آخر الأخبارتقارير وملفات

تصاعد خطاب الكراهية في قلب أوروبا ..انتقل من الألفاظ إلى الأفعال ضد الإسلام والمسلمين

الخبير السياسى والمحلل الإقتصادى

دكتور صلاح الدوبى

الأمين العام للمنظمة

رئيس منظمة “إعلاميون حول العالم” فرع جنيف- سويسرا

رئيس اتحاد الشعب المصرى

تجاوزت اتجاهات العداء للمسلمين في الدول الأوروبية مجرد الخطابات الشعبوية التي تتبناها التيارات اليمينية المتطرفة؛ حيث انتشرت في الآونة الأخيرة حملات تهديد للمسلمين واعتداءات جسدية ولفظية على المحجبات والملتحين، بالإضافة إلى كتابة شعارات نازية على منازل المسلمين أو الاعتداء عليها، وصولًا لإتلاف السيارات، وتنظيم الاعتصامات، واستخدام موادٍ حارقة.

وتأتي هذه الموجة الجديدة من جرائم الكراهية ضد المسلمين عقب الإعلان عما يُسمى “يوم عقاب المسلمين” في الدول الأوروبية في 3 أبريل 2018 والذي يتضمن نظامًا وضعه بعض المتطرفين للمكافأة بالنقاط لمن يقوم بممارسات عدوانية ضد المسلمين، وهو ما يُعد تطورًا خطيرًا في طبيعة جرائم وممارسات الكراهية والتمييز الديني في الدول الغربية.

يوم “عقاب المسلمين”

تصاعدت جرائم الكراهية والاعتداء على المسلمين مؤخرًا، وهو ما تزامن مع صعود الاتجاهات الراديكالية التي تجلت في الغرب في السنوات الماضية؛ فقد توعدت رسائل بريدية مجهولة المصدر المسلمين بالعقاب يوم 3 أبريل 2018، في إطار ما سُمي “يوم عقاب المسلمين”، مطالبة مستلميها بتعذيبهم، والاعتداء عليهم بمختلف الطرق، مقابل نقاطٍ تُمنح لمرتكبيها، وذلك على النحو التالي: (25 نقطة مقابل نزع حجاب امرأة، و500 نقطة مقابل قتل مسلم، و1000 نقطة مقابل تفجير مسجد).

وتعهد كاتب الرسالة بتقديم جوائز لكل من يرتكب فعلًا عنصريًّا عنيفًا ضد المسلمين، بدءًا من الإساءة اللفظية، مرورًا بالاعتداءات الجسدية، وتجريد المسلمات من غطاء رؤوسهن، وصولًا لإلقاء المواد الحارقة عليهم. وبذلك يدخل المواطنون في سباقٍ لجمع النقاط من خلال تنفيذ أكبر عدد من عمليات الاعتداء.

وقد وردت في هذه الرسائل العبارة التالية: “لقد ألحقوا بكم الأضرار، وجعلوا أحباءكم يعانون، تسببوا لكم في الألم، فماذا ستفعلون الآن.. ما عليكم إلا أن تقلبوا الأمر عليهم، لأنكم لديكم القوة، لا تكونوا جبناء!”، واحتوت الرسائل على صورة خنجرٍ مصحوبًا بـحرفي (MS)، ويرجح ارتباط هذه الرسائل بجماعة “ذابح المسلمين” المعروفة بكرهها للإسلام والمسلمين، والتي سبق لها استهداف عددٍ من المساجد في الولايات المتحدة الأمريكية، ولندن. وقد حظيت تلك الرسائل -سواء الإلكترونية أو الورقية- بانتشارٍ واسع في لندن، وميدلاندز، ويوركشاير، وبرمنجهام، بجانب مواقع التواصل الاجتماعي.

كما تلقى أربعة من أعضاء البرلمان المسلمين البريطانيين عن حزب العمال البريطاني في منتصف مارس 2018، رسائل معادية للإسلام والمسلمين تدعو إلى شن هجمات على المسلمين في بريطانيا. وهو الأمر الذي تُحقق فيه الشرطة وضباط مكافحة الإرهاب سعيًا لتحديد مصدرها.

كيف يجاهر يميني فرنسي بكراهية المسلمين

زمور عن المسلمين: سيعاملوننا كمستعمرين عن طريق الجهاد، ووسيلتهم الكلاشنكوف وزيهم الجلباب (وكالات)

أن الجرائم ضد الإنسانية تبدأ دائما بالكلمات، ثم الوصم بالعار فالإقصاء فالطرد فالإبادة، لأن أي خطاب يشير إلى فئة محددة من المجتمع الوطني، يشكل تطبيعا مع التمييز على أساس الأصل أو الثقافة أو الدين، ويحبس المجتمع في هوية متخيلة، ويحول “الآخر” إلى كبش فداء، وهذه هي بضاعة إريك زمور، بحسب افتتاحية لوموند.

فهذا الرجل الجدلي يتلاعب ويذكي المخاوف الحقيقية المتعلقة بالهجرة، كي يعرض المسلمين الذين يعيشون في فرنسا على أنهم طليعة انتقامية تقود المستعمَرين السابقين “لتحل محل الفرنسيين الأصلاء”، كما لو أن فرنسا لم تكن دولة هجرة قديمة غنية بتنوعها، وكما لو أن “المسلمين” شكلوا مجتمعا موحدا قريبا من الاستيلاء على السلطة، بحسب الصحيفة.

إن خطاب زمور -الذي ألقاه خلال اجتماع اليمين المتطرف الذي نظم يوم السبت 28 سبتمبر/أيلول من قبل أقارب ماريون مارشال، لوبان سابقا- كان عنيفا ولا معنى له، وهو دعوة علنية “لقتال جيش احتلال زيه العسكري هو الجلباب”، مما يبرز العدو في زي المسلم.

تصاعد الكراهية في قلب ألمانيا

الاغتيالات في هاناو تؤكد تصاعد الكراهية والعنصرية في ألمانيا. وهذا العنف الوحشي ضد أناس من أصول مهاجرة يجب أن يحرك أخيراً صناع القرار السياسي والمجتمع المدني،والآن يحصل ذلك في هاناو، فللمرة الثالثة في غضون شهور قليلة تفجرت الكراهية والحماقة لتشق طريقها في ألمانيا. فبعد اغتيال السياسي المحافظ فالتر لوبكه في يونيو/ حزيران من العام الماضي 2019 أمام بيته بسبب التزامه لصالح اللاجئين ودعمه لهم، كانت بوابة الكنيس الثابتة في مدينة هاله وحدها التي منعت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي متطرفا يمينيا من التسبب في حمام دم داخل المعبد المليء بالناس. والآن قتل رجل في هاناو بالقرب من فرانكفورت عشرة أشخاص. وفي شريط فيديو روج الرجل قبلها للعنصرية ونظريات المؤامرة قبل أن يقتل ضيوفا في مقهيين للشيشة ووالدته.

حوادث كثيرة تثير قلق المجتمع حول اعتداءات اليمين المتطرف في ألمانيا، ابرزها مقتل المسؤول المحلي المحافظ فالتر لوبكه في كاسل وسط ألمانيا والاعتداء على مواطن إريتري. وزيرة العدل لامبرشت تطالب بمواجهة الظاهرة بصرامة اشد.

وتشتبه السلطات الألمانية في أن اليميني المتطرف، شتيفان إي.، قتل المسؤول الحكومي لوبكه في حزيران/يونيو الماضي برصاصة في الرأس. ويقبع المشتبه به في السجن الاحتياطي حاليا. ويجري الادعاء العام تحقيقات ضده بتهمة القتل. ويرجح الادعاء العام وجود خلفية يمينية متطرفة وراء الجريمة.

وفي مدينة فيشترسباخ الصغيرة بولاية هيسن غربي ألمانيا، أصيب إريتري 26 (عاما) بجروح بالغة إثر تعرضه لطلق ناري في البطن على يد ألماني 55 (عاما) يوم الاثنين الماضي. وعقب ارتكاب الجريمة قتل الألماني نفسه. ويرجح المحققون وجود دوافع عإن الشرطة ألقت القبض على ستة رجال اليوم الاثنين (الأول من أكتوبر/ تشرين أول 2018)  للاشتباه في تشكيلهم منظمة يمينية متطرفة هاجمت أجانب في مدينة كيمنتس بشرق البلاد وخططت لهجمات على سياسيين وموظفين في الحكومة. وأضاف المكتب أن نحو 100 من رجال الشرطة ترافقهم وحدات من القوات الخاصة ألقت القبض على ستة مشتبه بهم تتراوح أعمارهم بين 28 و30 عاماً بناء على طلب اعتقال أصدرته محكمة العدل الاتحادية يوم 28 سبتمبر/ أيلول.

وأطلقت المجموعة نفسها تسمية “ثورة كيمنتس”، وكانت على اتصال بشخص يدعى كريستيان ك. (31 عاماً)، كان الادعاء العام في
كيمنتس ألقى القبض عليه في 14 أيلول/سبتمبر الماضي بتهمة تكدير السلم العام، ويقبع المتهم في السجن على ذمة التحقيق منذ ذلك الحين.

أرض خصبة لقتلة وسط المجتمع

هؤلاء الجناة تجمع بينهم كراهية كل ما لا ينسجم مع تفسيرهم القومي العنصري لألمانيا. سيان أكانوا على تواصل بينهم على الانترنت أو على تواصل مع أشخاص يمينيين متطرفين أو مجموعات أم لا: ألمانيا يجب عليها أن تُقر بأن تصعيد الكراهية وصل إلى قلب البلاد. السياسيون وكذلك المجتمع المدني يجب عليهم مجابهة حقيقة أن الأرض الخصبة لهؤلاء القتلة هي الإديولوجيات العنصرية والمعادية للنساء واليمينية المتطرفة التي تلقى من جديد الإقبال في كثير من الدوائر.

هذه الجرائم لا يمكن النظر إليها كجنح منفصلة عن بعضها البعض. وبغض النظر عما إذا كان هذا العنف المُحتقر للبشر يتم توجيهه ضد سياسيين منفتحين على العالم أو ضد يهود أو مسلمين، فهو تعبير عما يمكن أن ينتعش مرة أخرى في الأجواء الاجتماعية لألمانيا. وهو نداء يقظة مروع يستوجب منا التحقق فيما إذا كانت الدولة لا تزال تملك الوسائل الصحيحة للوفاء بمهمتها السيادية المتمثلة في حماية الأمن الفردي للمواطنات والمواطنين، وذلك حسبما ينص عليه دستورنا ـ أي بغض النظر عن الأصل والدين أو الجنس.

الكراهية والحماقة في الشبكة العكبوتية تأتي بالموت

ما هي الإجراءات التي يجب اتخاذها من أجل تجفيف فقاعة الكراهية والحماقة في الشبكة العنكبونية؟ فالأخيرة ليست مجالا افتراضيا لنفوس ضعيفة ومشوشة يمكنها التحرك تحت حماية حرية الاستعلام كيفما يحلو لها. هاناو دليل إضافي على أن الفتنة لا تخلو من عواقب، بل تجلب الموت.

والسياسة يجب عليها أن ترد بوضوح وسرعة ليس بالكلمات فقط. وفيما عدا ذلك سينقلب الوضع يوما ما ويصبح في النهاية كل شيء عرضة للمساومة فيما يتعلق بدولة القانون والحريات الفردية التي تضمنها. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل انتقت كلمات واضحة بهذا الخصوص: صحيح أن “العنصرية سم”، لكن التشخيص وحده لا يكفي. الجواب يجب أن يكون حملة مكافحة ضد جميع الإيديولوجيات التي تحتقر البشر! وضد نشرها في الشبكة. وهذه المسؤولية لا يمكن تركها فقط على كاهل فيسبوك أو تويتر أو شركات كبرى أخرى.

مخاطر اليمين المتطرف في أوروبا … هولندا وتنامي التيارات الشعبوية

شهدت  هولندا في الآونة الأخيرة تزايُدًا ملحوظًا في ظاهرة اليمين المتطرف، والاعتداءات العنصرية غير المبررة، والناتجة في الأساس عن تمييز قائم على أُسس طائفية وعرقية ودينية، وكشف جهاز المخابرات الهولندي أن اليمين المتطرف  ربما يشكلون خطرًا على البلاد في المستقبل القريب، لا سيما في تهيئة أرضية خصبة للعنصرية  والاستقطاب العنيف داخل المجتمع.

استراتيجية جذب اليمين المتطرف الى أنصار جدد

يستفيد التيار الشعبوي اليميني المتطرف في هولندا من القلق الذي يسيطر على العمال والفقراء والمهمشين، فيما يتعلق بقضايا العمل والأجور والتفاوت الإجتماعي وغيرها. ويروج شعارات قوية ضد المؤسسات وضد الحكومات وضد الأحزاب التقليدية التي تداولت الحكم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية متهماً إياها بأنها لم تفعل شيئاً للحد من ظاهرة التفاوت أو لرفع مستوى المعيشة الحقيقي للعمال وللفقراء. وتقترب هذه الشعارات من عقلية الفئات الإجتماعية البسيطة المهمشة التي ترى الحياة في صورة أبيض وأسود فقط.

وزاد من تأثير الشعبويين أنهم بارعون في استخدام تكنولوجيا الاتصالات الحديثة خصوصاً السوشيال ميديا، وتركيزهم على موضوعات سطحية واستخدامهم شعارات ديماجوجية بسيطة مفهومة للأغلبية المهمشة. كذلك زاد من قوة الشعبويين لجوء بعض الأحزاب والجماعات السياسية إلى التركيز في برامجها على قضية واحدة أو شعار واحد فقط، بدون ربط مع بقية القضايا العالقة التي يعاني منها الناخبون.

حزب “بيم فورتاين”

حزب متطرف اسس فى 24 فبراير 2002 مؤسسه السياسي الهولندي المتطرف والمثير للجدل “بيم فورتاين” الذي توفي بعد وقت قصير من نقله للمستشفى بعد اغتياله من مجهول في حديقة “ميديا بارك” في مدينة هيلفيرسوم مركز الإذاعة والتليفزيون الهولندي بستة رصاصات أصابت صدره ورقبته ورأسه.

وكان بيم فورتاين الذي كان يتباهى بأنه”شاذ جنسيا” قد صعد نجمه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وذلك بتصريحاته المندفعة والعنصرية ضد الإسلام وضد الجالية العربية والإسلامية. حيث دعا لشن ما أسماه بالحرب الباردة ضد الإسلام. ووصف المسلمين بأنهم دائما يكذبون!! وأنه في حال وصوله للحكم سيمنعهم من دخول هولندا. ودعا لإلغاء المادة الأولى في الدستور الهولندي والتي تنص على المساواة بين المواطنين. ووصف الإسلام بأنه ثقافة متخلفة. وقد كانت تصريحاته وتحركانه السياسية المتطرفة كالحجر الذي حرك ماء الحياة السياسية الهولندية الراكد.

ويقول السياسى اتييس رودوين: كي نعرف سبب تنامي التطرف علينا أن نستوعب ان المجتمع الهولندي كان يصوت للجماعات السياسية او الإجتماعية و كان تأثير الدين كبيرا بخاصة لدى الكاثوليك و البروتستانت و كان يوجد نوع من التقسيم بين الجنوب و الشمال و الدين كان عاملا مؤثرا جدا و لما غاب التأثير الديني أخذت الأحزاب تؤثر بالناس و اقتراعهم

” حزب من أجل الحرية “

حزب من أجل الحرية هو حزب سياسي هولندي تأسس في 22 فبراير 2006. الحزب ذو توجهات يمينية متطرفة معادية للأجانب، خصوصاً المسلمين. يحمل أجندة ليبرالية متطرفة يستند منهجه إلى التراث اليهودي المسيحي بأوروبا رافضًا للقوميات، وتتشابه أفكاره مع حزب الجبهة الوطنية الفرنسي.

مؤسس الحزب هو خيرت فيلدرز السياسي اليمني المتطرف الذي أثار عاصفة من الاحتجاجات في العالم الإسلامي بسبب إنتاجه لـفيلم فتنة وبسبب تصريحاته المتكررة ضد الإسلام،في انتخابات 2010 حاز هذا الحزب 24 مقعداً من أصل 150 في مجلس النواب في البرلمان، ما جعله ثالث أكبر الأحزاب. كما يحظى هذا الحزب المتطرف بعشرة مقاعد في مجلس الشيوخ في البرلمان الهولندي و5 نواب في البرلمان الأوروبي.

يعلن دائما زعيم «حزب الحرية» اليميني المتطرف غيرت فيلدرز الذي يتجول وسسط حماية امنية دائمة انه لو حكم فسيمنع المسلمين من التوافد الى هولندا و يطالب بوقف هجرة المغاربة الى بلاده. وغالبا ما يوصف فيلدرز (54 عاما) بأنه الرجل “الأكثر حماية” في البلاد وهو يحظى بحماية أمنية على مدار الساعة.

ويؤيد فيلدرز  نحو (20%) من الناخبين الهولنديين. هذه الأرقام تثير مخاوف المهاجرين المسلمين رغم مبادرات التضامن معهم كتلك التي نظمت في مسجد في أمستردام وشارك فيها أيضاً هولنديون من أصول غير مسلمة.

تتشكل هولندا غالبا حكوماتها بواسطة ائتلاف حكومي و الأكثرية السياسية الهولندية لا ترغب بالتعاون مغ خيرت فيلدرز اليميني المتطرف ، ولم يسبق لاستحقاق انتخابي هولندي أن استقطب اهتماماً أوروبياً ودولياً مثل الذي تحظى به المعركة الانتخابية الحامية التي تدور رحاها حالياً بين «حزب المحافظين الليبراليين» (VDD)، التي يتزعمه روته، و«الحزب من أجل الحرية» (PVV) اليميني المتطرف، الذي يقوده غيرت فيلدرز.

رصدت استطلاعات الرأي، فى عام 2017 قبل الانتخابات الهولندية ، صعوداً مقلقاً في شعبية الخطاب العنصري الذي يجاهر به فيلدرز، حيث يرتقب أن ينال ما بين (15 و20 %) من أصوات الناخبين، ما يخوّله الفوز بنحو (19) إلى (23)مقعداً نيابياً (من مجموع 150)، فيما تراجعت شعبية روته الى مستويات مقاربة، حيث يرتقب أن ينال ما بين(23) و(27) مقعداً.

لم يكتم قادة أوروبيون ارتياحهم لفوز رئيس الوزراء الهولندي الليبرالي مارك روتي على منافسه غيرت فيلدرز، المناهض للإسلام وللاتحاد الأوروبي، في انتخابات عامة « صفعت» التيار الشعبوي اليميني المتطرف في البلاد، على رغم أنه عزّز مقاعده في البرلمان. ، وأفادت وكالة الأنباء الهولندية بأن حل «حزب الحرية» بزعامة فيلدرز فى المركز الثانى بـ20 مقعداً.

انشطة متطرفة يمثلها حزب فيلدرز

ينظم الحزب العديد من المظاهرات المناهضة للاسلام والمهاجرين فقد احتشد مئات المتظاهرين من اليمين المتطرف  فى يناير 2018 في إحدى ساحات محطة القطارات المركزية في روتردام احتجاجا على ما وصفوه بـ”التمييز الممارس ضد المواطنين الهولنديين العاديين” لمصلحة المهاجرين والمسلمين.

وتأتي التظاهرة التي شارك فيها نحو (700) شخص من مؤيدي اليمين المتطرف في وقت تستعد الأحزاب الهولندية لخوض انتخابات في آذار/مارس من المتوقع أن تطغى على حملاتها قضايا الهجرة والاندماج،خاض حزب فيلدرز الانتخابات في نحو (30)دائرة من أصل (355)، حيث يبلغ عدد الناخبين المسجلين (13) مليونا، وهو يواجه صعوبات في إيجاد مرشحين يمثلونه في دوائر أخرى.

اعلن حزب الحرية بأن مقر البرلمان الهولندي سوف يستضيف مسابقة دولية لرسومات كاريكاتورية حول النبي محمد. وأوضح زعيم حزب الحرية الهولندي، في تغريدة له على “تويتر”، أن المعرض سيقام نهاية العام الجاري، مضيفا أنه “تلقى بالفعل أكثر من 100 من الرسوم الكاريكاتورية، وأن الباب ما زال مفتوحا لتلقي المزيد من الرسومات من مختلف أنحاء العالم.

يقول حزب الحرية إن المسابقة تمت الموافقة عليها من قبل وكالة مكافحة الإرهاب فى البلاد.وسيقيم الرسوم من قبل رسام الكاريكاتير الأمريكى بوش فاوستن، الفائز فى منافسة مماثلة بتكساس منذ ثلاث سنوات، استهدفها مسلحان مسلمان.

حركات متطرفة متطورة

انتشر فى هولندا عدد من الحركات  اليمينية المتطرفة التى سعت الي تنفيذ العديد من الاعتداءات العنصرية ومنها :

حركة “إد فيرزيت”

كشفت وكالة أنباء الأناضول في عددها الصادر 20 يناير 2018 أن حركة “إد فيرزيت” اليمينية المتطرفة ، قد اعتدت على مسجد “أمير سلطان” في العاصمة الهولندية “أمستردام”، عبر تعليق لافتة كُتِبَ عليها عبارات عنصرية ناتجة عن ظاهرة الإسلاموفوبيا، ومجسم لإنسان مقطوع الرأس، على باب المسجد.

ذكرت وسائل إعلام أن أعضاء من حركة “إد فيرزيت” (اليمينية المتطرفة)، صعدوا على سطح مدرسة “كورنيلوس هاجا” الثانوية بالعاصمة أمستردام مع بداية اليوم الدراسي، وعلقوا لافتة تحمل عبارات عنصرية ، نفذت الحركة نفسها اعتداءً إسلاموفوبيًّا على مسجد “التوحيد” التابع لوقف الديانة التركي في مدينة “فينلو” الهولندية، وعلق أعضاء الحركة آنذاك لافتة تحمل عبارات عنصرية على مئذنة المسجد تحمل عبارات مكتوبة باللغتين التركية والهولندية مثل ” “ابتعدوا من هنا، لا نريد مسلمين، هولندا ملكنا، لا نريد مساجد في منطقتنا”.

حركة (بيغيدا)

افادت بعض الصحف في  مارس 2018  أن أعضاء من حركة (بيغيدا) المعادية للإسلام والمهاجرين في هولندا، غرست 23 صليبًا في أرض مخصصة لبناء مسجد في مدينة (أنسخديه) (Enschede) الهولندية، والغريب أن النيابة العامة في المدينة صرحت أن أعضاء الحركة الذين غرسوا الصلبان في الساحة المخصصة لبناء المسجد لن يتم تقديمهم للمحاكمة. جاء ذلك في تصريح للنيابة العامة قالت فيه: “إن العبارات التي قالها أعضاء هذه الحركة على الرغم من أنها عبارات صادمة إلا أنها لا تحمل احتقارًا ولا عنصرية ضد مجموعة معينة”.

هل الإعلام الأوروبي متواطئ في سطوع نجم اليمين المتطرف ؟

م يعتد الإسبان على مشاهدة نواباً من اليمين المتطرف داخل قبّة برلمان بلادهم، لكن انتخابات الـ 28 أبريل التشريعية أوصلت اليمين الشعبوي المتطرف للمرّة الأولى في تاريخ الديمقراطية الإسبانية الحديثة نسبياً إلى مجلس النواب والمجالس الجهوية. حزب “بوكس” اليميني المتطرف تأخر كثيراً في ولوج المؤسسات الدستورية الإسبانية، فالحزب الذي تأسس سنة 2014 لم يتمكن من دخول البرلمان الوطني قبل سنة 2019، أما البرلمانات الإقليمية فقد تمكّن الحزب من الوصول إليها أواخر سنة 2018 بمنطقة الأندلس، أين حصل على 12 مقعداً من أصل 109 نواب. وظلّت إسبانيا عصيّة على اليمين المتطرف حتى وقتٍ قريب. هذا اليمين الذي استطاع الوصول إلى ترأُسِ الحكومة كل من بولندا والمجر، بينما يُشارك في الحكومة في إيطاليا والنمسا ويتصدر أحزاب المعارضة في العديد من البلدان كسويسرا، فرنسا، هولندا والدنمارك وغيرها.

صحيح أن هذه الأحزاب قد جاءت للسلطة أو للمعارضة عن طريق صناديق الاقتراع، وصحيح أيضاً أنها انعكاس حقيقي لجزء من المجتمعات الأوروبية، بل وتعطي صورةً واحضة غير مشوشة عن أوروبا الحقيقية التي تتشدق بالدفاع عن حقوق الإنسان وتنبذ التطرف في كل ميادين الحياة. لكن اليوم وقد حتى طفت للسطح من رحم أوروبا أحزاب تنادي بالعداء للأجنبي وخاصة المهاجر والمسلمين والعرب بصفةٍ أدق، على المؤسسات الأوروبية التصدّي لهذا الخطر الذي يهدد تمايز المجتمعات الأوروبية. وتتعدد أسباب سطوع نجم هذه الأحزاب وتتداخل فيها الأزمة الاقتصادية والركود الذي تعاني منه معظم دول القارة العجوز إلى موجات الهجرة بسبب النزاعات في الشرق الأوسط وإفريقيا إلى فشل الأحزاب التقليدية العريقة في ترجمة طموحات وتطلعات الشعوب على أرض الواقع.

ولكل بلدٍ ظروفه الخاصة التي ساهمت في صعود اليمين المتطرف، ففي الحالة الإسبانية كان موضوع كتالونيا هو الوقود الذي استعمله اليمين المتطرف في حملاته الإنتخابية، فقد صوّر الكتلانيين كأعداء لإسبانيا يحاولون تمزيقها، في محاولةٍ لشيطنة مؤيدي استقلال الإقليم. وفي هذه النقطة كان خطاب اليمين المتطرف جاذباً لمن يَحِنّون لحقبة الدكتاتور فرانكو، وهم ليسوا أقلية في المجتمع الإسباني، وحتى وإن لم يقدم اليمين المتطرف أي حلٍّ لهذه الأزمة فقد إكتفى بترديد شعارات برّاقة صعبة التطبيق على أرض الواقع من قبيل حظر الاحزاب الاستقلالية أو إلغاء الحكم الذاتي بكتالونيا أو حتى إدخال الجيش للسيطرة على الوضع. ويقوم خطاب اليمين المتطرف على التبسيط وقنبلة المتلقين بعشرات الرسائل والوعود الكبيرة مستحيلة التطبيق، وهو يستهدف في ذلك جمهور مستعد لتصديق كل تلك الوعود دون تمحصيها أو دراسة مدى قابليتها للتطبيق في الميدان.

وبدأ مسلسل التطبيع مع اليمين المتطرف في الإعلام الغربي، ففي إسبانيا مثلاُ ضخّمت وسائل الإعلام حجم اليمين المتطرف وأفردت له مساحاتٍ واسعة في تغطياتها للحديث عنه، حتى أضحى جاذباً لشريحة مهمة من المجتمع حسب استطلاعات الرأي. ولم تكتفِ وسائل الإعلام بالحديث بكثرة عن اليمين المتطرف، بل راحت تستضيف زعماءه الذين ملأوا الشاشات قبل الإنتخابات التشريعية الأخيرة وحتى الأوروبية المرتقبة نهاية الشهر الجاري. وتهدف وسائل الإعلام من خلال منح مساحة كبيرة لليمين المتطرف إلى الرفع من نسبة المشاهدة، بالنظر إلى أن مؤيدي اليمين المتطرف وسياسييه يُطلقون تصريحات نارية ومثيرة للجدل بين الفينة والأخرى ولا يتلزمون بأية حدود أو معايير، لأنهم ببساطة يدركون أن ذلك الخطاب هو سرُّ بقائهم وعنصر جذب للمصوتين الناقمين على اليمين التقليدي المحافظ والوسطي الليبرالي، إذ أنهما لم يعودا يمثلا مبادئ اليمين.

وقبيل الانتخابات الأوروبية أصبح مألوفاً مشاهدة مؤيدي اليمين المتطرف وزعماؤه يحتلون الشاشات موجهين خطاباتهم السّامة والمعادية للآخر في مشهدٍ لم تكن أوروبا تتوقعه حتى وقتٍ قريب. وبعد وصول اليمين المتطرف للحياة السياسية بإسبانيا، تبقى البرتغال القلعة الوحيدة التي صمدت إلى الآن في وجهه. ورغم خطابات اليمين المتطرف ووعوده المستحيلة إلا أنه عندما يصل للمؤسسات ويُدرك استحالة تطبيقها، لأن تركيبة السلطة في الدول الديمقراطية هي أبعد من أن يتم تجاوزها بكل تلك البساطة التي كان اليمين المتطرف يسوِّق لها. فقد وعد حزب “بوكس” اليميني المتطرف مثلاً في حملته الانتخابية بإقليم الأندلس، شهر ديسمبر الماضي، بطرد 42 ألف مهاجر فور فوزه بمقاعد في البرلمان، وقد شكل ذلك مصدر إغراء للعاطلين عن العمل، وهم كُثُر في الأندلس، ضمن فئاتٍ أخرى معادية للأجانب، وبعد دخوله إلى البرلمان تأكد أنه لن يتمكن من تنفيذ وعده، ليتكشّف بعد ذلك أن هذا الرقم خيالي وغير موجود.

ويجد اليمين المتطرف الأوروبي في الإعلام خير حليفٍ له للوصول إلى الناخبين بتمرير رسائله المعادية للتعايش الذي تنادي به أوروبا، وهي تناقضات يُنتظر أن تجيب عنها أوروبا في الأيام القادمة بعد إتضاح صورة البرلمان الأوروبي الجديد الذي يُتوقع أن تكون لليمين المتطرف فيه كلمته.

إن تصاعد التمييز ضد الأقليات الدينية والعرقية في أوروبا، وشيوع التحريض والكراهية في الخطابين السياسي والإعلامي “توجهات تمنح انتصارات مجانية لدعاة الكراهية”.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى