تقارير وملفات إضافية

صراع النمر والأسد على خلافة بشار.. أبرز المرشحين لرئاسة سوريا بعدما تفاقمت خلافات النظام وغضب بوتين

يبدو أن الخلاف الذي ظهر مؤخراً بين الرئيس السوري بشار الأسد وابن خالته رامي مخلوف، ليس بعيداً عن روسيا، وعن مساعيها الرامية إلى إيجاد بديل للأسد في حكم سوريا.

فقبل عدة أيام ظهر تقارير لمؤسسات روسية مقربة للدولة تسوّق لرحيل الأسد “خشية انهيار الدولة”.

بالتزامن تقريباً مع هذا الموقف الروسي الغريب تجاه تابعها الأثير في المنطقة، ظهر رجل الأعمال الشهير رامي مخلوف ابن خالة بشار الأسد شاكياً من تعرضه هو وشركاته لاضطهاد من النظام.

إذا كان الظهور الأول لابن خال رئيس النظام بشار الأسد، الجمعة، قد شكل صدمة للسوريين بشكل عام، وخاصة الموالين منهم، فإن ظهور مخلوف صباح الأحد، أكد وبشكل قاطع أن حرباً داخلية تدور بين آل مخلوف وآل الأسد.

وتفيد تقارير إعلامية بأن ما يحدث سببه الرئيسي شعور عائلة الأسد بتنامي نفوذ رامي مخلوف وأشقائه داخل السلطة، إلى الحد الذي يمكن أن يشكل تهديداً للهيمنة المطلقة التي يحكمها بشار وشقيقه ماهر على النظام، وأن هذا الشعور بدأ مع تطور الدعم المالي الذي كانت مؤسسة البستان الخيرية قد بدأت بتقديمه للمنتسبين للجيش وقوات الأمن من أبناء الطائفة العلوية خلال السنوات الماضية.

ولكن يبدو الصراع بين بشار وزوجته من ناحية وبين آل مخلوف من جهة، مرتبط بالصراع بين إيران وروسيا والتلميحات الروسية بالبحث عن بديل أو بدائل للأسد.

أصدر “المجلس الروسي للشؤون الدولية” تحليلاً عن السيناريو المستقبلي للأوضاع في سوريا، تنبأ فيه بتوافق تركي أمريكي روسي على تنحية بشار الأسد ووقف إطلاق النار، مقابل تشكيل حكومة انتقالية تشمل المعارضة والنظام وقوات سوريا الديمقراطية “قسد”.

كما أن منظمة روسية تطلق على نفسها اسم “صندوق حماية القيم الوطنية” مقربة من الأجهزة الأمنية ومكتب الرئيس فلاديمير بوتين، تجري استطلاعاً للرأي العام في سوريا. وبغض النظر عن مطابقة الاستطلاع للمعايير المهنية من عدمه، فإن الرسالة السياسية من إعلانه، التي تضمنتها نتائجه، كانت غاية في الوضوح: الشعب السوري لا يريد الأسد.

وقال أربعة أشخاص مطلعين على مداولات الكرملين، لوكالة Bloomberg  الأمريكية مؤخراً، إن انشغال بوتين في روسيا بالصدمة المزدوجة المتمثلة في انهيار أسعار النفط ووباء فيروس كورونا، وحرصه على إنهاء مغامرته العسكرية السورية بإعلان النصر، يجعلانه مُصرّاً على أن يبدي الأسد المزيد من المرونة في محادثاته مع المعارضة السورية بشأن تسوية سياسية لإنهاء الصراع المستمر منذ قرابة عقد من الزمان.

 إذ أثار رفض الأسد التنازل عن أي سلطة مقابل اعتراف دولي أكبر، وربما مليارات الدولارات من مساعدات إعادة الإعمار انتقادات علنية هذا الشهر نادراً ما توجه للرئيس السوري في منافذ إعلامية روسية مرتبطة ببوتين.

تبدو روسيا في الآونة الأخيرة أكثر جدية في إحداث تغيير في رأس النظام السوري، لأسباب عديدة، ليس أولها أن الاحتفاظ بورقة الأسد بات يثقل كاهل موسكو، وتحول النظام من مؤسسات دولة تتبع لجهاز مركزي، إلى مؤسسات مرتبطة بميليشيات تديرها دول وقوى خارجية، ولا تتلقى أوامرها حتى من بشار الأسد نفسه الذي بات خاضعاً في قراراته لابتزاز تلك الميليشيات.

كما أن هناك خشية فعلية لدى موسكو من سقوط النظام نفسه تلقائياً، بسبب إفلاسه على كافة الأصعدة، وقد تؤدي هزة بحجم جائحة كورونا إلى انهياره في ظل عجز روسيا وإيران عن إنقاذه اقتصادياً.

على مدار أيام الأسبوع الماضي نشرت وسائل إعلام روسية تقارير واستطلاعات رأي صادمة بالنسبة للنظام السوري، بعد أن ركزت على الفساد المستشري داخل أروقة الحكم في دمشق، قبل أن يتم الكشف أخيراً عن اللوحة التي اشتراها بشار الأسد لزوجته مقابل ثلاثين مليون دولار، في الوقت الذي يعاني فيه السوريون وضعاً اقتصادياً متدهوراً.

المصادر الإعلامية التي كشفت عن قضية اللوحة، أكدت أن عائلة مخلوف، التي تعتبر واجهة النظام الاقتصادية، هي التي سربت قضية اللوحة إلى العلن، رداً على الإجراءات التي اتخذتها عائلة الأسد خلال الأشهر الأخيرة الماضية بحق آل مخلوف، وشملت حجزاً احتياطياً على الأموال، ووضع اليد على مؤسسات تجارية وخيرية مملوكة للعائلة المتنفذة اقتصادياً، ما أدى لتوترات كبيرة بين الأسرتين، انتهت بمغادرة محمد مخلوف، خال بشار الأسد، إلى روسيا، وإقالة ابنه إيهاب من منصبه كمدير للمناطق الحرة في سوريا.

رغم أنه من الواضح أن مخلوف طرف في الأزمة، إلا أنه افتراض أنه قد يكون بديلاً للأسد لم يطرح.

ولكن اللافت أن بعض المراقبين يرون أن مخلوف يحاول حشد الطائفة العلوية إلى جانبه.

وقال  المحلل السوري أيمن عبد النور ، إن مخلوف الذي شكا في الفيديو لابن عمته بشار من كثرة الضرائب المفروضة على شركاته، أراد توجيه كلمته لفقراء الطائفة العلوية وأهالي العسكريين الذين قضوا في المعارك دفاعاً عن النظام.

وينتمي مخلوف والأسد إلى الطائفة العلوية التي فرضت سيطرتها على البلاد بعد وصول حافظ الأسد للسلطة عام 1970.

وقال إن هؤلاء هم من توجه إليهم فقط لأنه ينفق عليهم من مؤسسته “الخيرية” ويقدم لهم الدعم المالي والخدمات العلاجية وغيرها من المساعدات، وهم يحبونه ويحترمونه ويطلقون عليه لقب “الأستاذ”.

وأضاف عبدالنور أنه أراد أن يقول لهم ضمنياً إنه إذا لحق الضرر بشركة الاتصالات التي يملكها، ستذهب هذه المساعدات.

وهو نفس الرأي الذي تبناه فراس طلاس نجل وزير الدفاع السوري السابق مصطفى طلاس، إذ  قال في منشور له، على صفحته في فيسبوك، على الفيديو الذي بثه “رامي مخلوف”، لافتاً النظر إلى أن مخلوف وجه رسالة مخفية إلى الطائفة العلوية وليس لبشار، ولكن اعتبر مخلوف أقل من أن يكون منافساً للأسد.

تقييمي للڤيديو المنتشر لرامي مخلوف ؛ بلا شك هي ظاهرة جديدة على نظام الحكم في سوريا ، هو ليس رسالة لبشار أبداً ، وفي…

يمثل مخلوف على رغم من سمعته السيئة بسبب الفساد، شخصاً قد يكون مقبولاً للطائفة العلوية.

كما أن كشف المصادر الإعلامية الروسية التي نشرت قصص فساد الأسد إلى أن مصدرها هو عائلة مخلوف، إضافة إلى استمرار بقاء مخلوف داخل سوريا دون البطش به مباشرة (حتى لو تم البطش بموظفي شركاته)، قد يكون مؤشراً على أنه يخضع لحماية ما من روسيا أو الطائفة  العلوية أو من داخل النظام (هناك أنباء لم يتم تأكيدها عن اعتقاله).

رغم أن زوجة بشار الأسد تقف على رأس الحملة على مخلوف، عبر إشرافها على أعمال “لجنة مكافحة غسيل الأموال، فإن مطلعين ومنشقين كباراً عن النظام، يرون أن الصراع الحقيقي يدور بين ماهر الأسد ورامي مخلوف، لكنهم بالمقابل يختلفون حول أسباب هذا الصراع ودوافعه.

فقسم منهم يؤكد أن الخلاف مالي بحت، يتعلق بتقاسم عائدات الأعمال التي يشرف عليها رامي مخلوف كواجهة وشريك لآل الأسد، بينما يذهب فريق آخر أبعد من ذلك بقليل، ليؤكد أن بشار وشقيقه ماهر باتا قلقين من تنامي نفوذ رامي مخلوف داخل النظام والطائفة العلوية، هذا التنامي الذي حصل على مدار أعوام الحرب، حيث فعلت الأموال التي قدمها كمساعدات فعلها، ما اقتضى وضع حد للدور الذي تجاوز المسموح به.

 فريق ثالث ذهب في مقاربته هذا الصراع على أنه انعكاس للصراع الحقيقي  بين روسيا وإيران.

وفي هذا الإطار ينظر لماهر الأسد الذي يقود الفرقة الرابعة للجيش السوري بأنه رجل إيران في الجيش السوري عامة.

ومجلس قيادة “الفرقة الرابعة” الذي يقوده ماهر الأسد ينظر له على أنه مرشح لأن يصبح مظلة رسمية للميليشيات المدعومة من إيران خلال الفترة القادمة.

وماهر الأسد مشهور بعنفه ومواقفه الحادة تجاه المعارضة والطائفة السنية.

رغم أنه لم يطرح من قبل أي أحاديث أن إيران تبحث عن بديل للأسد، ولكنه إذا اضطرت لذلك فعلى الأرجح أن ماهر هو البديل الطبيعي بالنسبة لها

ينظر إلى سهيل الحسن المشهور بلقب النمر باعتباره رجل روسيا الأول في نظام سوريا.

وهو يقود “الفرقة 25 مهام خاصة” ـ وهي ميلشيات رديفة كانت تعرف باسمه  “قوات النمر“، ثم تحولت إلى تشكيل عسكري رسمي في أغسطس/آب من العام 2019، وذابت فيها عشرات المجموعات والكتائب التي تضم في صفوفها مجندين غير نظاميين وعناصر مصالحات، والتي كانت تحمل أسماء قادتها ومؤسسيها المقربين من “العميد النمر”.

واعتمدت روسيا والأسد على الفرقة المذكورة كرأس حربة في معارك الشمال السوري، لاسيما معارك إدلب.

و”قوات النمر” والتي كانت تتبع إلى “المخابرات الجوية” قبل تشكيلها، حظيت بدعم روسيا التي بدأت الترويج لها نهاية عام 2015، مع معارك مدينة حلب وإتباع القوات لتوجيهات مباشرة من القيادة الروسية في سوريا، بقيادة العميد “الحسن” الذي ينحدر من ريف جبلة (علوي كبشار)، ويحظى برضى روسي، حتى أن البعض يعتبره رجل روسيا الأول في سوريا، بدليل أن القوات الروسية كرمته ثلاث مرات في 2016، و2017، و2018.

وقد وقعت اشتباكات عدة بين قوات النمر وماهر الأسد، وأوقفت بوساطة روسية، كانت تميل في الأغلب لصالح النمر.

وطرحت تقارير إعلامية مراراً فكرة أن روسيا تعد لأن يكون النمر بديلاً، لبشار الأسد، ولكن الأكيد أن روسيا نجحت في أن تجعل النمر بديلاً لماهر الأسد باعتباره القائد السوري الأكثر فعالية.

يقول الباحث التركي، جان كساب أوغلو: “إن الأدلة  تشير إلى أن سوريا يمكن أن تشهد صراعاً خطيراً على السلطة داخل النظام بين العقيد سهيل الحسن، والنخبة العسكرية البعثية الحالية. 

ولكي تتحقق روسيا أهدافها السياسية في سوريا، يجب عليها كبح جماح التشكيلات شبه العسكرية، وتقييد وجود الميليشيات الشيعية التابعة لإيران في قطاع الأمن السوري، وضمان وجود سلسلة قيادة موحدة لوضع أسس النظام العقائدي لما بعد الحرب الأهلية في معركة الجيش السوري”.

 علي مملوك، هو رئيس مكتب الأمن القومي، يطرح اسمه أحياناً في قائمة المرشحين لخلافة الأسد.

وهو من الشخصيات المعدودة التي يُزعم أنها على اتصال بدول أخرى مثل تركيا والولايات المتحدة ومصر والمملكة العربية السعودية ودول أخرى، وذلك بوصفه رئيساً للاستخبارات. 

وينظر إلى علي مملوك على أنه  قد يساعد روسيا في الإطاحة بالأسد بأقل المشاكل؛ لأن موقفه داخل النخبة السياسية والعسكرية البعثية قوي. 

يوصف وزير الدفاع السوري علي أيــوب بأنه أحد أصدقاء روسيا البارزين في سوريا، ولقد أتقن اللغة الروسية أثناء الدورات العـسكرية، التي خـضع لها في روسيا، حتي يقال إنه يتحدثها كالعربية.

اللافت في الســيرة العــسكرية لأيــوب، أنه يجمع منصـبين في جيش نظام الأسد؛ الأول هو منـصب وزيـر الـدفاع والذي تولاه في الأول من يناير/كانون الثاني عام 2018، والمنصب الثاني هو رئـيس هـيئة الأركان، والذي بقي ضمن نطاق سلطته، ولم يتم تعيين أي رئــيس للأركــان خلفاً له، رغم تسلمه حقيـبة وزارة الدفــاع، وهي سابقة لم يُعرف لها مثيل في تـاريخ المؤسسة العـسكرية السورية، منذ تأسيسها عام 1946.

وهو ينتمي للطائفة العلوية أيضاً.

على عكس معظم الشخصيات السابقة فإن فراس طلاس لا ينتمي للطائفة العلوية بل هو سني المذهب كما أنه خرج من النظام.

فطلاس عسكري سابق ونجل لمصطفى طلاس وزير الدفاع السوري رفيق حافظ الأسد الذي لم يكن يمتلك أي سلطة فعلية على الأرجح طوال سنوات بقائه في منصبه.

وكان فراس مطروحاً كبديل للأسد في بداية الثورة، من دوائر قريبة للمعارضة السورية، إذ إنه بدا أنه حل وسط بين النظام والمعارضة على الأقل باعتباره سنياً وعسكرياً إضافة إلى خلافه مع النظام.

ولكن انزوى طلاس مع تحقيق النظام لانتصاراته على المعارضة بفضل التدخل الروسي.

ولكن اللافت أنه أجرى حواراً مع قناة روسيا اليوم العام الماضي، كما أن تصريحاته تميل لمغازلة العلويين وتاريخ حافظ الأسد وانتقاد إيران.

وفي بداية العام الحالي، دعا طلاس والذي أسس كياناً أسماه تيار الوعد السوري “إلى عقد مؤتمر وطني شامل، يكون مجلساً تأسيسياً لسوريا الجديدة”.

ونسب له تسجيل مسرب بداية العام، يقول فيه إن أردوغان وبوتين اتفقا على حل للأزمة السورية، يتضمن تعيين رئيس الوزراء من المعارضة وتعيين نصف الوزراء بمن فيهم وزير الدفاع من المعارضين والرماديين، وعودة الضباط المنشقين، على أن يكون من حق الأسد الترشح للانتخابات القادمة لأربع سنوات وتعديل الدستور السوري، مشيراً إلى أن هذه المعلومات جاءته من موسكو، ولم يتسن التأكد من هذا التسريب المسجل المنشور على الإنترنت.

يبدو أن طلاس يحاول تقديم نفسه دوماً كمقرب من روسيا أو أن لديه اتصالات أو مصادر معلومات في موسكو

فمؤخراً، قدم تفسيرات لأسباب الخلاف الروسي السوري للعلن، مرجعاً الخلاف لأسباب تتعلق بشروط تسلم الروس لصومعة القمح في طرطوس.

 ورغم أن فراس يبدو في الواقع بلا نفوذ بعد خروجه من النظام (علماً بأنه أصلاً لا هو ووالده كان لديهما نفوذ يذكر داخل النظام وهما في الحكم)، إلا أنه يمثل حلاً مثالياً بالنسبة لروسيا باعتباره واجهة سنية قد تكون مقبولة من التركيبة العلوية من النظام.

ولكن على الأرجح أن فراس طلاس، رغم ولائه وولاء والده القديمين لأسرة الأسد لن يكونا مقبولين من الغالبية العظمى من البنية العلوية للنظام، التي أظهرت تمسكها برمزية آل الأسد.

كما أن احتمالات تحول بدلاء الأسد عامة لمرشحين جديين مرتبط بمدى حجم الخلاف بين بوتين والأسد، وانتقلت فكرة إيجاد بديل للأسد من مرحلة التلويح إلى التنفيذ.

كما أن روسيا على الرغم من نفوذها الهائل داخل سوريا تواجه منافسة إيرانية، وهي منافسة سعى الأسد لتأكيدها لضمان ألا يتحكم به أي من داعميه الرئيسيين.

فأهمية الأسد الأساسية بالنسبة لطهران وموسكو الأساسية الآن تنبع من كونه جسراً في العلاقة بين البلدين وأغلب بدائل الأسد محسوبة على إيران أو روسيا، وبالتالي فإن عزله قد يؤدي إلى خلاف روسي إيران حول الوريث ناهيك عن الخلافات داخل النظام.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى