تقارير وملفات إضافية

الهروب إلى الأمام! نتنياهو يضرب غزة والمستهدف خصمه السياسي فهل تنطلي على غانتس الحيلة؟

اعتبرت صحيفة Haaretz الإسرائيلية أن العدوان الذي تشنه إسرائيل على غزة، مستهدفة به
قيادات حركة الجهاد الإسلامي، يتسبب في عرقلة تشكيل حكومة أقلية، التي ستكون
القائمة العربية جزءاً منها. 

وقالت هآرتس في حوالي الساعة الثانية عشرة والنصف بعد منتصف ليل يوم
الثلاثاء 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، أي قبل حوالي أربع ساعات من إطلاق صاروخين
أسفرا عن مقتل بهاء أبوالعطا القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، كان من
المهم للغاية أن يكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تغريدةً إلى الإسرائيلين يقول
فيها: «حكومة أقلية تؤيدها الأحزاب العربية = خطر على الدولة». قبل أن
يضيف إليها العبارة التي ذكرها عضو الكنيست أحمد الطيبي عن ياسر عرفات:
«دائماً في قلوبنا».

وبحسب الصحيفة الإسرائيلية فإن نتنياهو سياسي مؤمنٌ بالفلسفة
العنصرية، بل ويائس، يقاتل الآن من أجل مسيرته السياسية. وحتى الآن، لم ينتقل
افتقاره إلى ضبط النفس إلى الشأن الأمني، إذ حاول يوم الثلاثاء إقناع الإسرائيليين
بأنَّ حادثة الاغتيال لا علاقة لها بالوضع السياسي المتأزم. وهذا ما أكَّده رئيس
الأركان أفيف كوخافي ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) نداف أرغمان، طواعيةً أو
رغماً عنهما. إذ قال أرغمان موضحاً السبب الذي دفعهم إلى تنفيذ عملية الاغتيال في
وقتٍ مبكر من يوم الثلاثاء: «جميع الظروف كانت مواتية». وفي الحقيقة، لا
يوجد سبب يجعلنا لا نصدق كوخافي وأرغمان. 

ولكن حتى لو كانت الاعتبارات الكامنة وراء هذه العملية أمنيةً خالصة،
فقد وُجِدَت في واقعٍ ليس خالصاً على الإطلاق. فقبل أسبوعٍ من انتهاء مهلة بيني
غانتس لتشكيل الحكومة مساء يوم الأربعاء المقبل، 20 نوفمبر/تشرين الثاني، تعد
المخاطر كبيرةً، بحسب الصحيفة الإسرائيلية.

فحتى يوم الثلاثاء الماضي، كان خيار تشكيل حكومة أقلية برئاسة غانتس
-بدعمٍ من القائمة المشتركة أو امتناعها عن التصويت- مطروحاً على الطاولة، لكنَّ
الأحداث الأخيرة في غزة أضعفت احتماليته. أمَّا على الجانب الآخر، فمن المفترض أن
تكون فرص تشكيل حكومة وحدة وطنية -مع وضع خطٍّ تحت كلمة «وطنية» قد
ازدادت. لكنَّ التوصُّل إلى اتفاق ما زال بعيد المنال؛ لأنَّ الخلافات حول المبدأ
ستظل مستمرةً بعد انتهاء الجولة الحالية من القتال؛ فإذا اتفق الطرفان على شغل
منصب رئيس الوزراء بالتناوب، فمن سيشغله أولاً؟ وما الدور الذي سيضطلع به رئيس
الوزراء المحروم من صلاحياته، ومتى سيبدأ؟ وكيف يمكن فصل الكتلة اليمينية عن
نتنياهو؟ 

وبحسب هآرتس فإن غانتس ليس شخصاً يسهُل خداعه. فهو يفهم ذلك. لذا حرص
على الإدلاء بتصريحاتٍ يوم الثلاثاء الماضي يوضح فيها أن التطورات العسكرية ليس
لها أي تأثير على العملية السياسية. أمَّا ما كان يدور بداخله، فلا أحد يعلمه
سواه. ربما يتوق إلى أن يكون في قلب عملية صنع القرار، أو يكون وزيراً للدفاع في
الدائرة الداخلية للحكومة، أو يكون نائباً لرئيس الوزراء. لكنَّه ملتزمٌ بما ذكره
في تصريحاته وخطاباته (التي كان آخرها في الأسبوع الجاري أمام الكنيست)، ومقالاته
ومقابلاته الصحفية الكثيرة للغاية.

ملاحظتان على الهامش: من الجيد لوزير الدفاع الجديد، نفتالي بينيت،
أنَّه بدأ خدمته بتواضع دون احتفالٍ ومراسم. وهذا يدل على النضج وقراءة جيدة
للواقع. فإذا كان وقت خدمته في منصبه سيستمر أسبوعين أو ثلاثة أسابيع فقط، كانت
لقطات إقامة حفلٍ طنَّان أمام وزارة الدفاع ستطارده حتى نهاية مسيرته السياسية.

ولكن على الجانب الآخر، ينبغي كذلك عدم المُبالغة في التواضع،
فغانتس، الذي التزم طوال  الأربع والعشرين ساعة الماضية بضبط النفس ولم يمتنع
عن امتداح الساسة وقادة الجيش، يبدو رمادياً مترنحاً شاحباً في مقطع فيديو نشره
على شبكات التواصل الاجتماعي. إذ كانت سترته مُعلَّقة بلا مبالاة، فيما كان قميصه
مائلاً إلى اللون الرمادي، وكذلك الستارة بدت وكأنها مأخوذة من غرفة موظفين مكسوة
بالغبار. كان الأمر أشبه بأنَّه يبث من ملجأ في أعماق الأرض. لذا كان يمكن، ببعض
الأفكار الإبداعية، ترتيب خلفية مناسبة لشخصٍ سيصبح رئيس الوزراء، أو على الأقل
نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى