منوعات

وفاة “زكية زكريا”.. إبراهيم نصر الذي أضحكنا وعانى الاكتئاب، صاحب أشهر برنامج مقالب رأى الحالية “مؤذية”

غيّب الموت الكوميديان المصري وصاحب أشهر برنامج مقالب رمضاني، إبراهيم نصر، عن عمر يناهز 70 عاماً، في الشهر الذي اعتاد إضحاك جمهوره فيه. إذ توفي مقدم البرنامج الشهير “الكاميرا الخفية” في منزله بالقاهرة، فجر الثلاثاء 12 مايو/أيار، إثر وعكة صحية ألمّت به، وفق إعلان نقيب المهن التمثيلية في مصر، أشرف زكي.

رحيل مقدم شخصية “زكية زكريا” سيكون مؤثراً لدى جيل الثمانينات والتسعينات، حيث شكّلت هذه الشخصية وغيرها جزءاً من ذاكرة طفولتهم وذكريات المقالب المضحكة. إذ اكتسب الفنان الراحل شهرة واسعة في مصر والعالم العربي مع برنامج المقالب “الكاميرا الخفية”، الذي بات من أهم القائمين عليه على مدى نحو عقدين.

وُلد إبراهيم نصر النخيلي لأسرة مسيحية في في القاهرة عام 1950، لكنه صعيدي الأصل، فلقبه “النخيلي” ينسب إلى مركز النخيلة في محافظة أسيوط، لكن والده سافر للقاهرة للعمل مقاولاً معمارياً، حيث استقر مع أسرته.

حصل نصر على ليسانس الآداب عام 1972، لكن ميوله الفنية وهواية الطفولة طغت على حياته المهنية، إذ كان يهوى تقليد أقربائه منذ سن العاشرة، وقد ترأس فرقة التمثيل المدرسية، ثم اشترك بفريق التمثيل بالجامعة، وعندما أنهى تعليمه قرّر إثقال موهبته الفنية عبر طريق أكثر احترافية.

بدأت حياته الفنية تقريباً منذ لقائه بالشاعر والمؤلف بخيت بيومي، الذي أقنعه بالذهاب معه إلى التلفزيون لكي يلعب دوراً درامياً في برنامج تُقدّمه الراحلة أماني ناشد بعنوان “عزيزي المشاهد”، بالفعل اشترك في البرنامج الذي كان يذاع على الهواء مباشرة، وحقق نجاحاً أدخله تدريجياً لعالم الفن، وفق صحيفة “أخبار اليوم” المصرية.

بدأ حياته الفنية “منولوجيست” يقلد كبار النجوم، قبل أن يشارك في برامج للأطفال، ثم شارك بشخصية “دهب” في مسلسل “على باب زويلة” للمخرج نور الدمرداش، الذي فوجئ بحفظه 16 حلقة كاملة، ولم يمسك نصاً لقراءته طوال التصوير، كما أبهره بتقديم شخصية رجل تركي شرير وفي نفس الوقت مضحك، في مسلسل “مارد الجبل”.

ولم تكن تلك الشخصيات عمله الفني الوحيد، إذ شارك في مجموعة من الأفلام أبرزها: “بيت بلا حنان” عام 1976، و”حد السيف” عام 1986، “امرأة واحدة لا تكفي” عام 1990، و”شمس الزناتي” عام 1991، و”جحيم امرأة” عام 1992، و”حسن اللول” عام 1997، وفيلم “زكية زكريا في البرلمان” الذي أعاد تقديم شخصيته الشهيرة من برنامج المقالب بالعام 2001، فيلم “إكس لارج” عام 2011.

فيما كان آخر أعماله الفنية المشاركة في مسلسل “فوق السحاب” عام 2018، بالاشتراك مع هاني سلامة، وكان يشارك أيضاً في فيلم “أهل الكهف” مع ماجد المصري وروجينا.

بدأت فكرة برنامج “الكاميرا الخفية” صدفةً بلقاء قصير داخل مبنى الإذاعة والتلفزيون في عام 1991، حينما صادف نصر رئيس القناة الثانية عبدالمنعم غالي، أثناء مروره من أمام المبنى، حينها تحدّث نصر معه عن حاجة التلفزيون الشديدة إلى عمل كوميدي قصير يلتفّ حوله المشاهدون.

صعد نصر إلى مكتب غالي، وأخذ في شرح فكرته عن تقديم برنامج الكاميرا الخفية كما يحدث في البلاد الأجنبية، لكن على الطريقة المصرية، وبعد تردد ومناقشة رئيس التلفزيون وافق غالي وأمر بتوفير سيارة وكاميرا له، وبدأ في تنفيذ برنامج “انسى الدنيا”، الذي كان انطلاقاً لعمله الأشهر.

حقَّق البرنامج نجاحاً كبيراً، وبدأ المعلنون يتنافسون لوضع إعلاناتهم في البرنامج، رغم أنه نجاح كبير فإن رئيس القناة الثانية لم يرُق له أن تُعطِّل الإعلانات خريطة مواعيد برامج القناة. عندها عقد طارق نور، الذي كان يملك شركة إعلانات، عقداً مع النجم الكوميدي لصناعة الجزء الأول من برنامج الكاميرا الخفية.

إذ قال نصر في لقاء سابق مع برنامج “صاحبة السعادة”: “طارق نور قالي إن برنامجي عمله مشكلة، لأن محدش كان بيشوف البرنامج بتاعه وقتها، وقتها كانت نجوميتي فعلاً، وحسيت وقتها إني ممثل له قيمة وقوي وموجود، والناس بتستناني كل يوم لمدة 15 سنة بلا توقف”.

لا يختلف اثنان منا أن نصر كان موهوباً، ولم يحظَ بفرصة كبيرة ليقدم أعمالاً تُظهر موهبته، وذلك ربما لأنه عانى من الاكتئاب! نعم، فالرجل الذي أضحكنا على مدار 15 عاماً وأكثر عانى من الاكتئاب لـ15 عاماً، طوال فترة إنتاج برنامجه، بسبب قلقه الشديد ألا يعجب الجمهور.

إذ قال نصر: “كنت بذاكر للكاميرا الخفية طوال 9 أشهر، ولحد ما يتعمل ويتذاع في رمضان، وحصل ده لمدة 15 سنة كانوا بالنسبة لي أكتر فترة أُصبت فيها باكتئاب شديد، لأني كنت باحط إيدي على قلبي طول السنة، لحد ما يتعرض البرنامج وأشوف ردود فعل الناس من بلكونة بيتي القديم في شارع شامبليون بوسط البلد، ورغم أن الناس كانت بتكسر القهاوي ضحك، لكني دايماً كنت شايف إني ممكن أقدم حاجة أحسن”.

أصعب مواقف “الكاميرا الخفية”.. طاقم العمل هرب وتركه مع جزار أراد ضربه بالسيف

رغم أنه برنامج كوميدي، فإنه مر بمواقف صعبة لتسجيل حلقاته، وذكر نصر في لقائه مع إسعاد يونس أن أصعب اللحظات كانت عند تصوير حلقة داخل محل جزارة، والمفترض أنه يقدم دور “زكية زكريا”، التي يشتري زوجها كميات كبيرة من اللحم ثم يتركها ويرحل في مواجهة الجزار، فتصارحه بأن زوجها لن يدفع له، فيحبس الجزار “نصر” في ثلاجة اللحوم ويخرجه ليضربه بالسيف، وهنا أفصح نصر عن شخصيته بعد هرب فريق العمل وتركه وحيداً، وبعد ذلك الموقف أقام الجزار مأدبة غذاء لجميع أعضاء فريق البرنامج.

الفنان إبراهيم نصر عن برامج المقالب الحالية: هي دي قدراتهم.. والناس مش عايزة كدهللمزيد والمزيد، زوروا موقعنا alfatv.com وللاشتراك في باقة الفا منفردة أو مع باقات أخرى من OSN https://www.osn.com/ar-sa/explore/packages/more/alfa

بينما يطال الممثل المصري رامز جلال انتقادات واسعة مع موسمه الحالي “رامز مجنون رسمي”، وطالت برامج المقالب عموماً، كان لنصر رأي مناصر لهذه الانتقادات، إذ قال في مداخلة هاتفية بأحد البرامج التلفزيونية، مطلع العام الحالي: “صعب عليَّ إني ألوي دراع زميل ليَّ”، لكنه عاد وقال إن الجمهور يرغب في مشاهدة فن جميل، وليست مقالب جعلت الأطفال يصابون بشيزوفرينيا وأمراض وتخلف عقلي، وإن المقالب يجب أن تكون مع الجمهور وليس المشاهير، عندها لمح إلى رغبته في عودة برنامجه لولا جائحة كورونا.

كما قال في مداخلة هاتفية أخرى إن من شروط النجومية في هذا المجال أن يكون “الممثل لديه درجة من الإحساس والذوق والأدب والتربية وعلى دراية بالأحاسيس لإنتاج برنامج جيد”، مطالباً المجتمع بالوقوف حائط صد لمحاربة تلك النوعية من البرامج. وتابع: “أنا عملت كاميرا خفية 17 سنة، وأنا اللي أوقفت وبطلت البرنامج، وجالي وقتها 150 ألف درهم لأقدم البرنامج من تاني ورفضت، لأني بعرف أقول ستوب وأمنع”.

كيف تعامل مع شائعات الوفاة المتكررة؟ 

سمع نصر خبر وفاته 3 مرات، آخرها في أغسطس/آب 2019، وفي كل مرة كان يتعامل مع الخبر بسخرية، رغم أنه كان يغضبه ويراه “سخيفاً” أيضاً، إذ قال في حوار أجرته معه صحيفة “التحرير” المصرية في ينايركانون الثاني 2020: “فيه ناس كتير هنا وبرا مصر بتزعل لما تسمع ده.. موتونى 3 مرات” لكن الأمر بيد الله سبحانه وتعالى “بس بلاش الإشاعات اللى بتتكرر معايا وعادل إمام”.

ربما كان عزاؤه مع شائعات الوفاة، وعدم حصده جوائز كفاية، هو حب الناس، وتذكر بعض المهرجانات الفنية المتواضعة أدواره الخالدة وتكريمه، وكان آخرها في حياته عكس أغلب الفنانين الذين ينسون تقريباً مع الابتعاد عن الساحة الفنية، وتسلط الأضواء تجاههم مرة أخرى لكن بعد فوات الأوان. وكان تكريمه الآخير قبل أشهر، في مهرجان «الاسكندرية للفيلم القصير»، الذي أقيم في آخر أيام 2019  وأول أيام 2020.

حينها؛ أثنى عليه رئيس المهرجان محمد محمود، وقال: “نحرص فى مهرجاننا على تكريم الفنانين أصحاب الأدوار المؤثرة حتى لو لم يكونوا نجوما كبارا، فمثل هؤلاء يعانون من التجاهل وعدم التقدير، وقد حرصت حينما التقيت بالفنان ابراهيم نصر أن أعبر له عن مدى حب الناس له وتذكر كل أعماله خاصة شخصية «زكية زكريا» التى قدمها على مدى 15 عاماً متتالية”.

في الكلمة التي نقلتها صحيفة “الشروق” المصرية، تحدث رئيس المهرجان عن تعامل نصر مع التجاهل الفني، وقال: “فوجئت أن الرجل يتمتع بحالة رضا كبيرة حينما سألته اذا كان يشعر انه تم تجاهله وقال إنه لم يشعر للحظة بهذ التجاهل خاصة انه سعيد بما قدمه، فهو يحرص على الاختيار ولا يوافق على المشاركة فى أى عمل الا لو كان يحبه، وأكد لى أنه يعرض عليه باستمرار ادوار كثيرة، لكنه يرفضها لأنها لا تحظى على اعجابه”.

لكن النجم الكوميدي رحل قبل أن ينال تكريماً فنياً كبيراً، وترك ابنه الوحيد عماد. وكثير من الذكريات في أذهاننا، نحن الجيل الذي يرى الآن ثمرة ما عمله، “حب الناس”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى