تكنولوجيا

كيف ستبدو ثورة البتكوين؟

نشر الكاتب أليكس روان تدوينة علي موقع ميديام تحمل عنوان كيف ستبدو ثورة البتكوين، تحمل التدوينة تخيلًا لعالم ما بعد الأزمة الأقتصادية التي يتوقع الخبراء الأقتصاديون ان تزداد عقب جائحة الكورونا.

جريدة التايمز، الثالث من يناير/كانون الثاني 2009: مستشار الخزانة البريطاني على وشك الأمر بإنقاذ ثانٍ للبنوك.

هذه الرسالة محفورة رقمياً في البلوك الأول في البلوكتشين التي ستبدأ عصر البلوكتشين. البتكوين.

وهذا كان في 2009. ومنذ ذلك الحين، ظهرت آلاف حلول البلوكتشين، وكلها تغتنم حصة من مستقبل التكنولوجيا المجهول. في 2018، وصلت القيمة السوقية الكلية للعملات المشفرة أقصى مستوى لها، عند 835 مليار دولار. وهذه نقطة في بحر الأسواق التقليدية، لكن بالنسبة لسوقٍ غير مسبوقة على وجه الأرض، فإن الوصول لهذا الرقم في غضون 10 أعوام ليس أمراً هيناً.

منذ فجر الإنسانية، احتجنا إلى تداول المعلومات والقيمة. في الحضارات الأولى، كان هذا سهلاً، لأن القبائل والقرى كانت صغيرة. عدد صغير من المنتجات أو الخدمات ينتجها عدد صغير من الناس. ولأغلب الوقت، كانت المعاملات تتم بين أشخاص يعرفون بعضهم البعض.

لكن مع نمو الشعب، زادت تعقيدات الاقتصاد. وزاد عدد المنتجات والخدمات، وبدأ أشخاص لا يعرفون بعضهم البعض يتعاملون مع بعضهم أكثر.

ومن أجل ذلك، احتجنا إلى تسهيل أنواع جديدة من التبادلات، عن طريق العملات والقروض والأسهم.. إلخ. وهذه التبادلات كان عليها أن تتم بين أشخاص وشركات حكومات لا تعرف أو تثق ببعضها البعض.

وبهذا زرعنا بذور الشجرة التي ستصبح في ما بعد نظامنا المالي الحالي.

إن النظام الذي بنيناه يتكون من طبقات. وطبقة الأساس هي الطبقة التي تحتوي أغلب المشاكل التي تحتاج إلى حل. كيف نصمم نظاماً به أقل عوائق ممكنة أمام التبادل لكنه يحد أيضاً من إمكانية الاحتيال؟ هذا هو المبدأ الرئيسي الذي يقوم عليه نظامنا المالي بأكمله. وطريقة حل هذه المشكلة تؤثر على كل طبقة من النظام.

النظام الموجود لدينا الآن عمره عقود ونادراً ما يتغير.

والحل الذي توصلنا إليه هو إنشاء أطراف ثالثة موثوق بها. على سبيل المثال، تضمن الحكومات قيمة عملاتنا، وتدير البنوك أموالنا وأصولنا وتسهل التبادل. ونحن نثق بأن هذه الأطراف الثالثة ستتصرف دوماً بمقتضى مصلحتنا.

إن الحكومات تنظم الصناعية المالية لضمان أن بإمكانها الوثوق بها. ويحتاج العملاء إلى الثقة بأن البنوك تلتزم بالقانون وتصون أموالهم، وتحتاج البنوك إلى الثقة في بعضها البعض لتطوير بروتوكولات وعلاقات مشتركة.

والثقة تخلص القيود. فهي تضع خطواتٍ إضافية على المعاملات البسيطة. خذ على سبيل المثال المدفوعات العابرة للحدود.

إن إرسال الأموال إلى الخارج يستغرق وقتاً طويلاً، ولابد أنك تعرضت لذلك من قبل. لكن السبب هو قلة الكفاءة، وسبب هذه القلة في الكفاءة هو الاحتياج إلى الثقة. فالبنوك عليها استعمال وسيط موثوقٍ به لإتمام المهمة.

وطالما أن النظام مبنيّ على الثقة، لابد من أن تظل الأمور هكذا. يعني هذا أن النظام بطيء، ويفتقر إلى الحرية والابتكار.

اقرأ أيضًا: تحليل: فنزويلا تقبل البتكوين لإصدار جوازات السفر

إن العاقبة الأكثر مأساوية في هذا النظام هو حقيقة أن بإمكاننا الابتكار فقط عند الطبقة السطحية.

على سبيل المثال، ربح بنك مونزو العديد من الجوائز منذ تأسيسه، بسبب نهجه في وضع الأجهزة المحمولة أولاً. فقد ابتكر البنك على الطبقة السطحية، لكي يجعل كل شيء يتم عبر تطبيق الهاتف المحمول، إذ لا توجد أي فروع مادية للبنك. وقد ازداد عدد عملاء البنك في الأعوام الأخيرة زيادة كبيرة، لكن البنك لم يبتكر شيئاً على مستوى عميق. لقد قام البنك فقط بزيادة إمكانات النظام الحالي (ليس هذا نقداً لمونزو، فالتعامل به أسهل من البنوك التقليدية بكثير). لقد استثمر البنك في التكنولوجيا على المستوى السطحي قبل أن تفعل ذلك البنوك التقليدية. فقد أخفوا دواخل النظام.

اسأل نفسك: هل توجد صناعات بها شركات أقدم من شركات القطاع المصرفي؟ لقد تأسس بنك باركليز في 1960. وبنك لويدز، في 1765. وسيتي بنك، في 1812.

إن المجال محصن من الخلخلة بسبب الحلول الجامدة التي تشغله عند المستوى الأعمق، والقيود التي يحتاج إليها ليظل قائماً. وهذا يؤدي إلى بنوك “أكبر من أن تنهار”، وقد رأينا أثر ذلك في انهيار سوق الإسكان. وحين يكون المجال منيعاً للخلخلة لهذه الدرجة، من الطبيعي أن تتخلله الواسطة ومحاباة الأقارب.

إن البتكوين مهمة للغاية لأنها يبدو أنها تحل المشاكل الموجودة في طبقة الأساس بطريقة مختلفة جداً. يمكننا بناء نظام مالي غير قائم على الثقة والأطراف الثالثة من الأساس.

نظام من النظير إلى النظير. يعني أن هذا أنه لا يوجد طرف ثالث يضمن القيمة ويسهل المعاملات بين الأطراف أو حتى يدير المال للأفراد.

فكر في الأمر.

يعني هذا أننا لسنا بحاجة إلى الثقة بالحكومات أو طباعة تريليونات الدولارات ما يقلل من القيمة.

لسنا بحاجة إلى الثقة ببنوك تحتفظ بأموالنا وتقرضها دون أن تخبرنا بما يحدث.

ولسنا في حاجة إلى الدفع لوسيط مقابل نقل الأموال إلى الخارج.

البرمجيات تجعل الحياة تدب في الأفكار. إن كان بوسعك التفكير في الأمر، فالبرمجة بوسعها أن تحققه. والبتكوين هي تحول المال إلى برمجية. ومع وجود البتكوين كطبقة أساس، فإن فرص الابتكار في الطبقات الأعلى لا حدود لها.

تماماً مثل المعلومات والإنترنت، لا تعرف البتكوين حدوداً. إن إرسال البتكوين من بريطانيا إلى صديقك في أستراليا يشبه إرسال عنوان URL أو صفحة ويكيبيديا. أمرٌ لا تحتاج إلى التفكير فيه مطولاً. هكذا كانت المعلومات لأعوام طوال، والآن حان الوقت أن ينطبق الأمر ذاته على المال.

من التعليقات الشائعة على البتكوين والبلوكتشين أن صعوبة فهمهما تجعل من المستحيل أن تصبحا ضمن التيار السائد. ويُزعم أن بروتوكولات التشفير معقدة لدرجة لا يمكن للعامة فهمها على نطاق واسع، لذا لن ينجح الأمر أبداً.

وهذا رأي غير سليم من الأساس.

فالبرتوكول الأساسي لهذه التكنولوجيا المبتكرة لا يجب أن يفهمه العامة لكي يقدروا على استعماله. كم من مستخدمي الإنترنت البالغ عددهم 4.57 مليار يمكنهم شرح بروتوكول HTTP الأساسي المستخدم في الولوج إلى المواقع؟ إن ظني أن أقل من 10% يستطيعون.

فالفهم ليس ضرورياً لكي تصبح البتكوين تكنولوجيا سائدة. إن اللحظة التي يصبح فيها النظام البديل أسهل وأقل ألماً في استخدامه من النظام الحالي، هي اللحظة التي يصبح فيها نظاماً سائداً. إن مشروعات تقنية متقدمة مثل مونزو تخبئ دواخل النظام المالي الحالي. وما إن يحدث الشيء نفسه مع البتكوين، ستصبح حينها سائدة.

إن البتكوين (BTC) هي أساسٌ يصلح لنظامٍ مالي جديد كلياً. والمنتجات والخدمات التي ستبني نفسها على هذا الأساس ستبدو غريبة بالمقارنة بمنتجات النظام المالي التقليدي. يعني هذا بالنسبة للمستخدمين خدمة أفضل ومرونة أكثر وغياب الحاجة إلى الثقة بأي أطراف ثالثة نسلمها أموالنا.

وأي أعمال تجارية مبنية على هذا النظام ستناسب أكثر بكثير احتياجاتنا الرقمية والنقدية. ستتغير توقعاتنا، وننظر في دهشة إلى النظام العتيق الموجود لدينا الآن، ونذهب من تكاليفه وتعقيداته الكبيرة. وسيصبح اقتصادنا أكثر تعقيداً ومتعدد الأوجه، ما سيلبي احتياجات الجميع.

فالبتكوين ليس فقط مالاً على الإنترنت، أو عملة لعباقرة الحاسوب، أو هواية مسلية. إنها ستكون، وربما هي بالفعل، أساساً يصلح لنظامٍ مالي جديد كلياً.

وستغير العالم كما نعرفه.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى