ثقافة وادب

لم تقف على الحياد دائماً.. عندما انحاز السلطان قابوس إلى العراق وفتح مجاله الجوي لضرب إيران

حين
تُذكر عُمان تحضر البراجماتية، الوقوف على مسافة واحدة من الجميع، وفي كل الأحوال،
إلا أن عمان لم تكن على هذا الحال دوماً كما يعتقد الجميع، فقد كان لها مواقف
سياسية انحازت فيها لأطراف على حساب أطراف أخرى، فما النزاعات التي انحازت فيها
عمان؟

في سبتمبر/أيلول من عام 1980، حين خاضت العراق حربها ضد إيران، أخذت السلطنة موقفاً مسانداً للعراق، فقد اتخذ السلطان قابوس موقفاً مبلغاً الولايات المتحدة الأمريكية أنه دخل المعركة، فُتح المجال الجوي أمام العراق، وسمح لها بضرب إيران من الأجواء العمانية.

أبلغ
قابوس أن القوات العراقية ستستخدم القواعد العسكرية في مطار السيب الدولي، وجزيرة
مصيرة الواقعة قبالة الساحل العماني، لشن هجماتها على القواعد البحرية الإيرانية.

لم
يكن قابوس على مقربة من العراق حينها للحد الذي يجعله يعلن خوضه للحرب دعماً لها،
لكن التوغل الإيراني في المنطقة كان واسعاً و كان السلطان يريد أن يدعم العراق
للحد من ذلك التوغل.

بعد
ساعات من إبلاغ السلطان الخارجية الأمريكية بدعم العراق، تلقى الرسالة الأولى،
مفادها أن إيران لو أغارت على السلطنة انتقاماً على دعمها بغداد، فإن الولايات المتحدة
لن تتخذ موقفاً محابياً لها.

في
ذلك الأثناء كانت الخطة العراقية غير واضحة المعالم، تأخر سلاح الجو العراقي، و
البحرية في رسم معالم الهجوم الواضحة، ووضع السلطان قابوس في موقف حرج، أجبره على
التراجع عن الدعم الذي لوح به.

ظلت
الحرب بين إيران وعمان دائرة، على مدار سنوات، إلا أن انسحاب السلطة السريع رفع
عنها الكثير من الخسائر التي كان من الممكن أن تتكبدها دعماً للعراق.

في
العام 1981 انضمت عمان إلى مجلس التعاون الخليجي، وهو تحالف أقيم في بداياته
لمحاولة إثناء إيران عن توغلها في المنطقة، لكن وبالرغم من موقف السلطان الذي دعم
العراق في بداية الصراع إلى أنه عارض وقف العلاقات الكاملة مع إيران، وهو الأمر
الذي كانت قد طرحته السعودية.

ومنذ
ذلك الحين، ترسخ الانطباع السائد عن السلطان قابوس الذي قاد السلطة إلى مواقف
الحياد، وعدم التدخل في النزاعات الإقليمية والدولية والوقوف على مساحة واحدة من
جميع القضايا المحيطة مثل الخلاف بين بريطانيا وإيران في العام 2007 وبين مصر
وإيران في العام 1991.

بعد وفاة السلطان قابوس يبدو
أن العالم ينظر بعين الترقب إلى السطان الجديد هيثم بن طارق آل السعيد، في رسم
سياسات المملكة في عهده، هل ستسير على نهج السلطان الراحل، أم أن له رؤية أخرى؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى