ثقافة وادب

رفضها الناشرون لأنها تنتقد ستالين واستخدمها CIA في دعايته.. حقائق غير مشهورة عن رواية “مزرعة الحيوان”

كتب الأديب الإنجليزي جورج أورويل روايته “مزرعة الحيوان” التي ذاع صيتها سريعاً فور نشرها، فقد كانت تلك الرواية تنتقد بشدة الاتحاد السوفييتي وزعيمه جوزيف ستالين بعد الحرب العالمية الثانية.

“المزرعة” في تلك الرواية هي رمزٌ ساخرٌ من الاتحاد السوفييتي، وتضم المزرعة حيوانات تمرّدت ضد المزارع السيد جونز مطالبةً بالعدل وإنهاء الفساد وتنتهي فجأةً بديكتاتوريةٍ شيوعية بقيادة الخنازير. نُشرت رواية مزرعة الحيوان عام 1945 في زمن كان الاتحاد السوفييتي فيه حليف بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية.

وقد وصف جورج أورويل روايته مزرعة الحيوان بأنها “أول كتاب حاولت فيه، بوعيٍ كامل لما كنت أفعله، أن أدمج الهدف السياسي والهدف الفنِّي في وحدة واحدة”. لكن هناك الكثير من الحقائق الغريبة وغير المعروفة عن تلك الرواية العالمية، جمعناها لكم في هذا التقرير.

عاش جورج أورويل في إحدى فترات حياته في قريةٍ ريفيةٍ صغيرة، وفي أحد الأيام رأى صبياً يبلغ من العمر 10 سنوات يجلد حصان عربةٍ كبيرة، محاولاً حمله على البقاء في مسار سيرٍ ضيِّق.

أدرك أورويل من هذا المشهد أنّ البشر يستغلُّون الحيوانات بنفس الطريقة التي يستغل بها الأغنياء البروليتاريا (الطبقة العاملة والفقيرة). وهكذا ولدت لديه فكرة قصة فشل الدولة السوفييتية باستخدام الشخصيات الحيوانية.

هذه الرواية الصغيرة والعالمية في نفس الوقت، التي لا تزال حتى يومنا هذا تحقق نسبة مبيعات عالية رُفضت من عدة دور نشر كبيرة.

فمحرر دار “Faber and Faber” وهو الشاعر والمحرر والكاتب الكبير ت. إس. إليوت، رفض رواية مزرعة الحيوان.

استهجن إليوت استهزاء الرواية من الاتحاد السوفييتي وتحديداً من زعيمه جوزيف ستالين الذي كان حليف بريطانيا في الحرب العالمية الثانية. كما رفض جوناثان كيب، الناشر البريطاني للكاتب الشهير إرنست همنجواي، نشر الرواية وذلك بعد التشاور مع وزارة الإعلام في زمن الحرب.

وأخبر أحد الناشرين أورويل بأنه “من المستحيل بيع مزرعة الحيوان في الولايات المتحدة”. كاد أورويل المكتئب أن يفقد الأمل بالحصول على موافقة دار نشر و بدأ التفكير في النشر الذاتي.

وفي شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 1944 وافقت دار Secker & Warburg البريطانية على نشر الكتاب. لكن الحصة المحدودة للشركة الصغيرة من مخزون الورق المقنن نتج عنها تأجيل نشر الكتاب حتى أغسطس/آب من عام 1945. لكن في نهاية المطاف، حققت مزرعة الحيوان نجاحاً كبيراً بعد نشرها.

عاش أورويل وزوجته الأولى إيلين (التي توفيت في عام 1945) لفترات في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، في كوخ في قرية ولينجتون شمالي إنجلترا حيث كان أورويل يدير متجراً ويكتب.

وفي عام 1999، أشار المؤرخ براين إدواردز إلى أن مزرعة قريبة من منزل أورويل تدعى Bury Farm باعتبارها مصدر إلهام أورويل المحتمل لمزرعة الحيوان: حظائرها وبركتها وتلالها وبستانها يشبه المزرعة في الكتاب بشدة.

بين عامي 1952 و1957، نفذت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ما يعرف بعملية “Aedinosaur“. أطلقت خلالها مناطيد من ألمانيا الغربية تحمل نسخاً من رواية مزرعة الحيوان لتسقطها وترمي بها في دول الستار الحديدي التابعة للاتحاد السوفييتي مثل بولندا وتشيكوسلوفاكيا.

كما موّل CIA فيلم رسوم متحركة عن مزرعة الحيوان عام 1954. ثم تم ترتيب شراء الحقوق من أرملة جورج أورويل، سونيا.

كانت رواية مزرعة الحيوان ممنوعة في دول الاتحاد السوفييتي حتى وقتٍ قريب من انهياره. وفي عام 1988 عندما أزالت سياسات الرئيس الأخير للاتحاد السوفييتي ميخائيل غورباتشوف القيود عن دول الاتحاد السوفييتي، نشرت مجلة رودنيك  في لاتفيا التي كانت إحدى دول الاتحاد السوفييتي رواية مزرعة الحيوان على أربعة دفعات.

نشرت صحيفة Izvestia الحكومية الروسية مقتطفاً من الرواية في وقتٍ لاحق من ذلك العام، قائلة: “من الجيد أن يصل نثر هذا الكاتب الإنجليزي العظيم إلى قرائنا، وإن كان متأخراً”.

كما حظرت العديد من الحكومات الأخرى رواية مزرعة الحيوان مثل: كوريا الشمالية والإمارات وبعض بلدان في إفريقيا.

وحظرت في كوبا أيضاً، وفي دولة مالاوي اتهم وزير الحكومة ألبرت موالو بالخيانة وشنق عام 1977، وكان أحد الأدلة المزعومة على خيانته هو امتلاكه رواية مزرعة الحيوان لجورج أورويل الذي كان محظوراً فيها.

وفي عام 1991، حظرت الحكومة الكينية مسرحية باللغة السواحلية مستوحاة من رواية مزرعة الحيوان.

رغم أن مزرعة الحيوان نشرت عام 1945، فإنها لا تزال تؤثر في صانعي الأفلام والمسرح. حيث يقوم أندي سيركيس، أحد ممثلي سلسلة الأفلام الشهيرة Lord of the Rings، بإعداد مزرعة الحيوان بالتعاون مع Netflix، ربما في عام 2021. ومن المقرر أن تقدم مزرعة الحيوان كمسرحية لعام 2022 بإشراف روبرت إيك.

تحمل رواية مزرعة الحيوان عنواناً فرعياً هو “Fairy story”.  وبهذه العبارة يقصد أورويل أن الحكاية مبسطة ومسطحة عن قصد. فالشخصيات نمطية عن قصد، ومن المفترض أن تكون المؤامرة سهلة الفهم. ستنخرط فيها وأنت تقرؤها لأنها بسيطة جداً، لكنها مروعة جداً إذا فكرت في تفاصيلها جيداً. 

ولا يهتم الكثير من الناشرين بطباعة العنوان الفرعي للكتاب، ويتجاهله العديد من المعلمين عند تدريس الرواية، ولكنه في الواقع مهم جداً.

تم تخصيص جزء كبير من الرواية لهدفٍ واحد هو: بناء طاحونة هوائية، وهو رمز لكل خطط ستالين الخمسية لتغيير المشهد الاقتصادي لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية.

إنها تلهم الجماهير في كل ما يفعلونه وتعوِّضهم عن كل ما يفتقرون إليه. كما يكتب أورويل: “لقد مروا بسنةٍ صعبة… لكن طاحونة الهواء عوضت كل شيء”. يستغرق البناء سنوات، وبمجرد الانتهاء منه أخيراً، يقرر الخنزير نابليون -وهو القائد في الرواية- أن يبدأ العمل على مشروع آخر.

وكما كان يفعل البيروقراطيون السوفييت، تركز المزرعة على بناء طواحين الهواء بسرعة، ما يجعلها هدفهم الأساسي دون باقي الأهداف. الطاحونة هي هدف بعيد يحافظ على الحيوانات ملهمة بما يكفي للعمل بجد دون شكوى، ومع ذلك لا تعود عليهم بفائدة حقيقية، وهو وضع يدركه نابليون ويستغله.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى