تقارير وملفات إضافية

روسيا مستعدة لتزويد إيران بأسلحة لحماية نفسها.. ولكن الحرس الثوري لديه مخاوف كبيرة من التعاون مع موسكو

هل تبيع روسيا لإيران أنظمة دفاع جوي متقدمة لحمايتها من أي هجمات أمريكية محتملة؟

يقوم المسؤولون الروس حالياً بعملية تقييم للأخطار المحتملة لبيع تجهيزات صواريخ دفاعية لإيران بعد التصعيد العسكري بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة، على خلفية الاغتيال الأمريكي يوم 3 يناير/كانون الثاني لقاسم سليماني، زعيم فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. 

ويعتقد بعض النخبة السياسية الروسية أن التعاون العسكري التقني الأقرب سيفيد كلا البلدين، حسب ما ورد في تقرير لموقع Al Monitor الأمريكي.

قال فلاديمير جيرينوفسكي، زعيم الحزب الديمقراطي الليبرالي الروسي، في وقت سابق من هذا الشهر: «إننا بحاجة إلى تقديم اتفاقية لإيران للتعاون العسكري ونبيع لها عاجلاً أحدث الأسلحة حتى لا يتجرأ أحد على قصف أي شيء في اتجاه إيران». 

وأعرب عن ثقته في أن أنظمة صواريخ إس-400 وإس-500 الدفاعية قد تكون قادرة على «إغلاق السماء بأكملها فوق إيران». 

فكرت روسيا من قبل في بيع المعدات العسكرية لإيران ذات القدرات المحدودة للغاية بموجب حظر الأسلحة من الأمم المتحدة المتعلق ببرنامجها النووي، لكن هذا من المفترض أن ينتهي في خريف عام 2020، وأكد ذلك نائب وزير الخارجية سيرجي ريابكوف. 

يقول آخر تقرير سنوي من وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية: «الأسلحة التي من المتوقع أن تحوزها إيران بعد رفع قيود مجلس الأمن رقم 2231 تشمل المقاتلات الروسية من طراز سو-30، وطائرات تدريب ياك-130، ودبابات قتال رئيسية من طراز تي-90». ويستكمل المنشور: «أظهرت طهران أيضاً اهتماماً بحيازة نظام الدفاع الجوي إس-400 ونظام باستيون للدفاع الساحلي من روسيا».

وبينما يشكك الخبراء الروس عادة في مثل هذه التقارير، يقرون هذه المرة بأن التحركات ممكنة في حالة أنظمة الدفاع الجوي. 

في عام 2016، أشار وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان إلى أن طهران لن تشتري S-400 لأن عملية شراء نظام صواريخ الدفاع الجوي إس-300 بي إم يو2 لبّت احتياجاتها من ناحية الأنظمة طويلة المدى. تستخدم القوات العسكرية الإيرانية أيضاً نظام الدفاع الجوي البعيد المدى الخاص بها من طراز باور-373، الذي يعتبر مكافئاً لنظام إس-300.

وقال مصدران من القوات العسكرية الروسية -شريطة حجب هويتهما- لموقع Al-Monitor  الأمريكي، إن المفاوضات بالنسبة لإيران لشراء التسليح الروسي، بما فيه أحدث المعدات، زادت في أبريل/نيسان 2019 في أثناء مؤتمر موسكو للأمن العالمي الذي تنظمه وزارة الدفاع. في شهر مايو/أيار حضر وزير الدفاع الإيراني الحالي أمير حتامي مشاورة مشتركة بين الوكالات في موسكو. 

وذكرت وكالة Bloomberg الأمريكية في ذلك الوقت أن روسيا لم ترد على استفسارات إيران الرسمية فيما يتعلق بعملية شراء محتملة لنظام إس-400.

وأشار رسلان بوخوف، رئيس مركز موسكو لتحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيات، وقتها، إن تصلب إيران هكذا سيؤدي إلى تصعيد في المنطقة، وقال محذراً: «إذا قرر الجانب الروسي إمداد إيران بنظام إس-400، فإن هذا سيكون تحدياً لشركاء موسكو في الشرق الأوسط». 

وأضاف أن روسيا إذا رفضت هذا الطلب من إيران، «فهذا يعني أنها تريد تطوير العلاقات مع المملكة العربية السعودية وإسرائيل وتترك باب الحوار مفتوحاً مع ترامب».

ومع ذلك في أثناء منتدى الجيش 2019 التقني العسكري الدولي الروسي، في شهر يونيو/حزيران، أعلن ممثلو الخدمة الفيدرالية للتعاون العسكري والفني في الدولة عن استعدادها إمداد إيران بعدد غير محدد بأنظمة S-400. بينما تفيد تقارير بأن العراق في مباحثات مع روسيا لشراء أنظمة دفاع جوية.

في شهر أغسطس/آب، وقعت روسيا وإيران اتفاقية تعاون عسكري وبحري، لم تُكشف تفاصيله حتى الآن. فسر الإعلام الروسي التوسع في التعاون بأنه يتجاوز التمرينات المشتركة ليصل إلى معايير التعاون العسكري التقني، ليشمل هذا التعاون أنظمة الدفاع الجوي. بالطبع، ربما تدفع سياسة الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط الأقصى على طهران، روسيا لتوفير وسائل الردع «لضحية العدوان» مثلما يرى بعض الخبراء الروس إيران.

قررت روسيا سابقاً إمداد الإيرانيين بنظام إس-300 لتعزيز قدراتهم الدفاعية وتحفيز المفاوضات حول اتفاقية خطة العمل الشاملة المشتركة النووية. هكذا فسر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف القرار الروسي ببيع هذه الأنظمة لطهران بعدما رفع الرئيس الروسي الحظر عن توصيل S-300 إلى إيران في عام 2015.

إلا أن التعاون العسكري التقني مع إيران سيجعل روسيا هدفاً للضغوط الدولية. وحدث هذا عندما أسقطت إيران خطأً طائرة بوينغ 737-800 التابعة للخطوط الجوية الأوكرانية بالقرب من طهران يوم 8 يناير/كانون الثاني، مما أسفر عن مقتل جميع ركابها البالغ عددهم 176. 

ففي 14 يناير/كانون الثاني، قال فولوديمير يلتشينكو، سفير أوكرانيا في الولايات المتحدة، إن الذين أصدروا الأوامر بإطلاق النار على الطائرة، وربما أولئك «الذين أمدوهم بهذه الصواريخ» التي هي روسية يجب أن يتحملوا مسؤولية الحادث. يعتقد يلتشينكو أن هناك «العديد من الجوانب» في هذه المأساة، ومنها «البصمة الروسية» المزعومة في صورة منظومة صواريخ تور. وأكد أنه من الضروري «التحدث عن مسؤولية دولية بعينها».

والخبراء الروس غير واثقين من استغلال موسكو للأزمة الحالية لتعزيز صفقات الأسلحة والمعدات العسكرية مع طهران. 

يقول أندري فرولوف، المحلل العسكري ورئيس تحرير مجلة «Eksport Vooruzheniy» (تصدير الأسلحة)، لموقع Al Monitor إن شراء منظومات الدفاع الجوي ليس أولوية بالنسبة لإيران، إذ إن تغطية البلاد بأكملها ستكون باهظة التكلفة، في حين أنها تُموّل بالفعل مشاريع لحماية المنشآت الرئيسية.

وقال: «أحد الخيارات الممكنة هو الاستعانة بموسكو لتقديم استشارات عسكرية فيما يتعلق بتدريب الأفراد في المقام الأول، وكيفية التصرف في المواقف المختلفة والاستجابة لها. وفضلاً عن ذلك، في السنوات الأخيرة، كان الأجانب من جميع أنحاء العالم يدرسون في الجامعات العسكرية الروسية».

وأشار فرولوف إلى أن «إيران تصنع أسلحة دفاعية جوية من خلال دمج المنظومات الروسية مع تطوير مجمعها الصناعي العسكري»، موضحاً أنه إذا جُلب خبراء أجانب لتقديم خدمات الاستشارة أو التدريب، فسيتعين على إيران الكشف عن بعض خصائص منظومات دفاعها الجوي، وهو من المستبعد أن تفعله.

وقال خبير عسكري روسي آخر، يدعى يوري ليامين، لموقع Al Monitor إنه خلال العقد الماضي طور الإيرانيون منظومات دفاع جوي متوسطة وطويلة المدى ووعدوا بإدخال نظام جديد قصير المدى في المستقبل القريب، إلى جانب تطوير وإنتاج رادارات جديدة.

ولأن المنظومات الإيرانية عفا عليها الزمن، يؤكد ليامين أن «الحصول على بعض المنظومات الروسية الجديدة أمر جائز جداً، ولكن يتعين علينا أن نضع في الاعتبار هيكل منظومات الدفاع الجوي الإيرانية ومهامها، والتي غالباً ما تكون محددة للغاية، والموارد المالية محدودة الآن».

وإسقاط الطائرة الأوكرانية يثير أسئلة حول قدرات قوات الدفاع الجوي الإيرانية والنظام الذي يستخدمه الجيش والحرس الثوري الإيراني للاستجابة لحالات الطوارئ.

يقول ليامين: «أولاً وقبل كل شيء، يجب على إيران تحديد ما ينبغي تحسينه وبأي ترتيب، ومن ثم قد تقدم روسيا خيارات للتعزيز والتحديث. وبشكل عام، أود أن أشير إلى أن تطوير منظومة الدفاع الجوي وتحديثها من شأنه أن يقلل من مخاطر مثل هذه الحالات المأساوية، لأن أنظمة الكشف الأكثر تقدماً وأنظمة التحكم الآلي والاتصالات تقلل من احتمال التحديد الخاطئ».

وأكد أن أنظمة الدفاع الجوي التي يستخدمها الجيش الإيراني والحرس الثوري الإيراني يمكن تحديثها، أو استبدالها.

وقال ليامين: «لا يزال الحرس الثوري الإيراني يستخدم منظومة الدفاع الجوي الصينية القديمة HQ-2J. وهي في الواقع نسخة حديثة من منظومة إس-7، ومن غير المنطقي مواصلة تحديثها. وتُظهر صور الأقمار الصناعية في السنوات الأخيرة بالفعل كيف حلت محل هذه الأنظمة أنظمةٌ دفاع جوي إيرانية متوسطة المدى جديدة في المناطق الأهم. من ناحية أخرى، يمتلك الحرس الثوري الإيراني أيضاً منظومة تور إم-1، التي يمكن تحديثها».

ولكن يبدو أن الإيرانيين لأسباب عسكرية واقتصادية يفضلون إنتاج تقليد الأسلحة الروسية والصينية بدلاً من شرائها حتى لو كان تقليداً رديئاً.

فالتقليد أقل تكلفة ويوطن التكنولوجيا في البلاد، ويمنع تسرب الأسرار العسكرية للخارج.

وقد يكون الإيرانيون لديهم قناعة بأنه حتى شراء مثل هذه الأسلحة من مصدرها لن يوفر مناعة كاملة أمام قوة واشنطن. 

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى