ثقافة وادب

قتل 70 مراهقاً وتحرش بجثثهم ثم باع لحومهم كـ “خنازير”.. القصة المرعبة لأشهر جزّاري ألمانيا

كان الوضع الاقتصادي في ألمانيا تعيساً للغاية، عندما كان الجزار المحبوب، فريتز هارمان يبيع اللحوم بأسعار زهيدة لسكان “هانوفر”، لكن هؤلاء الذين كانوا يعتقدون أن هارمان رجل طيب، لم يكونوا يعلمون أنهم يتناولون “لحوم البشر”، والأسوأ من ذلك، ربما تناول بعضهم لحوم أبنائهم المراهقين الذين اختفوا بظروف غامضة منذ بضعة أيام.

كان سكان هانوفر يدركون أن هارمان غريب الأطوار، ولكنهم يعتقدون أنه ودود وغير مؤذ بكل تأكيد، أما رجال الشرطة فقد اعتبروه رجلهم المفضل، إذ كان يعمل كمخبر لديهم منذ سنوات، لذلك تغاضوا في أكثر من مرة عن ممارساته الشاذة مع الأطفال المراهقين.

لكن الشرطة لم تكن تتوقع أن الأمر لا يقتصر على تلك الممارسات فقط، ففي غفلة منهم، وعلى مدار 6 سنوات نفذ هارمان عدداً كبيراً من الجرائم قد يصل إلى الـ70، واعترف أخيراً بـ24 منها.

إليكم القصة المرعبة لـ”جزار هانوفر” أو “مصاص دماء هانوفر” كما بات يطلق عليه لاحقاً كما وردت في موقع All That’s Interesting الأمريكي:

منذ طفولته، عانى فريتز هارمان من اضطرابات عديدة في شخصيته، فقد نشأ لأم مريضة وأب شديد التجهم لدرجة أنه كان يلقب بـ”أولي العابس”، ولم يكن الأب سعيداً بسلوك ابنه الذي كان يعشق ارتداء الفساتين، واللعب بالدمى، وكان يتجنب الأطفال الآخرين في المدرسة ولاسيما الذكور.

وما إن بلغ الـ16 من عمره، قرر أولي إرسال ولده إلى مدرسة عسكرية في مدينة برايزاخ جنوبي ألمانيا، علها تساهم في تغيير شخصيته، لكن تم فصله بعد أشهر قليلة بسبب إصابته بالصرع.

وبعد فصله من المدرسة بفترة قصيرة ارتكب هارمان أولى جرائمه: التحرش الجنسي بالأولاد الصغار، الأمر الذي أفضى في النهاية إلى إيداعه مستشفى للأمراض العقلية.

لكنه نجح في الفرار بعد ستة أشهر وعبر الحدود إلى سويسرا.

حاول هارمان أن يبدأ حياة جديدة هناك، وخطب شابة كان قد وقع في غرامها، لكنها حملت منه قبل الزواج، الأمر الذي أفزعه وجعله يعود إلى ألمانيا عام 1900 حيث أتم خدمته العسكرية الإلزامية.

وبسبب الصرع ومرضه النفسي المُحتمل؛ نُقِلَ هارمان إلى المستشفى لأربعة أشهر في عام 1901، ثم فُصِلَ من الجيش في عام 1902.

وبعد تسريحه، حاول والده إعادته إلى مستشفى الأمراض العقلية بشكلٍ دائم في أكثر من مرة، لكن هارمان كان ينجح في الإفلات منه كل مرة.

وبعد أن ترك الجيش، كان هارمان يحصل على معاشه الحكومي الذي زاد في عام 1904، بعد تصنيفه من المعاقين أخيراً.

وعلى مدار العقد التالي كان يُوفّر ما تبقى من نفقاته عبر الجرائم الصغيرة، وعمليات السطو، والاحتيال.

ولسوء حظ الأولاد المراهقين في هانوفر، تصاعدت جرائم هارمان دراماتيكياً في أعقاب نهاية الحرب العالمية الأولى.

بحلول عام 1913، كانت الشرطة قد سئمت جرائم هارمان المُتكرّرة وعاقبته بشدة.

فأُدين بتهمة السطو على مستودع في هانوفر، وزُجّ به في السجن لخمس سنوات ليقضي فترة الحرب العالمية الأولى في السجن.

وداخل السجن، التقى هارمان (24 عاماً) بالقواد المُسِنّ هانز غرانز، ووقع في غرامه سريعاً.

ثم انتقلا للعيش معاً إبان الإفراج عنهما.

وحصل على وظيفتين بعد إطلاق سراحه المشروط في عام 1918، بالتزامن مع تحطُّم الإمبراطورية الألمانية.

فكان يعمل من جهة مع عصابة مُهرّبين، ومن جهة أخرى عمل مخبراً لصالح شرطة هانوفر، وهو المنصب الذي سيكون له دورٌ كبير في مشروعه التالي.

وفي سبتمبر/أيلول عام 1918 فرّ شاب يدعى فريدل روهي (17 عاماً) من منزله واختفى في شوارع هانوفر الخلفية.

وحين انطلق والد روهي في رحلة البحث عن نجله؛ عَلِمَ أنّ فريدل كان صديقاً لهارمان، الذي اعتاد اصطحاب الأولاد الصغار إلى شقته.

ولكن حين تقدّم والد روهي بهذا الدليل إلى السلطات؛ تردّدت الشرطة في التدخّل لإيقاف جاسوسها بالغ الأهمية. ولكنّه أصرّ على طلبه حتى وافقوا بنهاية المطاف على زيارة هارمان.

وهناك عثروا على هارمان داخل سريره مع ولدٍ في الـ13 من عمره، دون أيّ أثرٍ لفريدل.

وما كان بوسعهم حينها سوى القبض على هارمان بتهمة انتهاك عرض قاصر، بموجب قوانين ذلك الوقت.

ومن سخرية الأقدار أن رأس فريدل روهي المقطوع كان مخفياً خلف الموقد في وقت تواجد الشرطة في منزل هارمان، إلا أن أحداً من عناصر الشرطة لم يلحظ ذلك.

إضافة إلى أعماله الأخرى، كان هارمان جزار سوقٍ سوداء ذائع الصيت بالفعل، إذ اشتهر بين أبناء المنطقة بلطفه ولحومه رخيصة الثمن.

وبحلول عام 1919 كانت ألمانيا في وضعٍ اقتصادي سيئ، ولم يكن الطعام متوفراً ببساطة لجميع العائلات خصوصاً اللحوم.

وطوال أوائل العشرينيات، قضى هارمان الكثير من وقته في التسكّع حول محطة قطار هانوفر، بحثاً عن أولاد مراهقين لإقناعهم بالذهاب إلى منزله مع وعودٍ بالطعام والراحة.

وكان آلاف الأطفال يفرون من منازلهم في تلك الفترة بسبب مصاعب فترة ما بعد الحرب، لذا كان أمامه العديد من الضحايا ليختار من بينهم.

وبعد إطعام ضحاياه، كان هارمان يقتلهم عن طريق عض القصبة الهوائية في ما وصفه على نحوٍ مُروّع بـ”لدغة الحب” خاصته، قبل أن يتحرش جنسياً بجثثهم.

وفي النهاية يقطع أوصالهم، ويطحن لحومهم ليُحوّلها إلى لحم نقانق (سُجُق)، أو يُقطّعها على شكل شرائح صغيرة لتُباع على أنّها “لحم بقر” أو “لحم خنزير”.

وبعد ذبح ضحاياه، كان يُلقي البقايا في نهر اللاين القريب.

وبينما غضّت الشرطة الطرف عن أنشطة مخبرها المفضل طيلة ست سنوات؛ يُعتقد أنّ هارمان قتل 50 ولداً، كان يختارهم شريكه غرانز عادةً بدافع الغيرة من حسن هندامهم وملابسهم.

وصار ناجحاً في بيع ثيابهم ولحومهم حتى بعد نزول المزيد من الآباء اليائسين إلى الشوارع، التي يحوم فيها “مصاص دماء هانوفر”، بحثاً عن أطفالهم المختفين.

في مايو/أيار من عام 1924، اضطرت الشرطة لتوجيه انتباهها إلى هارمان حين اكتشف بعض الأطفال جمجمةً على ضفاف نهر اللاين.

وبعد العثور على المزيد من الجماجم والهياكل العظمية، جرى مسح قاع نهر اللاين والكشف عن جثث 22 ولداً مراهقاً وشاباً على الأقل.

وأصاب الذعر مدينة هانوفر، وتحوّلت الشكوك إلى هارمان بفضل سمعته في جلب الأولاد الهاربين إلى شقته.

ونظراً لوضعه بوصفه مخبراً مفضلاً لدى شرطة هانوفر؛ اعتُبِر جهاز الشرطة غير مُؤهّل للتحقيق معه.

لذا، وصل محققان من برلين إلى مسرح الحادث لتولّي التحقيق.

وسرعان ما عثر محققا برلين على هارمان داخل ركنٍ مُظلم من محطة القطار، وهو يُهاجم أحد المراهقين.

فزُجّ به في السجن أثناء تفتيش شقته بدقةٍ أكبر هذه المرة.

وكان المشهد في الداخل كابوسياً، إذ كانت كافة الجدران والأرضيات ملطخةً بالدماء، كما عُثِرَ على أكثر من 100 قطعة ملابس خاصة بالضحايا هناك.

وفي الاحتجاز، لم يُمانع مصاص دماء هانوفر من الاعتراف بجرائمه.

وحين سُئِلَ عن عدد ضحاياه، أجاب بهدوء: “ثلاثون أو أربعون. لا أعلم”. ثم قال لاحقاً إنّه ربما قتل عدداً يتراوح بين الخمسين والسبعين ولداً.

ورغم ذلك لم تتعرّف الشرطة سوى على 27 من ضحاياه بين عامي 1923 و1924 فقط، وفشلت في العثور على عشرات الضحايا الآخرين.

واتُّهِم هارمان بارتكاب عدة جرائم قتل، ثم حُدِّدَ ميعاد المحاكمة سريعاً.

وفي المحكمة، دخّن هارمان السيجار وأهان جميع الحاضرين. وحين نظر في مرة إلى صورة أحد الأولاد المفقودين؛ صرخ في والد الصبي الحزين قائلاً إنّه من المستحيل أن تكون له علاقةٌ بالأمر لأنّ طفله قبيحٌ للغاية.

وبعد إدانته بارتكاب 24 من أصل 27 جريمة قتل اتّهِم بها، حُكِم على هارمان سريعاً بقطع رأسه بالمقصلة في الـ15 من أبريل/نيسان عام 1925.

بينما حُكِمَ على عشيقه غرانز، الذي اعتاد ابتزازه عاطفياً لقتل أطفالٍ محددين، بالسجن مدى الحياة. لكن عقوبته خُفِّفت لاحقاً إلى 12 عاماً فقط.

بعد وفاته، جرى حفظ رأس فريتز هارمان في مادة الفورمالدهيد ومنحها إلى كلية الطب في غوتينغن. وفي عام 1925، جرى دفن رفات ضحاياه المكتشفين على ضفاف اللاين داخل قبرٍ جماعي في مقبرة ستوكنر.

ورغم أنّ شعب هانوفر كان يتطلّع إلى تجاوز جرائم قتل هارمان البشعة، لكن جرائمه ألهمت صانع الأفلام الألماني فريتز لانغ في فيلم الإثارة الكلاسيكي M عام 1931.

وفي فيلم M، تُطارد الشرطة مع المجرمين قاتلاً متسلسلاً يفترس الأطفال الصغار داخل مدينةٍ ألمانية كبيرة.

لكن جرائم هارمان وهانز غرانز المُروّعة كان لها تأثيرٌ مأساوي آخر.

إذ كان هناك تساهلٌ واسع النطاق مع المثلية الجنسية لبضع سنوات، رغم كونها غير قانونية في ألمانيا حينها.

ومع انتشار القصص الرهيبة حول العنف الجنسي لهارمان وقسوة غرانز المريرة؛ اجتاحت موجة رهاب المثلية البلاد.

ونظراً لفقدان غالبية الألمان تعاطفهم مع محنة الرجال المثليين؛ تمهّد الطريق لاحقاً أمام حملة قتل ضد المثليين جنسياً على يد النازيين.

لكن هانز غرانز نجا حتى بلغ سن الشيخوخة، ليموت في هانوفر عام 1975.

وبعد عقود في عام 2015، سئِمَت كلية الطب في غوتينغن من تخزين رأس هارمان المحفوظ وأحرقته، لتمحو بذلك آخر آثار “جزار هانوفر”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى