آخر الأخبار

وصفوا خطوته بـ”الفعل الجنوني”.. لماذا لم يستشر ترامب الخبراء قبل الإعلان عن تناوله دواء الهيدروكسي؟

خلال مؤتمر صحفي عقده بعد ظهر يوم الإثنين 18 مايو/أيار 2020، كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منطلقاً في هجماته المعتادة على “المبلِّغين المزيفين عن المخالفات” و”حملة المطاردة السياسية له” و”الخاسر” ميت رومني، قبل أن يصدم الجميع بإعلانه أنه يواظب على تناول دواء مضاد للملاريا كان قد وصفه كعلاج محتمل لفيروس كورونا.

ورغم أن دراسات علمية أخذت تذهب على نحو متزايد، إلى أن الدواء الذي يتناوله ترامب يؤدي إلى مشكلات في القلب وحتى إلى الموت، وفقاً لتحذيرات “إدارة الغذاء والدواء الأمريكية” (FDA) والسلطات الصحية الأخرى من استخدامه، لكن الرئيس الأمريكي له شأن آخر.

ذهول الصحفيين: بدا الصحفيون مذهولين؛ وهو ما دفع أحدهم إلى سؤال ترامب: “أنت تتعاطى هيدروكسي كلوروكين؟”، فيما تعالى صوت مراسل آخر: “لماذا، سيدي؟!”. قبل أن يبدي الخبراء ذوو الصلة انزعاجهم بسرعة، مشيرين إلى “المخاطر البالغة”، وواصفين الإقدام على ذلك بأنه فعل “جنوني” و”يفتقر إلى تحمُّل المسؤولية بدرجة كبيرة”، وفق تقرير نشره موقع Politico الأمريكي.

ومع ذلك، فلم يكن يجدر بأحد أن يفاجأ، إذ إن “فضيحة تناول الهيدروكسي” التي أخذت تتكشف معالمها يوم الثلاثاء، ليست سوى أحدث مثال على نمط سلوكي مستمر لترامب، يلخص حفنةً من صميم سماته الأساسية.

حالة من البلبلة: دائماً ما كان ترامب لديه موهبة لخلق حالة من البلبلة والتشتيت عندما يحتاج إلى تغيير الموضوعات التي تدور حولها الأخبار، والتشويش على العناوين الرئيسية التي تنتقده. كما أنه لطالما كانت لديه غريزة رجل الاستعراض المولع بلفت الأنظار إليه. 

لكن أكثر ما يكشفه إعلانه المفاجئ على نحو جلي، هو بغضه الدائم لكل ما يتعلق بالخبرة والخبراء. فقد تولدت عن عقلية ترامب المتجذرة على أنه الغريب على المنظومة، سلوكاً يعمد إلى التجاهل المتعمد لتوصيات الخبراء ونصائحهم، وغالباً ما تسبب له ذلك في مشكلات.

قرار ترامب: ومع ذلك، فإن امتناع ترامب عن الالتفات إلى تحذيرات مستشاريه الأكثر وثوقاً كان غالباً ما يفضي به إلى تعزيز شهرته وسط قطاعات وأعداد كافية من الجمهور لا تعبأ بأخذ الوقت الكافي لتحليل تفاصيل كلامه وتصريحاته.

كما أن ترامب، بحسب كلام بروس نوبلز، رئيس حاشيته الرئاسية السابق، لمراسل Politico، “يعتقد أنه أذكى شخص على وجه الأرض. يعتقد ذلك حقاً”.

الحاجة للخبراء: سبق أن قال ترامب في عام 1984: “يستغرق الأمر ساعة ونصف الساعة لتعلُّم كل ما كل يمكن معرفته عن الصواريخ”، هكذا كانت الحجة التي أخبرها لأحد المراسلين عندما كان يشرح له رغبته في التفاوض مع الاتحاد السوفييتي حول خطر الحرب النووية، مضيفاً: “أعتقد أنني أعرف معظم ما يمكن معرفته عن الموضوع على أي حال”.

ومع ذلك، فليس كل من عرفه على مر السنين يعتقد أنه يقول الحقيقة.

فيما تذهب باربرا ريس، نائبة رئيس “منظمة ترامب” سابقاً، إلى أنه “من المستحيل أن يفعل ذلك”. وقالت: “لا أعتقد أنه سيعرّض نفسه لأي أذى محتمل. إنه يريد أن يعتقد الجميع أنه يأخذها، وأن يؤمنوا بأن كل ما قاله طيلة الفترة الماضية عن هذا الدواء وفاعليته كان صحيحاً. هذا ما يريده. ولهذا السبب يقول إنه يتعاطى هذا الدواء”.

ومع ذلك، تعتقد لويز صن شاين، وهي نائبة سابقة أخرى لرئيس “منظمة ترامب” وتعرف ترامب منذ أكثر من 50 عاماً، أنه يأخذ هذا الدواء بالفعل. وعندما سُئلت لماذا تعتقد ذلك؟ قالت: لأن أحد مساعديه الشخصيين العاملين في الجناح الغربي للبيت الأبيض تبينت إصابته بالفعل بالفيروس. كما أن المتحدثة باسم نائب الرئيس ظهرت نتيجة اختبارها بالفيروس إيجابية.

وهو ما استدلت به صن شاين، لتقول: “إنه يخشى على نفسه”.

سيرة ترامب: أما كاتب السيرة الذاتية لترامب، تيم أوبراين، فقد أخبر مراسل Politico يوم الثلاثاء 19 مايو/أيار 2020، بأن ترامب “سواء أخذ الدواء أم لم يأخذه، فأنا أعتقد أن لديه هدفين من هذا التصريح: الأول هو تشتيت الانتباه، والآخر هو الإلهاء. فهو رجل يعاني محاوِلاً التحكم في شيء لا يمكنه السيطرة عليه، أقصد فيروس كورونا وتداعياته الاقتصادية، وهناك ساعة تدق عقاربها في ذهنه. وقد قال في بداية تلك الأزمة، إن الأمر سيكون أشبه بالمعجزة، فبين ليلة وضحاها، سيتلاشى الفيروس. ومن ثم، فإنه الآن يحاول شراء الوقت حتى تقع المعجزات، وهو يريد أن يصدِّقه الآخرون ويشتروا معجزاته هم أيضاً”.

في تقديره، يذهب أوبراين إلى أن ترامب يتناول بالفعل دواء الهيدروكسي كلوروكين، أو يقول فقط إنه يتناوله، للسبب نفسه الذي يجعله حتى الآن ممتنعاً عن ارتداء قناع طبي، والسبب، بحسب أوبراين، هو أن غير ذلك “يعني أنه قد أذعن للخبرة وآراء الخبراء”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى