منوعات

فكرتها قائمة على نشر الوباء لقتل البشرية.. ارتفاع شعبية ألعاب الفيروسات الإلكترونية بالتزامن مع انتشار «كورونا»

قالت صحيفة The Washington Post الأمريكية إن شعبية الألعاب التي تركز على انتشار الأمراض ارتفعت بشكل كبير خلال الأسابيع الأخيرة، في الوقت الذي يعمل فيه المسؤولون والخبراء على احتواء الانتشار العالمي لفيروس كورونا الجديد الذي ظهر في مدينة ووهان الصينية، والذي أسفر عن 1500 حالة وفاة، وحوّل محبي الألعاب انتباههم إلى صراعات خيالية افتراضية موازية.

من أشهر تلك الألعاب Plague Inc اللعبة الاستراتيجية التي وصلت إلى قمة الإحصائيات على متجر تطبيقات أبل في الصين والولايات المتحدة وأماكن أخرى بالتزامن مع ازدياد المخاوف بشأن فيروس كورونا. 

اللعبة من إصدار شركة Ndemic Creations البريطانية عام 2012، وتطلب اللعبة من اللاعبين، بعدد قليل من المتغيرات، المشاركة في تطوّر ونشر الجرثومة من أجل القضاء على البشرية.

باحثون في تطوير الألعاب قالوا إن شعبية تلك اللعبة تبدو منطقية وسط الجهود المبذولة للتغلب على فيروس كورونا والمخاوف المرتبطة بانتشاره.

كارلي آي كوكوريك، المؤرخة الثقافية بمعهد إلينوي للتقنية، قالت: “تعتبر الألعاب نوعاً من التعبير الثقافي، وهي جزء من كيفية فهمنا ورؤيتنا للعالم. بالنسبة لبعض الأشخاص، قد تكون أفلام الرعب هي الطريقة التي يتغلبون بها على الشعور بالقلق، وقد تكون الألعاب وسيلة مماثلة”.

فيما يقول ماركو أكوردي ريكاردز، مؤسس ورئيس أول متحف إيطالي لألعاب الفيديو، إن ألعاب الفيديو المبنية على فكرة تفشي الأمراض ظهرت منذ عقود. ومن أوائل الأمثلة على تلك الألعاب، لعبة Agent USA التي صدرت عام 1984، وتركز اللعبة على انتشار وباء يسلب الأشخاص إرادتهم.

وظلت الفكرة قائمة وجيدة وتكتسب الشعبية بمرور السنوات، ولعبة Plague Inc موجودة منذ فترة طويلة بما يكفي لنرى كيف تزداد شعبية خلال الأزمات السابقة، مثلما حدث خلال فترة تفشي فيروس الإيبولا 2014-2016 في غرب إفريقيا.

فيما كان مطورو اللعبة سريعي التنبؤ بإمكانية استفادتهم من ظهور فيروس كورونا.

 وفي بيان صدر الشهر الماضي، قالت الشركة إنها “تلقّت الكثير من الأسئلة” عن فيروس كورونا، وإن الاهتمام باللعبة يتزايد بشكل واضح مع كل أزمة كبرى لتفشي أحد الأمراض أو الأوبئة.

وقالت الشركة في البيان: “لقد صممنا اللعبة بشكل خاص لتكون واقعية وغنية بالمعلومات، بدون إثارة القضايا الخطيرة للعالم الحقيقي”.

فيما قال بعض خبراء الألعاب الإلكترونية إن عمر اللعبة الطويل غير اعتيادي بعض الشيء. وقال أندريا ميليني سالديني، مدير النشر بالفرع الإيطالي لموقع ألعاب الفيديو IGN: “تعتبر لعبة Plague, Inc ظاهرة نادرة، لأن نجاحها يعتمد كلياً على موضوع تتجدد أهميته باستمرار”.

من بين الأسئلة المهمة التي تواجه شركة Ndemic Creations وغيرها من مطوري هذا النوع من الألعاب: هل الألعاب مثل Plague Inc. تضيف إلى اللاعبين فهم الأوبئة أم أن لها تأثيراً مشوّشاً على أفكارهم؟

تصف شركة Ndemic Creations لعبتها بـ “الواقعية”، لكنها تحث لاعبيها على “الحصول على المعلومات (عن فيروس كورونا) مباشرة من الهيئات الصحية المحلية والعالمية”.

على الصفحة الرسمية للعبة على منصة فيسبوك، قال بعض اللاعبين إن المحاكاة في الألعاب الإلكترونية ضرورية بالنسبة لهم من أجل فهم تفشي فيروس كورونا.

كتبت اللاعبة إييزي لو يو، من هونغ كونغ: “عندما سمعت بالفيروس لأول مرة، فكرت فوراً في اللعبة. وفي اللعبة، عادة ما يُكتشف علاج للمرض المنتشر”.

وقالت بينا لالي، أستاذة علم الاجتماع الثقافي بجامعة بولونيا، إن تجربة تولّي دور الجرثومة المرضية والصراع ضد محاولات الباحثين في تطوير مصل أو علاج “ليست مجرد هروب”.

وأضافت: “بدلاً من الشعور بالعجز والخوف، تتيح تلك التجربة للاعب التكيف والشعور أنه قادر على تجاوز تلك المحنة”.

بينما هناك بعض الألعاب التي تعتمد على فكرة انتشار الأمراض قررت التراجع عن ربط اللعبة بفيروس كورونا.

كان من المقرر ظهور الإصدار الإلكتروني من اللعبة Pandemic، لعبة شهيرة يتعاون فيها اللاعبون للقضاء على الفيروسات التي تنتشر من مدينة لأخرى، في متجر الألعاب Epic Games Store مجاناً أواخر شهر فبراير/شباط. ولكن الشركة قررت تأخير صدور اللعبة.

حققت Pandemic نجاحاً كبيراً عند ظهورها عام 2008. وصدر لها العديد من الإصدارات اللاحقة.

وقال مات لياكوك، مصمم اللعبة: “دائماً ما يكون المرض هو الخصم المثالي، ويسهل دائماً تجسيده في أي لعبة، لأنه خصم مرعب غير متعاطف مع ضحاياه”.

وأضاف: “لم أفكر قط في أن تكون اللعبة تجربة تعليمية، بل أعتقد أن أفضل الدروس المستفادة من اللعبة هي التعاون والتواصل مع الآخرين تحت الضغط”.

وقال إن هناك جامعة واحدة على الأقل تُدرس لعبة “Pandemic” لتعليم الطلبة استراتيجيات عمل الفريق الطبي.

كما أشاد عدد من الخبراء بلعبة Plague Inc.

قال علي إس خان، المسؤول السابق بمركز مكافحة الأمراض واتقائها، الذي استضاف مطور لعبة Plague Inc، جيمس فاغان، في جولة بالمركز عام 2013: “تقدم اللعبة المزيج المطلوب من التركيز والتعليم. تعتمد اللعبة على نموذج رياضي وحسابي سليم حول كيفية انتشار المرض في المجتمع. إنه نموذج مبسط، ولكنه ليس خيالياً”.

وأضاف: “عندما تلعب اللعبة، تدرك فعلاً أنها لعبة”.

وتُدرّس أودرا سوارثوت، الأستاذ المساعد بقسم الأحياء بكلية دلتا بولاية ميشيغان، لعبة Plague Inc لطلابها منذ حوالي ست سنوات.

وقالت إنها تعتبر اللعبة واحداً من أجزائها المفضلة في المنهج الدراسي.

لكنها حذرت في الوقت نفسه: “تطوّر المرض في اللعبة ليس واقعياً ويقدم صورة مشوهة للغاية عمّا يحدث في الوباء الحقيقي”.

وعادة ما تطلب أودرا من طلابها تحليل درجة التزام اللعبة بالحقائق العلمية، الأمر الذي قد لا يستطيع معظم اللاعبين العاديين فعله.

قد تكتسب ألعاب مثل Plague Inc وPandemic جاذبية معينة في وقت ظهور فيروس كورونا، ولكن يتفق العديد من الخبراء واللاعبين على أن تلك الألعاب لديها أكثر من ذلك لتقدمه. 

قال مات لياكوك، مصمم لعبة Pandemic: “بالتأكيد أتفهم التردد المحيط بتلك الألعاب، فلا أحد يريد الاستخفاف بالمعاناة الإنسانية الحقيقية التي جلبها فيروس كورونا. ولكن في الواقع، اللعب يساعدنا على فهم واستيعاب العالم من حولنا، وقد يلجأ الأشخاص لتلك الألعاب في الوقت الحالي لذلك السبب”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى