ثقافة وادب

فيلم Capone لتوم هاردي وقصة هزيمة رجل العصابات الأشهر مرضاً!

يلعب الممثل توم هاردي في فيلم Capone الذي صدر في 12 مايو/أيار 2020، لمحة عن المرحلة التي تلت إطلاق سراح رجل العصابات الأشهر في أمريكا آل كابوني وصراعه مع المرض الذي أفقده عقله وسط تشكيك البعض بأنه ادعى الإصابة به.

الفيلم الذي كان من المقرر أن يعرض على الشاشات السينمائية، انتقل لبيعه على منصات العرض المنزلي بعدما تسببت جائحة كورونا في إغلاق صالات العرض. (4.99 دولار لمشاهدته على يوتيوب).

فإلى أي مدىً عكس فيلم Capone حقيقة الرجل الذي أخفى ثروته ونسي مكانها!

تكشف القصة الحقيقية لفيلم Capone أن الزعيم الأسبق لعالم الجريمة في شيكاغو قضى بالسجن 7 سنين، و6 أشهر و50 يوماً من عقوبة أصلها 11 عاماً. 

وأُدين آل كابوني (مواليد العام 1899) بالتهرب الضريبي عام 1931 في عمر الثانية والثلاثين. وسُجن أولاً بسجن مقاطعة كاونتي ثم السجن الاتحادي الأمريكي في أتلانتا، قبل أن يُنقل إلى سجن ألكاتراز عام 1934. 

ومثلما ورد في فيلم Capone للنجم توم هاردي، فقد أُفرج عن آل كابوني من السجن، بسبب تدهور حالته الصحية. وبعد الإفراج عنه، ذهب إلى مستشفى بالتيمور لتلقي العلاج ثم إلى منزله الكائن في 93 جادة بالم في فلوريدا، حيث كانت تعتني به زوجته ماي كابوني. 

يعتقد البعض أن آل كابوني زيّف إصابته بالخرف؛ من أجل الخروج من السجن.

موقع History vs Hollywood تحقق من هذا الزعم، إلى جانب المكان الذي أخفى فيه ثروته، إليك ما توصل إليه:

نعم. أكّد البحث عن حقائق فيلم Capone أنه بحلول الوقت الذي أُفرج فيه عن آل كابوني من السجن في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1939، كان آل كابوني دفع الغرامة المقدرة بـ50.000 دولار، بالإضافة إلى فوائد قدرها 215.000 دولار على الضرائب المستحقة عليه للحكومة. 

كما دفع أيضاً 7.692 دولاراً تكاليف ورسوم التقاضي.

لم يكن كاتب ومخرج فيلم Capone جوش ترانك أول شخص يعتقد أن آل كابوني زيّف إصابته بالخرف لكي يخرج من السجن. 

ذكر زعيم عائلة سمالدون الإجرامية بمدينة دنف كلايد سمالدونر، في كتاب Smaldone: The Untold Story of an American Crime Family للكاتب دك كريك: “لقد أخبروا آل كابوني كذباً بأنه مصاب بالزهري. لم يُصب بالزهري قط. أعتقد أن قلبه انفطر أكثر من أي شيء آخر”. 

وقال سمالدون إنه ذهب لرؤية آل كابوني قبل أسبوع من وفاته ولم تبدُ عليه أي علامات خرف أو لوث عقلي.

ومع ذلك، تبدو فكرة تزييف آل كابوني إصابته بالخرف أقرب للخيال منها إلى الواقع. 

لقد شُخّص بالسيلان والزهري في بداية فترة قضاء عقوبته بالسجن، كما مر أيضاً بتجربة انسحاب عنيفة من إدمان الكوكايين تركت ندوباً عميقة في روحه. 

ويعتبر الخرف أحد أعراض المرحلة المتأخرة من الزهري بعد تركه دون علاج حتى يتطور إلى “الزهري العصبي”. 

وقد شُخّصت إصابة آل كابوني رسمياً بالزهري العصبي في فبراير/شباط 1938. إذا كان آل كابوني الحقيقي يعاني بالفعل من مرض الزهري دون علاج سنوات طويلة، فمن المنطقي أن يعاني تراجعاً في قدراته الإدراكية وربما تظهر عليه أعراض الهلوسة أيضاً. 

ولم يبدأ إنتاج البنسلين بشكل كبير في الولايات المتحدة إلا بعد عام 1942، وبرغم أنه كان من أوائل المرضى الذين يحصلون على هذا العلاج الجديد، كان الوقت متأخراً على علاج التلف الذي أصاب دماغه. 

يستخدم فيلم Capone الحالة الذهنية المتعثرة بمثابة محفز ودافع لاسترجاع ذكريات أيامه العنيفة في أعمال العصابات.

في أثناء التحقق من صحة قصة فيلم Capone، تبين أن شخصية جاك لودين غير مقتبسة من أي عميل مباحث فيدرالية تولّى مراقبة آل كابوني في فلوريدا. 

على أقصى تقدير، تبدو الشخصية تجسيداً لمجموعة من العملاء الذين تولوا متابعة آل كابوني بعد الإفراج عنه من السجن. 

بالتأكيد يظل أبرز وأشهر عميل تتبَّع آل كابوني هو من تمكن من الإطاحة به والقبض عليه، عميل وحدة الحظر إليوت نيس، الذي جسّد شخصيته النجم كيفين كوستنر في فيلم The Untouchables عام 1987. 

وتمكن نيس من إلقاء القبض على آل كابوني بتهمة التهرب الضريبي في 5 يونيو/حزيران 1931.

تؤكد القصة الحقيقية فكرة وجود ثروة آل كابوني في مكان ما وأنه نسيَ أين خبّأها. 

أول من قدّم هذه الفكرة كانت ابنه أخيه، ماري كابوني، التي كتبت أن عمها دفن وخبّأ ملايين الدولارات ولكن حالته العقلية كانت متدهورة وكان مصاباً بالخرف عندما خرج من السجن؛ لذا لم يتذكر أين خبّأ تلك الأموال. 

عندما كان زعيماً لإمبراطوريته الإجرامية، قدّرت جرائد شيكاغو أن آل كابوني يجني نحو 100 مليون دولار سنوياً. 

وقُدّرت ثروته الإجمالية بنحو 1.3 مليار دولار بتقديرات اليوم. من المنطقي أن يحرص على إخفاء مقدار كبير من أمواله، لأنه يدرك أنه سوف يحتاجه عندما يخرج من السجن. 

ومنذ اعتقاله، بحث كثير من الأشخاص عن أمواله دون جدوى.

أثيرت شائعات تقول إنه دفن أمواله بشبه جزيرة ميشيغان. ولكن في ثمانينيات القرن الماضي، ظهرت نظرية أخرى عندما كانت شركة إنشاءات تخطط لتجديد فندق ليكسينغتون في شيكاغو؛ قبل أن يُسجن آل كابوني، كان يقيم في جناح بالفندق. 

وعثرت شركة الإنشاءات على مجموعة من أنفاق الهروب تحت الفندق، إلى جانب ساحة رماية، والأهم قبو سري. 

كانت الأنفاق تؤدي إلى الحانات وبيوت الدعارة القريبة. أما بالنسبة للقبو، فأدّى اكتشافه إلى اعتقاد كثيرين أنه يحتوي على جزء على الأقل من أموال آل كابوني.  

بث التلفزيون الوطني، يوم 21 أبريل/نيسان 1986، وقائع افتتاح القبو بتقديم الصحفي جيرالدو ريفيرا، وشاهده أكثر من 30 مليون شخص، مما جعله البث تلفزيوني الأكثر مشاهدة على الإطلاق. 

ولكن للأسف، لم يعثروا داخل القبو إلا على بعض الزجاجات الفارغة وكثير من الأتربة. ولا يزال الغموض المحيط بموقع ثروة آل كابوني لغزاً بلا حل.

Fron #TomHardy on IG

“Soundtrack @thereallyrealelp ??‍☠️”https://t.co/OBqVDtOcLm#capone #ETHX pic.twitter.com/GDgx1ENsvg

يبدأ كل المجرمين العنيفين من مكانٍ ما. ظهر مزاج كابوني المشهور سريع الغضب ليتمكن منه حينما كان في الرابعة عشرة من عمره ويعيش في نيويورك مع عائلته. 

حاولت مُدرسةٌ أن تضربه بالعصا، وقد عاقبها. نتيجةً لذلك فُصل من المدرسة ولم يعد إليها. وبعد أن انتقل والداه إلى حيٍّ جديدٍ في بروكلين وجد كابوني شيئاً من الانتماء حينما انضم إلى عصابتين، عصابة الأربعين حرامي الصغار، وعصابة أشقياء بروكلين. 

كان من بين أعضاء العصابتين الآخرين زعيما الجريمة المستقبليان لاكي لوشيانو وجوني توريو. 

بعد ذلك بسنواتٍ عندما كان متزوجاً ماي ويعيش في بروكلين، أرسله زعيمه في الجريمة فرانكي ييل إلى شيكاغو بعد أن دخل في عراكٍ مع أعضاء من عائلةٍ إجراميةٍ غريمةٍ. 

وفي شيكاغو بدأ كابوني العمل لحساب جوني توريو (الذي لعب دوره مات ديلون في الفيلم). وقد تولى زمام الأمور عام 1925 بعدما أُصيب توريو إصابةً بالغةً في محاولة اغتيالٍ وأُعيد إلى إيطاليا. 

عاد توريو بعد ذلك إلى الولايات المتحدة عام 1928. وكما صوّر فيلم كابوني لتوم هاردي، فقد صعد آل إلى سُدة الحكم عبر تنحية أو إسكات العصابات المنافسة.

بعد أن أُخرج من السجن وتلقى العلاج من حالةٍ متأخرةٍ من مرض الزهري بمستشفى بالتيمور، انتقل آل كابوني إلى منزله في فلوريدا، الذي كان قد اشتراه عام 1928 مقابل 40 ألف دولارٍ (ما يُعادل اليوم 550 ألف دولارٍ). 

كان العقار يقع في 93 جادة على جزيرة بالم في خليج بيسكين قُرب ميامي. وبينما هو هناك عولج من الخرف والزهري بمساعدة زوجته ماي كابوني، وطبيبه كينيث فيليبس، وفريق عمله. وقبل عيشه في عقار جادة بالم بعد إطلاق سراحه كان آل كابوني قد عاش هناك خلال مذبحة يوم القديس فالنتين في شيكاغو، التي يُعتقد أنه هو من أمر بارتكابها.

Tom Hardy’s #CAPONE is actually a really good movie, just “not the movie we expected.” pic.twitter.com/VoMF584Ll1

كان من أبرز منافسيه في شيكاغو الزعيم الأيرلندي جورج موران المعروف باسم “بغز”. حاولت عصابته اغتيال كابوني في 20 سبتمبر/أيلول عام 1926، فيما كان كابوني يتناول الغداء بفندق هاوثورن في شيكاغو. 

وبينما تناثرت حوله الرصاصات من بندقيةٍ آليةٍ من نوع طومسون أنقذه حارسه الشخصي بدفعه إلى الأرض والتمدد فوقه. 

بعد أقل من سنتين ونصف السنة بقليلٍ وفي يوم القديس فالنتين عام 1929 داهم رجالٌ متنكرون بزي ضباط شرطةٍ مرآباً يُدير منه موران إمبراطوريته القائمة على التهريب. 

أوقفوا سبعةً من رجال موران أمام الحائط وفتحوا النيران عليهم، ليُردوهم جميعاً قتلى (عدا واحداً كان لا يزال حياً قبل وصول الشرطة الحقيقية، لكنه رفض أن يتكلم قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة).

أصبحت الحادثة تُعرف بمذبحة يوم القديس فالنتين. وجَّه موران الاتهام إلى آل كابوني، الذي كان في فلوريدا بمنزله الكائن في 93 جادة بالم في ذلك الوقت.

يكشف التحقق من أمر كابوني أنَّ لقبه ذاك حظي به؛ لثلاث ندباتٍ كانت على وجهه إثر شجارٍ خاضه عام 1917. كان يعمل في حانة يملكها زعيم الغوغاء فرانكي ييل. 

ظهر زعيمٌ اسمه فرانك غالوشيو في الحانة ذات مساءٍ بصحبة شقيقته. بدأ كابوني بالتودد إلى الشقيقة، فتدخل غالوشيو وطلب من كابوني أن يعتذر. شب شجارٌ وسحب غالوشيو سكيناً من جيبه وضرب بها كابوني في وجهه ثلاث مراتٍ.

في ذروة أيام مجده سُمي آل كابوني “عدو الدولة الأول”. غير أنه بعدما فحصه طبيبه د. كينيث فيليبس والطبيب النفسي في بالتيمور عام 1946، خلص كلاهما إلى أنه يملك قدراتٍ عقليةً لطفلٍ في الثانية عشرة من عمره. 

أتلف الخرف الناجم عن الإصابة بالزهري العصبي مخه وأعاده للخلف من حيث القدرات العقلية.

كما في الفيلم، تؤكد القصة الحقيقية أن آل كابوني عانى من جلطةٍ في 21 يناير/كانون الثاني عام 1947. 

بدأت حالته تتحسن، لكنه أصيب بالالتهاب الرئوي القصبي، ودخل في حالة توقفٍ للقلب في الـ22 من الشهر نفسه. 

بعد ذلك بأيامٍ وبالتحديد يوم 25 يناير/كانون الثاني 1947، مات آل كابوني على سريره عندما توقف قلبه نتيجة سكتةٍ دماغيةٍ. 

كان ذلك بعد أسبوعٍ من ذكرى مولده الـ48.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى