آخر الأخبار

3 ملفات أساسية كانت حاضرة بينها قضية “المبعوث الأممي”.. ماذا دار في اجتماع نائب المجلس الرئاسي الليبي مع سيرجي لافروف

ترافق القتال الذي اندلع بقوة في ليبيا مع زيادة النشاط الدبلوماسي على جميع المستويات، وبرز الدور الروسي بشكل متصاعد خلال الأسابيع الأخيرة. 

وبدا أن الحراك يدور بشكل متوازٍ في عدد من العواصم، وبالتزامن مع توجه خليفة حفتر إلى القاهرة ذهب رئيس حكومة الوفاق الوطني  فايز السراج إلى أنقرة، فيما عقد نائب رئيس المجلس الرئاسي في حكومة الوفاق أحمد معيتيق ووزير الخارجية محمد سيالة محادثات مكثفة مع كل من وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، والمبعوث الخاص للرئيس الروسي في الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف في العاصمة الروسية موسكو. جاءت الزيارة على خلفية الاتهامات المتكررة لموسكو من قِبل الغرب بدعم حفتر عسكرياً. 

ذكر مصدر مطلع  لـ”عربي بوست”، أن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف شدّد خلال المباحثات على عدد من النقاط التي تنطلق منها الدبلوماسية الروسية في التعامل مع الملف الليبي، أولها ضرورة إعادة إطلاق الحوار بين كل الأطراف الليبية، بالاستناد إلى قاعدة أنه “لا حل عسكرياً للأزمة”، وأنه لا يمكن الحديث عن “انتصار طرف على طرف” في الصراع الدائر. 

والنقطة الثانية ركزت على أهمية إعادة تثبيت وقف النار، وتوفير الظروف المناسبة لإحياء الحوار بصيغة 5+5. 

وجرى تأكيد الموقف الروسي المعلن، أن موسكو “لا تدعم طرفاً ضد طرف”، لكن في المقابل وضعت موسكو خلال اللقاء عدة ملاحظات بدا أنّها تُشكل أساساً لتطوير روسيا لهذا الموقف، من بينها أن الممثل الخاص الجديد للأمين العام للأمم المتحدة “يجب أن يكون وفقاً لتفاهمات سابقة من دولة إفريقية، ويفضل أن يكون “من دولة مشتركة مع حدود ليبيا، في إشارة إلى مصر”. ما يعني أن تعيين الممثلة الخاصة بالنيابة الأمريكية ستيفاني ويليامز “لا يناسب موسكو”. 

النقطة الثالثة وفقاً للمصدر، حدَّدها وزير الخارجية الروسي بضرورة أن تسير حكومة الوفاق خطوة نحو تعزيز العلاقة مع موسكو، عبر إطلاق سراح المواطنَيْن الروسيَّيْن مكسيم شوغالي ومُترجمُهُ سامر سويفان، اللذين تم اعتقالهما في طرابلس في مايو/أيار 2019، وتم التأكيد على “أن استمرار احتجاز المواطنين الروسيين يشكل العقبة الرئيسية أمام التطور التدريجي للتعاون الثنائي مع ليبيا، وشددت موسكو على الحاجة إلى إطلاق سراحهما بشكل “سريع وغير مشروط”.

كما أكد المصدر أن وفد حكومة الوفاق الوطني أكد للجانب الروسي أن “طرابلس لن توافق أبداً على المفاوضات إذا قادها من الجانب الآخر خليفة حفتر”، وهو ما دعا الجانب الروسي إلى تأجيل الحديث في هذه النقطة لحين التشاور مع الأطراف الإقليمية، في إشارة إلى مصر والإمارات، وقد أعقب اللقاء اتصال وزير الخارجية الروسي لافروف مع نظيره المصري، لبحث ما دار خلال اللقاء.

أشار المصدر أن الجانبين بحثا  مبادرة رئيسة مجلس النواب عقيلة صالح، والتي تنصّ على “دعوة الليبيين لإعلان وقف إطلاق النار في منطقة طرابلس، وإجراء محادثات لتشكيل مجلس رئاسي جديد”. ورأت موسكو في المبادرة أنها “تضع أساساً مهماً لاستئناف الحوار”. 

أشارت المعطيات التي حصل عليها “عربي بوست” إلى أن الحوار كان “تفصيلياً وعميقاً”، وهو ما دلت عليه حقيقة أن الحوار مع لافروف استمر لأكثر من ثلاث ساعات، قبل أن يستكمل الوفد الليبي النقاشات في جلستي محادثات أُجريتا على مدى يومين مع نائبه بوغدانوف. 

علماً أن بوغدانوف كان أجرى قبل وصول الوفد الليبي إلى العاصمة الروسية بيوم واحد مناقشات مع السفير المصري في موسكو، إيهاب نصر، ركّزت على مستجدات الأوضاع في ليبيا. 

ويبدو أن تنشيط التحرك الروسي انطلق من خشية موسكو بسبب التأثير المتزايد للولايات المتحدة على مسار تسوية النزاع الليبي، علماً أنه عشية زيارة نائب رئيس حكومة الوفاق الوطني أحمد معيتيق لموسكو، كان قد التقى بالسفير الأمريكي في ليبيا ريتشارد نورلاند، وناقش الطرفان آفاق استئناف عمل اللجنة العسكرية  والحوار السياسي “لجميع الأطراف الليبية المسؤولة المستعدة لإلقاء أسلحتها والتخلي عن التدخل الأجنبي”.

أصبحت روسيا لاعباً جيوسياسياً مهماً جداً في الشرق الأوسط، ليس فقط من خلال نتائج تدخلها العسكري المباشر في سوريا، بل لأن موسكو كما ترى أوساط دبلوماسية روسية دخلت من بوابة “القدرة على إبقاء الأبواب مفتوحة مع كل أطراف الأزمات في المنطقة، ما يؤهلها للعب دور وسيط عالمي قادر على التحدث مع الجميع خلافاً لواشنطن”.  

وتسعى روسيا إلى عدم تكرار أخطاء سابقة، من خلال إفساح المجال لأطراف غربية بلعب أدوار مؤثرة من دون روسيا، وهذا أمر حصل في ليبيا في فترة حكم الرئيس السابق ديمتري ميدفيديف، الذي يرى البعض أن “تردده في اتخاذ موقف حاسم دفع الغرب إلى تسريع تحركه وإطاحة النظام الليبي السابق باستخدام القوة”. 

ينسحب هذا الأمر على الخروج الروسي من الملف العراقي في 2003، ما جعل الشركات الروسية الكبرى تتكبّد خسائر قُدرت بمليارات الدولارات.

 وقد أكد وزير الخارجية  الروسي خلال اللقاء مع وفد حكومة الوفاق الوطني على ضرورة دعم وتطوير الملف الاقتصادي مع ليبيا، وأعرب عن استعداد لعودة الشركات الروسية إلى ليبيا فور استقرار الأوضاع. 

في المقابل، فإن موسكو تُدرك صعوبة الدخول في منافسة مع اللاعبين الاقليميين والدوليين الأساسيين في الأزمة الليبية. وتنطلق موسكو من فهم بأن المصالح الإيطالية والفرنسية والأوروبية عموماً أكبر بكثير من المصالح الروسية. 

لذلك جاء التنسيق مع الجانب التركي ليمنح روسيا ورقةً إضافيةً لتعزيز مواقعها التفاوضية وحضورها في الملف الليبي.

في إشارة إلى أهمية ذلك، نقلت صحيفة “كوميرسانت” الروسية عن الخبير في شؤون الشرق الأوسط كيريل سيمينوف، أن زيارة وفد حكومة الوفاق الوطني إلى روسيا تعني أن “موسكو وأنقرة لديهما توافق على أهمية تسريع استئناف عملية برلين”. وأشار إلى المحادثة الهاتفية بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان، في منتصف مايو/أيار، والتي تضمنت إشارة  إلى “الحاجة إلى استئناف سريع لهدنة غير محدودة وإطلاق حوار بين الليبيين، بناءً على قرارات مؤتمر برلين”. 

وبعد أن استولت قوات الأمن الوطني الخاصة على قاعدة الواطية الجوية، بدا أن روسيا وتركيا قررتا تجديد الحوار، لكن  بشروط جديدة، كما اتضح من خلال قرار  سحب “المرتزقة الروس” وقوات الجيش الوطني الليبي من محيط طرابلس. الجدير بالذكر أنه في وقت الانسحاب توقفت الطائرات بدون طيار التركية عن مهاجمة هذه المجموعات، ما عكس أن خلف ذلك تفاهمات روسية- تركية. 

ووفقاً لسيمينوف فإن “حفتر فقد ثقة حلفائه. ونرى مؤخراً أن موسكو تفعل كل ما في وسعها للحفاظ على دورها في شرق ليبيا، كما تبحث روسيا عن وسطاء آخرين يمكنهم حل المهام التي تحتاجها. كما أنه ليس من قبيل المصادفة ظهور مبادرة صالح في هذا التوقيت”. 

لافتاً إلى أنه “لا يزال حفتر يأمل في دعم القاهرة، ولكن على ما يبدو هناك توافق واسع بين مواقف روسيا وتركيا”، وهذا عنصر لا يمكن تجاهله في المرحلة المقبلة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى