منوعات

كوميديا “مُبكية”.. تمجيدٌ للجيش.. وغزلٌ علني لإسرائيل.. هذا ما عرضته دراما رمضان 2020

رغم أن بعضاً منها تأجّل بسبب جائحة كورونا، كانت المسلسلات الرمضانية لهذا العام غنية جداً بالتفاصيل، التي كان بعضها كوميدياً ولطيفاً مثل المسلسل المصري “بـ 100 وش”، وبعضها الآخر مزعجاً، مثل مسلسل “مقابلة مع السيد آدم” الذي عرض صورة حقيقية لناشطة سورية توفيت في سجون النظام على أنها شابة مصرية قُتلت في سوريا وسرقت أعضاؤها ودُفنت على يد أحد المجرمين.

فما الأشياء التي تعلمناها من مشاهدة هذه المسلسلات؟ وهل أدت المطلوب منها؟

بحسب الناقد الفني جوزيف فهيم، فلا شك أن المخرجة المصرية كاملة أبوذكري قدمت بعضاً من أنجح المسلسلات في السنوات الماضية، مثل “واحة الغروب”، و”بنت اسمها ذات”، و”سجن النسا”.

فكان مسلسلها الجديد “بـ 100 وش” واحداً من أفضل المسلسلات الرمضانية، إضافة إلى أنه واحدٌ من المسلسلات النادرة المصرية الكبيرة التي ليست من إنتاج شركة سينرجي للإنتاج، التي يقال إنها تابعة للمخابرات العسكرية المصرية.

كما كان لانضمام آسر ياسين ونيللي كريم للمسلسل إضافة رائعة ساهمت بشكل كبير بإنجاحه.

يحكي مسلسل “بـ 100 وش” عن نيللي كريم في دور سكر، وهي محتالةٌ من الطبقة الكادحة، تتحد مع آسر ياسين في دور عمر، وهو محتالٌ من الطبقة الثرية، للعمل على سلسلةٍ من عمليات الاحتيال، كلها مستلهمةٌ من حيلٍ حقيقيةٍ، ولكن سرعان ما يقعان في حب بعضهما.

ويُعد مسلسل “بـ 100 وش” كل ما قد تتمناه في مسلسلٍ رمضاني، فهو ذكيّ، ومميز، ومصنوعٌ بخبرةٍ ومليءٌ بالمشاهد المرحة.

يُبين النجاح الجماهيري والنقدي لمسلسل “بـ 100 وش” باقتدارٍ كل مشكلات المسلسلات الكوميدية العربية الأخرى التي كان فيها كل شيء إلا الكوميديا.

من بينها كان مسلسل “فلانتينو” لعادل إمام، أكبر فنانٍ كوميدي في الوطن العربي، و”رجالة البيت”، التعاون الجديد بين أحمد فهمي وأكرم حسني، و”ونسني”، و”عمر ودياب”، ومسلسلاتٌ كوميديةٌ متشابهةٌ لنجومٍ واعدين، بالإضافة إلى عددٍ لا نهائي من المسلسلات الخليجية، مثل “مخرج 7″، و”موديل”، و”مليار ريال”.

بينما كان “سكر زيادة” واحداً من أسوأ مسلسلات إعادة الإنتاج عديمة الجدوى والخالية من الكوميديا لمسلسل Golden Girls من بطولة النجمتين المصريتين نادية الجندي ونبيلة عبيد.

كل تلك المسلسلات الكوميدية عانت من مشكلةٍ رئيسيةٍ واحدة: خلوّها من الكوميديا فكان الضحك مفتعلاً، ولم تُفلح في تحقيق الهدف الجوهري للكوميديا: التسلية، على عكس مسلسل “بـ 100 وش”.

غرقت برامج رمضان التلفزيونية بمسلسلاتٍ قدمتها الحكومة المصرية والتي تعكس أهدافها وأفكارها، بحسب المقال الذي نشره فيهم على موقع Middle East Eye البريطاني

وأحد هذه المسلسلات هو مسلسل الأكشن “الاختيار” الذي يهدف دون أدنى شك لتحسين صورة الجيش المصري بمشاركة الثنائي بيتر ميمي وأمير كرارة.

ويحكي المسلسل قصة ضابط القوات المسلحة أحمد صابر المنسي الذي قُتل في هجوم لتنظيم “أنصار بيت المقدس” في عام 2017.

الحلقات الخمس الأولى هي الأكثر إثارةً للاهتمام، إذ توثق الفترة التي تلت ابتعاد جماعة “الإخوان المسلمين” عن حكم مصر فتنامى الغضب بين المصريين من فشل سياسات الجماعة الاقتصادية والسياسية، وانقطاع الكهرباء المستمر، والطوابير التي تبدو غير منتهيةٍ على محطات الوقود.

كما يظهر اعتصام رابعة خلال شهر أغسطس/آب 2013، دون أن يتم التطرّق إلى المذبحة التي سقط ضحيتها المئات بأيدي قوات الأمن كما هو متوقعٌ.

بل يُصور المسلسل الجيش على أنه المؤسسة البطولية المنصفة التي أنقذت مصر من حُكم الرئيس الراحل محمد مرسي.

وفي لحظاتٍ قليلةٍ يوضح المسلسل أن الإسلاميين -وليس إسرائيل- هم عدو مصر الرئيسي، كما يتكرر التأكيد على ذكر أعداء الدولة: تركيا، وقطر، والإعلام الأجنبي.

ومع قرب نهاية “الاختيار” ينتقل ميمي، المسيحي القبطي، ودويدار بشكلٍ غريبٍ إلى جدلٍ عقائدي، مروراً على الدفاع عن ابن تيمية، العالم السني من العصور الوسطى الذي يُنسب له على نطاقٍ واسعٍ الترويج للإسلام الأصولي. كما يُظهر “الاختيار”الأقباط كفئة اجتماعية مهمشة تماماً، ويضعها في منزلة الشهداء المجهولين.

لم يكن أيٌّ من مسلسلات رمضان هذا العام مرتقباً أكثر من مسلسل “النهاية”، أول مسلسل خيالٍ علمي عربي، كما كان يُفترض أن يكون.

المسلسل من بطولة يوسف الشريف، ويضم فريقاً من أفضل فناني المؤثرات الخاصة، فكانت الحلقات الخمس الأولى جيدة، لكن الحلقات التي تلتها قتلت كل الحماس الذي أثاره المسلسل في البداية.

تبدأ أحداث “النهاية” في عام 2120، عندما ابتلعت أزمة في الطاقة الأرض، وكان هناك شركةٌ مشبوهةٌ تُدعى “إنرجي كو” تحكم معظم العالم، وقد منعت التعليم.

قُبيل الكارثة، في حكايةٍ فرعيةٍ لا تأثير لها على الصورة الأوسع للدراما تغرق الولايات المتحدة في حرب عصاباتٍ، وتسقط أوروبا من نعيمها في ظروفٍ غامضةٍ.

وخلال الفوضى يتوحد العرب ضد إسرائيل، ويُحررون القدس -التي يتحدث الجميع فيها بلهجةٍ مصريةٍ- و”يطردون اليهود إلى أوروبا مرةً أخرى”، على حد وصف “النهاية”.

ويرقى المسلسل في النهاية لكونه مجموعةً مختلطةً وباهظة الثمن وغير مألوفةٍ وغير متماشيةٍ من الأفكار غير مكتملة النضج حول الطاقة، والذكاء الصناعي، والرأسمالية السيئة، وخطر الماسونية في تطورٍ غريبٍ أخيرٍ.

يقول الناقد جوزيف فهيم إن تسلسل الأحداث المثير للإعجاب يعوقه التمثيل الخشبي والأزياء المضحكة وتصميم الإنتاج المختلط.

إلى جانب مسلسلي “الاختيار” و”بـ 100 وش”، كان مسلسل “البرنس” من بين الأعمال الرمضانية التي تمتّعت بأعلى نسب مشاهدة.

وقد شهد العمل أوّل تعاون تلفزيوني بين المخرج محمّد سامي ونجم الأكشن محمّد رمضان بعد عام 2016، الذي أُنتج خلاله مسلسل “الأسطورة” ذي الشهرة الواسعة، والشبيه بفيلم Scarface، وقد تناول “الأسطورة” الجريمة في مدن الصفيح العشوائية بالقاهرة.

أعاد سامي ورمضان طرح ذاك المزيج الدرامي من جديد في تعاونهما الأخير، الذي يستوحي أجزاءً من قصّة النبي يوسف مع إضفاء لمسة عنيفة.

ولعب محمد رمضان في “البرنس” دور “رضوان”، الابن الأصغر لميكانيكي أورثه أبوه ثروته بالكامل، ما أثار ضغينة أشقائه الستّة.

تتآمر الأسرة الفاسدة على رضوان، فتقتل زوجته، وتتخلّص من ابنته، وتزجّ به في السجن. وحينما ينال حرّيته في نهاية المطاف، يشرع في الانتقام.

الجدل الأكبر هذا الموسم كان من خارج مصر وتحديداً في مسلسلي “أم هارون” الكويتي التاريخي، و “مخرج 7” السعودي الكوميدي، بتمويل من شبكة MBC السعودية، التي اتُّهِمت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

فسلّط مسلسل “أم هارون”، للمخرج المصري محمّد جمال العدل، ضوءاً نادراً من نوعه على الجالية اليهودية التي سكنت الكويت في الأربعينيات من القرن الماضي، وقد عاشت بتناغم مع المسلمين قبل تدشين الدولة الإسرائيلية.

وعلى خلفية طرح الشخصية اليهودية في العمل بصورة إيجابية، هوجِم مسلسل “أم هارون” بوصفه محاولة من الكويت والسعودية لتكوين علاقات تجارية على الملأ مع إسرائيل.

وهو افتراضٌ مُنصف؛ فرغم كل شيء، لم يعد الموقف المِضياف الذي تتخذه مؤخّراً بلدان الخليج في تعاملها مع إسرائيل سرّاً.

فيما كان مسلسل “مخرج 7” أكثر جرأةً، من نظيره الكويتي. ويدور هذا العمل ذو الطابع الكوميدي المعاصر -وقد أدّى دور البطولة فيه أكبر نجوم الخليج، ناصر القصبي- حول موظّف حكومي يحاول استكشاف التغيّرات الهائلة التي اجتاحت السعودية في أعقاب “الإصلاحات” الاجتماعية والاقتصادية لولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

كما شمل الجزء الذي خضع لكثير من النقاشات وأثار الدهشة حواراً تحدّث خلاله صديق القصبي على نحوٍ عابرٍ عن خططه للعمل مع روّاد أعمال إسرائيليين، وشدد على أن الفلسطينيين قد “خانوا” السعوديين، وأبدوا “جحوداً” لهم بعد عقودٍ من المساعدات.

أما القصبي فوبّخ صديقه برفقٍ ثم دافع عن الفلسطينيين قبل أن يتّفق معه على أن بعض الفلسطينيين “باعوا أرضهم”.

فرأى الناس أن هذا المقطع يمثّل تحولاً هائلاً غير مسبوق في العلاقات العربية الإسرائيلية كما تصوّرها الدراما التلفزيونية.

وفي مشهدٍ آخر مثير للجدل بنفسِ القدر، بدا القصبي يناقش المثلية الجنسية مع ابنته، وهو شيء غير مسبوق في الدراما الخليجية. وقد شدد على ضرورة إخضاع المثليين لـ”العلاج الطبّي”، وضرورة “ألا يتباهوا بأسلوب حياتهم”، لكنه اعترف بوجود تلك الفئة -وهي حقيقة يتعيّن حتماً على المجتمع الاعتراف بها- كما ألمح في حواره.

عرض المسلسل السوري “مقابلة مع السيد آدم” صورة الناشطة السورية رحاب علاوي في إحدى حلقاته على أنها شابة مصرية قُتلت في سوريا وسرقت أعضاؤها ودُفنت على يد أحد المجرمين.

بينما في الحقيقة هي ناشطة سورية قُتلت تحت التعذيب في أحد سجون النظام السوري وتحديداً في فرع 215 التابع للأمن العسكري في دمشق.

وظهرت صورة الناشطة السورية رحاب في عدد من مشاهد الحلقة الرابعة التي عُرضت الإثنين 27 أبريل/نيسان على قناة أبوظبي أثناء تداول أجهزة الأمن لصورتها عند الدقيقة 12، كما ظهرت صورتها مرة أخرى عند الدقيقة 21.

وأظهرت الصورة أيضاً رقمها التسلسلي الذي كان موجوداً على جبينها عندما تم تسريب صورة جثتها من معتقلات النظام السوري عبر المصوّر المُنشق المعروف بـ”قيصر”.

وبحسب قصة المسلسل، فإن صورة رحاب تعود لشابة مصرية خطفها أحد المجرمين وقام بتعذيبها إلى أن توفيت فقام بسرقة أعضائها ودفنها.

تناول أحداث “مقابلة مع السيد آدم” قضايا تجارة الأعضاء البشرية وجرائم القتل حول أستاذ جامعي خبير في الطب الشرعي، يتعرض لضغوط عنيفة من جهات نافذة، بهدف تغيير تقريره حول إحدى الجرائم، الأمر الذي سيتسبب له بكارثةٍ عائلية، ستغير مسار حياته كلياً، وتحوله إلى “قاتل متسلسل لا يترك وراءه أي دليل”.

المسلسل من إنتاج “شركة فونيكس غروب” وإخراج وتأليف فادي سليم وبطولة غسان مسعود، محمد الأحمد، لجين إسماعيل، رنا شميس وجيانا عنيد.

لا تحظى الدراما التلفزيونية التونسية بشهرة واسعة خارج أعتاب شمال إفريقيا، فقبل ثلاث سنوات ظهر الوجه التونسي الجديد عبدالحميد بوشناق في مهرجانات الأفلام عقب إصدار أوّل عملٍ من إخراجه “دشرة”، الذي يُعد أوّل فيلم رعب في تونسي.

وبدلاً من الإسراع في إخراج فيلمه الطويل الثاني، حوّل بوشناق دفّة انتباهه إلى الدراما التلفزيونية ليعمل على مسلسل “نوبة”، وهو عملٌ درامي يرتكز حول مشهد الموسيقى الشعبية -المعروفة باسم النوبة- في التسعينيات.

ونجاح العمل استدعى بطبيعة الحال استكماله، ورغم أن الموسم الثاني من مسلسل “نوبة” قد لا يُطابق الوتيرة المضطربة والسرد المتدفّق الذي اتصف به الموسم الأوّل، فإنه ما زال مفعماً بالرسم المُتقن للشخصيات، وتوجّهه الذي يُضفى أجواءً فريدة، وبناء المشاهد على نحوٍ مميز، أو ما يُعرف سينمائياً باسم “الميزانسين”.

كما يبدو أفق الحريّة المطروح بالتلفزيون والسينما التونسية أوسع كثيراً من نظيره في مصر، وبلدان الخليج، وحتى لبنان.

ويعكف بوشناق على استغلال ذاك الأفق بذكاء للتعمّق في أغوار العالم المستتر في تونس. في عالم مسلسل “نوبة” لم تكن ثمّة أخلاقيات جليّة، بل كان هذا العالم وقحاً، وقذراً، ومتوحشاً، برغم بهجته المفرطة.

لم يحظَ “نوبة2” باهتمام كبير خارج أعتاب تونس، غير أنه برز بوصفه واحداً من المشاركات القليلة المثيرة في أعمال رمضان التلفزيونية لهذا العام.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى