تقارير وملفات إضافية

بعد الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي.. ما خيارات القيادة الفلسطينية لإنقاذ نفسها من “الاستبدال” ومواجهة التخلي العربي عنها؟

تثار تساؤلات عديدة عن الخيارات المتاحة أمام القيادة الفلسطينية، للرد على انضمام دولة جديدة إلى معسكر التطبيع، ومساعي السلطة للإبقاء على حيوية القضية، ووقف انفراط العقد العربي لصالح التطبيع، بالإضافة إلى كيفية حماية القيادة الفلسطينية نفسها أمام تهديدات استبدالها من قِبَل الأمريكيين والإسرائيليين ودول الخليج، إذ تحدثت مصادر أمريكية عن أن صفقة التطبيع الإماراتية الإسرائيلية تتضمن عودة مستشار ولي عهد أبوظبي، محمد دحلان، للسلطة الفلسطينية، وأن الاتفاق يحسن فرص محمد دحلان في “معركة الميراث” مع عباس، كما أنه يحظى بدعم من مصر والأردن والإمارات والسعودية.

ومساء الثلاثاء الماضي، وصفت القيادة الفلسطينية، في ختام اجتماعها بمدينة رام الله، اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي، بأنه “خطأ تاريخي” ودعت دولة الإمارات إلى التراجع عنه. وطالبت في ختام الاجتماع، الذي ترأسه الرئيس محمود عباس، الأمانة العامة لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، بتحمل المسؤولية الكاملة بالدفاع عن قرارات القمم العربية والإسلامية. وشدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في مستهل الاجتماع، على أن “الفلسطينيين وحدهم فقط من يتحدثون باسم القضية الفلسطينية ويوقعون على أي حل باسمها”، بحسب تعبيره.

بعيد الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، احتفت الصحف العبرية بما وصفته “مستشار بن زايد السري”، محمد دحلان، القيادي الفلسطيني المفصول من حركة فتح والمستشار الخاص لولي عهد أبوظبي، معتبرة أن “الصفقة تمت بفضل دحلان، الرجل الذي يهمس في أذن حاكم الإمارات، والذي قد يتوج كخليفة لمحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية”.

ويبدو أن كلاً من الإسرائيليين والأمريكيين يودون مكافأة دحلان على “جهوده” هذه، بتحضيره لزعامة السلطة الفلسطينية بعد عباس، ويتحدث موقع i24 الإسرائيلي عن أن عودة دحلان “ستزيد الصراع في قيادة حركة فتح على قيادة السلطة الفلسطينية”، إذ كان دحلان منافساً لحليفه السابق في فتح محمود عباس قبل أن يفر إلى المنفى. 

ويقول تسيفي يحزكيلي محرر الشؤون العربية في القناة 13 العبرية، في حوار مع صحيفة معاريف، إن “غضب السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس من الاتفاق الإسرائيلي مع الإمارات له ارتباط بمحمد دحلان”، مضيفاً أن “أحد أسباب غضب أبومازن الحقيقية من اتفاق الإمارات وإسرائيل هو خشيته أن يجهز محمد دحلان ليكون صاحب السلطة، رغم أنه شخصية لا تحظى بشعبية بين الفلسطينيين، بل ربما سيدفع ثمن صفقة أبوظبي مع تل أبيب، رغم أنه يعمل مستشاراً أمنياً للإمارات، وهذه وظيفة رائعة له، ودخلها المالي جيد”، مردفاً: “لكن بعد رحيل محمود عباس، لا أعلم ما إذا كانت أموال دحلان ستلعب دوراً حول مستقبله في السلطة، رغم أن التقييمات الاستخبارية الإسرائيلية تتحدث عن احتمالية كبيرة لسفك الدماء والعنف بين الفلسطينيين في اليوم التالي لغياب عباس، الضفة الغربية ساخنة، فيها الكثير من الأسلحة والمصالح المتناقضة، والكثير من المسؤولين الذين يريدون هذا المنصب”.

يقول السياسي السابق والمحاضر بجامعة بيرزيت، الدكتور غسان الخطيب، لوكالة الأناضول، إن “القيادة الفلسطينية تواجه مشكلة حقيقية ليست فقط في تراجع الموقف العربي، بل في الصعوبات على المستوى الدولي، بسبب إمعان أمريكا في الضغط على الجانب الفلسطيني”.

ويستبعد الخطيب لجوء السلطة إلى خيار مواجهة الاحتلال على الأرض “لأنها تحتاج إلى جمهور، ونحن أمام ثقة مهزوزة بين القيادة والقاعدة”. ويرى الخطيب، في حديثه للأناضول، أن “الأولوية الفلسطينية يجب أن تكون ترميم الوضع الداخلي، وإنجاح المصالحة، لأنه لا حلول سياسية قريباً”.

الاتجاه الآخر، الذي ينصح الخطيب بالتركيز عليه، هو “العلاقات الدبلوماسية، للحفاظ على ما تبقى من مواقف دولية داعمة للقضية الفلسطينية والحد من التراجع الحاصل”.

دبلوماسياً، يشدد الخطيب على أهمية “تركيز الجهود نحو الدول العربية، التي لا يزال موقفها إيجابياً وثابتاً، وحتى تلك المترددة، وأيضاً دول العالم ذات المواقف الإيجابية وخاصة أوروبا الغربية”.

يتفق مع الخطيب، أستاذ الإعلام بجامعة القدس والباحث الفلسطيني محمود فطافطة، الذي يرى أن السلطة الفلسطينية أمام ثلاثة خيارات ممكنة، وهي “التعاطي مع مبادرات دولية والعودة للمفاوضات، وتقوية العلاقة مع دول أوروبية وغربية تحتفظ معها بعلاقات جيدة لتخفيف حدة الضغوط الممارسة عليها، وأخيراً تقوية اللُّحمة الداخلية وإنهاء الانقسام السياسي بين غزة والضفة”.

وفي ظل غياب الخطة الاستراتيجية لدى القيادة، حسب فطافطة، فإنه يرجح “تكثيف الجهود الدبلوماسية لتعزيز الموقف الفلسطيني ووقف مسلسل التطبيع”.

من جهته، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخليل الدكتور بلال الشوبكي، إن “دولة الإمارات ليست الوحيدة في مسلسل التطبيع، لكن الذي أثار عباس هو عدم التنسيق مع القيادة الفلسطينية”.

وحول خيارات القيادة المستقبلية، يقول للأناضول: “إنها (القيادة) شبه معزولة دولياً وإقليمياً، وتتعرض لضغوط كبيرة على وقع صفقة القرن وخطة الضم”. ويرى أنه “على القيادة الفلسطينية ألا تنظر لاتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي على أنه خطوة معزولة عن سياقها الدولي والإقليمي”.

وشدد الشوبكي على أنه “ليس باستطاعة القيادة الفلسطينية مقابلة التطبيع الإماراتي بخطوات عملية تتجاوز الرفض والاستنكار، وهذه لا تشكل أي ضغط”.

يقول الشوبكي إن “المطلوب في هذه المرحلة تقديم أطروحات بديلة على مستوى الرؤية الاستراتيجية لما يريده الفلسطينيون، ووسائل تطبيق هذه الرؤية، سواء النكوص عن حل الدولتين، أو التمسك به، أو الإتيان بحل جديد، ودون ذلك استنزاف للطاقة والوقت”.

واعتبر الأكاديمي الفلسطيني أي توجه دبلوماسي لمناهضة التطبيع الإماراتي على أمل تغيّر الظروف وخاصة الانتخابات الأمريكية “مراهنة خاسرة، لأنه لا يمكن لأي إدارة أميركية قادمة أن تغير خطوات الاحتلال أو الإمارات”.

وتساءل: “هل تريد القيادة التفاوض على أساس حل الدولتين؟ أم تريد أن تناضل ضد الاحتلال الإسرائيلي باعتباره مشروعاً استعمارياً استيطانياً وجوده مرفوض؟ وهل تريد أن تناضل من أجل حقوق متساوية وليس لديها مشكلة مع إسرائيل بل مع سياستها؟”. وتابع: “هذه الأسئلة يجب أن توضع على الطاولة بجرأة دون أن يستثنى أي طرف من النقاش”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى