تقارير وملفات إضافية

تعاون اقتصادي وعسكري.. كيف أصبح ترسيخ العلاقة مع دول المغرب العربي أولوية لتركيا خلال السنوات الأخيرة؟

بالتزامن مع نشاطها العسكري في ليبيا وصعود نجمها في إفريقيا خلال السنوات الخمس الماضية، غيّرت أنقرة أولويات سياستها الخارجية المعهودة في ما يخص منطقة المغرب العربي (الجزائر والمغرب وتونس)؛ ما أسفر عن تغطية شبه يومية لتلك الدول في الإعلام التركي. وعلاوةً على أهمية هذه الدول في دعم الوجود العسكري التركي في ليبيا، تحمل هذه الدول أهمية بالغة في انفتاح أنقرة على قارة إفريقيا، كما يقول موقع Al-Monitor الأمريكي.

ففي الجزائر، تُشكِّل اتفاقية الصداقة والتعاون التي وُقِّعت خلال زيارة رئيس الوزراء آنذاك رجب طيب أردوغان عام 2006، أساساً قوياً للعلاقات الثنائية.

وإلى جانب موقعها الجغرافي السياسي الذي يجعلها بمثابة مركز لوجستي لملف إفريقيا التركي، فإن الجزائر هي رابع أكبر اقتصاد في إفريقيا مع احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي والنفط. وهي رابع أكبر مُصدِّر للغاز الطبيعي المسال إلى تركيا، بعد روسيا وإيران وأذربيجان. وفي مجال الطاقة، توصل تكتل تركي إلى اتفاق مع شركة سوناطراك الجزائرية في 2018، لإنشاء موقع للبتروكيماويات في مدينة أضنة بقيمة 1.4 مليار دولار. وتجري اتصالات متبادلة بين البلدين لإجراء حفر مشترك في أعماق البحار ومسح سيزمي قبالة سواحل الجزائر.

وعلى الصعيد الاقتصادي، كانت تركيا واحدة من أكبر المستثمرين في الجزائر؛ إذ بلغت الاستثمارات التركية هناك ما يقرب من 3.5 مليار دولار أواخر عام 2019. ويعمل نحو 12000 جزائري في الشركات التركية التي أكملت نحو 370 مشروعاً في قطاعات مختلفة من البناء إلى المنتجات الكيماوية والصلب والمنسوجات.

وتحرص تركيا كذلك على التعاون مع الجزائر في المجالين الدفاعي والعسكري مقابل الدعم اللوجستي في ليبيا. ونظراً لأن الجزائر تنفق نحو 10 مليارات دولار سنوياً لشراء الأسلحة، تقدم تركيا صفقات مربحة لها.

وتقول تقارير إن الجزائر مهتمة بالمعدات العسكرية تركية الصنع؛ بما في ذلك العربات المدرعة من طراز كيربي وفوران، والطائرات بدون طيار المسلحة وأنظمة الرادارات وأنظمة المراقبة، وأنظمة الرؤية الليلية، والسترات الواقية من الرصاص، والمنسوجات والزي العسكري، وأجهزة الراديو.

بالنسبة للمغرب، اكتسبت التجارة الثنائية مع تركيا زخماً بعد اتفاقية التجارة الحرة في 2006، إذ وصلت إلى أكثر من 2.7 مليار دولار في عام 2018. وزاد عدد الشركات التركية التي فازت بمناقصات البنية التحتية في المغرب في السنوات الماضية، ليصبح عدد الشركات التركية العاملة حالياً في المغرب 150 شركة تعمل في قطاعات مختلفة؛ منها البناء وتجارة الجملة والمنسوجات والأثاث والحديد والصلب. ونمت مؤخراً استثمارات المنسوجات التركية في المغرب.

إضافة إلى ذلك، بلغت القيمة الإجمالية للمشاريع التي نفذتها شركات المقاولات التركية في المغرب 4.1 مليار دولار. ووصلت قيمة استثمارات الشركات التركية في المغرب إلى نحو 400 مليون دولار حتى عام 2019، ويعمل في الشركات التركية نحو 8000 مغربي.

بيد أن العلاقات الاقتصادية تأثرت في عام 2019 بعدما طلبت الحكومة المغربية إعادة تقييم اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، إثر تسجيل البلاد عجزاً تجارياً قدره 1.9 مليار دولار، لكن مولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي المغربي، أعلن حينها أن تركيا وافقت على مراجعة اتفاقية التجارة الحرة مع المغرب لجعلها مفيدة للطرفين.

وعلى نفس المنوال، أصبحت تونس شريكاً استراتيجياً جغرافياً محتملاً في شمال إفريقيا بعد دعم أنقرة لحكومة الوفاق في ليبيا. ويمكن للدعم التونسي المحتمل لتركيا في الصراع الليبي أن يقلب ميزان القوى لصالح حكومة الوفاق الوطني المدعومة من تركيا. من جانبها، أعربت تركيا عن تطلعها للخدمات اللوجستية والدعم الاستراتيجي من تونس في الملف الليبي خلال زيارة أردوغان إلى تونس في ديسمبر/كانون الأول 2019. وعلاوة على الدعم العسكري، فإن كون تونس عضواً غير دائم في مجلس الأمن، فإن موقفها بشأن القضية الليبية مهمٌ أيضاً.

وبناءً على ما سبق، يبدو أنَّ بلدان المغرب العربي لا تزال تحتل مكانة خاصة في نموذج السياسة الخارجية الجديد لأنقرة، ما دامت أنقرة تتطلع إلى ليبيا وإفريقيا.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى