ثقافة وادب

بعضهم مُتهم بإخفاء وثائقه الأصلية.. من هم “البدون”؟ وما وضعهم القانوني في الكويت؟

مع اقتراب موعد اجتماع لجنة الشؤون التشريعية والقانونية والبرلمانية الكويتية، المفترض عقده في الأيام القليلة القادمة والذي سيناقش قانوناً قدَّمه رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم بشأن  قضية “البدون”، تتعالى الأصوات الرافضة له بدعوى أنه وُلد ميتاً.

من هم البدون، وما هي مشكلتهم، وما الاقتراحان اللذان قدَّمهما مرزوق، وكيف تفاعل شعب البدون معهما؟

“البدون” هو مصطلح يعود أصله إلى أهل البادية الذين لم يحصلوا على الجنسية الكويتية بعد استقلال الكويت عن بريطانيا في العام 1961، وتغيرت تسميتهم بحسب القانون الكويتي خلال الفترة الممتدة من الاستقلال وحتى 1979، فبدأوا بتسميتهم بـ”غير كويتي” ثم “بدون جنسية” وأخيراً “مقيم غير شرعي”.

أما بالنسبة لأعدادهم، فتقول هيئة المعلومات المدنية الرسمية، إن أعداد “البدون” بلغت أكثر من 45 ألفاً في إحصاء عام 1965، ووصلت إلى 220 ألفاً في 1985، في حين انخفضت بآخر إحصاء رسمي لهم إلى 118 ألفاً في 1991.

وتعود أصول البدون في الأساس إلى قبائل بدوية من مناطق رعي صحراوية تمتد من السعودية جنوبي وشرقي الكويت والعراق إلى الشمال، كما أن بعضهم يعود إلى بادية سوريا والأردن من قبائل عربية معروفة مثل شمر وعنزة، وأغلبهم مقيمون بالكويت لكنهم لم يحصلوا على الجنسية عند استقلال البلاد؛ إما لأنهم لم يستطيعوا الحصول عليها وإما لأنهم لم يطلبوها حينها.

كما تدَّعي الحكومة الكويتية أن بعض “البدون” أشخاص من جنسيات مختلفة، بعضهم قدِموا من العراق والسعودية للانضمام إلى الجيش الكويتي، وسجّلت السلطات في وثائقهم حينها أنهم “بدون جنسية”.

كما تدَّعي أيضاً أن بعضهم دخل إلى الكويت خلال حرب العراق وعمدوا إلى إخفاء مستنداتهم الرسمية؛ من أجل الحصول على الجنسية الكويتية.

ولا شك في أن أحد أبرز العوامل التي ساعدت في تأزيم موقف البدون هو اتهام الحكومة لهم بعدم الولاء للدولة؛ وذلك بعد مساندة بعضهم للعراق خلال الحرب في عام 1991.

ولكن ذلك الأمر يعدُّ نسبياً، خاصةً أن عدداً كبيراً منهم بقي للدفاع عن الكويت أو فضَّل مغادرتها باتجاه السعودية.

يُقسّم البدون في الكويت إلى فئات حسب اختلاف بعض التفاصيل في أوضاعهم القانونية، ولكن النسبة الأكبر هي الفئة المحرومة من الخدمات التي تقدَّم للكويتيين، خاصةً الاستفادة من الخدمات الصحية والتعليم والتوظيف.

في حين تمتلك فئة أخرى بطاقات تسمح لهم بالالتحاق بالمدارس الخاصة أو الانتساب إلى الجيش، أو بعض الوظاف الحكومية المحددة.

أما المشكلة الأخرى التي يعيشها البدون فهي توريث هذه الصفة لأبنائهم حتى ولو كانوا من أُمٍّ تحمل الجنسية الكويتية، ولا يمكن للأبناء الحصول على جنسية والدتهم إلا بعد وفاة والدتهم أو طلاقها.

على مدار نحو 60 عاماً، عاش البدون كثيراً من المحطات المُظلمة، فقُدِّم لهم خلالها بعض الحلول التي طُبِّق بعضها بخجل.

في ستينيات القرن الماضي، بدأت الحكومة الكويتية بمعاملتهم معاملة الكويتيين باستثناء السماح لهم بالتمتع بالحقوق السياسية، إذ انخرط عدد كبير منهم في الجيش والشركات وبعض الوظائف الحكومية.

أما منتصف الثمانينيات فتغيرت سياسة الحكومة تجاههم وبدأت بتقليص الخدمات التي تُقدَّم لهم، خاصةً الصحية والتعليمية.

وفي مطلع التسعينيات بعد الحرب العراقية، تقلصت أعداد البدون إلى النصف تقريباً؛ فقد هاجروا إلى دول أخرى.

ومع نهاية الألفية وبعد ضغوط كبيرة من المنظمات الحقوقية والإنسانية التي تطالب الكويت بمنح جنسيتها للبدون، وعدت الحكومة بتقديم معونات لهم وإقاماتٍ مدتها 5 سنوات لكل شخص يتخلى عن المطالبة بحقه في الجنسية الكويتية.

وبعدها بفترة قصيرة أصدر أمير الكويت، جابر الأحمد جابر الصباح، مرسوماً لمنح 2000 شخص من البدون الجنسية الكويتية سنوياً، ولكن سرعان ما توقف المرسوم فترة، قبل أن يعود مجلس الأمة لإقراره مرة أخرى في عام 2007.

رغم ذلك يدور جدل كبير في الكويت بخصوص الأعداد التي يتم تجنيسها سنوياً.

وفي عام 2000، أقر مجلس الأمة تعديلاً قانونياً يجعل ثلث أعداد البدون مؤهلين للحصول على الجنسية الكويتية، شرط أن يكونوا مسجلين في إحصاء عام 1965.

وفي عام 2010، بدأ البدون بالاحتجاج والتظاهر؛ للمطالبة بتحقيق العدل والمساواة، ومنحهم الحقوق الإنسانية كاستخراج بيانات رسمية كشهادة ميلاد ووفاة، ومنحهم جوازات سفر للتنقل بحرية.

حتى الآن لم يتم الكشف عن تفاصيل القانون الجديد الذي اقترحه رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم وبعض الأعضاء إلى البرلمان للنظر فيه.

ولكن يُعتقد أنه سيشمل اقتراحين: الأول من أجل معالجة مشكلة “البدون”، والثاني يتعلق بإنشاء جهاز مركزي للجنسية، هدفه معالجة بعض الأخطاء الحاصلة في ملف الجنسية، وإيقاف التزوير وكشف المزورين.

وأكد الغانم في تصريح صحفي له: “لا تراجع عن تقديم قانون البدون، لأنه سيحلُّ المشكلة جذرياً، وبعد سنة من إقراره في البرلمان لن يكون هناك شيء اسمه (بدون) بالكويت في حال تم تطبيقه بشكل رسمي”.

على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” عبَّر كثير من الكويتيين الرافضين لقانون الغانم، معتبرين إياه وُلد ميتاً، فتصدَّر هاشتاغ “حددوا موقفكم من البدون” قائمة التريند.

إليكم بعض هذه التغريدات:

عن أي قانون جديد يتحدثون؟
ولماذا لم تشاركوا النشطاء والمهتمين بذلك الشأن… للاطلاع على قانونكم الجديد ؟
هل هو سري مثلا!!!
عموما اذا قانونكم ما يسمح للبدون باللجوء للقضاء ولا يتغير مسماهم لعهده السابق عديم جنسية ما منه فايده.#حددوا_موقفكم_من_البدون#قانون_جمعية_المحامين_للبدون https://t.co/p2ihPwksSn

#حددوا_موقفكم_من_البدون
عانوا ما عانوا
وتجرعوا الألم والأسى والظلم لعقود
وآن الأوان لانصافهم
فهم أولا وأخرا أهلنا وابناءنا

التحرك اليوم لإقرار قانون المحامين والتصدي للقانون الذي يشرعن أسلوب الجهاز المركزي في تعامله وقضية البدون بات ملحا. إقرار قانون الغانم سيدخلنا في دائرة مغلقة لخمسين سنة قادمة، فإجراءاته التي يطبقها الجهاز منذ سنوات والتي يشرعنها هذا القانون أثبتت فشلها السياسي، المنطقي والحقوقي https://t.co/gC8GAdcUwJ

#حددوا_موقفكم_من_البدون
وبلا خطاب عنصري مريض.
هؤلاء بشر يعيشون بينا وعدم انصافهم لن يعود علينا جميعا بالخير.#قانون_جمعية_المحامين_للبدون

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى