ثقافة وادب

حكمت 9 أيام ثم قُطع رأسها.. جين غراي الملكة التي أُجبرت على حكم بريطانيا

في العام 1553، عُينت الليدي جين غراي ملكة على إنجلترا لمدة 9 أيام فقط، كجزء من محاولة فاشلة لمنع انضمام الملكة ماري وعودة الكاثوليكية ديناً رسمياً للمملكة البروتستانتية. لكن هذا التنصيب كلف تلك الفتاة ذات الـ16 عاماً حياتها، فدفعتها ثمناً لمؤامرة سياسية لا حول لها فيها ولا قوة في فبراير/شباط 1554، فما الذي حدث؟

وُلدت جين،
ابنة الأخ الكبرى للملك هنري الثامن، في نفس الشهر من عام 1537 الذي ولد فيه ابن عمها
وخليفة أبيه، إدوارد السادس. 

كان أبواها
الطموحان يسعيان لتزويجها بإدوارد يوماً ما، واهتما اهتماماً خاصاً بتعليمها
وربياها لتكون بروتستانتية عن قناعة. 

ونظراً لأن
ذكاءها كان مرتبطاً بالكتب والاطلاع، لم تكن قادرة على مجاراة العالم الحقيقي،
ومسايرة كونها بيدقاً على رقعة شطرنج سياسية في غاية الخطورة.

في المقابل
كانت ليدي جين غراي نحيفة وذات نمش وشعر رملي اللون، وكانت قصيرة للغاية حتى إنها
كانت ترتدي الأحذية ذات الكعب العالي، وفق ما نشرت مجلة History Today البريطانية.

في الظل
كان دوق نورثمبرلاند، جون دادلي، الديكتاتور
الحقيقي لإنجلترا خلال حكم الشاب المريض إدوارد السادس. 

بحلول عام
1553، كان من الواضح أن إدوارد لن يعيش طويلاً. 

عرف دوق
نورثمبرلاند أنه إذا تسلمت أخوات إدوارد، ماري أو إليزابيث، التاج، فإن أيامه في
السلطة ستنتهي، وسوف تُعيد ماري الكاثوليكية الرومانية لتكون الديانة السائدة في
البلاد. 

لذا قرر أن
ينصب عائلته على العرش. وبالفعل، في شهر مايو/أيار، جعل جين، البالغة من العمر 15
عاماً آنذاك، تتزوج ضد رغبتها من ابنه الرابع، اللورد غيلدفورد دادلي، الذي كان في
العمر نفسه. 

عادت جين مباشرة إلى والديها، لكن بينما كان الملك يزداد ضعفاً، أمر دوق نورثمبرلاند أن يستمر الزواج، وقد كان.

أقنع دوق
نورثمبرلاند الملك المحتضر أن يعلن عدم شرعية تولي ماري وإليزابيث حكم البلاد، وأن
تُنقل ولاية العهد إلى ليدي جين. 

قبل المجلس
الملكي القرار، وهم ينظرون إلى دوق نورثمبرلاند ويعتريهم الخوف، مثلما تنظر
الفئران إلى القط. 

وأُبلغت
جين حينها بالأمر، ولكن يبدو أنها لم تستوعبه. استُدعيت بعد ذلك كل من ماري
وإليزابيث ليكونا بجوار الملك المحتضر في غرينتش، حيث يمكن إبطال نفوذهما
بسهولة. 

انطلقت
ماري إلى أخيها، لكن إليزابيث الداهية لزمت الفراش وقالت إنها مريضة.

مات إدوارد
في 6 يوليو/تموز 1553، ثم وصلت التحذيرات لماري بشأن المصيدة وهي في طريقها إلى
غرينتش، وسارت في عجلة شديدة وقلق نحو قصر الملك. 

بقيت
إليزابيث في السرير. وظلت وفاة الملك أمراً متكتماً عليه. 

وفي يوم 9
يوليو/تموز، أُخذت جين إلى مكان إقامة دوق نورثمبرلاند خارج لندن، في قصر سيون
هاوس في أيزلورث، حيث كان الدوق وزوجها ووالداها في انتظارها مع أعضاء المجلس،
الذين كانوا يعاملونها باحترام شديد مما أثار دهشتها. 

أعلن دوق
نورثمبرلاند أنها الملكة، وأغمي عليها، ثم قبلت العرش بعد مقاومة شديدة انتهت
بقولها: “إذا كان ما يُمنح إلي هو من حقي قانونياً”. 

وفي اليوم
التالي أعلنتها المراسيم على الملأ، واستخدموا الأبواق في مختلف الأماكن في لندن،
وهو ما أثار استنكاراً شديداً من المواطنين. حتى إن أحد المواطنين قال بدون حذرٍ
إن الليدي ماري هي الأحق بالعرش، فقطعت أذناه.

في
الظهيرة، وصلت جين بالسفينة إلى برج لندن، وارتدت التاج الملكي، مما جعلها تفقد
وعيها مرة أخرى، وخاضت نزاعاً عنيفاً مع زوجها وأمها عندما قالت إنها لن تجعله
ملكاً. 

تكدرت المأدبة في تلك الليلة بوصول خطاب من ماري إلى المجلس تؤكد فيه بشدة على حقها في العرش، وتطلب دعماً فورياً.

استمرت جين
في النظر في المقترحات بصفتها الملكة، لكن دوق نورثمبرلاند أخطأ في حساباته بشدة.
كانت ليدي ماري محبوبة لدى الجميع، بعكسه. 

تزايد دعم
ماري، وجمعت جيشاً ضخماً، بينما فر رجال نورثمبرلاند، وكذلك المجلس في لندن. 

وقبل يوم
18 يوليو/تموز، لم يتبق سوى 3 منهم فقط مخلصين لدوق نورثمبرلاند، ومن بينهم والد
جين. 

غادر
الآخرون بحجة غير مقنعة، وهي الحاجة العاجلة للحديث مع السفير الفرنسي، وجعلوا
اللورد عمدة لندن يعلن في اليوم التالي ماري ملكة على البلاد. 

قال والد
جين لها إنها لم تعد ملكة بعد الآن، فأعربت عن سعادتها، وسألت بتأدبٍ إن كان
بإمكانها الذهاب للمنزل الآن.

ظلت جين
المسكينة ملكة لمدة 9 أيام، ولم تكن عودتها إلى المنزل ممكنة. 

فقد أصبحت
سجينة في برج لندن الشهير الذي كان مخصصاً للشخصيات السياسية والدينية المرموقة،
بينما اعتُقل دوق نورثمبرلاند، وأسرع والداها لتسوية السلام مع ماري. 

غادرت
إليزابيث سرير المرض ووصلت لندن يوم 29 يوليو/تموز لتحيي ماري المنتصرة، التي وصلت
إلى ألدغيت في 3 أغسطس/آب ونُفخت الأبواق، وضُربت المدافع، وقُرعت الأجراس، وارتفع
صياح المواطنين بكل حماس وقوة.

أُعدم دوق
نورثمبرلاند بعد ثلاثة أسابيع بتهمة الخيانة الكبرى. 

كانت جين
تُعامل معاملة حسنة في البرج، ولكن عندما اشترك والدها بحماقة في تمرد السير توماس
وايت في يناير/كانون الثاني العام 1554، أصبحت جين خطرة للغاية ومحوراً للمؤامرات
لدرجة لا تجعل من الممكن السماح لها بالعيش. 

قُطع رأسها
هي وزوجها في 12 فبراير/شباط من عام 1554، حينما كان عمرها 16 عاماً فقط، أما
والدها فأمرت ماري بإعدامه أيضاً بعد 11 يوماً فقط.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى