ثقافة وادب

عندما زار تشارلي تشابلن مصر.. أحب التعرف على شعبها أكثر من رؤية الأهرامات

الكثير من نجوم العالم زاروا مصر رغبةً في رؤية حضارتها الفرعونية وتاريخها العريق، لكن ملك الكوميديا الصامتة تشارلي تشابلن تملكه الشغف للالتقاء بشعبها والتعرف عليه، ووصلت حماسته إلى التفكير في الاستقرار مع “أهل الشرق”.

الفنان البريطاني زار مصر وهو بعمر 43 عاماً. في الأساس كانت الزيارة لإطلاق فيلمه City Lights (أضواء المدينة)، لكنه أحب الاقتراب أكثر من الشعب المصري، وزار 3 من المدن المصرية الرئيسية؛ بورسعيد، والقاهرة، والإسكندرية. ثم أخيراً فعل ما يفعله كل السياح في مصر، زار الأهرامات، وركب الجمال، وارتدى ملابس تراثية، أو بالأحرى الطربوش.

رحلة تشابلن بدأت في مارس/آذار من عام 1932، وذلك بعد عام من إطلاق فيلمه City Lights الذي حقق نجاحاً وإيرادات جاوزت الـ5 ملايين دولار وقتها. كانت الخطة افتتاح الفيلم وإطلاقه في مصر أيضاً، مع استكشاف بلاد أهل الشرق. 

أبحر تشابلن مع شقيقه سيدني تشابلن، وسكرتيره الخاص “كونو” من ميناء نابولي في إيطاليا مساء 6 مارس/آذار، حيث استقلوا باخرة كانت في طريقها إلى اليابان. بعد 4 أيام من السفر بالبحر مرت السفينة بقناة السويس في صباح الـ 10 مارس/آذار، حيث نزل تشابلن وأخوه وسكرتيره في ميناء بورسعيد، فيما كان جمع من الصحفيين والجمهور في استقباله.

في ميناء بورسعيد وقف تشابلن ليتحدث عن أسباب زيارته لمصر، وقال إنه متطلع ليرى حياة الشعوب الشرقية بزاوية أقرب، وخص مصر حين قال إن ما يلهمه حقاً حو حياة الشعب وتنوعه وليس رؤية الأهرامات وأبوالهول، فبالنسبة له كانت رؤية الشعوب الشرقية أجمل من أي آثار وجمادات.

“تعبت من رؤية المعابد والأطلال القديمة التي أراها فى كلّ مدينة كبيرة أزورها. ما يهمني حقاً هو تلك الحالة الإنسانية لمختلف الشعوب”، هكذا كان تبرير تشابلن لشغفه باكتشاف الشعب لا آثار أجداده، كما سجل عنه الصحفي بمجلة “اللطائف المصورة” كامل أفندي علي، الذي رافقه طوال أيام مكوثه في مصر، وفقاً لموقع “رصيف 22“.

بمناسبة مجلة اللطائف التي كانت واحدة من أولى المجلات المصورة المصرية (تأسست عام 1915)، فقد انفردت بالتقاط العديد من الصور لرحلة تشابلن. حتى إن المانشيت الرئيسي لها في عددها الصادر بتاريخ 14 مارس/آذار كان “تشارلي تشابلن يتصفح اللطائف والعروسة”، ويضم صوراً لتشابلن وهو يتصفح المجلة ومجلة المنوعات التابعة لها “العروسة”. 

جولة تشابلن في مصر استمرت أكثر من 9 أيام، وتنقل خلالها بين بورسعيد والقاهرة والإسكندرية.

بدأت الرحلة من بورسعيد، حيث نزل بميناء المدينة، ومنها ذهب إلى الإسكندرية، حيث أقام جولة وسافر بعدها إلى القاهرة. وقد التقطت صورة له  بجوار السيارة التي كان يتحرك بها داخل مصر عقب وصوله إلى صحراء “شبرا”، قادماً من عروس المتوسط، صباح رابع أيام إقامته بمصر، 14 مارس/آذار.

في القاهرة، قام بجولة تسوق في القاهرة القديمة، وزار منطقة “شبرا البلد”، وكانت وقتها لا تزال منطقة صحراوية لم يغزُها العمران والازدحام الحالي، وبعد 5 أيام من الإقامة في القاهرة قام أخيراً بجولة في الأهرامات وأبوالهول، حيث التقط له عدد من الصور الطريفة.

واحدة بينما يحاول امتطاء الجمل بمساعدة الصحفيين ومرافقيه، فيما كاد يقع من فوقه بينما يمسك جيداً به ويضحك الحضور، وأخرى عندما خلع أحد السياسيين طربوشه (كانت مصر لا تزال دولة ملكية) وألبسه لتشابلن بينما كان صغيراً على رأسه، فيما أقام بفندق شبرد (Shepheard Hotel) بمنطقة الأزبكيّة.

(1/4)

(2/4)

(3/4)

(4/4)

هناك أيضاً حاول تشابلن صعود أحجار الأهرامات، حسب صحفي المجلة المصورة، كما كان مهتماً بتوثيق مشاهد رحلته، حيث ذكر الصحفي أن تشابلن عانى لمحاولة شراء أفلام التصوير الفوتوغرافي لكاميرته، إذ لم تكن متوفرة بكثرة وقتها في مصر.

بعد جولته بمصر، أكمل تشابلن رحلته إلى اليابان، وعندما توقفت السفينة به في مدينة سيلان بسريلانكا لـ 48 ساعة، قال لشقيقه مغرماً بدول الشرق: “لماذا لا نستقرّ هنا بعد أن نكبر في العمر، ونشتري مزارع للشاي ونعيش مع أهل الشرق؟”.

Charlie Chaplin stops off in Egypt on his way to Tokyo in 1936 pic.twitter.com/6Y3yWdqTge

وبدا مغرماً بثقافات الشعوب الشرقية في مصر واليابان، إلى درجة حبه لطريقة صب العمال للشاي على سطح السفينة، وقال إن رؤيته هذه الثقافات الشرقية من مسافات قريبة مختلفة عما يمكن رؤيته عبر شاشة السينما، كما وثق موقع Discovering Chaplin عن رحلته تلك.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى