منوعات

ما الذي يحدث لو ظهر نبيّ جديد في عصر الفيسبوك؟ 4 أشياء جعلتني أشاهد مسلسل «المسيح» الذي أنتجته «نتفلكس»

شاهدت مسلسل المسيا أو «Messiah» المثير للجدل الذي أنتجته «نتفلكس» وأردت الكتابة عنه بسبب كثرة
التعليقات والأسئلة التي وصلتني حوله.

في البداية المسلسل لا
يتحدث عن المسيح الدجال الذي نعرفه نحن كمسلمين، المسلسل جاء عكس التوقعات التي
توقعناها جميعاً وتحدث في نقطة مختلفة تماماً وفي منتهى الأهمية.

فكرة المسلسل باختصار: ما الذي سيحدث لو ظهر نبي جديد في عصرنا الحديث هذا؟

الفكرة بسيطة، ولكنها
معتقدة ومتجردة من الأفكار العامة عند البشر من الأديان الأخرى المتعلقة بـ
«الدجال، المهدي المنتظر، القدوم الثاني للمسيح، وأخيراً المسيا» لكنه يلعب على
وتر شديد البساطة والتعقيد في الوقت ذاته.

ما الذي سيحدث لو ظهر
نبي جديد  بنفس الأفكار السماوية الداعية للترابط والسلام والعقيدة، وبنفس
المعجزات التي اقترنت  بالأنبياء؟ لكن في ظل التقدم التكنولوجي الموجود
حالياً والأنظمة السياسية المختلفة في أكثر الأماكن تديناً أو علمانية، من أول
فلسطين والكيان الصهيوني إلى سوريا وصولاً إلى الولايات المتحدة الأمريكية،
بالإضافة إلى سطحية التمسك الديني التي أصابت البشر وتحول الدين بالنسبة لهم إلى
مجرد قشرة.

فكرة أن البشر هم أنفسهم
مهما اختلف الزمن ولكن بشكل أوسع وبتعريفات جديدة، بمعنى أنه في التاريخ، كان
أصحاب السلطة والنفوذ والأموال هم من يفقون ضد النبي ودعوته وقت ظهوره، وكان سبب
فعلهم لذلك هو الحفاظ على مكانتهم وتجارتهم وغيره، واليوم يتكرر الأمر بنفس الشكل،
ولكن تحت مسمى «الحرب على الإرهاب» و«السياسات العليا للدولة»، والمصالح السياسية
بين الدول «ما بين أمريكا وإسرائيل».

 لكن بنفس الوسائل
الدفاعية القديمة باتهام النبي بالنصب والطمع والجنون والكذب، وبنفس محاولات القتل
والاغتيال، وحتى محاولة الزج به في فضائح جنسية.

المسلسل استطاع أن يلعب على الوتر الإيماني للممثلين وللمشاهد؛ ليطرح سؤالاً أهم هو: لو كنت معهم في الفيلم، هل ستؤمن بدعوته أم لا؟ وهذا يوصلنا لسؤال أبعد: لو كنت واحداً ممن عاصروا زمن الأنبياء الذين تؤمن بهم حالياً، فهل ستكون في صف الصحابة أم الكفار؟ هل كنت ستعبر البحر الأحمر أم تطاردهم مع جيش فرعون؟ هل كنت ستنادي  بصلب السيد المسيح أم تتناول معهم العشاء الأخير؟

المسلسل ناقش أبعاداً
كثيرة حول الشخصيات الرئيسية، فعلى سبيل المثال الباحث عن الهوية الذي يؤمن في
النهاية ويكون أشد إيماناً ممن أظهر إيماناً في أول دعوته،  ورجل الدين الذي
انتفع من إيمانه بالنبي الجديد،  الشاب الذي
رأى الخلاص على يديه وكيف تم استغلاله سياسياً، 
ضابط الشرطة السادي الذي يحاول تبرئة ضميره عن ذنب اقترفه في حق طفل
صغير،  حتى أكبر رأس في البلاد الذي كان وقع بين خيار التصديق أو عدم
الالتفات، ولكنه آمن حتى لا يخسر نفوذه السياسي، وكذلك الشخصيات التي تأكدت من
نبوته كيف تصالحوا مع أنفسهم وآمنوا به؟

النقطة الأولى: المسلسل مبهم، لا يعطيك إجابات جاهزة أو مباشرة، وطيلة مشاهدتك للمسلسل أنت لن تستطيع تحديد إذا كان بطل المسلسل  «المسيا» صادقاً أم لا؟ ومَن هم أهل الحق والصواب، ومَن هم أهل الباطل؟ وهذا يضعك كمشاهد تحت نفس الظروف التي يعيشها أبطال المسلسل.

النقطة الثانية: هي تعامل الناس مع المعجزات، وكيف استطاعت شخصية البطل «المسيا» تحقيق معجزة من أهم معجزات المسيح، وكيف استطاع مدونّو اليوتيوب تكذيبها والاعتراض عليها والسخرية منها؟  وكيف أن مشاهدي المعجزة اهتموا بتصويره بهواتفهم وكاميراتهم في الوقت الذي يفترض بهم مشاهدتها.

النقطة الثالثة: هي تعامل هذه الشخصية الروحانية مع الحداثة والمزج بينها وبين الشكل الخاص بالأنبياء، يعني تعامل النبي مع التصوير والإنستغرام، والتليفزيون والبرامج الحوارية والصحافة، والملابس الحديثة والسيارات وغيره، وهذه نقطة مهمة جداً ومحورية للغاية.

النقطة الرابعة والأخيرة: حيادية الطرح للقضايا السياسية، ومناقشة سلبية الاحتلال الإسرائيلي بدلاً من تصويرهم كملائكة كما يحدث في الاعمال الفنية الأمريكية، وكذلك طرحهم للفساد الحكومي الأمريكي، وهذه نقطة لم تتم مناقشتها بشكل كافٍ في الكثير من الأفلام والمسلسلات الأمريكية، وكذلك الواقعية في تصوير ذبذبة الإيمان داخل شعب محافظ أو يعتبر نفسه محافظاً كالشعب الأمريكي، والتطرق لمشكلة المخيمات الفلسطينية في الشام، كذلك عملية تصويرهم لقطات داخل أماكن لا نستطيع التصوير فيها، مثل الأقصى ودمشق وإيران كانت عظيمة جداً، بالإضافة للحوار الموجود داخل المسلسل باللكنة العربية والشامية والعبرية والإنجليزية.

أخيراً: أرى أن هذا من أقوى المسلسلات التي شاهدتها وأكثرها متعةً وإثارة للكثير من التساؤلات، أنت كمشاهد متدين لن تكرهه، بالعكس سيجذبك لمتابعته إلى النهاية، المسلسل ليس مملاً بالشكل الذي كنت أتوقعه، بالعكس إنه يجعلك تشاهد حلقة وراء حلقة أخرى بشكل تلقائي، أنا مثلاً أكملت مشاهدته كله في يوم واحد فقط.

لو تود مشاهدة فكرة
جديدة وتساؤلات خطرت في بالك في يوم من الأيام فتابع هذا المسلسل، لا أعرف هل نرى
في الجزء الثاني المسيح الدجال كما نعرفه، وهل كان «المسيا» يمهد لنفسه؟ هذا أحد
التوقعات، لكن الجزء الأول حقيقة قوي، وفي انتظار الجزء الثاني وقت نزوله إن شاء
الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى