تقارير وملفات إضافية

لماذا يجب على أمريكا أن تقلق من القمر الصناعي الإيراني؟

اشتعلت التوترات بين واشنطن وطهران مجدداً الأربعاء 22 أبريل/نيسان بعدما أجرى الحرس الثوري الإيراني عملية إطلاق قمر صناعي إلى الفضاء يمكن أن تعزز برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية طويلة المدى، وهدَّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ”إغراق وتدمير” أي زوارق حربية إيرانية تتحرش بسفن البحرية الأمريكية.

كانت عملية الإطلاق سابقة أولى من نوعها بالنسبة للحرس الثوري، وتكشف ما يصفه الخبراء ببرنامج عسكري فضائي سري يمكن أن يُسرِّع عملية تطوير إيران للصواريخ الباليستية. وقال المسؤولون الأمريكيون إنَّه لا يزال من المبكر للغاية معرفة ما إذا كانت إيران نجحت في وضع قمر صناعي جاهز للعمل في مداره. واتهم كبار الدبلوماسيين في إدارة ترامب إيران بانتهاك قرارات الأمم المتحدة، بحسب تقرير لصحيفة The Washington Post الأمريكية.

وبعد الإعلان الإيراني، كتب ترامب على حسابه بتويتر، دون ذكر حادثة بعينها: “أصدرت أوامري للبحرية الأمريكية بإغراق وتدمير أي وكل زورق حربي إيراني إذا ما تحرّشوا بسفننا في البحر”.

كانت البحرية الأمريكية قد أفادت الأربعاء 15 أبريل/نيسان بأنَّ 11 زورقاً حربياً تابعاً للحرس الثوري قد “اقتربت لمسافات خطيرة وتحرَّشت” بسفن البحرية وحرس السواحل الأمريكية في مياه الخليح. كانت مثل هذه المناوشات شائعة نسبياً قبل بضع سنوات، لكنَّها صارت نادرة في الآونة الأخيرة.

وقالت إيران إنَّ الولايات المتحدة هي الملومة على حادثة الأسبوع الماضي.

كان الصراع قد تصاعد بين إيران والولايات المتحدة بعد انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي الإيراني عام 2018 وإعادة فرض العقوبات التعجيزية على إيران، ثُمَّ ما تبع ذلك من إرسال مزيد من القوات الأمريكية إلى الشرق الأوسط، واغتيال الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس الإيراني، الفريق قاسم سليماني، في يناير/كانون الثاني الماضي. وردَّت إيران بضربة صاروخية باليستية على القوات الأمريكية في العراق لم تسفر عن سقوط قتلى من الأمريكيين لكن أصابت نحو 100 منهم.

وفي وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) الأربعاء، رحَّب نائب رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، جون هايتن، بتغريدة ترامب واعتبرها تحذيراً مفيداً لإيران. وقارن المناوشة البحرية التي وقعت الأسبوع الماضي في الخليج بعملية إطلاق القمر الصناعي أمس الأربعاء، والتي قال إنَّها “مجرد مثال آخر على السلوك الإيراني الخبيث. وهي تتسق تماماً مع التحرش الذي قامت به الزوارق السريعة… ضعوا هذين الأمرين معاً وسترون أنَّهما مثالان آخران على السلوك الإيراني الخبيث”.

هذا وتعتبر إيران الوجود الأمريكي الكثيف في الشرق الأوسط تهديداً لأمنها.

لم يذكر ترامب استفزازاً إيرانياً بعينه أو يقدم تفاصيل في تغريدته. كما لم يقدم كبار مسؤولي البنتاغون أي مؤشرات على أنَّ ترامب أدخل تغييرات جوهرية على السياسة العسكرية تجاه إيران.

ورأت إيلين لوريا، النائبة الديمقراطية بمجلس النواب الأمريكي عن ولاية فرجينيا والجندية السابقة بالبحرية الأمريكية، أنَّ تغريدة ترامب قد تقود إلى الحرب.

وقال هايتن إنَّه يعتقد أنَّ الإيرانيين يَعون ما قصده ترامب. وعند سؤاله عما إذا كانت التغريدة تعني أنَّ تكرار حادثة الأسبوع الماضي في الخليج ستستلزم رداً أمريكياً فتاكاً، قال هايتن: “سيتعين أن أكون قبطان السفينة كي أحدد هذا الأمر”. وأضاف أنَّ طبيعة الرد “تعتمد على الموقف وما يراه القبطان”.

وبدوره، اتهم العميد أبوالفضل شكارجي، المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، ترامب بـ”التنمر”، وقال إنَّه ينبغي على الرئيس الأمريكي التركيز على رعاية أفراد القوات الأمريكية الذين أُصيبوا بعدوى فيروس كورونا. ولدى الجيش الأمريكي قرابة 3500 حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا، فضلاً عن حالتي وفاة.

وقد يكون لإطلاق القمر الصناعي تداعيات أكبر على الصراع مع إيران؛ إذ يعتقد المسؤولون الأمريكيون أنَّ الهدف منها هو تعزيز تطوير إيران للصواريخ الباليستية العابرة للقارات التي يمكن أن تهدد الولايات المتحدة.

وقال الحرس الثوري إنَّه وضع القمر الصناعي “نور” في مدارٍ منخفض حول الأرض باستخدام منصة إطلاق متحركة في موقعٍ جديد. وبثَّ التلفزيون الرسمي الإيراني في وقتٍ متأخر من يوم الأربعاء لقطاتٍ لما قال إنَّه القمر الصناعي، وقال إنَّه وُضِع في مدار حول الأرض بزاوية 90 درجة. وقال التلفزيون الرسمي إنَّه جرى استقبال إشارة القمر الصناعي.

وصرَّح هايتن بأنَّ تكنولوجيا التتبُّع الأمريكية أظهرت أنَّ مركبة الإطلاق سافرت “مسافة طويلة جداً”، وهو ما يعني أنَّ لديهم (الإيرانيين) القدرة على تهديد جيرانهم وحلفائهم، ونريد ضمان ألا يمكنهم تهديد الولايات المتحدة أبداً”.

وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إنَّ على الأمم المتحدة تقييم ما إن كانت عملية إطلاق القمر الصناعي متسقة مع قرارات الأمم المتحدة. وأضاف: “لا أعتقد أنَّها متسقة معها ولو من بعيد حتى، وأعتقد أنَّ إيران يجب أن تخضع للمحاسبة على ما قامت به”.

واتهم 50 مسؤولاً وخبيراً أمريكياً سابقاً بارزاً في الشأن الإيراني، في خطابٍ إلى ترامب الأربعاء، طهران باستخدام مرض فيروس كورونا المستجد (COVID-19) كمبرر للضغط على الولايات المتحدة من أجل تخفيف العقوبات، في حين تواصل إنفاق الأموال لتمويل أنشطتها الخبيثة في المنطقة. وقالت الإدارة الأمريكية مراراً إنَّ المساعدات الإنسانية لإيران لا تتأثر بالعقوبات.

ودعا الخطاب ترامب لـ”التأكيد على حملة الضغط الأقصى لإجبار الملالي على إنفاق أموالهم على الشعب الإيراني، وليس على طموحاتهم النووية، ونزعتهم الإمبريالية، وقمعهم الداخلي”. 

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى