تقارير وملفات إضافية

لحظة انهيار ماليزيا.. من هو الرجل الذي دق أسفيناً بين مهاتير محمد وأنور إبراهيم؟

أمضى الماليزيون عطلة نهاية الأسبوع وأيديهم على قلوبهم بسبب
التطورات السياسية التي هيمنت على الحياة في البلاد، بعد استقالة رئيس الوزراء
مهاتير محمد وإعلان الائتلاف الحاكم يوم الجمعة 21 فبراير/شباط، أنّ كافة الأحزاب
سيُسعدها قبول مهاتير بوصفه زعيماً حتى نهاية العام -أو يُمكنه المُغادرة عند
اختياره.

وكانت هناك ابتساماتٌ عريضة في الصور المُلتقطة للتأكيد على أنّ
الخليفة المُعيّن أنور إبراهيم يدعم بقاء مهاتير محمد في السلطة إلا أن الأمر لم
يكن كذلك. ورغم ذلك، كان هناك شخصٌ واحد غائب عن تلك الإجراءات -ولم يظهر وجهه في
الصور، بحسب تقرير لموقع Sarawak Report البريطاني. 

ذلك الشخص هو عزمين علي، الرجل الذي لم يتجاوز حقيقة أنّ الفوز في
الانتخابات يعني أنّ رئيسه سيخرج من السجن لاستعادة القيادة التي كان يتمتّع بها
فعلياً بوصفه الحاكم (الثري) سلاغور مينتيري بيسار.

وكان عزمين يتهيّأ للمنافسة على منصب رئيس الوزراء المُقبل بكل
الطُرق المُمكنة منذ اليوم الأول لهذه الحكومة، كما مكّنته سياسة الصبر -التي
تمتّعت بها قيادة حزبه حتى الآن- من مواصلة إقناع البعض بأنّه يستطيع الفوز.

إذ طوّر شبكةً من الحلفاء النافذين. وبينهم رجال المال الذين يشعرون
بالتهديد نتيجة إقالة عددٍ من أصدقائهم البارزين في الحكومة، والأهم من ذلك هم
رجال الأحزاب المُعارِضة الآن الذين يشعرون بأنّهم على وشك الوقوع تحت طائلة
القانون. وفي حال نجحت بعض الشخصيات التي تُواجه سلسلةً من اتّهامات السرقة وإساءة
استخدام السلطة في عقد صفقةٍ مع عزمين، فسيكونون محظوظين باحتمالية تفادي السجن.

وتشكّل تحالفٌ رئيسي أوائل يونيو/حزيران عام 2018 بينه وبين قريبه
بالزواج: هشام الدين حسين ابن عم نجيب عبدالرزاق. وقضت العائلتان عطلةً مُشتركةً
باهظة الثمن في المغرب، ونجحت العلاقة العائلية منذ ذلك الحين في تحويل مسار
الانتخابات. ولا شكّ أنّ العائلة كانت في طريقها إلى السجن، وكان لا بد من حل -وفي
الوقت ذاته بدأ عزمين يحلم بأنّ قادة حزب المنظمة القومية الملايوية المتحدة
(أمنو) سيسمحون له بأن يصير رئيساً للوزراء في المقابل.

وجاء الدعم الأكبر لعزمين من داخل أمنو، وبالتالي وصل إلى حليفه
الحزب الإسلامي الماليزي (باس). كما كان بحاجةٍ إلى إدخال أصدقائه المُتناقصين من
حزب عدالة الشعب في الصورة أيضاً، لذا شرع في محاولة تمزيق الثقة داخل ائتلاف
أحزابٍ مُعرضة لأن تُساوِرها الشكوك حيال بعضها البعض في أفضل الظروف.

ونشط إلى جانبه خيرالدين حسن، السياسي الذي فشل في إقناع المحاكم
بأنّ خسارته الانتخابية كانت نتيجة التزوير، ثم نصّب نفسه “جلاداً
لأنور”. وتاجر خيرالدين بـ “ولائه” المعروف لمهاتير من أجل إقناع
المُستمعين بأنّ كل ما يقوله يُنقَل عنه مُباشرةً.

وبعد أن أقسم على الولاء لأنور إبراهيم قبل الانتخابات، انقلب
خيرالدين ليصير “جلّاده السياسي” وتتمثّل مهمته المُعلنة الآن في
“تدمير أنور” كما يُخبر كل المستمعين، ويُبرّر ذلك بأنّه لم يكُن في صف
عزمين قبل بضعة أسابيع، مما يُعطي انطباعاً للبعض بأنّه يُمثّل المشاعر الحقيقية
لرئيس الوزراء نفسه.

ولم تُفوّت كافة تلك الفصائل الفرصة لتهمس في أُذن مُعسكر مهاتير
محمد بأنّ أنور يُدبّر انقلابه الخاص من أجل الترشّح للمنصب في أقرب وقتٍ مُمكن.
ونجحوا في خلق حالة عدم ارتياحٍ كبيرة لرئيس الوزراء الذي يترأس حزب أقليةٍ في
الائتلاف.

لذا أُعِدَّ المسرح بحلول يوم السبت 22 فبراير/شباط. ولم يكُن عزمين
ليسمح بحلول السلام بعد أشهرٍ من التخطيط، لأنّه لن يجد مكاناً لنفسه وسط هذا
السلام -ولم يُسلّط الضوء كثيراً على غيابه عن الصور في يوم الجمعة، لكن غيابه
فسّر كل شيء.

وبحلول يوم الأحد 23 فبراير/شباط، كان الانقلاب جارياً -ولكن ما هي
خطته؟ الإطاحة بمهاتير وحزبه الصغير برساتو من الائتلاف الحاكم، الذي انتخبه
بالأغلبية لقيادته، وإدخاله في ائتلافٍ جديد يتألّف من كافة المُحتالين
والكليبتوقراطيين الذين انتُخِبوا لتسليمهم إلى العدالة. وجرى الإعداد للتحالف
الجديد بكل الاحتمالات طوال أسابيع عدة، مع الإعلانات القانونية اللازمة وما إلى
ذلك كما كشف موقع Sarawak Report.

ثم ننتقل إلى مرحلة العمل. حيث كان اللقاء المُخطّط مسبقاً بين أنور
وأغونغ، والذي كان مُقرّراً عصر يوم الإثنين 24 فبراير/شباط، هو الوسيلة التي
استخدمها عزمين لإثارة الغضب والقلق داخل برساتو. إذ فُوجئ اجتماعهم الحزبي صباح
يوم الأحد بالمعلومات الصادمة حول أنّ أنور يحشد “أعداده” في أوساط
النُواب، وسوف يُخبر أغونغ يوم الإثنين بأنّ رئيسه قد انتهى أمره.

وكان الكثيرون على استعدادٍ لتصديق الأمر بالطبع. بينما جلس مهاتير
صامتاً في صدمة. وتُشير التقارير إلى أنّ نجله مخرز جادل بضرورة توخّي الحذر، لكن
الآخرين كانوا غاضبين بشدة من “الخيانة”. وفي الوقت ذاته كان عزمين قد
نصّب مُعسكره الخاص على بعد دقائق من فندق شيراتون (حيث نجح في إقناع سبعة نواب من
حزب عدالة الشعب -حزب أنور إبراهيم- بالحضور)، وكان يُطلِعُ وسائل الإعلام على عجل
وخلف الأبواب المُغلقة بأنّ هناك إعلانات مُشتركة في الطريق للتبشير بتحالفٍ جديد
من أجل السيطرة على الحكومة.

وسيكون هذا الائتلاف قائماً على رغبةٍ كريمة لدعم رئيس الوزراء
مهاتير محمد والسماح له بالحكم للفترة التي يرغبها، كما أكّد عزمين ورجاله. ولكنه
سيُقصي حزب العمل الديمقراطي (داب)، ويستبعد أنور من منصب نائب رئيس الوزراء.

وتأكّدت براءة المشروع من خلال “عشاء وحدة” جرى تنظيمه في
الوقت ذاته داخل نفس الفندق، من أجل السماح لنُوّاب كافة الأحزاب بإظهار ولائهم
لرئيس الوزراء ظاهرياً -ولا ضير في ذلك لأنّ الائتلاف الحاكم فعل الأمر نفسه يوم
الجمعة. وشارك في العشاء قرابة الـ130 نائباً، من بينهم كافة نواب حزبي صباح
التراثي وساراواك الذين جاؤوا جواً من أجل المشاركة في عرض نهاية الأسبوع.

وفي الوقت ذاته، تناهى إلى علم عزمين أنّ اجتماع برساتو كان يُحرز
تقدُّماً. وجرى اتّخاذ قرارٍ غاضب بالخروج من الائتلاف، دون إعلانٍ رسمي. وجلس
رئيس الوزراء صامتاً، إذ لم يكُن مُهيّئاً للموافقة على المرحلة الثانية من الخطة،
والتي تنُص على تقدُّم زعماء الأحزاب في مسيرةٍ إلى القصر وإخبار أغونغ بأنّ
ائتلافاً جديداً سيتشكّل تحت زعامة مهاتير -بدون أكبر الأحزاب مثل عدالة الشعب والعمل
الديمقراطي وأمانة.

ولم يُعقَد مؤتمرٌ صحفي في أيٍ من الاجتماعين، وظلّت المنصة المُعدّة
لهذا الغرض فارغة. لكن عزمين لم يكُن على استعداد لقبول فكرة فشل الخطة. فجرى
إطلاع الصحافة على أنّ مهاتير سيتوجّه إلى القصر مع زعماء الأحزاب -وأنّ انقلاباً
مُفاجئاً بدأ بالفعل.

وطوال الساعات التالية، جلس الماليزيون فاغرين أفواههم وتُحاصرهم
التساؤلات حول ما سيحدث لاحقاً. وانتشرت الشائعات. في حين واصل الحكماء التساؤل عن
سبب مشاركة مهاتير في هذه الخطة المُتهوّرة لخداع ناخبيه، وإعادة المحتالين
والمخادعين -الذين انتُخِبَ لطردهم- إلى السلطة بعد مُحاولاته تسليمهم إلى المحاكم
طوال أسابيع وشهور.

ورغم ذلك، فكّر آخرون في السيناريو الأسوأ. لقد “سقطت
العباءة” وسادت الخيانة. وظهرت حالةٌ من الهلع في صفوف حزبي عدالة شعب والعمل
الديمقراطي. وانتشرت مشاعر الغضب والحنق ضد رئيس الوزراء، وليس عزمين أو
المُتآمرين، لأنّه انضم إليهم وتزعّم هجومهم.

ولم يكُن هذا الأداء سيئاً بالنسبة لفريقٍ عقد العزم على زعزعة
استقرار ائتلافٍ يفتقر إلى الثقة. وفي حال استطاعوا الإبقاء على هذا الصراع، فربما
يصلون إلى مُرادهم. ورغم ذلك، ستظهر الحقيقة في حال سمح لها الهادئون والعُقلاء
بذلك.

وتجلّت أول إشارةٍ على ذلك في التصريح الصادر عن منزل رئيس الوزراء.
إذ لم يذهب إلى القصر، ولن يُصدِر أيّ بيانات في تلك الليلة. وجاءت الشائعات حول
نهاية تحالف الأمل قبل أوانها. إذ أوردت التقارير أنّ زعماء التحالف تناولوا الشاي
مع أغونغ ثم غادروا بخُفي حُنين.

وأُسقِطَ بين يدي قيادة حزب عدالة شعب، لكنّهم لم يُزعجوا رئيس
الوزراء وسط كل الضجة المُثارة حول حدث برساتو. وفي الوقت ذاته، تواصل العرض
المنحوس بالتزامن مع تحوُّل “عشاء الوحدة” إلى عملٍ فعلي. إذ مُنِيَ بالفشل
نتيجة غياب الزعيم الذي من المفترض أنّ الحدث قد أُقيم على شرفه.

وتناول النواب العشاء المجاني (الذي لا يعلم أحدٌ هوية من دفع ثمنه)،
لكن الضيوف الأكبر سناً بدأوا في إبداء تعابير تُشير إلى أنّ الكيل قد فاض بهم.
والتُقِطَت صورٌ لعبدالهادي أوانج وهو يخرج قبل الجميع، قبل أن يتوجّه إلى سيارته
المرسيدس الجديدة التي اشتراها بقرضٍ ضخم من الحكومة الفدرالية -والتي يُفترض بها
التكفُّل بنفقات العاملين والإدارة في ولايته المُفلسة.

وأعقبه الآخرون، ومن بينهم شخصياتٌ بارزة في أمنو أعلنت على خجل
لوسائل الإعلام أنّ تحالف الأمل انتهى أمره في وجهة نظرهم. فلماذا تعاملت وسائل
الإعلام مع هجومٍ مُعارض وكأنّه إعلانٌ داخلي؟ ولم تُلق خطابات أو تصريحات تُؤكّد
تشكيل الحكومة الجديدة المُخطّط لها -ثم تهيّأ الماليزيون الشرقيون للعودة إلى
مُدنهم جواً.

ومع ذلك، خرج عزمين وزملاؤه منهكين من العشاء الاحتفالي بالانقلاب
الفاشل، بعد ساعةٍ من النقاشات الساخنة، ليُعلِنوا أنّ الأمر لا يزال جارياً. مع
الكثير من الإيماءات والغمزات إلى المُراسلين المُتعطّشين رغم إرهاقهم. وظلت
المعركة مُستمرة.

وكان عزمين مُحقاً في مواصلة القتال، لأنّه كان يُحدِثُ أضراراً بكل
تأكيد (ولم يكُن هناك مجالٌ للتراجع على كل حال). وبحلول مساء الأحد، باتت قيادة
حزب عدالة الشعب مُقتنعةً بأنّ أنور كان بالفعل ضحية عملية خداعٍ مُشينة من تدبير
مهاتير. وكان من المنطقي أن يعتقد مؤيّدو أنور أنّ رئيس الوزراء كان يُحاول كسب
بعض الوقت، قبل أن يتوجّه إلى أغونغ في الصباح للإعلان عن الانقلاب وتحالفه الحاكم
الجديد مع أمنو والباس -إلى ساراواك والصباح.

وصارت حقيقة أنّ كل تلك الأشياء لم تكُن منطقية أمراً ثانوي الأهمية.
إذ سيطرت الشكوك والذكريات القديمة على الكثير من أنصار أنور في حزب عدالة الشعب.
وبدأت المخاوف من “تعصب” الملايو تحوم في الأجواء، بالتزامن مع اقتناع
البعض في برساتو بأنّ أنور نفسه كان ينتوي استخدام زيارته إلى القصر لتنفيذ
انقلابه ضدهم نتيجة المخاوف من مخططٍ غير ملاوي.

وعُقِدَت الاجتماعات بين ليلةٍ وضُحاها. وكانت استنتاجات أحزاب عدالة
الشعب، والأمانة، والعمل الديمقراطي قاتمة. ولكن الرأي السديد سيطر بنهاية المطاف.
وكان يجب على أنور أن يذهب لرؤية مهاتير شخصياً ويعرف الحقيقة منه -إذ كان يجب
استكشاف الحقيقة قبل أن يذهب أيّ شخصٍ إلى أغونغ يوم الإثنين.

وعَلِمَ موقع Sarawak Report أنّ أنور أجرى تلك
المكالمة الشخصية في صباح اليوم التالي مباشرةً. وكان مهاتير في طريقه إلى مكتبه
لتقديم استقالته -وهو مستاءٌ مما اعتقد حينها أنّها مؤامرةٌ شريرة من أنور، وأنّه
تظاهر بدعمه يوم الجمعة مع التخطيط منذ البداية للقاء أغونغ والاستيلاء على السلطة
في يوم الإثنين (بحسب الرواية التي سمعها مهاتير).

ورغم ذلك، حين عَلِمَ أنّ أنور وغوان إنج ووان عزيزة ومحمد سابو
كانوا في طريقهم لرُؤيته؛ عاد رئيس الوزراء إلى منزله من أجل استقبالهم. وأدرك
موقع Sarawak Report أنّ الاجتماع الطويل كان عاطفياً لأنّ الرجلين تحديداً تحدّثا عن
مواقفهما بانفتاح. إذ دُفِع بكلٍ منهما ليشعر بالخيانة، لكنّ أحداً منهم لم يخذل
الآخر في التزاماته. وتصالحت جميع الأطراف.

لكن الاضطراب الخارجي كان لا يزال قائماً. إذ لم يُشارك حزب بريستو
في ذلك الاجتماع الصباحي، وساد الارتباك لدرجة صدور بيانٍ من جانب الحزب لغضبه على
المُعاملة السيئة المُفترضة التي تعرّض لها زعيمهم. وكان مهاتير قد أعدّ بياناً
نُشِرَ ليُشير فيه إلى استقالته. وامتلأت الصحافة بالتأكّيدات على أنّ الائتلاف قد
تم حلُّه رسمياً.

وقرّر أنور إقالة عزمين أخيراً بعد سلسلة مؤامرات الخيانة، ليُعلِنَ
الأخير تأسيس حزبه الخاص الجديد وينجح في الاستحواذ على 10 من آخر الأرواح
المخدوعة في حزب عدالة الشعب.

ووصل إلى الشعب الماليزي أنّ رئيس وزرائه كان في طريقه إلى القصر
لإعلان استقالته وأنّ نائب رئيس الوزراء يرأس الآن حكومةً مؤقتة مُتصدّعة من
العناصر المُتنازعة. ولم تدّخر وسائل الإعلام جهداً في نقل أخبار نهاية الائتلاف
والفوضى والانهيار.

وأمضى الشعب المصدوم يوم الإثنين في حالةٍ إثارةٍ مُرعبة، في حين
كانت مجموعةٌ من الساسة المُحتالين المُتّهمين قد بدأت أخيراً تُعرِب عن آمالها
وتوقّعاتها بأنّها نجحت في الإفلات من أيّ عقابٍ على جرائمها.

ولكن مع انكسار شمس ذلك اليوم، هيمنت أصوات العقل. وكسر غوان إنج، من
حزب العمل الديمقراطي، أخيراً صمته الحكيم الذي حافظ عليه طوال نهاية الأسبوع.
فلماذا قد يُقرّر رئيس الوزراء فجأةً أنّ يتخلّى عن حلفائه ويتقرّب إلى أعدائه
ويُساعدهم على الإفلات من العقاب، بعد أن قضى السنوات الخمس الماضية وأكثر في
محاولة إصلاح أضرار الكليبتوقراطية المُتفشّية في ما يتعلّق بشركة 1MDB الماليزية؟ والأهم هو
لماذا سيكون غبياً لدرجة وضع نفسه تحت رحمة أعدائه من خلال السعي لرئاسة حكومةٍ
جديدة تستطيع من أحزاب أمنو والباس فيها إقالته منذ اليوم الأول؟

لم يكُن الأمر منطقياً على الإطلاق، ولا عجب أنّ مهاتير حين تحرّك
بالأمس قرّر الاستقالة في مواجهة ما اعتبره خيانةً من شركائه، وليس من أجل رئاسة
تحالفٍ بين أمنو والباس.

وحذا حزب الأمانة حذوه بالاتفاق مع حزب العمل الديمقراطي على
الاستمرار في متابعة مهاتير مهما كان الثمن. وفسّر أنور تصريحاته الغاضبة في
الليلة السابقة ضد الخونة الذين قلّلوا من شأنه ليُوضّح أنّ مهاتير نفسه لم يكُن
وراء مخطط انقلاب عزمين/أمنو.

وبعد الظهيرة، أجرى أنور زيارته المُخطّط لها منذ وقتٍ طويل إلى
أغونغ. ويشك موقع Sarawak Report بقوة في أنّه نصح الملك بالسعي إلى إقناع رئيس الوزراء بسحب طلب
استقالته من المنصب (وهي الاستقالة التي لن تكون رسميةً حتى تُمنح من الملك في
حضور جمهورٍ حاشد). ولا شكّ أنّ الاستقرار هو أمرٌ في غاية الأهمية وأنّ أنور لم
ينتوِ مُطلقاً التراجع عن التزامه.

وتنتظر ماليزيا الآن يوماً أخيراً حافلاً بالتطوّرات البارزة. إذ يجب
على حزب برساتو أن يُعيد النظر في موقفه من الائتلاف الذي قال إنّه سيتركه، ولن
يمضي وقتٌ طويل قبل أن يلتقي مهاتير نفسه بأغونغ. ويخشى الكثيرون أن يكون اللقاء
من أجل تقديم تلك الاستقالة المُقلِقة. لكن عدداً أكبر من الناس يأمل أنّ الزعيم
الكبير سيُقدّم خدماته مرةً أخيرة، ويسمح بإقناعه بالعودة لجلب الاستقرار مرةً
أخرى بعد مُحاولة انقلاب المُعارضة، ويستأنف عملية تحالف الأمل الانتقالية
المُخطّط لها.

كما تنبّأ موقع Sarawak Report، بمُجرّد هيمنة الرؤوس
العنيدة وانكشاف الحقيقة وراء هذا المُخطّط، انتهت الأمور سريعاً ظُهر يوم
الإثنين.

إذ التقى أنور بأغونغ وأكّد دعمه لرئيس الوزراء الحالي، الذي كان قد
استقال بحلول وقت اللقاء. ثم انطلق مهاتير إلى القصر وسط التشاؤم الدائر حول أنّه
سيُؤكّد استقالته رغم ارتفاع مُعدّلات الدعم له من أحزاب عدالة الشعب والعمل
الديمقراطي والأمانة -واختيار عزمين الاستقلال بذاته لتأسيس حزبٍ آخر.

واتّجه العديد من المتآمرين مع عزمين إلى منزل مهاتير لتقبيل يده قبل
انطلاقه إلى القصر -ولكن بعد فوات الأوان. وبعد مرور ساعةٍ ونصف الساعة من
المداولات مع ملك ماليزيا، خرج رئيس الوزراء العجوز ليُعلِن موافقته على تأدية
الخدمة مرةً أخيرة لبلاده.

إذ سيستمر في منصب رئيس الوزراء حالياً، حتى يجمع شتات الائتلاف
المُمزّق، ولكن بوضعيةٍ مُؤقتة.

وبدأت عملية التسليم المُتفق عليها فعلياً، وازدادت قوة منصب رئيس
الوزراء المُعيّن كما يجدر بها، ولكن ليس على حساب الزعيم الحالي. وفشل انقلاب
عزمين علي السياسي كما تنبّأ موقع Sarawak Report.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى