سيدتي

لماذا يمارس الأطفال التنمر في المدرسة ضد الآخرين وكيف نوقف ذلك؟

ماذا ستفعل لو اكتشفت أن ابنك متنمر في المدرسة، ولا نقصد هنا الضحية، إنما الطفل الذي يمارس التنمر ضد الآخرين. تتلقى اتصالاً من إدارة المدرسة بتورط طفلك في سلوكيات تضر نفسياً بالآخرين. ولعل السؤال الأول الذي يتبادر لذهن أيٍّ من الوالدين هو: لماذا؟ أين قصّرنا معك؟

وأعاد فيديو الطفل الأسترالي الباكي نتيجة تنمر الأطفال الآخرين بسبب مرضه، الحديث عن أزمة التنمر في المدارس والآثار النفسية والصحية للأطفال الذين يضطرون إلى مواجهة التعنيف اللفظي والجسدي في المدارس.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يمارس الأطفال التنمر في المدرسة؟ وما الأسباب والخلفيات الاجتماعية التي تدفعهم إلى هذا السلوك؟

pic.twitter.com/UNkjreHsJV

الجواب بسيط: إنه يحل مشاكلهم الاجتماعية. فمن الأسهل التنمر على شخص آخر بدلاً من حل الأمور والتعامل مع العواطف وتعلّم حل المشكلات. 

البلطجة هي الطريق السهل للخروج من أي مأزق، بحسب ما نشره موقع Empowering Parents.

فالرجل الذي يضرب زوجته أو يرهبها لم يتعلم قط أن يكون زوجاً عطوفاً. بدلاً من ذلك، يستخدم سياسة التخويف، فيعيش الأشخاص الآخرون بتلك العائلات في خوفٍ من التعنيف اللفظي والجسدي طوال الوقت.

الأمر نفسه ينطبق على المتنمرين أو الفتوت أو البلطجية (مهما كانت التسمية)، فهم لا يحلّون الأمور العالقة، لأنهم يعلمون أنهم سيفعلون ما يشاؤون.

فقد أنشأ موقعه بالقيادة بالقوة وبات تفكيره: “إذا فعلت ما أقول، فسيكون كل شيء على ما يرام، وإلا فستواجه غضبي”.

هذا التوجه في السلوك يبدأ منذ الصغر، أي عندما يطور الأطفال نوبات بكاء هستيرية للحصول على ما يريدون فينصاع الوالدان.

وإن لم يتم التعامل مع هذه النوبات في سن مبكرة، فستتطور إلى مشاكل سلوكية واجتماعية كلما كبروا.

بدوره يقول أستاذ دراسات الأطفال والشباب بجامعة سانت كاثرينز الكندية: “أول ما يشجع الناس على القيام بذلك هو أنه فعّال في الحصول على ما يريدونه بكثير من الحالات”.

ويضيف أنهم يريدون الحصول على شيء ما؛ الشعبية والعلاقات العاطفية والموارد، وربما أفضل بقعة لتناول الغداء في المدرسة أو ممارسة لعبتهم الرياضية المفضلة.

تقول الطبيبة النفسية سوزان باير عضوة جمعية تعزيز العلاقات والقضاء على شبكة العنف PREVNET، إن بعض الأطفال الذين يعانون اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط يلجأون إلى التنمر، بسبب عدم تطور مهاراتهم الاجتماعية.

وتوضح أنه لدى المراهقين قد يكون السبب إصابتهم بالاكتئاب أو الشعور بالغضب.

يستخدم المتنمرون عادةً الإهانات اللفظية والشتائم والإهانات لجعل الأطفال الآخرين يشعرون بأنهم أصغر شأناً.

هم أشخاص سلبيون للغاية وناقدون، يكمن التهديد دائماً في خلفية التعامل معهم، لأنهم سيهينون أو يُحرجون أو حتى يضربون من يعارضهم. 

ولكن على الأهل إدارك أن هذا السلوك لا يبدأ عندما يكون الشخص في سن المراهقة، بل يبدأ عادة عندما يكون الطفل في الخامسة أو السادسة.

من أسباب التنمر الأخرى افتقار الأطفال إلى المهارات الاجتماعية المناسبة.

ولعل السبب الرئيسي هو البلطجة أو تعرُّضهم للتنمر في المنزل؛ بمعنى أنه ربما هناك أشقّاء كبار السن أو أفراد من الأسرة الممتدة أو حتى آباء يستخدمون التعنيف أو التخويف للحصول على ما يريدون. 

ويعتقد الخبراء أن تور التنمر في شخصية الولد يمكن أن ينبع من نوع من عجز التعلم غير المشخّص، وهو ما يمنع الطفل من تعلُّم المهارات الاجتماعية وحل المشكلات.

لكن لا تخطئ، فالأطفال يستخدمون البلطجة في المقام الأول، ليحلوا محل المهارات الاجتماعية التي من المفترض أن يطوروها في المدارس الابتدائية والثانوية والمدارس الثانوية. مع مرور الأطفال بمراحلهم التنموية، ينبغي لهم إيجاد طرق لحل مشاكلهم والتواصل مع الآخرين. وهذا يشمل تعلُّم كيفية قراءة المواقف الاجتماعية وتكوين صداقات وفهم بيئتهم الاجتماعية.

فمن شروط نمو الأطفال إيجاد طرق لحل مشاكلهم والتواصل مع الآخرين. وهذا يشمل تعلم كيفية قراءة المواقف الاجتماعية وتكوين صداقات وفهم بيئتهم الاجتماعية.

الأطفال المتنمرون لا يتعلمون هذه المهارات، ويستخدمون التهديد والوعيد لحل مشاكلهم، ويشعرون بأنهم ليسوا بحاجة لتعلُّم هذه المهارات، لأنهم وجدوا الطريقة الأسهل لفعل ما يريدونه، لا يتواصلون مع الآخرين؛ بل يسيطرون عليهم.

لذا عندما يصبح عمر الطفل 10 سنوات، يصبح التنمر متأصلاً في شخصيته؛ بل تحول إلى رد فعله الطبيعي على أي موقف يشعر فيه بالحرج الاجتماعي، أو الخوف أو الملل، أو حتى الحرج.

تتخذ البلطجة عدة أشكال في هذه المرحلة العمرية، أي عندما يكون الأصدقاء مصدر تسلية أساسياً. ولأن المتنمر لا يعرف كيف يتفاعل مع الآخرين، لذلك لا يحاول اللعب معهم عادة. 

فلو نظرت إلى الملعب في فترة الفرصة اليومية أو الاستراحة، فمن المحتمل أنه يقبع وحده؛ لا يلعب كرة القدم أو أي رياضة من رياضات الأطفال الآخرين، وتراه يتجول في محيط كل التفاعلات التي تحدث بالمدرسة.

وكلما واجه مشكلة أو شعر بعدم الأمان، صب غضبه وارتباكه على شخص آخر، إما لفظياً وإما جسدياً. وأحياناً قد يلقي أو يكسر الأشياء وممتلكات المدرسة، ليشعر بتحسن وقوة أكبر في نفسه.

هذا التفكير مُغرٍ للغاية بالنسبة للأطفال، ومن الصعب جداً عليهم التخلي عن هذه القوة.

عندما نتحدث عن البلطجة أو التنمر بين المراهقين، فإننا ندخل في ظاهرة مختلفة تماماً بالمقارنة مع مضايقات ما قبل المراهقة.

وللأسف فإن عديداً من المراهقين في مرحلة الدراسة الثانوية يسيء بعضهم إلى بعض، في ظل ما تزودهم به وسائل التواصل الاجتماعي.ولكن في هذه المرحلة يصبح التنمر والمضايقات على غرار عقلية العصابات.

عندما يبدأ هؤلاء الأطفال في إهانة الطلاب الآخرين بأسماء غير مهذبة ونعتهم بصفات مسيئة، يكون الهدف السيطرة عليهم والتسلط عليهم.

 إذا كان المراهق لا يريد أن يكون ضحية، فعليه الانضمام إلى مجموعة ما. غالباً ما يصبح الأطفال الذين لا يجيدون التواصل الاجتماعي -ذوو الشخصيات الخجولة أو السلبية – أهدافاً لهذه العصابات، نتيجة الخوف من أي تعنيف.

غالباً ما نفكر في المتنمر على أنه ذكر، لكن النسبة المئوية للفتيات اللائي يخيفن زملاءهن في الصف تتزايد بشكل كبير. وكما هو الحال مع الفتية، يمكن أن تكون إساءة المعاملة جسدية أو عاطفية وتسمى بلطجة العلاقات أو relational bulliny.

ويمكن أن تشمل بلطجة العلاقات التكتيكات التالية:

منذ سن مبكرة، عليك أن تعلّم طفلك ماهية البلطجة أو التنمر. يمكنك إخباره بما يلي (أو حتى نشر هذه الكلمات على لوح في منزلك بمكان ما).

أنت تتنمر عندما:

ثم عليك ترسيخ القاعدة بأن هذه التصرفات مرفوضة في المنزل.

يتوجب على الأهل بدء ثقافة المساءلة مبكراً، وتعليمهم معنى كلمة المساءلة، عبر القول مباشرة:

“سوف تتحمل مسؤولية هذا النوع من السلوك”

ومن المهم أيضاً التحدث عن كيفية معاملة الآخرين. اسأل طفلك:

“كيف يجب أن تعامل الآخرين؟”.

والجواب هو:

“نعامَل الآخرين باحترام. إذا كانوا لا يحترمونك، فابتعد. احترام الآخر يعني عدم نعته بأسماء مهينة أو تهديده أو ضربه أو السخرية منه”.

يمكنك أيضاً أن تقول لطفلك:

“استمِع إلى الآخر، واقبله. إذا كان لا يرغب في اللعب بألعابك أو لا يرغب في مشاركة الأشياء الخاصة به، فعليك أن تتقبل ذلك”.

هذا ليس بالأمر السهل على الأطفال، لكنهم سيتعلمون مع الوقت. 

وتشرح باير قائلةً: “قد يكون الطفل مفتقراً إلى المهارات الاجتماعية إلى حد كبير، لذلك يجب التركيز على محاولة تطوير مهارات الصداقة، عبر المساعدة في تنمية التعاطف وفهم مشاعر الآخرين”.

يحتاج الأطفال شرح مفهوم البلطجة أو التنمر مرات عديدة. بهذه الطريقة، عندما تحصل أمامهم، يمكنهم التعرف عليه وإيقاف السلوك، سواء في أنفسهم أو في الآخرين.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى