آخر الأخبار

المواطن لم يعد أولويتها.. الرياض تتخلى عن عُرف قديم ضمِن رفاهية السعوديين لعقود

قالت وكالة الأنباء الفرنسية، الجمعة 12 يونيو/حزيران 2020، إن صندوق الاستثمارات العامة السعودي استحوذ على حصص بقيمة نحو 8 مليارات دولار في شركات عالمية ضخمة، من بوينغ إلى فيسبوك، في فورة إنفاق تتزامن مع إجراءات تقشف صارمة داخل المملكة.

وتعيش المملكة أزمة اقتصادية بعد انخفاض أسعار النفط بالإضافة إلى أزمة فيروس كورونا، إذ قرّرت الحكومة السعودية رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5 إلى 15٪ وإيقاف بدل غلاء المعيشة، وذلك في إطار مسعى تخفيف عجز الميزانية.

هذه الإجراءات الصارمة التي اتخذتها السلطات السعودية تخالف عرفاً اجتماعياً اعتمدته المملكة منذ عقود ينعم بموجبه المواطنون بإعانات وإعفاءات من الضرائب ورخاء، تقدمها الدولة مستخدمة عائداتها الكبيرة من الثروة النفطية.

أما الآن فدفع مليارات الدولارات للاستحواذ على الأصول الخارجية يثير تساؤلات عديدة، بينما تواجه المملكة أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود.

كما يبرز صندوق الاستثمارات العامة كواحد من أبرز مقتنصي الفرص في العالم، مع إنفاق المليارات لشراء حصص في شركات كبرى أمريكية وأوروبية.

مدير الصندوق ياسر الرميان قال في تصريحات سابقة: “أنت لا تريد أن تضيع أزمة”، مشيراً إلى أن الصندوق يقوم باقتناص فرص استثمارية بسبب الركود الناجم عن أزمة فيروس كورونا المستجد.

الصندوق قام في الربع الأول من 2020 بالاستحواذ على حصص في شركات متعددة بقيمة 7,7 مليار دولار، من بينها بوينغ ووالت ديزني وستاربكس وماريوت وسيتي غروب، ثم قام أيضاً بشراء حصص في شركات طاقة عملاقة مثل رويال داتش شل وتوتال، في خطوة تتناقض مع خطة تنويع الاقتصاد المرتهن للنفط. كما اشترى أيضاً حصصاً في فيسبوك.

الصندوق السعودي يعد الطرف الأبرز في صفقة الاستحواذ على نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي لكرة القدم والتي تقدّر قيمتها بنحو 300 مليون جنيه إسترليني (372 مليون دولار). 

ألا أن الصفقة تبدو في خطر بعد اتهامات موجهة للسلطات السعودية بالوقوف خلف قناة “بي آوت كيو” التي قرصنت بث العديد من البطولات الرياضية.

قلق لدى المواطنين: كارين يونغ من معهد “أمريكان إنتربرايز” تقول إن “الشركات سعيدة برؤية الطلب على أسهمها وارتفاع أسعار قيمة الأسهم”.

ولكن “الأهم التفكير بكيفية رؤية المواطنين السعوديين لإنفاق سلة مدخراتهم الوطنية الجماعية في أسواق الأسهم العالمية في مرحلة عنوانها أزمة اقتصادية وطنية”.

فيما يتساءل أصحاب متاجر في الرياض همساً عن سبب عدم استخدام هذه الاستثمارات الضخمة لدعم الأعمال الصغيرة والمتوسطة التي تعاني بسبب جائحة كوفيد-19.

موظف حكومي سعودي يعمل في وظيفة جزئية ثانية في تطبيق لاستئجار سيارات الأجرة يقول لوكالة الأنباء الفرنسية: “نادي كرة قدم. ترفيه ومشاريع ضخمة. تبديد المال على كل هذا أمر غير ضروري في وقت تقشف حاد”.

فيما كتب خالد السليمان في مقال في صحيفة “عكاظ” السعودية قائلاً: “يشعر المواطن بالقلق من أن الضغط على مستوى معيشته سيكون أطول أمد من فترة الأزمة الراهنة”، متوقعاً أن يكون تأثير زيادة الضريبة المضافة “على القدرة الشرائية في المجتمع” كبيراً.

قيمة الاحتياطي السعودي بالعملات الأجنبية التي يديرها المصرف المركزي شهدت هبوطاً في آذار/مارس ونيسان/أبريل مع إعلان الحكومة تحويل 40 مليار دولار إلى صندوق الاستثمارات.

فيما يتوقع محللون أن يتم استنفاد الاحتياطيات التي هبطت لتصبح نحو 450 مليار دولار في شهر نيسان/أبريل الماضي، في تراجع قدره 50 مليار دولار عن العام الماضي، لتمويل العجز المتزايد في الميزانية.

صندوق الاستثمارات: ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قام بتحويل صندوق الاستثمارات إلى عجلة استثمارات بارزة لتطوير مشاريع ضخمة بهدف تنويع الاقتصاد، ووصف صندوق الاستثمارات السعودي نفسه في بيان بأنه “مستثمر صبور مع أفق طويل الأمد”.

الخبير السعودي علي الشهابي يرى أن “صندوق الاستثمارات يقوم برهانات كبرى على أسهم قليلة”، مشيراً إلى أنه مع مرور الوقت، سيتضح إن كانت هذه الاستثمارات في محلها.

الشهابي قال أيضاً إن بعض هذه الاستثمارات بما فيها شركة خط الرحلات البحرية “كرنفال”، وتتماشى مع أهداف السعودية بتطوير قطاعي السياحة والترفيه من الصفر.

كما واجه الصندوق، بحسب تقارير، صعوبات في السابق لجذب شركة رحلات بحرية إلى البحر الأحمر حيث تسعى المملكة إلى تطوير مشروع سياحي ضخم بالإضافة إلى مشروع منطقة “نيوم” بقيمة 500 مليار دولار.

ويستبعد الباحث في معهد الخليج العربي في واشنطن روبرت موغيلنيكي أن يسفر العديد من هذه الاستثمارات “عن عائدات كبيرة على المدى القصير”.

كما أثار الاستثمار في فيسبوك مخاوف متعلقة بالخصوصية لدى منظمات غير حكومية أمريكية بعد اتهام موظفين في “تويتر” العام الماضي بالتجسس لصالح السعودية.

مدير في مركز السياسة الدولية في واشنطن بن فريمان قال: “أنا قلق بشكل خاص من شراء الأسهم الكثيرة في فيسبوك، نظراً لأنه من المعروف أنه كان لدى السعوديين جواسيس في تويتر للتجسس على المعارضين السعوديين”.

وتساءل: “هل ستقوم الشركة بإزالة حملة معلومات مضللة يديرها أحد مالكي الأسهم؟”.

أزمة السعودية الاقتصادية: وتأتي هذه الاستثمارات الخارجية في وقت تعاني فيه السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، من الانخفاض التاريخي في أسعار الخام في حين ستقلص الإجراءات المتخذة للحد من تفشي فيروس كورونا على الأرجح من وتيرة وحجم الإصلاحات الاقتصادية التي دشنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

كما هوت احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي السعودي في مارس/آذار بأسرع وتيرة، فيما لا يقل عن عقدين لتبلغ أدنى مستوى منذ عام 2011، بينما سجلت المملكة عجزاً قيمته 9 مليارات دولار في الربع الأول من العام بسبب انهيار إيرادات النفط.

إذ قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان في وقت سابق إن بلاده ستتخذ إجراءات صارمة ومؤلمة للتعامل مع آثار فيروس كورونا، مضيفاً أن “جميع الخيارات للتعامل مع الأزمة مفتوحة حالياً”.

مضيفاً في مقتطفات نشرتها قناة “العربية”: “يجب أن نخفض مصروفات الميزانية بشدة”، موضحاً أن أثر الفيروس على المالية العامة السعودية سيظهر اعتباراً من الربع الثاني من العام.

وتابع الوزير: “المالية السعودية تحتاج إلى ضبط أكبر، والطريق أمامنا طويل”، موضحاً أن أحد الإجراءات هو إبطاء تنفيذ بعض المشروعات الحكومية ومنها مشروعات ضخمة لتقليل الإنفاق.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى