى، يبدو اطلاعه على نقيض ذلك، ويتمثل في أنه هو شخصياً أهم من منصب الرئاسة، ومن ثم فإن أفعاله تشي برجلٍ يشعر بتهديد شخصي من خصومه، لدرجة أنه يتصرف كأنه يتعرض لخطر قاتل.

حتى إن ترامب في بعض الأحيان يبدو كأنه يعتقد في نفسه أنه تجسيد للبلد ذاته، ومن ثم، فإن أي تهديد لحكمه يُشكّل خطراً على البلاد؛ ومن ثم يجب على المواطنين الوطنيين حقاً معارضتها. هذه هي «الحرب الأهلية» التي يجب تخيُّلها عندما يستخدم الرئيس هذا المصطلح، ومن المفزع مجرد التفكير فيما قد يحدث إذا شعر مؤيدوه المتحمسون بأنه مطلوب منهم التحرك.

هذا الذي كان لا يمكن تصوُّره، أي حرب جديدة في الشرق الأوسط يشعلها موت سليماني، بات الآن ممكناً، في شهادة جديدة على قوة طريقة ترامب وفاعليتها، وبالطبع فإن كونه مسؤولاً عن خلق هذه اللحظة المخيفة ليس أمراً مفاجئاً. فقد اعتاد ترامب تحقيق الشهرة والقوة من خلال صدمه لنا باستمرارٍ بقرارات ملؤها الكِبر والتهور. وقد أسهم في رحلة صعوده السياسي تلبُّسه بروح شخصيات البرنامج الإذاعي shock jock التي تثير فزع الناس وتشويقهم في الآن نفسه، بإتيانها أفعالاً شاذة وغريبة، وقد ثبت أن ذلك ينجح معه بالفعل.

تمتع ترامب بسلطة الرئاسة وحرية ممارستها دون قيود بعد استنفادِه المستشارين المعتدلين؛ وهو ما أدى إلى تعثره ووقوعه في مسألة أوكرانيا التي أفضت إلى عزله. إنها «طريقة ترامب في الحكم»، المتمثلة باتخاذ قرارات متطرفة تهدد استقرار الولايات المتحدة والعالم. ومن ثم ففي حين يسعى الرئيس إلى إعادة انتخابه، سيبحث على الأرجح عن طريقة للتفوق على الجميع؛ ومن ثم إثارة حماسة أتباعه، وصدم البقية. وهكذا قد يكون اغتيال سليماني مجرد بداية فحسب. 

إضافة إلى ذلك، فإن اغتيال القائد العسكري الأبرز بإيران قد ينطوي على تبعات تؤثر في سوق النفط خلال المرحلة المقبلة، وعلى نحو أكبر حتى من الحوادث الأخيرة التي أفضت إلى ارتفاع أسعار النفط مؤقتاً.

وقد ارتفعت أسعار العقود الآجلة للنفط بالفعل بعد ظهر يوم الجمعة بنسبة 3% تقريباً، حيث سجَّل متوسط أسعار النفط الخام (متضمناً العقود المستقبلية) في بورصة غرب تكساس ارتفاعاً، ليصل إلى نحو 63 دولاراً للبرميل، مقابل ارتفاعه السابق في وقت مبكر فوق 64 دولاراً. كما ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت الدولي بنسبة 3.6 % إلى نحو 68.67 دولار للبرميل. وعلى الرغم من أن أسعار النفط تراجعت في آخر اليوم عن المستويات العالية التي بلغتها في بدايته، فإن محللي النفط يتوقعون أن يظل السعر متقلباً، وأن يشهد ارتفاعات طفيفة مع قابلية للارتفاع على نحو أكبر، في حال حدث مزيد من التغيرات.

وقالت هيليما كروفت، رئيسة استراتيجية السلع في بنك رويال الكندي: «أعتقد أننا نعيش أوضاعاً غير مستقرة. فنحن لا نتحدث هنا عن اغتيال مجرد قائد عسكري عادي. وهذه لحظات تمثل تحدياً حقيقياً للسوق واستقراره. وأنا لا أعتقد أن الأمر انتهى على هذا النحو. فقد نشهد أعمالاً انتقامية، وقد تهدأ الأمور فترة، ثم يكون هناك حادث آخر، وهكذا».

يقول المحللون إن عدم القدرة على التنبؤ بما قد تفعله إيران وشبكة وكلائها، مثل حزب الله، يخلق

عامل خطر لا يمكن قياسه فيما يتعلق بأسعار النفط ولا يعكسه السوق، علاوة على أن الأمر قد تكون له أبعاد وتأثير أكبر من ذلك بكثير، لأن إيران يمكنها العمل وتوجيه ضرباتها من خلال وكلائها على غرار دولة مارقة.

قال المرشد الأعلى لإيران، آية الله علي خامنئي، إن عمل سليماني لن ينقطع، وإن «انتقاماً عنيفاً» ينتظر أولئك الذين كانوا مسؤولين عن وفاته. يقول المحللون إن الانتقام الإيراني قد يشمل استهداف منشآت نفطية أو عسكرية، أو حتى شنّ هجمات إلكترونية.

يقول جون كيلدوف، وهو شريك في شركة Again Capital، إن «الإيرانيين لا يمكنهم غض الطرف عما حدث. ومن ثم يتعين عليهم الرد على نحو ما». يتوقع كيلدوف أن يكون الحد العلوي لخام غرب تكساس الوسيط 70 دولاراً للبرميل، وأن تتراوح أسعار خام برنت بين 80 و85 دولاراً للبرميل. ويقول: «لا يزال لدينا هامش كبير للتقليل من الآثار السلبية وأطنان من الطاقة الفائضة بالسعودية. نحن لسنا في السوق المتعطشة وهامش الإمدادات النفطية المحدود كما كان الأمر قبل بضع سنوات مضت».

وقد سبق أن تعرضت ناقلات نفط للهجوم في مضيق هرمز، لكن أكثر الحوادث لفتاً للانتباه وإثارة للصدمة كان الهجوم على منشأتَي بقيق وخريص النفطيتين بالسعودية، في سبتمبر/أيلول 2019، والذي أفضى إلى إيقاف ما يصل إلى 5.7 مليون برميل يومياً من إنتاج شركة أرامكو السعودية.

كان هذا أول هجوم كبير على منشآت النفط في السعودية وجرس إنذار يشير إلى نقطة ضعف محتملة، لكن المملكة استطاعت تعويض النقص باستخدام احتياطيها الخاص إلى حين إصلاح المنشآت. وقد ارتفع سعر النفط فترة وجيزة بعد الهجوم على منشآت أرامكو، لكنه سرعان ما تراجع، بعد أن تبين أن الهجوم لم يكن له تأثير كبير على إمدادات النفط العالمية.

يقول كيلدوف: «منذ مايو/أيار الماضي، كانت هناك سلسلة من الحوادث الاستفزازية. لكن السؤال هو: ما الحدث الذي قد يمثل نقطة التحول؟».

وأضاف أنه من الصعب معرفة متى ستردُّ إيران الضربة، فقد اعتادت أن تدرس هجماتها جيداً قبل القيام بها، وهي في كثير من الأحيان لا تكون الفاعل الظاهر. «مع الأسف، أعتقد أن العراق سيكون ساحة المعركة، التي ستجلب معها قدراً هائلاً من الأضرار، وعلى الأرجح أن إنتاج النفط العراقي سيتعرض لكثير منها».

كان العراق بالفعل الساحة، حيث يُعتقد أن سليماني كان يخطط لمزيدٍ من الهجمات على أفراد أمريكيين ومنشآت تابعة للولايات المتحدة، وذلك بعد هجوم تعرضت له القوات الأمريكية بكركوك في وقت سابق. كما حاصر متظاهرون تابعون لميليشيات تدعمها إيران، السفارةَ الأمريكية في بغداد، الأسبوع الماضي.

وتقول كروفت: «إنها الساحة التي يمكن أن يقع فيها هذا النوع من المواجهات بين الولايات المتحدة وإيران. ومع ذلك فإن الموقف لا يزال متقلباً للغاية، وشديد السيولة، إضافة إلى أن الحكومة العراقية عالقة بين الولايات المتحدة وإيران». وقد كانت هناك احتجاجات عنيفة مؤخراً ضد تورط إيران في شؤون العراق.

وتذهب كروفت إلى أن «المتظاهرين قد سئموا من الجماعات المدعومة من إيران، والتي أخذت تسلب عائدات الحكومة وأرباح النفط. لكنهم ليسوا بمؤيدين للولايات المتحدة أيضاً. ودائماً ما يستدعي تدخُّلها إلى الأذهان غزو العراق واحتلاله. إلا أن أحد أبرز المعرَّضين للخطر أعمال شركات النفط الأمريكية في العراق».

يتوقع هنري روما، محلل الشؤون الإيرانية في Eurasia Group، أن تنتقم إيران، لكنه يعتقد أن احتمالات اشتعال حرب شاملة لا تزيد نسبتها على 40%.

وكتب روما: «الزعماء الإيرانيون ذوو كبرياء وليست لديهم مشكلة في اقتحام المخاطر. ونحن نتوقع أن تستمر اشتباكات متوسطة إلى منخفضةٍ مدة شهر على الأقل، ويُحتمل أن تظل محصورة في العراق. وعلى الأرجح ستواصل إيران التحرش بسفن الشحن التجاري في الخليج، وقد تطلق تدريبات عسكرية لتعطيل حركة الشحن مؤقتاً. ثم تردُّ في النهاية على نحو مختلف وبطرق لا يمكن التنبؤ بها، على غرار الهجوم الذي دعمته إيران في عام 1992 ضد مركزٍ للجالية اليهودية بالأرجنتين. وإلى جانب الانتقام، فإن الهدف النهائي لإيران في العراق هو جعل الوجود الأمريكي بالعراق غير قابل للاستمرار».

يقول روما إنه من المستبعد أن تردَّ إيران على ما حدث بمهاجمة السعودية أو البنية التحتية النفطية في الإمارات، كما ستتجنب القواعد الأمريكية بالسعودية والإمارات والبحرين وقطر. إذ إن أي خطوات خلاف ذلك «سيكون معناها توحيد الخليج ضد طهران. ومن ثم فإن إيران ستنفث غضبها من واشنطن في وقت قريب. لكن أعمالها الانتقامية لن تتجاوز لتصل إلى ما نعتبره حرباً».

شهدت فترات التوتر السابقة في الشرق الأوسط زيادات بأسعار النفط، في سلوك يعكس ارتباطاً كبيراً بالتغيرات الجيوسياسية في المنطقة، لكن الوضع لم يعد كذلك، فالأسعار الآن قد لا تتضخم على النحو السابق، بسبب النمو الذي شهده إنتاج النفط في الولايات المتحدة خلال العقد الماضي. فقد باتت الولايات المتحدة الآن أكبر منتج للنفط في العالم، إذ تضخ نحو 12.9 مليون برميل يومياً.

ويقول دانيال يرغين، نائب رئيس مجلس إدارة IHS Markit، إن أسعار النفط باتت تستجيب على نحوٍ أكبر للمسائل التجارية أكثر من تعقيدات الجغرافيا السياسية مؤخراً، إلا أن ذلك قد يتغير مع اقتراب توقيع المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين. فقد كانت المخاوف التجارية تفوق العوامل الأخرى قبل أن تلمح كل من الولايات المتحدة والصين إلى أن اتفاقاً تجارياً بين البلدين على وشك توقيعه. وكان القلق من أن الحرب التجارية ستضر بالطلب على الصعيد العالمي، ودائماً ما يكون سوق النفط والسلع الأخرى أفضل حالاً ما دامت التوترات في حدِّها الأدنى.

وأضاف يرغين: «لقد غيّر النفط الصخري من طبيعة سوق النفط العالمي». وقد شهد النمو في إنتاج النفط الأمريكي ارتفاعاً سريعاً، وأضيف أكثر من مليون برميل إلى إجمالي الإنتاج هذا العام، لكن معدلات النمو هذه قد تبدأ بالتراجع. كما أن طفرة النمو هذه في إنتاج النمط كانت قد ساعدت الولايات المتحدة أيضاً في التخفيف من تأثير فقدان الحصة النفطية لكل من إيران وفنزويلا، والتي تخضع أيضاً لعقوبات اقتصادية أمريكية.

لكن يرغين يذهب إلى «أننا لن نشهد هذا القدر من الزيادات في حجم الإنتاج كالذي شهدناه خلال السنوات القليلة الماضية. فالمتوقع ألا ترتفع الزيادة في إنتاج الولايات المتحدة هذا العام على مقدار يتراوح بين 400 ألف و450 ألف برميل يومياً. إذ سيضع التقيد برأس المال سقفاً كبيراً يمنع تجاوز حدود معينة لإنتاج الزيت الصخري. ومع ذلك فإن الولايات المتحدة لا تزال تنتج كمية هائلة تبلغ 13 مليون برميل، وهذا الإنتاج لن يختفي».

ويقول إد مورس، رئيس أبحاث السلع في شركة Citigroup، إن هناك احتمالاً ألا تستمر الاضطرابات في أسعار النفط فترة طويلة.

فقد تشنّ إيران هجمات في المدى القريب، لكن الأسعار في النهاية قد تميل إلى الهبوط إذا انتهى الأمر باتجاه إيران والولايات المتحدة إلى التفاوض على صفقة جديدة بشأن البرنامج النووي الإيراني.

ولخص مورس رؤيته بالقول: إنه «على الرغم من المخاوف الواضحة لسوق النفط على المدى القصير، فقد تؤثر عوامل هبوطية في تخفيض الأسعار بوقت لاحق من عام 2020، خاصة مع احتمال أن تجد الولايات المتحدة وإيران مصلحة مشتركة لهما في التوصل إلى اتفاق جديد. فقد جرت العادة أن تشمل التجاذبات السياسية في إيران أطرافاً سياسية ثلاثة: المؤسسة الدينية، والمسؤولين المنتخبين في البرلمان، والإدارة والحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس التابع له، بيد أن الأخير قضت عملية الاغتيال الأمريكية على زعيمه الأبرز. وقد كان فيلق القدس هو الهدف الأبرز للعقوبات الأمريكية، من بين الأطراف الثلاثة، لذا فقد كان الفيلق والحرس الثوري الإيراني الطرف الوحيد الذي لا يعبأ كثيراً باتفاقية ثنائية مع الولايات المتحدة».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى