تقارير وملفات إضافية

ماذا لو قررت الصين وقف استيراد النفط؟ السعودية وروسيا ستدفعان الثمن غالياً

تُعوِل كل من روسيا والصين على مبيعات النفط لتمويل الجزء الأكبر من ميزانية الدولة. وفي السنوات الخمس الماضية أو ما يزيد، أصبحت الصين أكبر عميل لكلا البلدين. وفي الواقع، أصبحت الصين أكبر مستورد نفط في العالم، على الرغم من أنها قد تُخفِض وارداتها إذا توقفت عن الإضافة إلى مخزونها النفطي. 

وقد خزّنت الصين الكثير من النفط على مدى نصف عقدٍ من الزمن، بحيث أصبح بإمكانها فعلياً وقف جميع واردات النفط من دون التضرر لفترة من الوقت. وبعبارة أخرى، يحتاج فلاديمير بوتين ومحمد بن سلمان الحفاظ على رضا شي جين بينغ. فهذا له عواقب عالمية، بما في ذلك على الولايات المتحدة، بحسب تقرير لمجلة Forbes الأمريكية.

ولا يعرف كمية النفط الدقيقة الموجودة في هذا المخزون سوى السلطات الصينية، لكن هناك مجموعة من التقديرات. إذ قدَّرت رويترز العام الماضي أنَّ الصين لديها 788 مليون برميل في احتياطيها النفطي الاستراتيجي. ولم يشمل هذا الرقم الاحتياطيات التجارية الكبرى، على الرغم من أنَّ لا شيء بعيد حقاً عن متناول الحكومة في دولة شيوعية اسماً. في حين قالت مجموعة WoodMac البريطانية في مارس/آذار من هذا العام إنَّ الصين قد تصل إلى 1.15 مليار برميل إجمالي المخزون في عام 2020، وهذا يعادل ما يقرب من 4 أشهر احتياجات نفطية إذا أوقفت الصين جميع وارداتها والإنتاج المحلي من النفط.

دعونا ننظر إلى ما يمكن أن يحدث إذا هدَّدت الصين بوقف جميع الواردات من واحدة فقط من هاتين الدولتين، ولم تستبدل هذا النفط بواردات من مكان آخر. سينخفض الطلب العالمي بأقل من مليوني برميل يومياً على الفور. ويمكن للصين أن تُعوِض هذا الانخفاض في الواردات عن طريق السحب من مخزونها. وهذا من شأنه أن يرسل موجات صادمة عبر سوق النفط الخاضع لتأثير ممارسات المضاربة. ومن ثم، ستنخفض أسعار النفط. وستكون تلك الدولة التي أوقفت الصين وارداتها من نفطها -سواء كانت روسيا أو السعودية- يائسة للعثور على مشترين جدد وقد تضطر إلى تقويض السوق بأسعار منخفضة، وبالتالي ستشهد أسعار النفط مزيداً من الانخفاض. 

ولذلك، ستعاني الدولة المُصدِرَة التي استهدفتها الصين، وسيعاني معها جميع منتجي النفط، بما في ذلك شركات الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإنَّ روسيا والسعودية سيكون لهما نصيب الأسد من الخسارة إذا انزعجت الصين منهما.

ويمكن أن تتسبب الصين بضررٍ أقل إذا قررت فحسب التوقف عن تنمية مخزونها الخاص، بالرغم من أنه لا يزال ضرراً. إذ تنتج الصين نحو 4.9 مليون برميل من النفط يومياً محلياً. ويمكن أن تختار استيراد ما تحتاجه فقط لاقتصادها. ووفقاً لتقرير صدر عن شركة S&P Global Platts في 2018، إذا توقفت بكين عن الاستيراد لزيادة مخزونها فقد يؤدي ذلك لانخفاض قدره نحو 1 مليون برميل يومياً في الطلب. وهذا وحده سيكون مؤلماً لمنتجي النفط العالميين، على الرغم من أنه ألم يمكن التعامل معه. على عكس ما إذا قررت الصين وقف الاستيراد مباشرةً من روسيا أو الصين، فهذا سيسبب ألماً خطيراً لذلك البلد.

المقصد من هذا هو أنه عندما يتعلق الأمر بالنفط، فإنَّ روسيا والسعودية مدينتان للصين. فهما بحاجة إلى البيع للصين، لكن بفضل المخزون الصيني، لا تحتاج هذه الأخيرة فعلياً إلى الشراء من أيٍ منهما. ومن هنا، سيكون من الصعب على روسيا والسعودية اتخاذ موقف مناهض للصين في أية قضية على الساحة العالمي. ويمكن أن يُثبِت ذلك أهميته في المستقبل القريب إذ تواصل الولايات المتحدة وآخرون البحث عن أصل جائحة فيروس كورونا المستجد، وكذلك في ضوء المواجهات الحدودية الأخيرة بين الصين والهند.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى