لايف ستايل

صلاة الجماعة والجمعة في زمن الوباء «فيروس كورونا»

مع ظهور فيروس كورونا الجديد “كوفيد-19”
وانتشاره في 81 دولة اتخذت دول تدابير تتعلق بممارسة الشعائر الدينية الإسلامية،
من بين هذه التدابير كان قرار المملكة العربية السعودية تعليق العمرة “مؤقتا
للمواطنين والمقيمين” في المملكة خشية وصول فيروس كورونا الجديد إلى المسجد
الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة، بعد نحو أسبوع من
تعليقها للمعتمرين الوافدين.

وبسبب حالة الرعب المنتشرة الآن حول العالم قرأت الكثير من تساؤلات يطرحها الناس على بعضهم البعض حول صلاة الجمعة والعمرة ودخول موسم الحج باعتبارها أحد التجمعات التي قد تنتقل فيها العدوى بشكلٍ واسع وسريع، وقد أفتى الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القره داغي الأحد الماضي بجواز منع أداء مناسك العمرة والحج مؤقتا في حال انتشر وباء كورونا بشكل قاطع وغلب الظن أن الحجاج أو بعضهم قد يصيبهم الوباء بسبب الازدحام.

وجاء في الفتوى: فيما يتعلق بمنع العمرة والحج
“الراجح أنه إذا انتشر الوباء قطعا أو تحقق غلبة الظن -من خلال الخبراء
المختصين- أن الحجاج أو بعضهم قد يصيبهم هذا الوباء بسبب الازدحام فيجوز منع
العمرة أو الحج مؤقتا بمقدار ما يدرأ به المفسدة”.

وأضاف أن الفقهاء اتفقوا على جواز ترك الحج عند خوف
الطريق، بل إن الاستطاعة (لأداء الحج) لن تتحقق إلا مع الأمن والأمان، ولذلك فإن
الأمراض الوبائية تعد من الأعذار المبيحة لترك الحج والعمرة بشرط أن يكون الخوف
قائما على غلبة الظن بوجود المرض أو انتشاره بسبب الحج والعمرة.

وبشأن ترك صلاة الجمعة، قال القره داغي إنه يجوز ترك
الجمعة والجماعة عند انتشار الأوبئة لأنها مخيفة، ولكن ذلك مشروط بأن يكون الخوف
محققا وليس مجرد وهم.، وأنه لا يجوز إغلاق الجوامع إلا إذا انتشر الوباء، موضحا
أنه عند صدور أوامر حكومية أو صحية بإغلاق المدارس والجامعات فيجوز إغلاق
المساجد. 

وقال الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
إن الإسلام يوجب الأخذ بأسباب الوقاية من الوباء والعلاج والحجر الصحي كما تفرضه
الجهات الصحية المختصة

وفيما يلي تفصيلاً واضحاً لحكم صلاة الجماعة وتركها
وقت الأوبئة

أولاً: حكم صلاة الجماعة:

حثّت الشريعة على فضل صلاة الجماعة، ففي الصحيحين
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلاَةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الفَذِّ بِسَبْعٍ
وَعِشْرِينَ دَرَجَةً[1]»، وحكم صلاة الجماعة يمكن تلخيصه في قولين:

الأول: الوجوب العيني، وبه قال عطاء والأوزاعي وأبو
ثور، وهو مذهب أحمد وابن حزم واختاره ابن تيمية[2]، وهؤلاء حملوا كل أمر في كتاب الله تعالى وسنة النبي
صلى الله عليه وسلم على الوجوب.

الثاني: عدم الوجوب العيني، وهو ما عليه الجمهور: أبو
حنيفة ومالك والشافعي، فقال أبو حنيفة ومالك بالسنية، وقال الشافعي: واجب كفائي[3]. وقد تأولوا أدلة الفريق الأول، وجعلوا الأمر للندب
واستدلوا بأدلة أخرى لا مجال لذكرها هنا.

الراجح: والذي أراه راجحاً هو ما ذهب إليه الشافعي
أنها فرض كفائي، وبهذا يجمع بين أدلة الطرفين.

ثانياً: حكم صلاة الجمعة:

وأما صلاة الجمعة فلا خلاف في وجوبها، والصحيح أن
وجوبها على الأعيان، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا
نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}
[الجمعة: 9]، وعند مسلم عن الْحَكَم بْن مِينَاءَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ
عُمَرَ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَاهُ، أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ عَلَى أَعْوَادِ مِنْبَرِهِ: «لَيَنْتَهِيَنَّ
أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى
قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ[4]».

        وبعد
بيان الحكم لكل من صلاة الجماعة والجمعة فإنه ينبغي أن ينظر إلى حكم تعليق
الجماعات والجمع على هذا النحو:

ثالثاً: ضوابط عند إلغاء الجمع والجماعات:

يجب عند تعليق الجماعات والجمع مراعاة ما يلي:

 رابعاً: هل تغلق المساجد وتعلق الجماعات
احترازاً؟

    إذا لم يظهر الوباء (كورونا)
في بلد، فهل يجوز أن يستبق الناس الأحداث ويتخذوا قرارات احترازية:

وأخيراً: فما من شيء إلا وهو من قدر الله تعالى؛ أسال
الله أن يصرف الهم والغم عن خلقه وعباده…

هذا والله تعالى أعلم…

د: أكرم كساب

[1] رواه البخاري في الأذان (645) ومسلم في المساجد
ومواضع الصلاة (650).

[2] انظر: المغني (2/ 176)، والمحلى (4/ 188)، ومجموع
الفتاوى (23/ 239).

[3] انظر: البدائع (1/ 155)، والخرشي (2/ 16)، والمجموع
(4/ 184).

[4] رواه مسلم في الجمعة (865).

[5]  رواه أحمد في المسند (5866) عن ابن عمر، وقال
محققو المسند: صحيح.

[6]  رواه ابن حبان في صحيحه، كتاب البر والإحسان
(354) وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1060).

[7] رواه أحمد (2865) وقال مخرّجوه: حسن.

[8] رواه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة (564).

[9] رواه البخاري في الطب (5770) ومسلم في السلام
(2221).

[10] رواه البخاري في الطب (5730) ومسلم في السلام
(2219).

[11]  رواه البخاري في الطب (7529) ومسلم في السلام
(2219).

[12]  عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
قَالَ: اسْتَأْذَنَ العَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ
لَيَالِيَ مِنًى، مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ، “فَأَذِنَ لَهُ”. رواه
البخاري في الحج (1634) ومسلم في الحج (1315).

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى