آخر الأخباراقتصاد

قمعاً وحشياً في جامعات الولايات المتحدة الغير ديمقراطية لطلاب محتجين نصرةً لغزة بـ”كولومبيا”

تقرير إعداد

سمير يوسف

رئيس منظمة “إعلاميون حول العالم”

Der erste Journalist in Österreich seit 1970. Er arbeitete mit 18 Jahren in der Presse in den Zeitungen Al-Jumhuriya, Al-Massa und My Freedom, dann in den deutschen Zeitungen Der Spiegel und in Österreich zwanzig Jahre lang in der Zeitung Brothers.

1991 gab er die erste arabische und deutsche Zeitung heraus, Al-Watan Zeitung, seit 11 Jahren Republik und Abend in Österreich seit 31 Jahren.

لا تزال الولايات المتحدة في نظر الكثيرين قلعة الديمقراطية الأكثر حصانة في العالم ولكن تابع قراءة المقال.
كانت الولايات المتحدة تستخدمها لخداع العالم وإخفاء طبيعتها من خلال الديمقراطية الزائفة، ولكنها دولة ذات هيمنة حقيقية.

لاحتواء المنافسين وجني الثمار، قامت واشنطن في السنوات الأخيرة بجمع ما يسمى بـ “تحالف القيم”، وعززت تحالفاتها العسكرية وأثارت مواجهة الكتلة، ما يعرّض النظام العالمي والسلام والأمن العالميين للخطر.

عندما تتحدث أمريكا عن الديمقراطية، ففي الواقع، هذا يعني الديمقراطية على النمط الأمريكي، أو الديمقراطية الأمريكية، المبنية على الهيمنة والتسلط والاستبداد.

أولاً، لا تقوم الديمقراطية الأمريكية على المساواة بل على الهيمنة. فمن الحظر الاقتصادي إلى التدخلات العسكرية وتخريب النظام، تعاقب واشنطن عمدًا أي دولة معارضة.

في كتابه “أشد الصادرات الأميركية فتكا: الديمقراطية”، كتب المؤلف الأمريكي ويليام بلوم، أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، سعت الولايات المتحدة للإطاحة بأكثر من 50 حكومة أجنبية، تم انتخاب معظمها بشكل ديمقراطي، وتدخلت بشكل صارخ في انتخابات ديمقراطية في 30 دولة على الأقل، وحاولت اغتيال أكثر من 50 قائدا أجنبيا.

وعلى مدى سنوات، خلقت الولايات المتحدة اضطرابات سياسية في أمريكا اللاتينية، ولعبت دورًا فيما يسمى بـ”الربيع العربي”، وحرضت على الثورات الملونة في أوراسيا. فلم تسببت مشاكلها في حدوث كوارث إنسانية هائلة فحسب، بل ولدت ايضا الإرهاب والتطرف. الآن، تواصل جني الثمار من خلال إجبار حلفائها على تأجيج شعلة الصراع الروسي الأوكراني.

ثانيًا، الديمقراطية الأمريكية لا تعني العدالة بل البلطجة. يتبع الساسة الأمريكيون المذاهب الأنانية المتمثلة في “أمريكا أولاً” و “الفائز يأخذ كل شيء”.

تضع الولايات المتحدة مصالحها الخاصة فوق أي شيء، وتستخدم عصا العقوبات بشكل تعسفي على منّ يعصاها. فإن العقوبات الأمريكية أحادية الجانب تتجاهل القواعد الدولية وتتخلى دون تردد عما تدعو إليه – مبادئ اقتصاد السوق والتجارة الحرة.
وسعياً وراء مصالحه، لم يتساهل العم سام (رمز ولقب شعبي يطلق على الولايات المتحدة) حتى مع حلفائه. ففي ظل أزمة الطاقة التي يعاني منها الاتحاد الأوروبي وسط الأزمة الأوكرانية، حققت الولايات المتحدة ثروة من خلال تصدير الغاز الطبيعي المسال الأمريكي بأسعار باهظة إلى أوروبا.
وفي محاولة لحماية صناعتها والترويج لها، مررت واشنطن قانونًا تاريخيًا بقيمة 430 مليار دولار للمناخ والضرائب والرعاية الصحية يُعرف بـ”قانون الحد من التضخم”، والذي يُشكل تهديدا متمثلا في خفض التصنيع بأوروبا.
وعلاوة على ذلك، عممت الولايات المتحدة مفهوم “الأمن القومي”، ووضعت بشكل تعسفي شركات البلدان الأخرى في ما يسمى بـ”قائمة الكيانات” لفرض الحظر التجاري والصلاحيات طويلة المدى.
بغض النظر عن قانون “الرقائق الالكترونية والعلوم” أو ما يسمى بـ”دعم الأصدقاء”، لقد انتهك قواعد منظمة التجارة العالمية، وقوضت بشكل خطير استقرار سلاسل التوريد الصناعية العالمية، والتي أثارت الإدانة وحتى المقاطعة.
وفي مقال نُشر مؤخرا، قالت صحيفة ((ذا إيكونوميست)) إن الولايات المتحدة “انتقلت من سياسة ‘الركض أسرع’ إلى سياسة ‘الركض بشكل أسرع مع عرقلة الآخر'”.
ثالثًا، لا تتبع الديمقراطية الأمريكية القواعد بل الاستبداد أو الاستثناء الأمريكي. تطبق الولايات المتحدة الأنانية القواعد عندما تناسبها، وتتخلى عنها عندما لا تناسبها، لقد انسحبت عمداً من الاتفاقات المتعددة الأطراف والمنظمات الدولية.
إن ما يسمى بـ”النظام الدولي القائم على القواعد”، والذي كانت تُشدد عليه وتحث الآخرين على اتباعه، ليس أكثر من نظام دولي قائم على القواعد التي وضعتها واشنطن.
لقد تجاهلت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة المبادئ الأساسية للقانون الدولي التي تحظر التهديد باستخدام القوة والاستخدام غير القانوني للقوة، وشنت بشكل صارخ حروبًا ضد دول ذات سيادة في مناسبات عديدة.
لقد عارضت وحدها طريق المفاوضات المتعلقة ببروتوكول اتفاقية الأسلحة البيولوجية الذي يضم نظام التحقق. لقد قامت ببناء القوة الفضائية الأمريكية والقوات المسلحة الفضائية، وأسرعت اختبار الأسلحة وإجراء تدريبات عسكرية في الفضاء الخارجي، ما يتعارض بشدة مع مفهوم الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي.
وفي الوقت نفسه، تسحق فضيحة إساءة معاملة السجناء في معتقل خليج غوانتانامو اتفاقية مناهضة التعذيب؛ العقوبات أحادية الجانب المفروضة على دول، من بينها إيران وسوريا، تنتهك أحكام لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وفي غضون ذلك، عادة ما يغض هذا “الحكم” العالمي لحقوق الإنسان البصر عن انتهاكاته لحقوق الإنسان داخل البلاد. فمن التحريض على التمييز العنصري والكراهية إلى الإعادة القسرية للمهاجرين غير المسجلين رغم تفشي الوباء، كما انتهكت واشنطن بشكل خطير سلسلة من الاتفاقيات واللوائح الدولية، بما في ذلك الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق كل العاملين المهاجرين وعائلتهم، والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان.
كما يظهر تقرير لمنظمة التجارة العالمية أن الولايات المتحدة إلى حد بعيد أكبر دولة “غير ملتزمة” بقواعد منظمة التجارة العالمية، وهو ما يُمثل ثلثي الانتهاكات في المنظمة.
وعلق مقال رأي في صحيفة ((نيويورك تايمز)) “في أوائل القرن الحادي والعشرين، إذا كان هناك أي قوة تسعى إلى الهيمنة على العالم، وإكراه الآخرين، وانتهاك القواعد، فهي الولايات المتحدة”.
لكن الأكاذيب لا يمكن أن تتحمل التدقيق. فمع ترديد ما يسمى بـ”الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية”، تشبثت الولايات المتحدة في الواقع بالهيمنة والبلطجة والاستبداد. مثل هذا البلد ليس في وضع يسمح له بالتحدث عن الديمقراطية، لأنه ليس لديه مصداقية دولية على الإطلاق.
لكن نظرة متفحصة على ممارسات التلاعب بالانتخابات على مستوى الولايات -رغم أنها تتم غالبا وفق أطر قانونية تجد أن لها تداعيات كبيرة على تآكل الديمقراطية الأميركية. يناقش “برايَن كلاس”، الأستاذ المساعد في السياسات العالمية في كلية لندن الجامعية، هذه المشكلة التي طالما هدَّدت الديمقراطية الأميركية، وذلك في مقاله المنشور بمجلة “الأتلانتيك” الأميركية.
في عام 1932، أشاد “لويس برانديز”، قاضي المحكمة العليا الأميركية، بدور تجريب السياسات والآليات الانتخابية الجديدة داخل الولايات، واصفا إياها بـ”مُختبرات الديمقراطية” التي قد تُلهِم إجراء إصلاحات على المستوى الوطني. أما اليوم، فقد انقلبت هذه الديناميكية، إذ أصبحت بعض الولايات الحمراء (تلك التي يُهيمن عليها الجمهوريون)* مختبرات للنزعات الاستبدادية، حيث تجري فيها تجارب مستوحاة من التقاليد والأفكار السلطوية، وبطرق قد تطول الحكومة الفيدرالية الأميركية في النهاية. إن الولايات الأميركية مُنقسمة على نفسها هذه الأيام، ليس على أساس حزبي فحسب، بل وعلى مدى التزامها بمبادئ الديمقراطية الليبرالية أيضا.
تتطلب الديمقراطية ما هو أكثر من إجراء الانتخابات. ولكن عند الحد الأدنى، هناك سِمَتان لا بد من توافرهما في أي ديمقراطية؛ إذ يتعيَّن على الديمقراطية الحقيقية السماح للناخبين بتحديد مَن يَحكُم من خلال الانتخابات، كما يتعيَّن عليها احترام نتائج تلك الانتخابات. بيد أن الكثير من الجمهوريين على مستوى الولايات يُقوِّضون هذين المبدأيْن اليوم.
لا يُعَدُّ تردِّي الديمقراطية مشكلة جديدة في الولايات الحمراء. لقد أجرى “جاكوب جرامباخ”، أستاذ العلوم السياسية في جامعة واشنطن ومؤلف كتاب “مختبرات مناهضة للديمقراطية”، تقديرا لجودة الديمقراطية في الولايات الأميركية بين عامي 2000-2018، واستخدم 51 مؤشرا تتضمن التلاعب بتقسيم الدوائر الانتخابية (Gerrymandering)، وما إذا كان السياسيون متفاعلين مع الرأي العام، وطول مُدة انتظار الناخبين للإدلاء بأصواتهم (حيث تُعَدُّ إطالة المُدة عن عَمد بمنزلة إثناء لهم عن التصويت)*، وتوفُّر عمليات تدقيق بعد الانتخابات للتحقق من دقة عدِّ الأصوات. وقد وجد جرامباخ أن الولايات التي سيطر عليها الجمهوريون طيلة العقدين الماضيين أصبحت أقل ديمقراطية على نحو كبير، فيما لم تُظهِر الولايات التي يسيطر عليها الديمقراطيون أو الولايات المُنقسِمة بين الحزبين مثل هذا الانخفاض.
منذ نشر جرامباخ النتائج التي توصَّل إليها؛ تزايدت هجمات الجمهوريين على آليات الديمقراطية. وعندما يفوز الديمقراطيون في صناديق الاقتراع، يحاول الجمهوريون أحيانا معادلة سلطتهم. ففي ولاية أريزونا، تقدَّم نائب جمهوري مُنتخَب بمُقترح لمنح المجلس التشريعي للولاية سلطة إلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية، وفي ولاية ميسيسيبِّي، دشَّن الجمهوريون البِيض في مجلس نواب الولاية نظاما قضائيا موازيا لخدمة الأحياء ذات الأغلبية البيضاء بمدينة جاكسون، في انتزاع لسلطة القضاة المُنتخبين الذين اختارهم أغلبية السكان لهذه المناصب، وهُم السكان الذين تبلغ نسبة السُّود منهم في جاكسون 80%.
ومؤخرا، طرد مجلس النواب في ولاية تينيسي نائبَيْن ديمقراطيَّيْن أسودَيْن قادا تظاهرات مناهضة لحمل السلاح داخل مجلس الولاية. وكانت التظاهرات التي قاداها تخريبية بالفعل، لكنَّ الردَّ بطردهما كان غير متناسب إلى حدٍّ كبير، وحفَّزته غالبا دوافع عِرقية؛ فقد صوَّت الجمهوريون لطرد النائبَيْن الشابَيْن الأسودَيْن، بينما لم يُصوِّت لاستبعاد المرأة البيضاء الأكبر سِنًّا التي اشتركت معهما. بيد أن المحاولة لم تفلح في الأخير، إذ جرت إعادة تعيينهما سريعا، لكن ذلك لا يُغيّر من حقيقة أن الجمهوريين حاولوا إلغاء رغبة المصوتين بسبب مخالفة ثانوية.
تُعَدُّ الجهود الفاشلة في تينيسي مجرد مثال على محاولات الجمهوريين إبطال الانتخابات عن طريق التخلص من الديمقراطيين الذين يصلون إلى السلطة. ففي ولاية جورجيا، وافق مُشرِّعون جمهوريون مؤخرا على مشروع قانون يمنحهم سلطة إقالة أي مُدَّعٍ عام مُنتخب.

وفي فلوريدا، تباهى حاكم الولاية الجمهوري (والمرشح الرئاسي المحتمل)* “رون دي سانتيس” بإقالته مدعيا عاما ديمقراطيا على خلفية “حجج واهية”. وقد خلص قاضٍ نظر في عملية الإقالة إلى أن هدف دي سانتيس كان “جمع معلومات لإسقاط المدعي العام، وليس الوقوف على الطريقة التي يدير بها منصبه بالفعل”.
تأتي هذه التكتيكات على قمة جبل من الممارسات غير الديمقراطية المستمرة منذ أمد طويل. إن “التلاعب بتقسيم الدوائر الانتخابية” شكل قانوني من أشكال التلاعب بالانتخابات الذي يحدث على مستوى الولايات، ويتم فيه ترسيم الدوائر الانتخابية بشكل يضمن للسياسيين اختيار ناخبيهم وليس العكس كما يُفترض في أي ديمقراطية، أي أن يختار الناخبون سياسيِّيهم.

والديمقراطيون مذنبون لا محالة بترسيمهم حدود الدوائر لصالحهم في بعض الولايات (إلينوي على سبيل المثال)، بيد أن الجمهوريين مُذنبون في هذا الصدد على نحو أكبر بكثير. وبحسب مُستطلِع الانتخابات المُستقِل “ديف واسرمان”، تم ترسيم 152 دائرة من دوائر الكونغرس لمساعدة الجمهوريين في الانتخابات النصفية العام الماضي، مقارنة بـ49 دائرة جرى ترسيمها لمساعدة الديمقراطيين.
حينما يشتد التلاعب بإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية، تصبح معظم نتائج الانتخابات مُحدَّدة سلفا، ما يقتل المبدأ الأساسي الذي تقوم عليه الديمقراطية وهو مبدأ التنافسية. لقد فاز الجمهوريون منذ خمس سنوات مضت في ولاية ويسكونسِن بنسبة 44.7% فقط من الأصوات في سباق للسيطرة على المجلس التشريعي للولاية، لكنهم فازوا بنسبة 64.6% من المقاعد حينها. وفي ولاية كارولاينا الشمالية، قام الجمهوريون بترسيم منحرف للدوائر في انتخابات الكونغرس عام 2018، ما أدى إلى فوز الحزب الجمهوري بعشر دوائر في الولاية من أصل 13 دائرة، رُغم أن مرشحي الحزب حصدوا 50.3% فقط من مُجمل أصوات الناخبين.

وفي جورجيا، الولاية التي صوتت لصالح جو بايدن ولديها عضوان ديمقراطيان في مجلس الشيوخ، تدل حدود الترسيم الجديدة للدوائر فيها على أنه يمكن اعتبار 57% من مقاعد مجلس الشيوخ و52% من مقاعد مجلس النواب مقاعد “جمهورية آمنة”. في حال لم يحدث تغيير سياسي كبير، سيستمر الجمهوريون في السيطرة بسهولة على المجالس التشريعية في ولايات تنافسية تميل نحو الديمقراطيين. عندما يقع مثل هذا التلاعب الصارخ بالانتخابات في بلدان أخرى، تستنكره وزارة الخارجية الأميركية، أما في داخل الولايات المتحدة، فالأمر مجرد تكتيك قانوني يُعَدُّ جزءا من النظام الأميركي.


حتى حيثما تكون الانتخابات تنافسية، يحاول المشرعون الجمهوريون تصعيب عملية التصويت.

إن التفاوت في الوصول إلى صناديق الاقتراع أمر موجود منذ زمن طويل في الولايات الحمراء والزرقاء على حدٍّ سواء. وقد وجد الباحثون الذين حلَّلوا بيانات مجهولة الهوية لمواقع الهواتف المحمولة أن سكان الأحياء ذات الأغلبية السوداء ينتظرون في المتوسِّط “وقتا أطول للتصويت بنسبة 29%، كما تبيَّن أنهم مُعرَّضون بنسبة 74% للبقاء لمدة تفوق 30 دقيقة في مكان الاقتراع”. مثل هذه “الضرائب على الوقت” كما تُسمَّى لها تأثيرها غير المباشر، لأن الناخبين الذين يواجهون طوابير طويلة تقِل احتمالية إدلائهم بأصواتهم في الانتخابات اللاحقة.

وعموما تُعَدُّ أوقات الانتظار أسوأ في الولايات التي يسيطر عليها الجمهوريون، وكانت الولايتان صاحبتا السجل الأسوأ في هذا الصدد في انتخابات عام 2020 هما كارولاينا الجنوبية وجورجيا.
الجمهوريون والطرق المختلفة للتسلُّط على الديمقراطية
ردد الجمهوريون بلا وعي أكاذيب ترامب عن تزوير الانتخابات لتكون ذريعة لجعل التصويت أصعب بطرق مُصمَّمة لاستبعاد المصوتين الفقراء وغير البِيض.

وقد أظهرت الدراسات، واحدة تلو الأخرى، أن ادعاءات تزوير الانتخابات مشكلة متناهية الصغر، ومع ذلك تقدَّم الجمهوريون بـ51 مشروع قانون على مستوى الولايات من شأنها وضع عقبات أمام إمكانية الوصول إلى صندوق الاقتراع.
طرق الحزب الجمهورى للتسلط على الديمقراطية
إلى جانب مهاجمة الانتخابات، أو محاولة التدخل في نتائجها، يختبر الجمهوريون طرقا مختلفة للتسلُّط على الديمقراطية. ففي فلوريدا، يستخدم دي سانتيس سلطاته هذه الأيام لمعاقبة شركة خاصة تجرأت على انتقاده. وفي ولاية أيداهو، حظر المشرعون الجمهوريون مساعدة القاصرات في عبور حدود الولاية لإجراء عمليات الإجهاض، وذلك باستخدام سلطة الحكومة لفرض قيود على حرية الحركة.
وفي ولاية تِكساس، قال الحاكم الجمهوري “غريغ آبوت” إنه “يتطلَّع” للعفو عن رجل مُدان بقتل متظاهر في مسيرات “حياة السود مهمة” (Black Lives Matter)، وكان القاتل قد أرسل رسالة نصية سابقا إلى صديق له يشكو فيها من الاحتجاجات قائلا إنه “ربما يضطر لقتل بضعة أشخاص وهو في طريقه للعمل”.

تثير القلق أيضا تركيبة نجوم الجمهوريين الصاعدين، ففي ولاية أوريغون، وصل عدد من أعضاء جماعة اليمين المتطرف العنيفة “براود بويز” إلى مناصب قيادية في هيئات محلية تابعة للحزب الجمهوري.
لا تعد الديمقراطية مفهوما حديا مطلقا، إما أن تتحقَّق بالكامل أولا يتحقق منها شيء على الإطلاق، إذ يمكن قياسها وفقا لطيف مُمتَد. لكن في حال أصبح الناخبون يواجهون “ضرائب على الوقت” للإدلاء بأصواتهم في انتخابات غير تنافسية جرى التلاعب بها وترسيخ حكم الأقلية من خلالها، ثم يشهدون إقالة المسؤولين الذين انتخبوهم بعد ذلك أو انتزاع سلطاتهم من قِبَل هيئة جديدة أسسها الجمهوريون؛ فإن هذه بالتأكيد ليست ديمقراطية. إذا جمعت الولايات بين هذه التكتيكات، فإنها لن تستحق وصف ديمقراطية.

القمع في بلد يدعي الديمقراطية

العديد من الأطراف ربما تتبنى شعارات الغرب والغرب أمريكا عن الديمقراطية وآمنوا بدعم حقوق الإنسان وحرية التعبير، واليوم مشاهد عنيفة في شوارع وجامعات أمريكا وأوروبا مع الضرب والقمع العنيف للطلاب الذين شاركوا في المظاهرات السلمية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني المظلوم. ويتضامنون معهم ويريدون أن يؤمنوا بوجوب وقف جرائم النظام الصهيوني الهمجية ضد قطاع غزة.

وكتب عربي بوست في تحليل لهذا الغرض سؤال كبير يدور في أذهان المواطنون الأمريكيون هذه الأيام، وكذلك الأشخاص الذين يؤمنون كثيرًا بالديمقراطية وحرية التعبير، في الولايات المتحدة، كانوا منشغلين بكيفية إعلان الحكومة الأمريكية حالة الحرب ضد شعبها، ولم تكن الولايات المتحدة. من المفترض أن يدافع الجيش والمؤسسة العسكرية عن شعبه في حال تعرضه لتهديد خارجي؟ فماذا حدث حتى تقوم قوات الشرطة والأجهزة الأمنية بالضرب المبرح على هؤلاء الأشخاص الذين يشاركون في المظاهرات السلمية لنصرة حقوق المظلومين الذين لا تصل أصواتهم إلى العالم وتذهب بهم إلى السجون؟ الأشخاص الذين هم نخبة أكبر الجامعات الأمريكية وفي الواقع قادة المستقبل لهذا البلد ولم يستخدموا أي أساليب عنيفة في احتجاجاتهم ولم يؤذوا أحدا.

القمع في البلاد التي تطالب بحرية التعبير والديمقراطية

في هذه المرحلة تبرز الشكوك الأساسية حول ادعاءات أمريكا في مجال الديمقراطية والحرية يبدأ الكلام. إن ما تفعله الحكومة الأمريكية وأجهزتها الأمنية اليوم هو اعتداء واضح وفظيع على حرية التعبير والديمقراطية. لا يمكن تفسير حملة اعتقال الطلاب المحتجين في باحات الجامعات الأمريكية إلا في سياق واحد، وهو أن الأجهزة الأمنية في الولايات المتحدة أصبحت أداة قمع، والهجوم المستمر على الطلاب المحتجين في الجامعات الأمريكية يثبت ذلك شعوب العالم أن الديمقراطية وحرية التعبير لا يتم تعريفهما إلا بما يتماشى مع مصالح الولايات المتحدة في هذا البلد، وعندما تتعرض سياسات ومصالح الولايات المتحدة للخطر، يحل القمع والوحشية محل شعارات الديمقراطية.

بينما، بالإضافة إلى الأجهزة الأمنية والحكومة الأمريكية، تعمل وكالات تجسس النظام الصهيوني أيضًا على قمع المتظاهرين في جامعات الولايات المتحدة وإرسال رسائل تهديد رسائل إلى الطلاب المحتجين بهدف صدهم واتهام هؤلاء الطلاب بمعاداة السامية، وتقوم كل فئة، وخاصة الطلاب اليهود، بتدمير كل خطابات نظام الاحتلال حول معاداة السامية في هذه الاحتجاجات بقوة /p>

من النقاط المهمة التي يمكن ملاحظتها في احتجاجات أمريكا السلمية وقمعها من قبل حكومة هذا البلد هو أنه ثبت أن مفهوم القيم الإنسانية والخطاب الفكري في أمريكا مزدوج تماما ; حيث يقوم اليوم المسؤولون الأمريكيون الذين كانوا يزعمون أنهم مثقفون بقمع الطلاب المحبين للحرية للدفاع عن غطرستهم وطغيانهم، وقد حولوا ما يسمى بخطاباتهم الفكرية إلى خطابات إمبريالية ودعم علني لجرائم إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين العزل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى