ثقافة وادب

فقد عائلته في “مجزرة البيضا” وقريبه توفي بين يديه في صيدنايا.. من هو عمر الشغري وما علاقته بقانون “قيصر”؟

مع قرب دخول قانون “قيصر” الأمريكي حيّز التنفيذ، برز اسم شاب سوري يدعى عمر الشغري كأحد الشهود الأساسيين لتوثيق تعذيب نظام الأسد للسجناء السياسيين. فمن هو عمر الشغري الذي استضافه الكونغرس الأمريكي في عدة مناسبات، وبات ضيفاً متكرراً على القنوات العربية والعالمية؟ وما الذي عايشه في المعتقل حتى أصبح شاهداً أسهمت شهاداته في خروج قانون “قيصر” إلى النور بعد 4 سنوات من المداولات مع صنّاع القرار في واشنطن؟

عمر الشغري هو شاب ولد في قرية البيضا التابعة لمدينة بانياس الواقعة في محافظة طرطوس السورية في 14 مايو/أيار 1995، وعاش لسنوات في بلدة القطيفة بريف العاصمة دمشق، وتحديداً في مساكن العسكريين حيث كان والده يخدم في الجيش السوري.

ومع الأشهر الأولى لاندلاع الثورة السورية، تعرض الشغري لأول اعتقال من قريته البيضا عندما كان يدرس في الثانوية على يد المخابرات رفقة العشرات ممن اعتقلوا أثناء مجزرة البيضا التي وقعت في الثاني والثالث من شهر مايو/أيار 2013، فقضى  يومين في السجن قبل أن يتم الإفراج عنه.

وتتالت الاعتقالات بعدها حتى اعتقاله الأخير في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 والذي امتدّ نحو 3 سنوات تنقل فيها بين الأفرع الأمنية؛ من سجن فرع 248 في القابون، إلى فرع 291 وسرية المداهمة والاقتحام، وفرع 215 في كفرسوسة الذي  قبع فيه داخل زنزانة تحت الأرض، وأخيراً إلى سجن صيدنايا سيء الصيت، الذي كان فيه شاهداً على المجازر التي ارتكبها النظام بحق المعتقلين السياسيين.

وروى عمر تجربة اعتقاله لـ “عربي بوست” حيث اعتقلته المخابرات العسكرية مع عدد من شبان البيضا و3 من عائلته هم ابني خالته رشاد وبشير وابنة خالته نور ولم يكن عمره قد تجاوز 17 عاماً، وتم اقتياده إلى مقر الأمن في طرطوس وهناك تم التحقيق معهم بقسوة، وتعرضوا لتعذيب شديد، ووجهت له تهمة قتل ضباط من جيش نظام الأسد.

وتابع أنّ عناصر النظام علقوه بسلاسل مربوطة بسقف الزنزانة أمام أبني خالته الذين اعتقلوا معه وعرضوه لصدمات كهربائية كما كسروا إحدى ساقيه جرّاء الضرب العنيف بالعصي.

وبعد ذلك تم نقل عمر إلى فرع سرية المداهمة في فرع الأمن العسكري في دمشق 215 والذي يسمى بـ “فرع الهولوكوست السوري”، وأمضى عمر داخل جدرانه ما يقرب من سنة و9 أشهر شهد خلالها مقتل أبني خالته رشاد وبشير اللذين أعتقلا معه؛ أحدهما مات محمولاً بين ذراعيه والآخر مات جالساً أمامه، بعد ذلك تم نقله إلى سجن صيدنايا العسكري في أغسطس/آب 2014.

بعد 3 سنوات تعرض خلالها عمر لتعذيب سبب له مرض السل والهزال جاء اليوم الذي شاهد فيه الموت قبل أن يتم الإفراج عنه، إذ قام عناصر من النظام بإخراجه من سجن صيدنايا إلى ساحة البلدة بدعوى أنهم سيقومون بإعدامه.

وطلبوا منه أن يجثوا ساجداً على الأرض وسط الساحة، وقاموا بإطلاق النار بجانبه لإيهامه بأنهم قتلوه، ثم تركوه ورحلوا.

خرج الشاب عمر الشغري من سجن صيدنايا في العام 2015 ليجد والده وإخوته محمد وعثمان قد قضوا ذبحاً في مجزرة قرية البيضا في 2أيار/مايو 2013.

خرج من سجن صيدنايا حاملاً في صدره مرض السل ووزنه لا يتجاوز 35 كيلوا غراماً.

كما عجز عن التداوي في المشافي السورية بعد أن رفضت استقباله، فقرر الهرب من سوريا براً نحو تركيا حيث تلقى علاجاً فيها قبل أن يقرر السفر مرة أخرى خوض “رحلة الموت” عبر السفر بقارب مطاطي من أزمير إلى اليونان، ومنها عبر إلى مقدونيا وصربيا وكرواتيا والنمسا وأخيراً حط رحاله في السويد التي تلقى فيها علاجاً كاملاً حتى شفائه من مرضه.

وبعد أن وصل إلى السويد قرر الشغري أن يحوّل سنواته السوداء الثلاث التي أمضاها متنقّلاً بين سجون النظام إلى بارقة أمل للمعتقلين الذين لايزالون داخل أقبية المعتقلات، فانضم إلى فريق الشهود الأساسيين لتوثيق تعذيب المعتقلين في إطار قانون “قيصر” لمعاقبة النظام السوري على جرائمه ضد المدنيين.

وكشف الشغري لـ “عربي بوست” كيف بدأت قصة الضابط السوري المنشق الذي يعرف باسم “قيصر” من غرفة تسمى “غرفة الموت”، والتي كان يزج فيها بعض المعتقلين ليلفظوا أنفاسهم الأخيرة.

وأضاف بأن هناك طبيب يدعى قصي شحود يطلق عليه اسم “طبيب الموت” لأنه كان يحقن السجناء المرضى بحقن هواء في أعناقهم تؤدي إلى موتهم سريعاً. وبعد أن يموتوا بين يديه يطلب من المسؤولين عن السجن رميهم في غرفة العزل – أي غرفة الموت -، حتى إنه كان يُدخل إلى هذه الغرفة سجناء تدهورت صحتهم فيموتون فيها بسرعة، لأن لا أحد يعتني بهم.

وأكد أنّ من هذه الغرفة بدأت قصة الضابط السوري المُنشق عن النظام الذي تعود إليه تسمية قانون “قيصر” بعدما سرّب 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقل عام 2014، قتلوا تحت التعذيب في السجون السورية.

وأشار إلى أنّ مهمة عمر حينها كانت وضع رقم تسلسلي على أجساد السجناء الأموات في غرفة العزل ووضعهم في سيارة خاصة تمهيداً لنقلهم إلى مستشفى 601، حيث كانت كاميرا الضابط “قيصر” تنتظرهم لتصويرهم.

ومن هذه النقطة بدأ الشغري فتعرف على الضابط المنشق قيصر صاحب الصور المسربة وقررا إكمال العمل لإصدار القانون، كون العلاقة بينهما تكاملية ومهمة جداً لإقناع أعضاء مجلس الشيوخ بالموافقة على القانون.

فعمر كان الشخص الذي يقوم بترقيم جثث المعتقلين في الفرع 215 التي يتم نقلها فيما بعد إلى المشفى العسكري حيث كان يتواجد قيصر الذي يقوم بتصويرها.

لذلك وجودهما سوية في القانون كان مهماً جداً من أجل إقناع الإدارة الأمريكية بفرض العقوبات وشرح فوائد القانون التي ستعود على المعتقلين.

وأضاف الشغري أنّ هذا القانون سيكون له مردود إيجابي بالنسبة للمعتقلين كون النظام لن يستطيع رفع العقوبات عنه إلا عبر إطلاق سراحهم.

فسافر إلى الولايات المتحدة وأقام فيها مدة 3 أشهر وكان أحد الأشخاص الذين قدموا شهادتهم إلى أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي.

في العاشر من مارس/أذار 2020 أدلى عمر الشغري بشهادة مؤثّرة عن ضحايا التعذيب خلال ندوة أقيمت بلجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي حضرها 12 سيناتوراً، ستة من الديمقراطيين وستة آخرون من الجمهوريين. بينهم رئيس اللجنة الجمهوري والرئيس المشارك الديمقراطي وميت رومني وبن كاردون وعدد من أهم السيناتورات في المجلس.

فخاطب عمر أعضاء الكونغرس بالقول: “يصعب عليكم فهم واستيعاب ما اتحدث به كونه خارج نطاق العقل البشري، مطالباً إياهم بالتوقف عن الكلام واتخاذ فعل يوقف المأساة السورية”.

بعد سنوات من تسريبات الصور التي قدمها الضابط المنشق “قيصر” للمحكمة الدولية والكثير الشهادات التي توثق عمليات التعذيب في سجون النظام، أقر الكونغرس الأمريكي قانون “قيصر” الذي سيدخل حيز التنفيذ في 17 يونيو/حزيران يتم بموجبه فرض عقوبات كبيرة على النظام السوري والدول المتحالفة معه وتمتد مفاعيله لخمس سنوات من تاريخ بدء التنفيذ، أي حتى عام 2024 ، وأبرز هذه العقوبات هي:

الحلقة الأولى: ١٧ حزيران و هل سيؤدي تطبيق قانون قيصر إلى إسقاط النظام السوري؟https://youtu.be/4zgyG66ZgUI17th of June & would Caesar law bring Assad regime down?#قانون_قيصر. #caesar_lawملاحظة: تم تغيير أحدث نسخة من قانون قيصر إلى 5 سنوات بدلاً من 10 من قبل موظف في SASC .النسخة الاصلية من القانون كانت على عشرة سنواتThe latest version of Caesar law was changed to 5 years instead of 10 by a staffer for the SASC. So the original was ten years.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى