تقارير وملفات إضافية

شماليون أغنياء وجنوبيون مسرفون.. كورونا كشف انقساماً أوروبياً عمره 2000 عام، فهل ينهار الاتحاد الأوروبي بسببه؟

“أين الاتحاد الأوروبي؟ روسيا أفضل منه”، عبرت هذه الكلمات عن وصول الغضب من الاتحاد الأوروبي بسبب أزمة كورونا إلى مستوى غير مسبوق يهدد مستقبل هذا الكيان، الذي كان يُنظر إليه على أنه نموذج يحتذى به مناطق العالم الأخرى.   

ولكن كشفت أزمة فيروس كورونا عن انقسام داخل الاتحاد الأوروبي، إنه انقسام قديم، ولكن كورونا قد حوّله إلى صدع قد يؤدي إلى انهيار الاتحاد الأوروبي خاصة في ظل سعي بعض القوى العظمى لاستغلال الأزمة لصالحها.

وبينما تجاوز الاتحاد الأوروبي عواصف عمليات الإنقاذ المالي في منطقة اليورو، وأزمة الهجرة، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكن البعض يخشى أن تكون فيروسات كورونا أكثر تدميراً من كل هذه الأزمات، حسب وصف صحيفة The  Guardian  البريطانية.

وفي تصريح نادر، كسر جاك ديلورز، رئيس المفوضية الأوروبية السابق الذي ساعد في بناء الاتحاد الأوروبي الحديث صمته، في نهاية الأسبوع الماضي، للتحذير من أن عدم التضامن يشكل “خطراً قاتلاً على الاتحاد الأوروبي”.

وقال إنريكو ليتا، رئيس وزراء إيطاليا السابق، إن الاتحاد الأوروبي يواجه “خطراً مميتاً” جراء الوباء العالمي. 

وقال “إن الروح الجماعية لأوروبا أضعف اليوم مما كانت عليه قبل عشر سنوات”، مضيفاً أن أكبر خطر على الاتحاد الأوروبي هو “فيروس ترامب”، حسب تعبيره.

 وحذر من أنه إذا اتخذ الجميع استراتيجية “إيطاليا أولاً” أو “بلجيكا أولاً” أو “ألمانيا أولاً”، “فسنغوص جميعاً تماماً”.

 جاءت الاستجابة الأوروبية الأولية لتفشي كورونا مرتبكة، وحملت بذور الانفصالية بين الدول الأعضاء التي ميزت مسار الأزمة حتى اليوم.

فقد فرضت بعض البلدان حظر تصدير أدوات طبية حيوية، أو وضعت ضوابط حدودية تركت مواطنين أوروبيين آخرين عالقين.

الأسوأ أن بعض البلدان الأوروبية يعتقد أنها قد سرقت معدات طبية من دول أخرى، مثلما اتهمت التشيك.

 ومع تدهور الوضع في البلاد طلبت الحكومة الإيطالية المساعدة من الدول الأعضاء في الاتحاد، كما دعت المفوضية الأوروبية الدول الأعضاء لمساعدة إيطاليا. 

ولكن أعلنت فرنسا وألمانيا في البداية فرض قيود على صادرات المستلزمات الطبية كما لم تستجب الدول الأخرى لطلب المساعدة. وكانت أول استجابة لطلبات السلطات الإيطالية قادمة من الصين، التي تبعد عنها آلاف الكيلومترات. وأعلنت بكين أنه يمكن أن تبيع إيطاليا مليوني قناع طبي، وألف جهاز لتهوية الرئة و20 ألف زي واق من الفيروس. 

وعقب ذلك بفترة قصيرة أرسلت الصين إلى إيطاليا، في 12 مارس/آذار الجاري، طاقماً من الخبراء المتطوعين، إضافة إلى أطنان من المستلزمات الطبية.

 أظهرت التجربة الواقعية أن الاتحاد الأوروبي الذي يقدم نفسه على أنه أعلى من  الدول ليس بدولة، وأن أوروبا ليست بأمة.

الدولة يكون أهلها مستعدين للتضحية بأرواحهم من أجلها، الأمة يشعر أفرادها بأن أي اعتداء أو ضرر على جزء أو عضو منها اعتداء  أو ضرر عليها جميعاً، أو كما قال الرسول الكريم في حديثه عن العلاقة بين المؤمنين: “إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى“.

 ولكن في المقابل حدثت بعض الإيجابيات.

فقد فتحت ألمانيا والنمسا ولوكسمبورغ مستشفياتها لعلاج المرضى من أكثر البلدان تضرراً.

وتبرعت فرنسا وألمانيا بأقنعة أكثر لإيطاليا من الصين، وفقاً للمدير التنفيذي للاتحاد الأوروبي.

ولكن أوروبا خسرت معركة الإعلام أو معركة الروايات العالمية، حول “سياسات الكرم”. في المرحلة المبكرة من الأزمة، حسب تعبير الغارديان.

إذ أرسلت روسيا والصين إمدادات طبية إلى إيطاليا، في حين فشل أقرب جيرانها في الاستجابة الفورية لنداءات روما للمساعدة.

رغم اجتماع القادة الأوروبيين لا تزال الدول الأوروبية منقسمة حول كيفية مساعدة الاقتصاد على تجاوز الأزمة.

لقد فتح الوباء جراح أزمة منطقة اليورو، وأعاد إحياء القوالب النمطية حول المقارنة بين الأوروبيين الجنوبيين المسرفين، والأوروبيين الشماليين المجتهدين الحريصين على  قيم العمل وادخار الأموال.

ولكن الخلاف الأكبر يدور حول إصدار سندات لمعالجة الأزمة، تعرف باسم سندات اليورو، وهو ما قد يؤدي إلى تفاقم العجز بما يخالف القواعد الأوروبية.

تنقسم أوروبا بين معسكرين، حول كيفية الاستجابة للتداعيات الاقتصادية الناجمة عن Covid-19.

تريد فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وما لا يقل عن ست دول أخرى إصدار ديون مشتركة في منطقة اليورو، ما يسمى “سندات كورونا”، رغم مخالفة ذلك للاتفاقية المنظمة للاتحاد الأوروبي.

بينما تستمر ألمانيا والنمسا وهولندا في تجنب الفكرة.

ويتزعم رئيس مجموعة وزراء مال دول منطقة اليورو رئيس حكومة لوكسمبورغ جان كلود يونكر، فكرة إصدار سندات باليورو بدعم من عدة دول متوسطية.

وواجهت ميركل الفكرة بالرفض التام، وهو ما اعتبره يونكر “موقفاً مناهضاً لأوروبا وللتضامن بين الأوروبيين”.

أما فرنسا فموقفها متذبذب، فقد أعلنت باريس دعمها لبرلين. وجدد ماكرون وميركل تمسكهما بالعملة الأوروبية وتطابق تحليلاتهما الخاصة بالإصلاحات البنيوية التي يُفترض إجراؤها على الوحدة التقدية والاقتصادية الأوروبية.

وأيد وزير الخارجية الألماني رئيس الحزب الليبرالي غيدو فيسترفيلّه موقف حليفته ميركل الرافضة لشراء سندات يورو حكومية، ورأى أن السندات لن تحمي العملة الأوروبية من المضاربات والدول العاجزة مادياً من السقوط.

وأضاف: “نحن لا نراعي هنا مصالح دافعي الضرائب الألمان فقط، بل أيضاً مصالح دافعي الضرائب الأوروبيين”.

تجدر الإشارة إلى أن عمليات الاقتراض في دول اليورو تتم حتى الآن عبر سندات مستقلة، تُصدرها كل دولة أوروبية عضوة في الاتحاد على حدة، وتطرحها في أسواق المال العالمية للحصول على ما تحتاجه من قروض.

وتختلف نسبة الفائدة على هذه القروض وفقاً لمدى توازن موازنة كل دولة وقوة اقتصادها. 

وتدفع الدول التي تعاني أزمات مثل أيرلندا واليونان فوائد على القروض المستدانة أضعاف ما تدفعه الدول المستقرة، حيث تتراوح الفوائد بين 3% لألمانيا و11% لليونان.

في القمة الأوروبية الأخيرة، فشل الزعماء الأوروبيون في التوصل إلى قرار، وتم تمرير المشكلة لوزراء المالية، الذين تلقوا تعليمات لإيجاد مخرج من الطريق المسدود.

هذا الانقسام تكرر خلال أزمات مالية سابقة، وخاصة أزمات اليونان، وإن كانت فرنسا أقرب لموقف ألمانيا في ذلك الوقت.

اللافت أن الكتلة الأولى، تكاد تمثل ما يمكن أن نسميه أوروبا اللاتينية الفقيرة بالمعايير الأوروبية (باستثناء فرنسا التي لا يمكن وصفها بالفقيرة بهذه المعايير).

أما المعسكر الثاني فيضم بالأساس ألمانيا والنمسا وهولندا، والتي يمكن وصفها بأوروبا الجرمانية الشمالية.

لا يعد هذا انقساماً اقتصادياً، فحسب، بل هو انقسام ثقافي وعرقي يعود إلى نحو ألفي عام، انقسام  قام تاريخياً على حدود نهر الراين منذ عهد الإمبراطورية الرومانية.

إذ فصل هذا النهر بين المناطق اللاتينية الثقافة، التي هي عرقياً خليط من الرومان والكلت (الشعب الذي كان يسود فرنسا وأجزاء عديدة من أوروبا قبل احتلال الرومان لها)، ومن بين المناطق التي غلبت عليها القبائل الجرمانية الغازية لأوروبا الوسطى والجنوبية والقادمة أصلاً من شمال أوروبا وإسكندنافيا.

أنه انقسام بين أوروبا الشمالية ذات الطقس البارد الضبابي التي يتسم سكانها بالجدية والمهارة في العمل، والتي تظهر في دقة الماكينات الألمانية والطواحين الهولندية، وبين أوروبا الجنوبية ذات الطقس الجميل التي يظهر أهلها عبقرية في الفن، وحب الحياة، ولكن لا يضاهون جيرانهم الشماليين في مهاراتهم الصناعية.

إنه صراع تجسده المنافسة بين سيارات فولكس فاغن الألمانية وفيات الإيطالية.

وتمثل فرنسا حالة وسطى بين أوروبا الشمالية، والجنوبية، وهي أمة لاتينية اللغة، ولكنها أقرب جغرافياً لأوروبا الشمالية، وهي حتى من الناحية السلالية  تضم خليطاً من الأجناس البحر المتوسطية السائدة في جنوب أوروبا، والأجناس الكلتية الوسطية والجرمانية الشمالية. 

وحتى في الاقتصاد، تبدو فرنسا حالة وسط  بين المعجزة الألمانية، والنجاحات المتعثرة لدول أوروبا الجنوبية. 

وأدت هذه الاختلافات الاقتصادية والثقافية بين الأوربيين دوماً إلى تحيزات عنصرية، هاهي تعود هذه الانقسامات بقوة إلى أوروبا مع أزمة كورونا.

وكان هذا واضحاً في تصريحات وزير المالية الهولندي، ووبكيهكسترا بشأن هذا الخلاف.

إذ أثار الوزير حفيظة جيرانه بالسؤال عن سبب عدم امتلاك الحكومات الأخرى لحواجز مالية للتعامل مع الصدمة المالية الناتجة من فيروس كورونا.

ووصف رئيس الوزراء البرتغالي أنطونيو كوستا تصريحات الوزير الهولندي بأنها “بغيضة” و”ذات عقلية صغيرة” و”تهديد لمستقبل الاتحاد الأوروبي”.

تبدو إيطاليا حالة استثنائية في أوروبا الجنوبية.

هي في الجزء الأوسط من أوروبا الجنوبية، وهي موصومة دوماً بكل الصفات المتهم بها الأوروبيون الجنوبيون من عدم نظام، وقلة انضباط، وفوضى مالية وانخفاض قيم العمل مقارنة بالأوروبيين الشماليين.

ولكن تظل إيطاليا مختلفة.

إنها الموطن الفعلي للحضارة الغربية، مرة عبر الحضارة الرومانية، ومرة أخرى في عصر النهضة.

ورغم أنها خلال القرون الماضية كانت تعاني من التشرذم السياسي والفقر، فإنها على عكس كل دول أوروبا الشرقية والجنوبية شاركت بمقدار لافت في إنجازات أوروبا الحضارية خلال القرون الماضية، عبر سيل من الاختراعات والأبحاث، عكس دول مثل إسبانيا والبرتغال واليونان.

وإلى اليوم مازالت إيطاليا تتمتع رغم فوضاها بمعدل بحث علمي مرتفع، وشركات قوية، كما أنها بلد كبير السكان يضاهي حجمها فرنسا وبريطانيا.

ولذلك لا يطيق الإيطاليون أن يعاملوا كبلد درجة ثانية داخل الاتحاد مثل اليونان أو دول أوروبا الشرقية.

ويبدو واضحاً أن الإيطاليين غاضبون بشدة من الاتحاد الأوروبي ويشعرون أنهم تركوا لمصيرهم.

وقال سفير إيطاليا لدى الاتحاد الأوروبي ماوريتسو ماساري، عقب رفض الدول الأعضاء طلب المساعدة من إيطاليا، في مقال مكتوب، إنه يجب “على الاتحاد الأوروبي أن يتخذ خطوات ملموسة مؤثرة وعاجلة، وألا يكتفي فقط بالاجتماعات وتبادل وجهات النظر”. وأضاف: “يجب ألا تُترك إيطاليا وحيدة في مواجهة هذه الأزمة”. 

وأضاف: “إن هذه أزمة عالمية تتطلب تحركاً عاجلاً من أوروبا قبل كل شيء. هذا الموقف يعد مؤشراً سيئاً على التضامن بين بلدان الاتحاد الأوروبي”.

والصين التي يبدو أنها تمكّنت من احتواء الوباء على أراضيها، متهمة هي وروسيا بالسعي لاستغلال المساعدات التي تقدّمانها، خاصة إلى الدول الأوروبية، في الدعاية لنظاميهما.

واعتبرت وزيرة الدولة الفرنسية للشؤون الأوروبية إيميلي دو مونشالان أنه يتعين على الصين وروسيا عدم استخدام المساعدة التي تقدمانها في سياق الأزمة الصحية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا أداة لغايات دعائية، بحسب وصفها.

ونشرت مقاطع فيديو وصور في مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهر استبدال علم الاتحاد الأوروبي في إيطاليا، بالعلَمين الصيني والروسي.

ويعتقد أنها مقاطع صحيحة، ولكن يمكن اعتبارها جزءاً من حرب دعائية، كثفتها حسابات موالية لبكين وموسكو، وحرفتها عن مسارها قليلاً.

وكررت حسابات في “تويتر” و”فيسبوك” الحديث عن أن مسؤولين إيطاليين قاموا بإنزال علم الاتحاد الأوروبي، واستبدلوه بالعلم الصيني، في تعليقهم على صورتين انتشرتا على نطاق عالمي، كما زعموا أن الشخص الظاهر في مقطع فيديو يرفع فيه العلم الروسي مع ورقة تشكر الرئيس فلاديمير بوتين، هو عمدة إحدى البلدات الإيطالية.

WOW! Italian Mayor replaces EU flag with Russian flag and says thanks to PUTIN for sending over aid.

Retweet if you think the EU is FINISHED!

Follow @UnityNewsNet pic.twitter.com/5fdMAjDiWb

وتبين أن الأشخاص الظاهرين في هذه المنشورات هم أشخاص إيطاليون لا يحملون صفة رسمية، لكنهم عبّروا عن غضبهم من تخاذل الاتحاد الأوروبي في تقديم مساعدات لإيطاليا من أجل مواجهة فيروس كورونا المنتشر في البلاد، حسب موقع المدن.

وقالت شبكة “يورو نيوز” إن قرارات قادة الاتحاد الأوروبي أثارت استياء في إيطاليا، بسبب تقييدها تصدير الإمدادات الطبية ما بين دول الاتحاد. ما دفع بوتين، ونظيره الصيني شي جين بينغ، إلى سد الفراغ. وعليه، انهالت الإمدادات الطبية من روسيا، مع عبارة “من روسيا مع الحب”. واعتبرت المساعدات الروسية والصينية حملة دعاية لمناكفة الاتحاد الأوروبي.

في السياق، يرى محللون أن دبلوماسية بوتين الانتهازية تأتي في سياق “رد الجميل” للإيطاليين، ممن كانوا من أقوى المدافعين عن ضرورة نسج عرى التقارب بين الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي “ناتو” مع موسكو. ومن هذا المنطلق، فإن هذه الإمدادات الطبية الروسية لا تظهر سوى جانب واحد من لعبة بوتين المزدوجة، عندما يتعلق الأمر بأوروبا وأزمة الرعاية الصحية فيها.

 وأفادت وثيقة للاتحاد الأوروبي في وقت سابق، بأن وسائل الإعلام الروسية لجأت إلى “حملة تضليل كبرى” ضد الغرب، للتهويل من أثر فيروس كورونا، وخلق حالة من الذعر، ونشر أجواء عدم الثقة، بهدف تقويض الثقة في القادة الغربيين، الأمر الذي سارع الكرملين إلى نفيه، واصفاً ما جاءت به الوثيقة بـ”مزاعم لا أساس لها”.

كما اتهم الاتحاد الأوروبي الصين بأنها طلبت عدم الإعلان عن المساعدات الأوروبية التي قدمها الاتحاد إلى بكين في ذروة أزمتها، بينما تتباهى حالياً بالمساعدات التي تقدمها للدول الأوروبية.

تعد إيطاليا الحلقة الضعيفة بالنسبة لأي منافسين يسعون إلى تقويض وحدة الاتحاد الأوروبي، حيث يرفض كثير من الناخبين العملة الأوروبية الموحدة بسبب الضائقة الاقتصادية التي تمر بها إيطاليا منذ عقود، ويميلون بذلك إلى دعم الأحزاب الشعبوية التي تشكك أساساً في المشروع الأوروبي.

ودعا رئيس الوزراء الإيطالي جوسيبي كونتي الاتحاد الأوروبي “إلى عدم ارتكاب أخطاء فادحة” في عملية مكافحة فيروس كورونا المستجد، وإلا “فإن التكتل الأوروبي بكامله قد يفقد سبب وجوده”.

وقال إنه خلال اجتماع المجلس الأوروبي، الأخير، حصل “أكثر من خلاف، حصلت مواجهة شديدة وصريحة” مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل “لأننا نعيش أزمة تسفر عن عدد كبير من الضحايا من مواطنينا وتسبب ركوداً اقتصادياً شديداً”.

ورأى أنه “ينبغي علينا تجنّب أن نتخذ في أوروبا خيارات مأساوية. إذا لم تُثبت أوروبا أنها على مستوى هذا التحدي غير المسبوق، فإن التكتل الأوروبي بكامله قد يفقد بنظر مواطنينا، سبب وجوده”.

ولكن وزير الخارجية الإيطالي وزير الشؤون الأوروبية بالحكومة الإيطالية فينتشينسو أميندولا في حديث مع قناة الجزيرة كان أكثر تحفظاً.

إذ قال “لا يوجد سيناريو لخروج إيطاليا من الاتحاد الأوروبي، وتبين هذه الأزمة أنه سيكون من الجنون لمصالحنا الوطنية، ولكن يجب تغيير الاتحاد الأوروبي وتعزيزه وتجهيزه بأدوات جديدة في الواقع العالمي اليوم، حيث تشكل الروابط الاقتصادية والتكنولوجية فرصاً جديدة”.

ورأى أن العديد من المواطنين الإيطاليين والأوروبيين يطالبون بـ”المزيد من أوروبا” أي دور أكبر للاتحاد الأوروبي، وقال: “أنا مقتنع بأنه لا توجد أغلبية من الإيطاليين على استعداد لترك الاتحاد لمغامرة قومية من دون مستقبل”.

تكشف هذه الأزمة انقساماً واضحاً، قديماً داخل الاتحاد الأوروبي، لكن لا تعني بالضرورة نهايته.

فالدول الأوروبية الجنوبية والشرقية الفقيرة قد تكون ساخطة على سياسته، ولكنها لم تعد تستطيع أن تتخلى عنه وتصبح معلقة وحدها، في عالم مليء بالأزمات، كما قال الوزير الإيطالي.

الأمر مختلف بالنسبة لبريطانيا، التي كانت إمبراطورية لا تغرب عنها الشمس، ولديها علاقات اقتصادية وثيقة مع الولايات المتحدة وكندا وأستراليا، إضافة إلى نظام مالي قوي يعد أحد أركان العولمة الرئيسية.

ولكن بالنسبة لإسبانيا وإيطاليا، فقبل انضمامهما للاتحاد الأوروبي وإنشاء اليورو لم تكونا تملكان عملات قوية أو اقتصاديات مستقرة.

ولهذا السبب فإن اليونان التي عانت أكثر من سياسات الاتحاد الأوروبي، تحملت أوامره مكرهة، ولم تغادره.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى