آخر الأخبار

قرار مفاجئ أشعل واشنطن لـ60 دقيقة لا تُنسى.. كواليس ما جرى بمقر ترامب ليظهر متحدياً المتظاهرين

كشفت شبكة CNN الأمريكية عن الكواليس التي دارت في البيت الأبيض، قبل أن يقرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخروج منه سيراً على الأقدام إلى كنيسة مجاورة، ما تسبب بمواجهات عنيفة استمرت ساعة، بين المحتجين الذين كانوا يتظاهرون في محيط إقامة الرئيس، غضباً من مقتل جورج فلويد بسبب طريقة اعتقاله، وبين الشرطة والحرس الوطني الذي عمل على تأمين طريق الرئيس. 

مشاورات مع مسؤولي الإدارة: نقلت الشبكة الأربعاء 3 يونيو/حزيران 2020 عن مصادرها القول إن مساعدي ترامب كانوا متشككين عندما طرح الرئيس لأول مرة فكرة خروجه من البيت الأبيض الذي تحيط به بوابة يصل ارتفاعها إلى 13 قدماً.

كان هذا التشكك سببه أن الاحتجاجات القائمة في محيط البيض الأبيض لثلاث ليالٍ اشتدت حدتها وأصبحت عنيفة، ما دفع إلى نقل الرئيس وعائلته إلى مخبأ تحت الأرض، لكن ترامب كان مُصراً على إظهار أنه لا يزال من يدير البلد، وأن الوضع على الأقل خارج مقر إقامته ما زال تحت السيطرة.

فيما كان ترامب يتشاور مع كبار الضباط العسكريين في البيت الأبيض حول كيفية قمع الاحتجاجات في أنحاء البلد، قال الرئيس إنه يرغب في الذهاب سيراً لزيارة كنيسة سانت جون التاريخية القريبة من البيت الأبيض، التي شهدت الليلة السابقة حريقاً في قبوها.

في الساعات التالية، سارع مسؤولو البيت الأبيض لتنظيم الزيارة التي كان مقرراً لها مساء يوم الإثنين 1 يونيو/حزيران 2020، والتي تحولت إلى مشهد صاخب وعنيف، حيث اشتبك عناصر إنفاذ القانون الفيدراليون مع المحتجين في ساحة لافاييت، وهي حديقة خضراء مواجهة للبيت الأبيض مملوكة للحكومة.

بعد يوم من الواقعة، كشفت مقابلات مع مسؤولين بالبيت الأبيض ومصادر في مختلف المواقع بالحكومة، سلسلة من القرارات المُركبة والمضطربة وغير المُنسقة كلياً، إضافة إلى شهادات متضاربة بشأن من كان يتولى زمام الأمور وكيف انتهى المطاف باحتجاج سلمي ليكون مواجهة عنيفة.

ترتيب سريع للخروج: قائد شرطة واشنطن بيتر نيوشام، قال في مقابلة مع CNN، إنه علم بشأن خطط الترتيب للزيارة قبل انطلاقها بـ30 إلى 45 دقيقة، وأن ضباطه لم يكونوا مشاركين فيها. 

يبدو أيضاً أن ذهاب ترامب سيراً على الأقدام إلى الكنيسة كان أمراً مفاجئاً لوزارة الداخلية، التي قال وزيرها ديفيد برنهاردت، إنه لم يكن بالبيت الأبيض، ولم يجر إطلاعه مسبقاً على أن الساحة -الخاضعة لسلطة وزارته- سيجري إخلاؤها من المحتجين سريعاً.

أيضاً، فإن بعضاً من كبار مسؤولي الإدارة الذين تتبعوا ترامب فيما كان يتوجه إلى الكنيسة، أشاروا لاحقاً إلى أنهم تفاجأوا عندما وجدوا أنفسهم في خضم مشهد مشحون للغاية.

من أعطى أمر إبعاد المتظاهرين؟ مسؤول بوزارة العدل قال للشبكة الأمريكية، إن وزير العدل ويليام بار هو من أعطى الضوء الأخضر لأمر إخلاء الساحة من المتظاهرين في نهاية المطاف، حيث إن بار وكبار مسؤولي الوكالات المسؤولة عن تأمين البيت الأبيض، خططوا مسبقاً لتأمين مساحة أكبر في محيط ساحة لافاييت رداً على الحرائق وأعمال التدمير التي أقدم عليها المحتجون ليل الأحد 31 مايو/أيار 2020.

أشار المسؤول – الذي لم تكشف الشبكة اسمه – إلى أن هذه الخطة، في حال تنفيذها، كانت ستُخلي المنطقة بحلول الساعة الرابعة عصراً، وليس قبل 25 دقيقة من بدء حظر التجوال الذي فرضه عمدة واشنطن موريل باوسر والذي يبدأ في الساعة السابعة مساءً. 

لكن ما حدث في نهاية المطاف هو أن الساحة أُخليت بالفعل قبل بدء الحظر بـ25 دقيقة. ولم يتضح ما إذا كان أمر بار أُبلغت به شرطة المتنزهات والضباط الآخرون على خط المواجهة الأمامي.

ظهر بار في ساحة لافاييت قبل الساعة السادسة مساءً بقليل، وقبل ساعة من مغادرة ترامب البيت الأبيض، وفيما كان يتفقد الوضع في أنحاء الحديقة، رصده بعض المحتجين وتعرفوا عليه وارتفعت الصيحات.

وقال المسؤول إن بار أُبلغ أن الشرطة تعتقد أن المحتجين يجمعون الحجارة لقذف عناصر إنفاذ القانون بها، وبينما كان في الساحة قُذفَت زجاجات مياه صوبه. لكن شبكة CNN قالت إنها لم تشهد إلقاء أي زجاجات مياه على وزير العدل.

التجهيز لكلمة ترامب: وفقاً لمسؤول وزارة العدل أيضاً، فإن بار أخبر الشرطة بأن تخلي المنطقة قبل أن يتوجه إلى البيت الأبيض، وأضاف أن بار قال أيضاً للشرطة إنه في حال مقاومة المحتجين لعناصر إنفاذ القانون، يجب تطبيق تدابير السيطرة على الحشود. 

في هذه الأثناء كان موظفو البيت الأبيض قد بدأوا في تهيئة حديقة روز غاردين بالبيت الأبيض لكلمة الرئيس بوضع منصة إلقاء الخطاب، وشاشة التلقين، على الرغم من عدم التيقن من أن ترامب وافق نهائياً على الإدلاء بتصريحات أو المغامرة بمغادرة البيت الأبيض.

لكن بعد الظهر بدأ ترامب ومساعدوه التفكير في إلقائه خطاباً قصيراً قبل الذهاب سيراً إلى الكنيسة مروراً بساحة لافاييت، وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن هوب هيكس وهي من كبار مستشاري ترامب، وكبير موظفي البيت الأبيض مارك ميدوز، وجاريد كوشنر صهر الرئيس، وإيفانكا ترامب ابنته شاركوا في التخطيط لهذه الزيارة.

جاء القرار النهائي بإجراء الزيارة قبل خمس ساعات تقريباً من مداهمة قوات الشرطة والجيش للساحة لإخلائها من المتظاهرين، وفيما كان المراسلون يتوافدون على عجل على حديقة روز غاردين استعداداً لخطاب ترامب، بدأت أصوات حادة صاخبة على الجانب المقابل من سور البيت الأبيض.

مع حلول الساعة 6:22 مساءً، أصدرت شرطة المتنزهات أول تحذير للمحتجين عبر موجات الراديو التي تستخدمها الشرطة، وفقاً لما قاله مصدر من قوات إنفاذ القانون لشبكة CNN، ومع مغادرة بار المكان، بدأت السلطات في التحرك، إذ اقتربت صفوف من الضباط الفيدراليين الذين يرتدون معدات مكافحة الشغب من المحتجين.

تحرُّك عنيف: بعد صدور الأوامر، كان تحرك شرطة المتنزهات سريعاً ومفاجئاً، وكان في الحديقة عدد من المحتجين أقل ممن كانوا موجودين اليوم السابق، لكن الحشد اتقد، وأخذ يردد الهتافات المؤيدة لحركة الاحتجاج مثل “قولوا اسمه: جورج فلويد”، وهتافات أخرى أكثر عدائية تستهدف حائط قوات الأمن الذين يرتدون معدات مواجهة الشغب ويصطفون أمامهم.

مع تقدم القوات، ركض المحتجون وملأ الدخان عنان الهواء وتصاعد صوت فرقعة مدو للمقذوفات التي تُطلق على هؤلاء الفارون، وتساقطت عبوات عند أقدام الفارين مُطلقة سحب كثيفة من الدخان والمواد المسببة لاستجابة تهيجية، وبدأوا جميعاً في السعال عدا من يرتدون أقنعة الغاز منهم، فيما كانت الشرطة تدفعهم للتراجع.

تبرير الشرطة: بعد الحادثة قالت شرطة المتنزهات الثلاثاء 2 يونيو/حزيران 2020، إن قرار إبعاد المحتجين كان لـ”كبح” العنف، وإن المحتجين قذفوا أشياء مختلفة، لكن شبكة CNN قالت إن مراسلها الذي كان في المكان، أكد أنه لم يشهد أي أعمال عنف من المحتجين، أو إلقاءهم أي شيء.

كان المحتجون، الذين شكلوا الصف الذي واجه قوات الشرطة المتقدمة، يرددون “لا عدالة، لا سلام”، وخلف صف أفراد الشرطة، كان هناك صف آخر من الشرطيين على أحصنتهم.

كذلك أطلقت القوات عبوات وامضة مُصمة للأذن فيما كانت تتقدم، ودفع ضابط شرطي شاباً كان تلقى بعض رذاذ الفلفل ويصرخ “لا أستطيع الرؤية، لا أستطيع الرؤية”.

استمر إطلاق المقذوفات صوب المحتجين، الذين تدفقوا إلى شارع كونيكتكت، وكثيراً منهم يسعلون بشدة، وعلّق رجل في منتصف العمر في مبنى فيما كان أفراد الشرطة يتقدمون مطلقين المقذوفات صوبه، وكان الرجل يضع يده على صدره، في إشارة واضحة إلى صعوبة التنفس، بينما ركض المتظاهرون لمحاولة مساعدة الرجل بحمله بعيداً عن القوات المتقدمة، فيما استمرت المقذوفات.

وأخيراً بحلول الساعة السابعة مساءً، كانت المواجهة قد انتهت. وأصبحت الشوارع في محيط ساحة لافاييت والبيت الأبيض خاوية من المحتجين.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى