منوعات

ثنائيات غنائية: محمد فوزي وهدى سلطان.. فرّقهما الفن وجمعتهما الأخوة مرة أخرى

 ينتمي الأخوان محمد فوزي الموسيقار والمطرب والممثل والمنتج سابق عصره، وهدى سلطان الفنانة والمطربة البديعة، لأسرة كبيرة جداً قوامها 25 أخاً وأختاً، فقد وُلد الشقيقان لأسرة بسيطة في قرية أبوجندي التابعة لمركز قطور بالغربية، لأب فلاح بسيط متزوج من ثلاث نساء، وأم ربة منزل ريفية.

ظهرت على الأخوين موهبة الغناء منذ الصغر، إلا أنهما لم يجرؤا على الغناء أمام والديهما،

لكن محمد فوزي الذي يكبر شقيقته هدى سلطان بسبع سنوات، ظل يحلم بالغناء والشهرة ويطارد حلمه، فتعرّف على أصول الغناء والطرب على يد الملحنين والمطربين حتى استطاع أن يغني أمام الجمهور في مولد السيد البدوي، وبعدها قرر الالتحاق بمعهد الموسيقى وترك دراسته رغم رفض والده، ما تسبب في قطيعة بينهما، ليصبح بعد ذلك الموسيقار والفنان الكبير محمد فوزي، ويفتح الأفق لشقيقته هدى سلطان إحدى أهم أيقونات زمن الفن الجميل.

حضر محمد فوزي أو “محمد فوزي عبدالعال الحو”، إلى القاهرة عام 1938 وكان يبلغ 20 عاماً، عمل في فرقة بديعة مصابني ثم فرقة فاطمة رشدي ثم الفرقة القومية للمسرح.

مرّ لفترة طويلة بعدة عقبات وعدم استقرار إلى أن طلبه يوسف وهبي ليمثل دوراً صغيراً في فيلم “سيف الجلاد” ويغني فيه من ألحانه أغنيتين، واشترط عليه أن يكتفي من اسمه بـ”محمد فوزي” فوافق دون تردد. 

شاهد المخرج محمد كريم فيلم “سيف الجلاد”، وكان يبحث عن وجه جديد ليسند إليه دور البطولة في فيلم “أصحاب السعادة” أمام سليمان نجيب والمطربة رجاء عبده، فوجد ضالته في محمد فوزي، وكان نجاحه في فيلم “أصحاب السعادة” كبيراً وغير متوقع، ساعده هذا النجاح على تأسيس شركته للإنتاج السينمائي التي حملت اسم “أفلام محمد فوزي” في عام 1947، وخلال ثلاث سنوات استطاع فوزي التربع على عرش السينما الغنائية والاستعراضية طيلة الأربعينيات والخمسينيات.

عام 1958 استطاع فوزي تأسيس شركة “مصرفون” لإنتاج الأسطوانات وتفرّغ لإدارتها، حيث كانت تعتبر ضربة قاصمة لشركات الأسطوانات الأجنبية التي كانت تبيع الأسطوانة بتسعين قرشاً، بينما كانت شركة فوزي تبيعها بخمسة وثلاثين قرشاً، لينتج أغاني كبار المطربين في ذلك العصر مثل أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وغيرهما.

أما بهيجة فوزي عبدالعال الحو أو هدى سلطان، فقد علمت أسرتها بحبها للغناء وخافت أن تتبع نفس مسار شقيقها، فقاموا بتزويجها وهي لم تتعدَّ 14 عاماً، ظلت هدى أو بهيجة متزوجة لسنوات وأنجبت ابنتها الكبرى “نبيلة”، إلا أنه لإصرارها على الغناء وبعد انتقال زوجها إلى القاهرة ووفاة والدها ووالدتها تم الطلاق وانتقلت للعيش مع شقيقها محمد فوزي، شاهدت بهيجة في منزله كبار الفنانين والشعراء والموسيقيين، وبدأت ممارسة هوايتها بالغناء في حفلات أعياد الميلاد والزواج، ثم درست على يد الملحن أحمد عبدالقادر، وسمعها الموسيقار رياض السنباطي وتنبأ لها بمستقبل باهر في عالم الغناء.

تقدمت هدى سلطان عام 1949 لاجتياز اختبار لجنة اختيار المطربين بالإذاعة المصرية، وأعجبوا بصوتها، وأصبحت واحدة من نجمات برنامج جلال معوض “أضواء المدينة”، في عام 1950 أُعجب المنتج السينمائي جبرائيل نحاس بموهبتها، وأقنعها بأن تعمل في فيلم “ست الحسن”، ووقع معها عقد احتكار لثلاثة أفلام.

حينما علم محمد فوزي بأمر العقد وموافقتها على التمثيل أقام الدنيا ولم يقعدها، واعترضت أسرتها بالكامل بشدة، حيث إنهم كانوا قد تقبلوا دخولها الفن بشرط أن تكون “صوت” بلا صورة ينطلق من الإذاعة فقط، لا يشاهدها الملايين عبر الشاشات، وعندما ذهبت هدى لفوزي تبرّأ منها، وهددها بأن يقتلها بالرصاص، فقررت ألا تنفذ العقد، ومضت عدة أشهر وكلما وافقت إحدى شركات الإنتاج على أن تعمل لحسابها تفاجأت بفوزي يتدخل ويمنع الاتفاق ويهدد كل من يعمل معها.

الأمر تطور لما هو أكثر، فعندما أبلغ فوزي أسرتهم بطنطا، قرروا الاجتماع جميعاً به وحرّضه شباب العائلة على ضرورة التخلص من شقيقته، وأعلن أحدهم تحمُّله المسؤولية الجنائية وحكم الإعدام المنتظر.

أرادت هدى أن تخرج من تلك الدائرة فتزوجت من المنتج فؤاد الجزايرلي، لكن الزواج لم يدم،  وعرض عليها فريد شوقي الزواج، وعندما أراد أن يتمم إجراءاته ذهب لشقيقها محمد فوزي ليطلب يدها طبقاً للأصول المتعارف عليها، لكن فوزي قال له: “أنا معنديش أخت اسمها هدى سلطان عشان تطلب إيدها مني”.

وعن الصلح بينهما قالت هدى سلطان في حوار لها: “علمت في أحد الأيام أنه مريض، وكان ذلك قبل مرضه الخطير بفترة، فرغبت في التواجد بجانبه واتصلت بزوجته في ذلك الوقت (مديحة يسري) وأخبرتها بأنني أريد أن أراه لكني أخشى من رد فعله عند رؤيتي، فقالت لي: تعالي وهو هيحصل إيه يعني، وبالفعل ذهبت لزيارته، وفور أن رآني فتح ذراعيه، وضمني في أحضانه، وقالي: وحشتيني أوي، وهكذا انتهى الخلاف بيننا”.

يجمع الكثيرون على أن علاقتهما كانت وظلت وطيدة جداً، فتقول ناهد فريد شوقي، ابنة هدى سلطان في حديث تلفزيوني ببرنامج “معكم منى الشاذلي”، إن فوزي وهدى لم يكونا أخوين وحسب بل كانا أصدقاء مقربين، يحكيان أدق التفاصيل والأسرار لبعضهما البعض، فكان فوزي بمثابة الأب لهدى، وكانت أقرب أخوته له وكانت حاضرة في كل أزماته.

وأنتج فوزي لها فيلم “فتوات الحسينية” بعد الصلح بينهما، وعندما اشتد المرض به بعد إصابته بالسرطان، سافرت معه إلى لندن للعلاج وظلت بجانبه حتى وفاته.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى