تقارير وملفات إضافية

“سيناريو مظلم يواجه العراق”.. انهيار الحكومة واعتقال رئيسها، وردُّ الفعل الأمريكي سيكون صادماً للجميع

أصبح خطر انهيار الحكومة العراقية واستيلاء الميليشيات الموالية لإيران على السلطة محتملاً أكثر من أي وقت، حسب تقرير لموقع Responsible Statecraft الأمريكي.

فقد وصلت حكومة العراق المدنية إلى أكثر مراحلها هشاشة منذ عام 2003. إذ يُواجه رئيس الوزراء العراقي الجديد، مصطفى الكاظمي، مجموعةً مرعبة من التهديدات، حتى بمعايير السياسات العنيفة في بغداد. 

فقد بدأت فصائل قوات الحشد الشعبي، تحالف الميليشيات الشيعية الذي حارب إلى جانب القوات المسلحة العراقية، في الهجوم على الكاظمي وترهيبه هو وحكومته.

وليس من الصعب تخيّل ما سيحدث لاحقاً في حال ساءت الأمور بالنسبة لحكومة الكاظمي، حسب وصف تقرير Responsible Statecraft .

إذ يمكن أن يتعرّض الكاظمي شخصياً للقتل، أو الاعتقال، أو الطرد من بغداد على يد الميليشيات المعادية التي تتربّص الآن حول مكتبه. 

وسيكون من السهل على هذه الميليشيات، التي يرتبط كثير منها بإيران، أن تُعلِّق أو تحل البرلمان حينها. 

وبذلك سينتهي الحكم المدني في العراق فعلياً، مع تسليم السلطة إلى من سيظهر بصفته زعيماً يُوحّد مختلف الميليشيات الشيعية، التي صارت متفرقةً بشكلٍ متزايد في أعقاب اغتيال الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، وأبو مهدي المهندس. 

إذ أسفر موت المهندس، قائد قوات الحشد الشعبي ورئيس ميليشيا كتائب حزب الله، عن تفاقم الاقتتال الداخلي بين الميليشيات الشيعية، وهو ما يعنّي أنه ليس هناك بديلٌ واضح للقيادة المدنية بين الفصائل التي قد تُسقِط نظام الكاظمي.

وفي حال اقتربت حكومة الكاظمي من الانهيار خلال الأسابيع والأشهر المقبلة؛ فسوف تواجه واشنطن خياراً صعباً: إما إنقاذ الحكومة وإما تركها تسقط. 

إذ تفترض السياسة الأمريكية الحالية، القائمة على دعم الحكومة المدنية في بغداد، تدخلاً شبه تلقائي. ويصل عدد الجنود الأمريكيين في العراق الآن إلى نحو 5.200 جندي، وهو عددٌ كافٍ لتأمين مركز الحكومة في بغداد والحفاظ على الوجود المادي للكاظمي وإدارته، حتى وإن كان ثقل السلطة السياسية مستقراً في مكانٍ آخر.

وسوف يعود مزيد من القوات الأمريكية إلى العراق على الأرجح، في حال استغلال القوات الحالية للحفاظ على الحكومة في مواجهة تهديدات الميليشيات، التي ستُسفر دون شكّ عن سلسلةٍ من الاشتباكات الدموية التي ستُشبه أيام الاحتلال الأمريكي. 

أما في حال السماح بسقوط حكومة الكاظمي؛ فسوف يشهد العراق على الأرجح الفوضى نفسها التي اجتاحت ليبيا خلال السنوات الأخيرة، مع وجود عديد من الفصائل المسلحة المتقاتلة فيما بينها خلال فترة فراغٍ سياسي ستستمر بعض الوقت.

وهذه الخيارات لن تُعجب الراغبين في رؤية مستقبلٍ أفضل للعراق. إذ سيرى كثيرون أن فكرة السماح للعراق بالانجراف نحو الفوضى، دون جهدٍ أمريكيٍّ قوي لوقف الأمر، تصرُّف غير أخلاقي. 

لكن واشنطن يجب أن تكون جاهزةً للامتناع عن مزيد من التدخلات في العراق رغم كل شيء. إذ إنّ دعم حكومةٍ مدنية في العراق بواسطة القوات الأمريكية خلال هذه المرحلة، سيعني العودة إلى مستنقع الاحتلال. 

علاوةً على أن أيّ حكومة مدنية لن يكون لها أملٌ كبير في النجاة داخل العراق، مع دعمٍ أمريكي أو من دونه. وديناميات السلطة التي أضعفت الكاظمي كثيراً في الوقت الحالي تتجاوز قدرة واشنطن على التغيير.

وطغت إيران وميليشياتها بالوكالة فعلياً على الدولة العراقية، لتصير القوة الرئيسية في ساحات القتال خلال الصراع الوجودي ضد تنظيم داعش. 

وكان افتقار الحكومة العراقية إلى الكفاءة في التعامل مع تهديد داعش ظاهراً بكل وضوح حين فقدت مساحات شاسعة من الأراضي، قبل أن تستعيد تلك المناطق بفضل القتال البري من جانب قوات الحشد الشعبي بالأساس التي قاتلت بدعمٍ علني من إيران. 

وتركت هذه الأحداث حكومة العراق في كفاحٍ من أجل حصد أي شرعية لدى الشعب العراقي، الذي اتضحت مشاعره بجلاء مؤخراً، حيث تعكس احتجاجات الشارع المستمرة خيبة أملٍ عميقة في النظام السياسي العراقي -والأمريكي- الذي يحاول المسؤولون جاهدين الحفاظ عليه.

والحقيقة المُرة هي أنّ أي حكومةٍ مدنية، سواء كانت حكومة الكاظمي أو أي حكومة أخرى سيجري تشكيلها، لن تحظى بأي شرعية أو قدرة واضحة على تحمّل التحديات السياسية القائمة من مراكز السلطة التي يُهيمن عليها رجال الدين والميليشيات وعملاء إيران. ولن ينجح أي مقدار من التدخّل الأمريكي في تغيير ذلك.

ولا شك في أنّ حكومة الكاظمي قد تنجو، وتتغلّب على الصعوبات المتزايدة التي تُواجهها. ويجب أن نأمل ذلك جميعاً، حيث نأمل من الناحية المثالية أن تستمر الحكومة المدنية، وتعمل على تهدئة التوترات مع الميليشيات المعادية، والعثور على أساليب جديدة لإدماجها في ائتلاف حكمٍ رسمي. 

وبهذه الطريقة ستنجح الحكومة المدنية في كبح جماح التهديدات السياسية واسترداد بعض شرعيتها. 

وهذا هو أفضل الاحتمالات المستقبلية للحكم المدني في العراق خلال المرحلة الحالية: تقاسم السلطة مع الميليشيات الشيعية الخاضعة لسيطرة إيران.

وفي حال حدوث الأسوأ، فسوف يتوقّف رد الولايات المتحدة، على توقيت ونتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية المُقبلة. 

إذ إنه من المستبعد أن يُطبّق أيّ أحد داخل إدارة ترامب آلية صنع قرار مدروسة على أعلى المستويات، في حال تكشُّف الأزمة من الآن وحتى شهر يناير/كانون الثاني.

وفي حال انهيار حكومة الكاظمي مع خروج ترامب من البيت الأبيض، فسوف تحظى إدارة بايدن بقدرةٍ أفضل بكثير على إجراء مداولات صعبة حول الرد الأمريكي. 

لكن الأمر سيتطلّب قدراً هائلاً من الإرادة السياسية من جانب الرئيس الجديد وفريقه للأمن القومي حتى يتحمّلوا الضغوط المطالبة بالتدخّل في هذا السيناريو. 

وهذا ليس مستحيلاً. إذ نجح الرئيس أوباما في كبح جماح الدعوات الأمريكية المطالبة بالتدخّل في سوريا طيلة سنوات، رغم الضغط الهائل عليه للمشاركة. وهذا الالتزام الكامل بعدم التدخّل في العراق سيحمي الولايات المتحدة من جولة قتال أخرى غير مثمرة في قلب الشرق الأوسط.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى