تقارير وملفات إضافية

تدافع عن المسلمين بكل مكان إلا الإيغور.. باكستان تتحدى الهند وتتمرد على أمريكا ولكن مشكلتها الحقيقية الصين

أصبح ضعف باكستان أمام الصين أمراً لافتاً، ففي محاولته للصمود أمام العداء الهندي والجفاء الأمريكي، فإن رئيس وزراء باكستان عمران خان يخالف الروح التي قامت عليها دولته وهو الدفاع عن الإسلام، حسب وصف تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.

تمثل الهند مصدر هوسٍ داخل باكستان. إذ أودى العنف الطائفي المرتبط بتقسيم الهند عام 1947 بحياة مليوني شخص. وخاضت الهند وباكستان بعد ذلك ثلاث حروب: الأولى عام 1965، عندما ردّت الهند على الجهود الباكستانية لاختراق القوات في جامو وكشمير، والثانية عام 1971 على خلفية حرب الاستقلال البنغلاديشية، ومرة ​​أخرى عام 1999، عندما ردّت القوات الهندية على هجوم باكستاني في محافظة كارجيل، على طول خط المراقبة الفاصل بين الشطرين الهندي والباكستاني في إقليم جامو وكشمير. 

وكما أشار المؤرخ الراحل برنارد لويس، من جامعة برنستون الأمريكية، إذا تبنى العلماء نفس تعريف “اللاجئ” الذي وضعته الأمم المتحدة للفلسطينيين الذين شرَّدتهم إسرائيل، فسيكون جنوب آسيا موطناً لأكثر من 200 مليون لاجئ. ولا تزال التوترات منتشرة بوضوح في جميع أنحاء البلاد. 

في عام 2000، بمدينة بيشاور‎ الباكستانية، وقف نموذج محاكاة بالحجم الطبيعي لصاروخ نووي باكستاني وسط ميدان، وكُتِب أسفله شعار “أود أن أدخل الهند”. وتجد اليوم في العاصمة الباكستانية إسلام أباد، ساعات على لوحة إعلانية عملاقة تسجل الوقت الذي فرضت فيه الهند حظر التجوال على كشمير.
ويضرب العداء للهند بجذوره عميقاً داخل باكستان.

لكن في الأشهر الأخيرة، كانت الصين هي التي أهانت باكستان على نحو لم تستطِع الهند فعله أبداً، حسب المجلة الأمريكية.

وكان محمد علي جناح، الزعيم القديم لرابطة المسلمين في الهند والأب المؤسس لباكستان، قد بنى تصوره عن الدولة الجديدة على أنها أرض للمسلمين. ونظراً لأن باكستان أسست شرعيتها على الدين أكثر من الإثنية، فهي بالفعل الدولة الإسلامية الأولى في العصر الحديث.

وعلى مدى التاريخ، وقف الباكستانيون في طليعة المدافعين عن المسلمين والناشطين ضد اضطهادهم، سواء كان هذا الاضطهاد حقيقياً أو مُتصوَّراً. وهذا هو ما دفع باكستان إلى معارضة خطط الاتحاد السوفييتي بشأن أفغانستان. إلى جانب ذلك، تأتي باكستان بين الدول الأكثر مناهضة لإسرائيل ومعاداة للسامية على وجه الأرض. 

وتغطي وسائل الإعلام الباكستانية بانتظام معاناة أقلية الروهينغا المضطهدة في ميانمار. وتعمل المؤسسات الخيرية الباكستانية بجدٍ في الشيشان. أضف إلى ذلك، هناك عدد كبير من الجماعات الإرهابية التي ترعاها باكستان، والتي تستهدف الهند وتُحرِكها دوافع دينية أكثر منها قومية. ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بسجن الصين لأكثر من مليون مسلم من الأويغور -ليس لأي سبب إلا لأنهم مسلمون- فقد التزم رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان الصمت، بل وزاد على ذلك، أنه دافع عن قمع الصين لمواطنيها المسلمين، واضطهد الإيغور في باكستان نيابةً عن الصين. 

تعد توأمة المدن ممارسة دبلوماسية شائعة تستهدف تنشيط السياحة وتعزيز العلاقات بين المدن الكبرى في العالم. ومن جانبهما، طوّرت الصين وباكستان هذا المفهوم إلى مستوى جديد بعد توأمة محافظات البلدين. 

ففي الآونة الأخيرة، قدمت البعثة الدبلوماسية الباكستانية في بكين مسوّدة مذكرة تفاهم إلى وزارة الخارجية الصينية من أجل تأسيس علاقات توأمة بين مقاطعتي شينغيانغ في الصين وغيلجيت-بالتستان في باكستان. ومن ثم، لم يدفع الخوف من الضغط الصيني عمران خان لغضّ الطرف عن أكبر قمع يتعرض له المسلمون في القرن الحادي والعشرين فحسب، بل أصبح رئيس الوزراء الباكستاني يسعى الآن لتكريم المقاطعة الصينية التي تقع في بؤرة قمع بكين للمسلمين. وحتى إذا كان الدافع وراء موقف خان هو التهديد الضمني بمعاملة أهالي منطقة غيلجيت بالتستان المتنازع عليها مثلما تعامل الصين منطقة شينغيانغ، فإن ذلك لا يفسر سبب التأييد الضمني الذي تُكِنّه إسلام أباد لقيادة بكين المعادية للإسلام.

كما أن التخلي عن الطلاب الباكستانيين في ووهان أثناء انتشار فيروس كورونا يزيد من مهانة باكستان. إذ أجلت جميع الدول الأخرى تقريباً -ومن بينها الهند- مواطنيها من بؤرة انتشار فيروس كورونا. 

ويدرك خان أن الفساد والفوضى يعنيان فشل الحجر الصحي في باكستان، ولهذا السبب يسعى إلى إبقاء أولئك الذين يحتمل إصابتهم بالفيروس في الخارج. وفي الوقت نفسه، لا تهتم الصين بالباكستانيين الذين ظلوا داخل أراضيها. أن تكون باكستانياً في عهد عمران خان يعني أن تعاني بصمت في نهاية الصف.

وسهّلت معادة الولايات المتحدة لباكستان تقرُّب الصين منها. 

فرغم التحالف الباكستاني الوثيق مع الولايات المتحدة، خلال الحرب الباردة فرضت واشنطن عقوبات متعددة في عدة مناسبات على باكستان.

في المقابل فإن الصين، شيدت طرقاً سريعة وميناء في باكستان. وأقنعت إسلام أباد نفسها بأنها أصبحت دُرَّة سياسة الحزام والطريق الخاصة بالصين.

وتعلق المجلة الأمريكية قائلة “الآن، يجب توضيح الحقيقة: بدلاً من الحفاظ على استقلال باكستان وكرامتها من خلال الاستفادة من خلاف واشنطن وبكين، خضعت الحكومات الباكستانية المتعاقبة حتى الآن لسيطرة الصين لدرجة أن باكستان أصبحت عاجزة عن الدفاع عن مواطنيها، ناهيك عن المسلمين”. 

وتعتبر باكستان نفسها قوة إقليمية كبرى، لكن الأحداث الأخيرة تظهر أن بكين لا تعتبر باكستان أكثر من مجرد مستعمرة تابعة تستغلها ولكن لا تستمع إليها، حسب وصف المجلة

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى