تقارير وملفات إضافية

مراوغ ويظهر في الوقت المناسب.. خليفة مهاتير محمد ورث السلطة بـ”حيلة” لكن الأمر ليس سهلاً

عندما وقعت الحكومة الماليزية في حالة من الفوضى
خلال الشهر الماضي، اعتقد بعض الناس أن زعيم البلاد المخضرم مهاتير محمد على
الأرجح سيعود ليُبرز قبضة سياسية أكثر قوة. لكن ما حدث عوضاً عن ذلك، أن اختير
محيي الدين ياسين، وهو شخصية أكثر هدوءاً، ليعين في نهاية المطاف رئيساً جديداً
للوزراء.

ويقول محللون إن محيي الدين، القومي المالاوي
المحافظ هو سياسي، وإن لم يكن ذا سجل رفيع المستوى فهو حذر ومتمرس، كما تقول 
صحيفة The Guardian البريطانية.

يقول جيمس تشين، أستاذ الدراسات الآسيوية في جامعة
تسمانيا الأسترالية، عن محيي الدين: “إذا نظرت إلى تاريخه السياسي تجد أنه في
كل مرة تكون هناك أزمة سياسية يكون هو آخر من يُظهر نفسه. إنه يجلس بين جميع
المجموعات المتنازعة، ويتركهم يستنفدون قواهم، ثم يبرز نفسه هو في اللحظة
الأخيرة”.

وفي الوقت الذي غرق التحالف الحاكم في صراع على السلطة بين ركنيه من مؤيدي مهاتير
وخليفته المنتظر، أنور إبراهيم، تمكن محيي الدين من المناورة والتفوق على كليهما.

أقسم محيي الدين اليمين الدستورية رئيساً للوزراء في
1 مارس/آذار، بعد مسيرة سياسية طويلة، قضى معظمها مع حزب “أومنو”، الحزب
الذي تولى السلطة في ماليزيا لستة عقود وتورط خلال ذلك في فضائح فساد كبرى.

انضم إلى أومنو في عام 1971، في مدينة جوهور، قلب
ماليزيا النابض، والتي شهدت بعد سنوات تعيينه رئيساً للوزراء. عمل محيي الدين
أيضاً في عدة مناصب في الحكومة المركزية، ومنها منصب نائب رئيس الوزراء في عهد
نجيب رزاق، ولكنه أُقيل في عام 2015 بعد تحقيقات بدأت بحق نجيب خلال الاتهامات
المتعلقة بفضيحة فساد صندوق التنمية الماليزي “1 إم دي بي”، وهي إحدى أكبر الفضائح
المالية في العالم.

بعد إقالته، انضم محيي الدين إلى حزب بيرساتو، وهو
الحزب الذي أنشأه مهاتير محمد للإطاحة بحكومة نجيب المتهمة بالفساد من السلطة. وفي
عام 2018، حقق الحزب فوزاً تاريخياً في الانتخابات عندما اختار الناخبون تحالفاً
إصلاحياً متعدد الأعراق وعدهم بالقضاء على الفساد.

لكن، تبع ذلك انهيار التحالف بعدها بعامين فقط،
ليدخل محيي الدين مرة أخرى في شراكة مع حزب أومنو، ويعود إلى السلطة من بوابة
الحزب ذاته الذي ساعد في إزاحته عن السلطة. وفي ظل اعتماد محيي الدين على دعم
النظام السابق، تبرز شكوك حول ما إذا كان المتورطون في فضائح الفساد سيحاسبون.

وتتصاعد مخاوف أيضاً بشأن موقف حكومة محيي الدين من
الأقليات، إذ يأتي تعيينه في أعقاب سخط متزايد بين كثيرين من أغلبية الملايو،
الذين يتهمون التحالف الحاكم السابق بتقديم دعمٍ زائد لمصالح الأقليات على حساب
الأغلبية. 

يمثل المسلمون الملايو نحو 60% من سكان ماليزيا، ومع
ذلك فالبلاد بها أيضاً مجتمعات عرقية صينية وهندية كبيرة. ومحيي الدين، الذي وصف
نفسه ذات مرة بأنه “من الملايو قبل أي شيء”، ضمت قائمة ترشيحاته تمثيلاً
ضئيلاً للغاية من الأقليات في المناصب الحكومية الرئيسية التي أُعلن عنها هذا الأسبوع.

ويخشى أزميل طيب، وهو أكاديمي متخصص في العلوم
السياسية، أنه إذا تفاقمت المشاكل الاقتصادية أو السياسية، فقد يدفع ذلك محيي
الدين إلى “استغلال التوترات العرقية القومية لتحويل الانتباه عن المشكلات
الحقيقية التي تعانيها البلاد”.

ويبدو من المرجح أن محيي الدين، الذي ضمت حكومته
المتضخمة مناصب لأنصاره أكثر بكثير من تلك التي كانت في التحالف السابق، سينجو من
تصويت بحجب الثقة بات يلوح في الأفق. ومع ذلك، فإن منتقديه يشيرون إلى أنه دُفع
إلى السلطة دفعاً من خلال سلسلة من الصفقات التي عُقدت في الغرف الخلفية، وأنه ليس
لديه تأييد شعبي حقيقي.

وتقول بريدجيت ويلش، وهي زميل باحث فخري في معهد
آسيا للبحوث التابع لجامعة نوتنغهام بماليزيا، إن محيي الدين سيواجه مستويات عالية
من التدقيق والمراقبة لتصرفاته، “إنها حقبة مختلفة في ماليزيا، وهناك الكثير
من الاهتمام والحذر فيما يتعلق بالفساد”.

حاول محيي الدين وصف قيادته للحكومة بأنها حقبة
لمكافحة الفساد، لكن بعض أفراد حكومته نفسها ملطخون باتهامات الفساد، وإن لم تعد
قضاياهم منظورة في المحاكم.

وتقول ويلز إنه أصبح رئيساً للوزراء في أوقات صعبة
تمر بها البلاد، إذ “لديك فيروس كورونا، واقتصاد ضعيف الأداء مع إصلاحات
اقتصادية محدودة للغاية، وانخفاض كبير في أسعار النفط، ومصادر محدودة للإيرادات
بالنظر إلى المستوى المرتفع للديون الذي ورثته الحكومة من مشكلات، ليس أقلها فضيحة
فساد صندوق التنمية الماليزي (1 إم دي بي)”.

وتشير ويلز إلى أن محيي الدين لن يحتاج فقط إلى
إثبات شرعيته زعيماً للبلاد، وإنما سيضطر أيضاً إلى التعامل مع المشكلات
الاقتصادية والسياسية العميقة التي تعانيها ماليزيا. “إنه يواجه بيئة سياسية
واقتصادية، أذهب أنا إلى أنها أصعب من أي بيئة واجهها أي رئيس وزراء سابق لماليزيا
على الإطلاق”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى