آخر الأخبارتحليلات

أوهام المؤامرة وفشل الربيع العربي!!

تقرير بقلم المحلل السياسى

شوقي محمود
فيينا – النمسا
الأحد 9 أغسطس 2020
كثير من الناس يعانون من الشعور بالنقص “عقدة الدونية“، من خلال تعظيم شأن أعدائهم ونسج الأساطير حول قوتهم الخارقة، ويرون ما يحدث من حروب وانقلابات “مؤامرة” تقف ورائها أمريكا واليهود، وعمدتهم في ذلك كتاب “برتوكولات حكماء صهيون”!!
ج
“ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله”!!
المسلمون الأوائل كان إذا ألم بهم هزيمة أو كارثة -كما حدث في أحد وحنين- لم يحملوها لأعدائهم ومؤامراتهم، بل فتشوا في أنفسهم، لقول الله تعالي: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم….).
المؤامرات علي الإسلام لم تتوقف، منذ أن سطع نور الرسالة، وستظل حتي قيام الساعة، ولكن مُكر الليل والنهار دائماً يرتد إلي المتآمرين، كما قال تعالي (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، فهل ينظرون إلا سنة الأولين)!
وقصة فرعون مع نبي الله موسي، أبرز سنن الأولين، والتي تبين كيف ارتد مُكر فرعون إلي نحره في مواقف ثلاث هي:
1: رأى فرعون في منامه ناراً أقبلت من بيت المقدس وأحرقت دور مصر وجميع القبط،، ولكن هذه النار لم تضر بني إسرائيل… وفسر الكهنة الرؤية بأن غلام من بني إسرائيل سيكون سبباً في زوال مُلك فرعون وهلاك أهل مصر على يديه، فدب الذعر في قلب فرعون، وأمر بذبح الغلمان من بني إسرائيل، حتي لا يظهر ذاك الغلام!
ولكن الله تعالي شاء أن يحفظ موسي، وأن يعيش “الغلام” منعماً في قصر فرعون تحت رعايته، ويكون قرة عين لكل من رآه!!
(وَلَقَد مَنَنّا عَلَيكَ مَرَّةً أُخرى، إِذ أَوحَينا إِلى أُمِّكَ ما يوحى، أَنِ اقذِفيهِ فِي التّابوتِ فَاقذِفيهِ فِي اليَمِّ فَليُلقِهِ اليَمُّ بِالسّاحِلِ يَأخُذهُ عَدُوٌّ لي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلقَيتُ عَلَيكَ مَحَبَّةً مِنّي وَلِتُصنَعَ عَلى عَيني)
2: أراد فرعون هزيمة موسي أمام الجموع الغفيرة بالحجة والبرهان، فأتي بأمهر السحرة ووعدهم بأثمن العطايا… إلا أن هذا لم يجدي، ووقع مالم يكن في الحسبان (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ).
3: خرج فرعون في جيش هائل يزيد عن ثمان مائة ألف جندي من أجل استئصال شأفة موسي وقومه… لكن كانت النهاية المحتومة بهلاك فرعون وجنده، ويرث المستضعفون مُلكه:
(كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ، وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ، كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ، فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ).
——————————————
خلفيات برتوكولات حكماء صهيون!!
كتاب “برتوكولات حكماء صهيون”
The Protocols of the Elders of Zion
يعد مرجع عند المغرمين بـ (نظرية المؤامرة) لتأكيد حجتهم!!
لهذا لابد من تسليط الضوء علي خلفيات هذا الكتاب، الذي نشر في روسيا عام 1903 للمؤلف: “ماثيو جولوفنسكي” Matthew Golovinsky
جولوفنسكي كان يعمل مخبراً بالشرطة السرية في الإمبراطورية الروسية… واستوحي ماورد في كتابه من كتاب أخر صدر عام 1864 بعنوان: (حوار في الجحيم بين مونتسكيو وميكافيلي)
“The Dialogue in Hell Between Machiavelli and Montesquieu”
للمحامي الفرنسي موريس جولي Maurice Joly
كتاب “جولي” يتناول بسخرية خطة زائفة وضعها نابليون الثالث لغزو العالم!!
إلا أن “جولوفنسكي” يذكر في كتابه “برتوكولات حكماء صهيون” أن خطة نابليون قد تم تطويرها من قبل “مجلس حكماء اليهود” بهدف القضاء علي المسيحية والسيطرة على العالم!!
عوامل انتشار “كتاب جولوفنسكي”!!
شهرة كتاب جولوفنسكي يعود لسببين هما:
1: تولي هنري فورد -مؤسس شركة فورد للسيارات- طباعة نصف مليون نسخة من الكتاب لتوزيعها في أمريكا!!
فورد كان من دعاة حل النزاعات الدولية بالطرق السلمية، ويعارض الحروب والمنظمات التي تنتهج العنف، وكان يطالب بتفكيك الجيوش وتسريح أفرادها!!
2: أدولف هتلر اعتمد في كتابه “كفاحي” Mein Kampf علي ماجاء في كتاب “برتوكولات حكماء صهيون”، ليبرر المحرقة “هولوكست” ضد اليهود!!
أسباب فشل ثورات الربيع العربي
تعددت أسباب فشل ثورات الربيع العربي ، بعد أن كانت ملهمة لكثير من شعوب العالم شرقاً وغرباً، ومنها حركة “احتلوا وول ستريت” Occupy Wall Street
ضد توحش الرأسمالية والتي كانت شرارتها في أمريكا وانطلقت إلي كندا أوروبا وأستراليا!!
أما أصحاب نظرية المؤامرة، فيرون أن سبب فشل ثورات الربيع العربي يرجع إلي تأمر إسرائيل وأمريكا وحكام الخليج ضد هذه الثورات!!
هذا الرأي في ظاهره صحيح، ولكن هناك أسباب أخري داخل تلك الثورات كانت وراء السبب الأهم في القضاء علي الربيع العربي… فما الذي حدث لانتكاسة تلك الثورات؟!
ثورة 11 فبراير باليمن
تعد الثورة اليمنية من أضخم المشاركات الشعبية بأعدادها المليونية التي كانت تخرج يومياً في كافة محافظات اليمن، وكان حزب الإصلاح الراعي لها….
ولكن تدخل السعودية علي الخط، من خلال المبادرة الخليجية كان الفخ الذي وقع فيه “الثوار” وكان الوفد اليمني يضم مندوبين عن أحزاب المعارضة وممثلين عن الشباب، وممثلين عن المؤتمر الشعبي (حزب عبد الله صالح)، وفي النهاية وافق الجميع علي المبادرة الكارثية، وأهم نصوصها كانت تنحي صالح مقابل منحه حصانه له وكافة أفراد عائلته من أي ملاحقة قضائية، وأن يتولى السلطة منصور هادي -ربيب عبد الله صالح وشريكه في جرائمه!!
العجيب أن هؤلاء “الثوار” مازالوا حتي الآن يصفون هادي وحكومته بـ “السلطة الشرعية”!! رغم أن هذه السلطة تقيم في الرياض في أحضان ابن سلمان!!
ثورة 15 مارس بسوريا
(حركة طالبان الأفغانية نموذج يحتذي به في المقاومة والمفاوضات السياسية، مساران يسيران معاً يقوي كل منهما الآخر…. هكذا نجحت طالبان في تحقيق أهدافها دون تنازل أو تفريط).
وأما الثورة السورية فقد لاحت لها فرص عديدة للانتصار وتحقيق أهدافها، ولكن قادتها تنكبوا الطريق…..
“الائتلاف الوطني” الواجهة السياسية للمعارضة السورية، كان عنوانه الأبرز: (الاختلاف والتشرذم) بسبب تضارب مصالح الدول المساندة لهذا الفصيل أو ذاك… وزاد الطين بِلَّة، اختراق مصر وروسيا للمعارضة بإنشاء فصيلين سنة 2014 تحت اسم:
– منصة القاهرة: يرأسها جهاد مقدسي “مسيحي”، كان المتحدث باسم الخارجية السورية!
– منصة موسكو: يرأسها قدري جميل “شيوعي” كان نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية!
وأصبحت المنصتان طرف في تحديد مستقبل سوريا، بعد أن حصل كل منهما علي 4 مقاعد في مفاوضات الأمم المتحدة!!
……..
المعارضة المسلحة لم تكن أفضل حالاً من المعارضة السياسية… فبرغم سيطرتها علي 70% من مساحة سوريا حتي عام 2013، أي قبل التدخل العسكري الروسي بعامين!!
إلا أنها لم تنتهز الفرصة -قبل أن يستفيق المتربصون بالثورة- بإقامة دولة علي الأراضي المحررة، وانتخاب حكومة تمسك بزمام الأمور، وسحب الأسلحة من كافة الفصائل، وإنشاء جيش نظامي منضبط، وجهاز شرطة لاستتاب الأمن الداخلي، والعمل علي إعادة الإعمار لبدء عودة المهجرين… بعد تلك الخطوات يمكن الجلوس علي مائدة المفاوضات للتباحث حول الـ 30% من الأراضي المتبقية والموزعة بين النظام والأكراد… لأن المنتصر هو من يملي شروطه!!
ولو فعلت المعارضة ذلك، ما تجرأت روسيا علي التدخل عسكرياً، لأن بوتين يدرك تماماً مألات التدخل السوفيتي عام 1987 في أفغانستان…..!!
ولكن الغزو الروسي لسوريا وقع في 2015 بعد أن فقدت المعارضة السورية البوصلة، وتعددت ولاءاتها، فكان من السهل علي الروس التعامل مع اللاعبين المحركين والممولين، والدخول معهم في نفق المساومات، تارة التلويح بالصفقات، وتارة أخري التهديد بالعقوبات!!
المعارضة تسلم أسلحتها لبشار!!
في 24 أبريل 2018 وافق كل من “الجيش الإسلامي” و”جيش تحرير الشام” وغيرهما من فصائل المعارضة في منطقة القلمون الشرقي علي تسليم أسلحتهم الثقيلة إلي نظام بشار، مقابل الخروج الآمن للمقاتلين!!
وضمت قائمة الأسلحة الأتي:
– أكثر من 230 مدرعة ومصفحة، بينها 75 دبابة T-72، T-62 الروسيتين.
– مئات الصواريخ المضادة للدبابات من نوعية: LAW وTOW الأمريكية، وKornet الروسية، وكذلك صواريخ Strela الروسية المضاد للطائرات، بالإضافة إلي مناظير رؤية ليلية وأجهزة اتصالات حديثة.. وملايين أنواع الذخائر!!
ولم تكن عملية تسليم الأسلحة السابقة فريدة من نوعها، بل سبقتها عمليات أخري في أماكن عدة، منها:
– تسليم جميع الأسلحته الثقيلة والمتوسطة لـ “جيش الإسلام” من بلدة الضمير بمنطقة القلمون في ريف دمشق الشرقى يوم 18 أبريل 2018.
– في 2 أبريل 2018 خرج مقاتلو “الجيش الحر” من مدينة (دوما) بمنطقة الغوطة الشرقية (قرب العاصمة دمشق) إلى مدينتي جرابلس والباب- في ريف حلب علي الحدود التركية- بعد تسليم أسلحتهم!!
– في 26 ديسمبر 2013 سلم “جيش الإسلام” بمدينة (معضمية الشام) بريف دمشق كافة أسلحته الثقيلة!!
هذه الترسانات الضخمة من الأسلحة كانت كفيلة بقلب موازين القوى لصالح المعارضة، ولكن الخلافات وصراع النفوذ والتدخلات الخارجية، أضاع كافة المكاسب، وتحولت سوريا إلي مدن أشباح!!
_______________________
ثورة 17 ديسمبر في تونس
أولي ثورات الربيع العربي التي كانت ملهمة للشعوب، ولهذا كان لها مكانة خاصة، ولكن حركة النهضة أفرغت الثورة من مضمونها، بعد تحالفها مع رموزالثورة المضادة!!
فالحركة مسئولة عن الاضطراب السياسي الذي تشهده تونس منذ الإطاحة بالنظام البائد وحتي الآن، وذلك بسبب موافقتها علي الدستور الجديد الذي يسمح بعودة فلول النظام المخلوع للعمل السياسي وارتقاء أرفع المناصب…في حين أن معظم دول أوروبا الشرقية، نصت دساتيرها علي حظر الأحزاب الشيوعية!!
وما حدث في 30 يوليو الماضي في جلسة سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي دلالة علي سيطرة أحزاب فلول النظام السابق علي البرلمان!!
فقد صوت 97 نائبا مع سحب الثقة، فيما صوت 16 نائباً فقط ضدها، ويحتاج نصاب سحب الثقة إلي موافقة 109 نائباً من بين 133 نائباً مصرح لهم بالتصويت!!
ورغم أن أحزاب الفلول يمثلون 6 علي الأقل من بين 10 الأحزاب والتكتلات التي يتكون منها البرلمان، إلا أن الخلافات والصراعات فيما بينهم علي أشدها، لدرجة أن الكتلة الديمقراطية (38 مقعد) وحزب قلب تونس (27 مقعد) رفضا المشاركة في عملية التصويت!!
سقوط لائحة سحب الثقة انتصار للغنوشي، ولكن بطعم علقم الهزيمة!!
ثورة 17 فبراير في ليبيا
سببان وراء إجهاض الثورة الليبية وإحلال الخراب والدمار بأهم دولة نفطية في شمال أفريقيا، أما السبب الأول فيكمن في تمكين فلول نظام القذافي من المشاركة في “المجلس الوطني الانتقالي” الذي استلم السلطة بعد الثورة، وكان ضمن الفلول شخصيات محسوبة علي الإمارات (منهم محمد جبريل أول رئيس وزراء بعد الثورة، الذي مات بفيروس كورونا)!!
أما السبب الثاني لانحراف الثورة الليبية عن مسارها فهو الانقلاب بمصر، مما سهل تقوية شوكة الثورة المضادة وإمدادها بالمال والسلاح!!
ثورة فبراير 2011 بالعراق
كانت مواقف الحزب الإسلامي ورئيسه “طارق الهاشمي” الداعم الرئيسي لنظام “بول بريمر” الحاكم الأمريكي أثناء الاحتلال، وخاصة إقرار الدستور الذي وضعه بريمر وفيه رسخ تهميش أهل السنة أمام هيمنة الشيعة والأكراد، بعد أن خدع بريمر زعماء السنة بفقرة تنص علي إلغاء الدستور إذا رفضته أغلبية أي طائفة من الطوائف!!
وبرغم محاولات “هيئة علماء المسلمين” إثناء أهل السنة عن عدم المشاركة في هذه المهزلة، إلا أن الهاشمي وحزبه أصروا علي المضي قدماً في الاستفتاء، مطالبين السنة بالاعتراض من خلال الصندوق!!
لكن الأغلبية قالت “نعم” بحسب نتيجة الاستفتاء، بعد تم تزوير إرادة أهل السنة!!
وواكب الربيع العربي حملة احتجاجات شعبية واسعة في العراق بدأت في منتصف فبراير 2011 في كافة محافظات ومدن السنة، واستمرت تلك الاحتجاجات حتي 23 ديسمبر، فتم قمعها من حكومة نوري المالكي باستخدام أشد أنواع التنكيل والعنف، وتم القضاء علي الحركة السلمية!!
ثورة 25 يناير في مصر
فشل ثورة 25 يناير بمصر بدأ يوم تنحي مبارك في 11 فبراير 2011، عندما رحبت كافة القوي “الثورية” الإسلامية والليبرالية واليسارية بتسليم السلطة إلي المجلس العسكري!!
ولم يبالي هؤلاء بخطورة تسلط العسكر علي السلطة، بل إن جميع الفصائل (بما فيهم الإسلاميين) كانوا علي وئام وتناغم مع المجلس العسكري.. يستثني فقط الشيخ/ صلاح أبو إسماعيل، الذي حذر جهاراً من ألاعيب العسكر وخطورتهم!!
فوطد الجيش نفوذه، وكان من السهل تدبير الإنقلاب علي الرئيس محمد مرسي بعد حملة شرسة قادها أزلام العسكر لتشويهه سيرته والطعن في كفاءته!!
وكأن لسان حال “الثوار” الآن يقول ليتنا أنصتنا إلي تحذيرات أبو إسماعيل!!
سجل حافل بالجرائم
يُعطيكَ من طَرَفِ اللِّسانِ حلاوةً ….. ويَروغُ منكَ كما يروغُ الثّعلبُ
يلقاك يحلف أنهُ بك واثقٌ ……. واذا توارى منك فهو العقربُ
هكذا كان المجلس العسكري مع “الثوار”، ولكن حقيقة العسكر تفضحها أفعالهم:
1) السحل والقتل: في 31 يناير 2011 قال المتحدث الرسمي للمجلس العسكري نصاً: “القوات المسلحة لم ولن تطلق النار علي المتظاهرين السلميين”… ولكن ما أريق من الدماء في عهدة المجلس العسكري يفوق ما وقع من جرائم أثناء أحداث الثورة من شرطة مبارك .. والشاهد علي ذلك أحداث (محمد محمود، ومجلس الوزراء، وميدان التحرير، وميدان العباسية…الخ)!!
وكذلك عندما اقتحم البلطجية ميدان التحرير في 2 فبراير 2011 بإيعاز من فلول مبارك في واقعة الجمال، سقط أكثر من 2000 ضحية بين قتيل وجريح… ولم تتدخل قوات الجيش المنتشرة بالميدان لحماية المعتصمين السلميين، لأنها كانت “علي الحياد”!!
2) تمكين الثورة المضادة من مفاصل الدولة: الإبقاء علي حكومة أحمد شفيق التي عينها مبارك في 29 يناير، واستمرار المحافظين في مناصبهم، وكذلك القضاة (منهم النائب العام عبد المجيد محمود) في مواقعهم….
وكان الغرض من ذلك طمس كافة الأدلة التي تدين مبارك ونظامه!!
3) إطلاق أصحاب السوابق والبلطجية من السجون بهدف الانفلات الأمني ونشر الذعر بين الناس!!
3) بإيعاز من المجلس العسكري قضت المحكمة الدستورية بحل برلمان الثورة في 14 يونيه 2012 بحجة بطلان قانون الانتخابات!!
4) تبرئة رموز الفساد في نظام مبارك ومنهم: أحمد عز وزهير جرانه وأحمد المغربي ورشيد محمد رشيد وحاتم الجبلي، وغيرهم كثير .. أما يوسف بطرس غالي -أخر وزراء مالية مبارك، والمسئول عن إهدار 500 مليار جنية (100 مليار دولار أنداك) من أموال التأمينات والمعاشات- فقد سمح المجلس العسكري بهروبه إلي لندن حاملاً معه أكثر من 2 مليار دولار من أمال العام!!
(مفارقة: في 14 مارس 2018 اكتشفت السلطات الإيطالية بميناء “سالرنو” 118 قطعة من أندر الأثار المصرية قادمة من الأسكندرية، ومهربة في حقائب دبلوماسية، وتبين أن الشحنة تخص رؤوف بطرس غالي)!!
5) العسكر ولعبة الدساتير
أصدر المجلس العسكري في 14 فبراير 2011 قراراً بتشكيل لجنة برئاسة طارق البشري لتعديل 5 مواد من دستور نظام مبارك، وكان بين أعضاء اللجنة القيادي بجماعة الإخوان المحامي صبحي صالح!!
وعن كتابة “دستور جديد” جاء بالمادة 189 المعدلة: “يجتمع النواب المنتخبون من مجلسي الشعب والشورى ويشكلون جمعية تأسيسية من مائة عضو لإعداد دستور جديد للبلاد خلال 6 أشهر من انتخاب المجلسين، على أن يتم الاستفتاء على الدستور الجديد خلال 6 أشهر”.
وبناء علي ذلك تم تشكيل الجمعية التأسيسية الأولي، ولكن أصابع العسكر من العلمانيين واليساريين انسحبوا من الجمعية، مما أدي إلي انهيارها في 9 أبريل 2012، بقرار من المحكمة الإدارية العليا!!
وفي الجمعية الثانية تم تعدل النص الدستوري السابق، وأصبح أعضاء مجلسي الشعب والشوري يشكلون نصف أعضاء الجمعية فقط، أما النصف الآخر فيضم ممثلين عن النقابات والجيش والشرطة والأزهر والكنيسة والشخصيات العامة!!
وبعد مخاض عسير وتنازلات شتي، تم انجاز الدستور وتقديمة إلي الرئيس محمد مرسي في 1 ديسمبر 2012… ولكن الانقلاب العسكري ألغاه في 3 يوليو 2013.
———————————–
تجربة أوروبا الشرقية في الانتقال الديمقراطي
ثورات سقوط الشيوعية بأوروبا الشرقية، الثورات البرتقالية، خريف أوروبا الشرقية…. تسميات ترمز إلي الانتقال الديمقراطي.
بدأت الانتفاضة الأوروبية عام 1989 في بولندا، وسرعان ما انتقلت إلي المجر، وبسقوط جدار برلين في 9 نوفمبر 1989 انهارت ألمانيا الشرقية وتبعتها بلغاريا وتشيكوسلوفاكيا ورومانيا!!
التحول من الشيوعية إلي الديمقراطية
بخلاف ألمانيا الشرقية – التي أصبحت جزء من ألمانيا الاتحادية- كان تحول دول أوروبا الشرقية إلي النظام الديمقراطي متطابقاً… من خلال اتفاق قادة الثورة (بمختلف توجيهاتهم الفكرية) علي تشكيل حكومة تكنوقراط لمدة 6 شهور، تتولي الإعداد لانتخابات عامة، علي أن يتم قبلها إلغاء المواد الدستورية التي تمنح الهيمنة للحزب الشيوعي، والقوانين المقيدة للإعلام.
اقتباس النظم الديمقراطية
بعد الانتخابات العامة في تلك البلاد، تولي السلطة الحزب الفائز أو حكومة ائتلافية من عدة أحزاب…. وكان أولي مهام الحكومة الجديدة الاقتباس من القوانين الغربية للإعداد لنظام سياسي ديمقراطي جديد، وذلك باتباع الخطوات التالية:
1) إذا أراد الحزب أو ائتلاف عدة أحزاب تغيير الدستور (كلي أو جزئي) فيجب أن يحصل علي تأييد ثلثي أعضاء البرلمان (نسبة 66%)، وفي هذه الحالة يتم إقرار الدستور الجديد أو بعض بنوده دون إجراء استفتاء شعبي.
2) إذا كان الحزب أو الائتلاف لا يملك نسبة الثلثين، فعليه الحصول علي 30% من الأصوات بالبرلمان ليتم طرح التعديلات الدستورية علي الاستفتاء الشعبي.
3) القرارات أو القوانين التي تصدر عن البرلمان بأغلبية الثلثين لا يحق للقضاء الطعن عليها.
4) جميع أعضاء البرلمان منتخبون من الشعب (لا يوجد بالبرلمان أعضاء معينون من الرئيس)!!
5) رئيس البرلمان يتم انتخابه من الحزب الفائز بأكثرية المقاعد، ونائبيه الأول والثاني من الحزبيين التاليين في ترتيب عدد المقاعد.
6) لا توجد في البرلمان كوته للنساء أو لأي طائفة دينية أو عرقية أو مهنية (مثل نسبة 50% للعمال والفلاحين)!!
7) يتم الانتخاب عن طريق القوائم فقط (سواء حزبية أو مستقلين)، ولا يوجد تمثيل فردي في الانتخابات.
? الأحزاب تختار مرشحيها بحسب كفاءتهم (وليس بحسب جنسهم ذكوراً أو إناثاً)، وهذا ينطبق علي اختيار الوزراء وذوي المناصب العليا.
9) لا يُعترف بالأحزاب أو قوائم المستقلين ما لم يكن لها تمثيل في البرلمان.
10) جميع الأحزاب (حكومة ومعارضة) لها الحق في أموال الميزانية العامة بحسب عدد مقاعدها في البرلمان…
11) تتولي “محكمة المحاسبة” الرقابة علي الإنفاق الحكومي وثروات كبار المسئولين، وكذلك ميزانيات الأحزاب!!
12) مجلس الأمن الوطني (القومي) في معظم الدول الأوروبية يتكون من: رئيس الحكومة ووزراء الخارجية والدفاع والداخلية، بالإضافة إلي عضوين من كل حزب (بما فيهم أحزاب المعارضة)، أما رئيس أركان الجيش ورئيس المخابرات فهما أعضاء في المجلس ولكن بدون حق التصويت علي قرارات المجلس.
13) قوانين العمل ولوائح المرتبات التي تطبق علي موظفي المصالح الحكومية، تنطبق أيضاً علي القضاة وأفراد الجيش والشرطة (ضباطاً أو جنوداً).
14) الجيش مؤسسة تتبع السلطة التنفيذية ممثلة في وزير الدفاع (شخصية مدنية).
– رئيس الأركان وكافة قيادات الجيش يعملون تحت إمرة وزير الدفاع.
– التجنيد الإجباري للذكور فقط، ولمدة 6 شهور.
– منع التمييز بين الضباط والجنود في الخدمات.
– مستشفيات الجيش منشآت عسكرية لا يُعالج فيها إلا الضباط والجنود فقط.
————————
هكذا انتقلت أوروبا الشرقية من براثن الشيوعية إلي النظم الديمقراطية خلال فترة وجيزة…. مع إن جميع تلك الدول لم تعرف الحياة السياسية الحديثة من قبل، فقد ظلت تحت الحكم الديكتاتوري الاستبدادي في عصور الملكية، واستمر الحال في ظل الشيوعية الماركسية!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى