تقارير وملفات إضافية

إثيوبيا تستغل خطأً كبيراً اقترفته مصر والسودان خلال مفاوضات سد النهضة.. والآن تحاول إجبارهما على شراء مياه النيل

القاهرة والخرطوم ارتكبتا خطأً كبيراً في بداية المفاوضات الخاصة بسد النهضة، والآن تريد إثيوبيا بيع مياه النيل لمصر والسودان.

بهذه الكلمات الصادمة شرح أحمد المفتي، الخبير القانوني السابق بوزارة الري السودانية وعضو الوفد المفاوض في اجتماعات سد النهضة سابقاً  لـ”عربي بوست” الموقفَ بعد تغيب إثيوبيا عن اجتماع واشنطن الخاص لبحث توزيع حصص مياه النيل خلال فترة تشييد سد النهضة بوساطة أمريكية.

يقول المفتي، الذي يوصف بأنه “أبرز معارضي إنشاء سد النهضة الإثيوبي، إن السد لم يُشيّد لتوليد الكهرباء بل لإعادة توزيع الحصص المائية على حساب السودان ومصر.

وأضاف المفتي أن القانون الدولي يفترض أنه لا يسمح  لها بتشييد أي سد إلا بعد إعطاء الدول المشاطئة إخطاراً مسبقاً، ولكن عام 2011 تخلى السودان ومصر عن ذلك الحق، وسمحا لإثيوبيا بالتشييد، وكان بالإمكان وفقاً للمبدأ رقم 5 من إعلان المبادئ لسنة 2015، أن تجري المفاوضات بالتوازي مع عملية بناء السد.

وقال المفتي إن مصر والسودان كان ينبغي عليهما مطالبة إثيوبيا بوقف التشييد إلى حين عودتها إلى طاولة المفاوضات على أقل تقدير، أو إلى حين الفراغ من المفاوضات.

قال إن اعتذار إثيوبيا عن عدم حضور الاجتماعات في واشنطن ليس مستغرباً، وهي تعمل على تشييد السد إلى حين الفراغ منه، ثم تعود إلى المفاوضات بعد اكتمال التشييد وهي في موقف يمكنها من فرض شروطها على السودان ومصر. وأضاف أن الحصص المائية للدول الثلاث إذا ما أصرت إثيوبيا على موقفها بانسياب 31 ملياراً فقط من المياه من الهضبة الحبشية، سوف تكون وفق السيناريو الأول لإثيوبيا 17 ملياراً بعد أن كانت صفراً، والسودان 5.5 مليار بعد أن كان 12 ملياراً وفقاً لاتفاقية 1956، ومصر 27.5 مليار بعد أن كانت 36 ملياراً وفق نص اتفاقية 1956.

 السيناريو  الثاني سوف تكون حصة إثيوبيا 17 ملياراً، والسودان 7.76 مليار،  ومصر 23.25 مليار. 

قال المفتي إنه في حال أثمرت الحوافز الاقتصادية التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية للرئيس الإثيوبي، وقبلت بها بانسياب 37 ملياراً فسوف تزداد حصص السودان ومصر عن السيناريوهين السابقين، ولكن لن تصل إلى حصص اتفاقية 1959.

الحل الذي تطرحه إثيوبيا لتعويض نقصان حصص مياه السودان ومصر هو بيعها لجزء من حصتها لهما، حسبما يرى المفتي من خلال تجربته في التفاوض ومتابعته للموقف الإثيوبي.

ويضيف قائلاً: “قد يكون الخيار الذي تراه هو السماح لها ببيع حصتها الإضافية التي تريدها من مياه النيل في مقابل التبرع لهما بجزء من حصتها، هو الثمن الذي سيدفعه السودان ومصر أبد الدهر”.

ودعا المفتي الدول الثلاث لزيادة الإيراد المائي المطري في الهضبة الإثيوبية أكثر من 600 مليار، وذلك بمساعدة الولايات المتحدة والبنك الدولي، بما يحقق مصالح الدول الثلاث، وفي الوقت نفسه يحل قضية دولية شائكة.

واقترح في هذا الصدد أن تنفذ الولايات المتحدة الأمريكية استثمارات لزيادة حصيلة مياه النيل من خلال مشروعات تزيد تدفق مياه الأمطار إليه.

قال المفتي إن زيارة رئيس وزراء إثيوبيا الأسبق لمصر والسودان مؤخراً كانت لإقناعهم بأن سبب اعتذار إثيوبيا عن اجتماعات واشنطن، نهاية الشهر الجاري، هو لأن الحكومة الإثيوبية لا ترغب في توقيع اتفاق لا تضمن أن يجيزه البرلمان الإثيوبي وهي مقبلة على انتخابات.

ويرى المفتي أنها حجة قد تنطلي على السودان ومصر، ولكن من وجهة نظره سبب الاعتذار هو أن أديس أبابا لا تريد التوقيع على أي اتفاق، وترغب في استكمال تشييد السد، ثم التصرف في ملئه وتشغيله، وأنها تعتبر ذلك أمراً سيادياً. 

وكشف أنها تعمل على تجنب الدخول في التزامات مع السودان ومصر بخصوص توقيع الاتفاق، وأن الاجتماعات منذ 2011 كانت لكسب الوقت فقط إلى حين تشييد السد حسبما يقول.

الموافقة على التفاوض عبر مسار فني هندسي هي التي جعلتني أغادر ملف مياه النيل، والذي كنت عضواً فاعلاً فيه، ومستشاره القانوني حتى منذ العام 1994م.

بهذه الكلمات شرح المفتي سبب تركه ملف التفاوض مع إثيوبيا. 

ورأى أن الاحتجاجات الميدانية التي بدأت بشأن موضوع النيل سوف تستمر، وأنها تعني أن الشارع السوداني أصبح يعي مخاطر سد النهضة بعد أن كان الاهتمام نخبوياً وسياسياً. 

وأضاف أنه لا شك في أن الرفض الشعبي سوف يتمدد ويتضاعف عندما تبدأ الآثار السلبية في الظهور.

الموقف السوداني تجاه ملف سد النهضة يقوم على مصالح السودان في المقام الأول، دون الإضرار بمصالح الدول الأخرى، وفق قواعد القانون الدولي المتعلقة بالاستخدام المنصف والمعقول من غير إحداث أي ضرر، حسبما قال الصحفي السوداني أحمد عبدالعزي لـ”عربي بوست “.

وأضاف أن السودان يتطلع إلى أن يكون الاتفاق على السد مدخلاً للتعاون الإقليمي في مجالات الصناعة والطاقة والأمن الغذائي، مشيراً إلى أن الخرطوم كانت قد حققت اختراقاً كبيراً في التفاوض، سواء من خلال الدراسات الفنية لتأثيرات السد على السودان أو الدول الأخرى.

وكشف أن السودان طوال جولات التفاوض طرح العديد من القضايا التي كسرت جمود التفاوض بين العواصم الثلاث.

  ونقل عن وزير الخزانة الأمريكي قوله أمام وفود الدول الثلاث إن السودان بإمكانه أن يفك عقدة التفاوض.

ويرى الخبير الأمني السوداني طارق محمد عمر أن أكبر مخاطر سد النهضة هي في حال انهياره، لأن الماء المقرر تخزينه يعادل 76 مليار متر مكعب، وهو ضعف المياه الجارية على حوض النيل الأزرق.

وأضاف أن الانهيار قد يمسح كل المدن والقرى على ضفاف النيل الأزرق والنيل الرئيسي وأجزاء من قرى النيل الأبيض نتيجة لحبس المياه.

واعتبر أن اتخاذ تدابير لتخفيف الكارثة أمر له أهمية، ودعا إلى ضرورة البدء في مشروع القناة الرابطة بين خزان الروصيرص وأعالي ستيت وعطبرة وطوكر، مؤكداً ضرورة تأمين السد من المخاطر المتوقعة، حتى لا يكون سبباً في دمار الدول المجاورة له.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى