ثقافة وادب

«جئتُ ورأيت وانتصرت».. أقصر خطبة حربية في التاريخ، تحمل سراً غريباً ليوليوس قيصر

«فيني فيدي فيتشي»، جئت ورأيت وانتصرت، عبارة لاتينية شهيرة قالها الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر (100-44 قبل الميلاد)، وهي العبارة التي عجز المؤرخون عن تفسيرها حتى اليوم.

قال يوليوس عبارته الشهيرة
للمفاخرة بنصر لم يُفهم حتى اليوم كيف حققه، ففي مايو/أيار من عام 47 قبل الميلاد،
كان يوليوس قيصر في مصر لملاقاة عشيقته كليوباترا السابعة.

في يونيو/حزيران من العام
47 قبل الميلاد، ستلد كليوباترا ابنهما، بطليموس الخامس عشر، ورغم أن قيصر كان
مغرماً بها، فإنه اضطر لمغادرة مصر بعدما أتته أنباء أن الأراضي الرومانية تتعرض
لأزمة تتطلب حضوره، كانت الأزمة تتلخص في أن فارناسيس الثاني، ملك بونتوس «منطقة البحر
الأسود شمالي تركيا حالياً»،  قد أجهز على جنود رومانيين وقتلهم، فقرر الانتقام.

غادر قيصر مصر قاطعاً
بلاد الشام متجهاً لقتال فرانسيس الثاني بن ميثراداتيس السادس، وحين علم فارناسيس بقدوم القيصر أرسل
له رسالة يطلب فيها الصلح، لكنه رفض.

وفقاً لكتاب Life of
Caesar
لبلوتارخ، المؤرخ اليوناني (45-125 بعد الميلاد)، أثار فارناسيس ميثراداتس المتاعب
للأمراء والحكومات الرباعية في العديد من المقاطعات الرومانية، ومن بينها بيتينيا
وكابادوكيا، وكان هدفه الوصول لأرمينيا في آسيا لتهديد السيطرة الرومانية على تلك
الأراضي.

زحف قيصر تجاه البحر الأسود،
ولا يعرف حتى اليوم كيف قطع القيصر مسافة تزيد على 2500 كم بجيشه في 6 أيام فقط،
ولا يُعرف الطريق الذي سلكه، لتكون معجزة القيصر حتى اليوم.

هناك هزم يوليوس فارناسيس
وقوته المكونة من 20 ألف في معركة زيلا، التي دارت في محافظة توكات شمالي
تركيا. 

أراد القيصر إبلاغ مجلس
الشيوخ في روما بانتصاره، فكتب الرسالة القصيرة، التاريخية، التي كانت رسالة
انتصار وأقصر خطبة حربية في التاريخ، 3 كلمات فقط  Veni, vidi, vici.

وصارت بعدها العبارة جملة
أدبية شهيرة مستعملة في كثير من الكتب والخطب واتخذتها بعض الشركات شعاراً لها،
مثل فيليب موريس شركة السجائر الأمريكية المنتجة لمارلبورو.

انبهر المؤرخون الكلاسيكيون
بالطريقة التي لخص بها قيصر انتصاره، يقول المؤرخ بلوتارخ عنها: «الكلمات
تأخذ نفس النهايات الإعرابية، ونفس الإيجاز، والصوت، وهو أكثر ما يثير الإعجاب
بها»، إضافة إلى أن بها نعومة ممتعة للأذن فيما الشاعر الإنجليزي جون درايدن
يقول عنها بإيجاز أكبر: «للكلمات الثلاث في اللاتينية نفس الإيقاع، وتحمل
معها روح إيجازٍ مناسبة». 

يصف سوتونيوس، المؤرخ
الروماني (70-130 بعد الميلاد)، عظمة عودة قيصر إلى روما على أضواء المشاعل، التي
تقدَّمتها لوحة تذكارية مكتوب عليها «Veni, Vidi, Vici,»الطريقة التي
أثرت بها هذه العبارة على الرومانيين، ويقول إن وقعها كان أكبر مما يتخيله أحد
عليهم.

استعان وليام شكسبير
(1564-1616)، في أحد أعماله بإيجاز القيصر وحول مقولته الشهيرة إلى نكتة لشخصيته
المغفلة، مسيو بيرون، في رواية «الحب مجهود ضائع»، عندما اشتهى روزالين،
حيث قال: «من أتى؟ الملك. لماذا أتى؟ ليرى. وماذا رأى؟ الفوز». 

استُخدِمَت الإصدارات
المختلفة لعبارة قيصر على الدوام في سياقات أخرى عديدة، بعضها عسكري وبعضها ساخر.
ففي عام 1683، قال جان الثالث ملك بولاندا: «Venimus
Vidimus, Deus vicit» أو «أتينا، ورأينا، وغزا الرب»، لتذكير جنوده
المنتصرين في معركة فيينا بأنه «لا يوجد أنا في الفريق» وأن
«الإنسان يسعى، والرب يرتب».

وفي خمسينيات القرن الماضي،
تضمنت الأغنية الرئيسية للنسخة الموسيقية من مسرحية «Auntie
Mame»
الشهيرة عبارة على لسان عشيقها بوريجارد الذي غنى «أتيتِ، ورأيتِ،
وغزوتِ».

وفي 2011، أعلنت هيلاري كلينتون، وزيرة خارجية الولايات المتحدة حينها، مقتل معمر القذافي باستخدام عبارة «أتينا، ورأينا، ومات هو».

وكذلك اختارت فرقة الروك
السويدية the Hives عبارة «Veni Vidi Vicious» عنواناً
لألبومها الصادر عام 2002. واستخدم كلٌّ من فناني الراب بيتبول (ألبوم Fireball
2014)
وجاي-زي (ألبوم Encore 2004) نسخاً من نفس العبارة في أعمالهما. 

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى