لايف ستايل

الأعراض لا تظهر على الجميع.. بماذا تفيدنا معرفة الأعداد الحقيقية لمصابي كورونا؟

لا شكّ أن غالبية الناس يتراود إلى ذهنهم سؤال حول أعداد مصابي كورونا حول العالم، إذ تكثر الإحصاءات التي تأتي من الدول حول العالم، ولكن الأرقام تختلف بشكل كبير، فبينما تسجِّل بعض المناطق إصابات تبلغ أقل من 1% من الأشخاص الذين تظهر عليهم علامات الإصابة بكورونا، تسجِّل مناطق أخرى نسبة قد تصل إلى نصف عدد الأشخاص.

فكيف تُحسَب هذه الإحصاءات، وأيُّها نثق في صحتها؟ وبكل تأكيد فإن تحديد الانتشار الحقيقي للفيروس مهم لفهم كيفية انتشاره والحدِّ من ضرره.

قُدر أنَّ 95% من حالات الإصابة بفيروس كورونا في بعض البلدان مثل غانا وكازاخستان والمغرب وعُمان قد ظهرت عليها الأعراض المباشرة.

بينما في دول أخرى مثل أمريكا فإن نسبة 35% من الإصابات فقط قد ظهرت عليها الأمراض، ويُقدَّر أن بريطانيا قد سجَّلَت فقط 14% من هذه الحالات، والسويد 19%، واليمن فقط 3%.

والمقصود من هذه الإحصائيات أنَّ نسبة تتراوح من ربع إلى نصف أعداد الإصابات هي فقط من ظهرت عليها الأعراض بشكل مباشر، بينما البقية لم تلاحظ أية أعراض.

وبالتالي فإن الاستنتاج الذي علينا إدراكه هو أنَّ هناك أعداداً كبيرة من الناس قد تكون مصابة بفيروس كورونا، ولكنها إلى الآن غير مدركة لذلك بسبب عدم ظهور الأعراض عليها.

حين يتعلَّق الأمر بتقدير مدى الانتشار هناك نهجان أساسيان يمكن اتِّباعهما لذلك.

فقد عمد الباحثون وفق موقع New Scientist إما إلى اختبار عيِّنةٍ من الناس من السكَّان لتسجيل هذه الأعداد مباشرةً، وإما إلى توقُّع كيفية تأثير الفيروس على السكَّان باستخدام نماذج حسابية.

وكانت سفينة Diamond Princess السياحية أول مكان يختبر فيه بعض الاختبارات باعتبارها أول تجمّع مغلق يشهد أول تفشٍّ كبير للفيروس.

فقد خضع أغلب الـ3711 شخصاً الذين كانوا على متنها لاختبار الفيروس، وعُثِرَ بينهم على 712 مصاباً، فيما تُوفِّيَ 13 منهم على الأقل.

وDiamond Princess هي سفينة سياحية رست على ميناء يوكوهاما في اليابان وقد تم إخضاعها للحجر الصحي الكامل بعد اكتشاف عدد من المصابين على متنها.

أعدَّ طلاب بجامعة كامبريدج نماذج مماثلة لفرنسا، تضمَّنت تقنية دمج البيانات من مصادر مثل سفينة Diamond Princess السياحية وسجلات المستشفيات، ومن خلال تقدير عدد الناس الذين ربما أُصيبوا، لكن ليست لديهم أعراض حادة تتطلَّب دخول المستشفى، الأمر الذي يُعَدُّ أكثر شيوعاً بين الناس والأفراد الأصغر سناً.

ووفقاً لتقديرهم، كان 4.4% من سكَّان فرنسا، بحلول 11 مايو/أيار قد أُصيبوا بفيروس كورونا المُستجد.

ويختلف العدد بحسب المنطقة، وتُعَدُّ المنطقة الأكثر تضرُّراً هي إيل دو فرانس الشمالية، التي تتضمَّن باريس، ويُعتَقَد أن نسبة الإصابات بها قد بلغت 9.9% بحلول ذلك الوقت.

وتتوافق هذه الأرقام بشكلٍ عام مع غيرها، الناتجة عن اختبارات الأجسام المضادة، والتي يمكنها أن تكشف ما إذا كانت الاستجابة المناعية لدى الشخص قد واجهت الفيروس في الماضي.

وحتى الآن، حدَّدَت اختبارات الأجسام المضادة في إسبانيا وإيطاليا وإنجلترا نسبة الأشخاص المصابين بين 2 إلى 5%، رغم أن معدل الانتشار أعلى في المدن المكتظَّة بالسكَّان، مثل لندن ومدريد.

تعمل هذه الاختبارات من خلال البحث عن أجسامٍ مضادة معيَّنة، بروتينات يخلِّقها الجهاز المناعي تساعد في الدفاع ضد العدوى.

في حالة فيروس كورونا المُستجد، تقول جوليت براينت، الاستشارية بمنظمة الصحة العالمية، إن معظم اختبارات الأجسام المضادة تبحث عن الجلوبيولين المناعي G، وهو النوع الأكثر شيوعاً من الأجسام المضادة، ويظلُّ في الدم لفترةٍ أطول من غيره.

في مايو/أيَّار الماضي، تم تشكيل فريق في جامعة تورونتو الكندية يضم علماء من 6 بلدان، لتجميع وتقييم بيانات الاختبارات من أجل تحديد نسبة الناس الذين أُصيبوا بفيروس كورونا المُستجد على المستوى العالمي.

وجلبوا الكثير من الإحصاءات الإقليمية من دراساتٍ لم تخضع لعملية مراجعة بعد، وبعضها جاء من هيئات الصحة العامة أو وكالات الصحة الخاصة، وقد توصلوا في نهاية الأمر إلى أنَّ أعداد الإصابات تتزايد يومياً، كما أنّ هناك اختلافاً هائلاً بين الدول يبلغ ما بين  0.4 و59%.

ولا يمكن للفريق أن يتأكَّد من السبب وراء هذه الاختلافات، فقد تكون هناك اختلافاتٌ حقيقية في مُعدَّل الانتشار، ربما بسبب السن، أو صحة السكَّان، أو سياسات السيطرة على انتشار الفيروس.

هناك العديد من اختبارات فيروس كورونا المُستجد، وكلٌّ منهم له اختصاصه وحساسيته. ويقدِّم هذان الإجراءان فكرةً عن عدد نتائج الاختبار التي ستكون سلبية خاطئة أو إيجابية خاطئة على التوالي. ولا تشير الدراسات في بعض الحالات إلى دقة اختباراتها.

رغم مشكلات هذه الدراسات، بات من الواضح أن الدول التي تشهد تفشياً واسعاً حتى، ليست قريبةً بأيِّ شكلٍ من المستوى الذي يُسمَح فيه بمناعة القطيع، والذي قد يوقف انتقال العدوى بين السكَّان.

فبالنسبة إلى غالبية الفيروسات المعروفة، لا بد أن تكون لدى 70% من السكَّان مناعةٌ من أجل حماية المجتمع ككل.

وهذا المستوى من العدوى لم يُلحَظ في أيِّ دراسة، ولا حتى في السويد التي كانت من أكثر الدول المناهضة للإغلاق والحجر الصحي.

ولا ننسى أن السويد تملك عدداً أكبر من الوفيات مقارنة بدول الجوار، لكن التقارير التي أعدَّتها السلطات الصحية السويدية تقدِّر أن حوالي 26% فقط من سكَّان مقاطعة ستوكهلوم أُصيبوا بالفيروس بحلول مطلع مايو/أيَّار.

إن تحديد عدد الأشخاص الذين أُصيبوا بالفيروس ليس مجرد مسألة تتبُّع تفشي جائحة كورونا، بل ذلك سيمكننا من تشكيل سياسة الصحة العامة، من خلال إظهار ما يصلح وما لا يصلح حين يتعلَّق الأمر بالحدِّ من الانتشار.

لذا سيكون من المفيد للغاية معرفة الأعداد الإجمالية، وما إذا كان الأشخاص مصابين بالفيروس.

ولكن حتى إذا كان اختبار الأجسام المضادة مثالياً، ولم يقدِّم أيَّ نتائج إيجابية أو سلبية خاطئة، فمازلنا لا نعرف ما إذا كان الأشخاص المصابون سابقاً ستكون لديهم مناعة ضد فيروس كورونا المُستجد، أو إلى متى قد تستمر هذه المناعة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى