تقارير وملفات إضافية

“أوروبا الوحشية”.. “فايننشيال تايمز” تتهم الاتحاد الأوروبي بتجاهل الجرائم ضد اللاجئين على حدوده

“إنهم أسوأ من داعش وطائرات الأسد، فلم أكن أعلم أنهم يعاملون البشر مثلما يفعلون في سوريا”، كانت هذه كلمات لاجئ سوري عانى من العنف ضد اللاجئين على حدود أوروبا الشرقية والجنوبية.

عندما أُلقي القبض على إبراهيم على الجانب الروماني من الحدود مع صربيا، ظن هو ورفاقه من طالبي اللجوء أن الحظ حالفهم. 

إذ ابتسم الحرس في وجوههم ووعدوهم بنقلهم إلى أقرب مدينة لطلب اللجوء. ولكن ما فعلوه هو أنهم أعادوا المهاجرين إلى الغابات الصربية مرة أخرى، وارتدوا أقنعة وانهالوا عليهم ضرباً بالهراوات قبل أن يبتعدوا مسرعين بسياراتهم، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Financial Times البريطانية. 

وفرّ إبراهيم (22 سنة) بعد أن انكسر رسغه وهو يحاول حماية وجهه بيديه. وتعرض رفيقه، وهو لاجئ سوري، للضرب على رأسه بدرجة أفقدته الوعي. ولا يجد إبراهيم في نفسه الرغبة لإخبار عائلته بما حدث؛ إذ يقول إنه بعد نجاته من الضربات الجوية وداعش والتجنيد الإجباري، لم يمر بأسوأ ظروفه إلا في أوروبا.

بعد أن واجه بنفسه العنف ضد اللاجئين على حدود أوروبا النائية، يقول إبراهيم الذي يقيم الآن في معسكر كيكيندا الحدودي في صربيا بالقرب من الحدود الرومانية: “لم أكن أعلم أنهم يعاملون البشر مثلما يفعلون في سوريا. ربما لا تكون فكرة أوروبا سوى كذبة كبيرة”.

يتصاعد العنف ضد اللاجئين على حدود أوروبا، الذي أصبح بمرور الزمن أمراً روتينياً على حدود الاتحاد الأوروبي، ليتحول إلى ما يعتبره طالبو اللجوء والمنظمات الحقوقية سياسة وحشية، إذا كانت غير رسمية.

إلا أن المقابلات التي أُجريت مع 25 مهاجراً والعديد من منظمات الإغاثة تشير إلى أن عمليات الضرب و “الصد” -أي إجبار طالبي اللجوء على مغادرة البلاد قبل مراجعة طلباتهم- أصبحت الآن منهجية، رغم انتهاكها لقانون الاتحاد الأوروبي. ويتزايد تحول العنف إلى ممارسة روتينية في الوقت الذي يبحث فيه المهاجرون عن مسارات جديدة للوصول إلى أوروبا. 

وتركَّزت الانتقادات في البداية على المجر، قبل أن تظهر مزاعم مماثلة في بلغاريا واليونان. وفي الأشهر الأخيرة، في الوقت الذي يتجه فيه المزيد من المهاجرين إلى تجربة مسارات دول البلقان التي تمر عبر كرواتيا ورومانيا، تنامت اتهامات العنف على طول هذه الحدود.

تقول جوفانا أرسينيجيفيتش، منسقة برنامج لجنة الإنقاذ الدولية في دول البلقان: “فكرة اللجوء إلى العنف تتنامى بدلاً من أن تتراجع. إنه لعار كبير على أوروبا، التي روجت لنفسها على أنها مهد حقوق الإنسان، أنها لا تعامل الناس معاملة كريمة”.

وتقول إن استخدام هذه المسارات الخطرة يصبح أمراً حتمياً بعدما صعّبت أوروبا على طالبي اللجوء الفرار والتقدم بطلب اللجوء بشكل قانوني.

وسيصبح التوقف عن مثل هذه الممارسات أكثر صعوبة لأن الشعبوية في أوروبا، التي قامت على المشاعر المعادية للهجرة، تُسيّس أي نقاش عن انتهاكات الحقوق. وأصبح التهاون المتزايد مع هذه العدائية في أوروبا جلياً عندما أشادت أورسولا فون دير لين، رئيسة المفوضية الأوروبية، باليونان واصفة إياها بـ “درع” أوروبا حتى بعدما ظهرت قوات الحدود في بعض مقاطع الفيديو وهي تستخدم الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، وتضايق القوارب الخاصة بطالبي اللجوء، في وقت سابق من شهر مارس/آذار.

يقول المنتقدون إن الاتحاد الأوروبي يخاطر بتهاوي قوانين حقوق الإنسان التي وضعها بنفسه، في حين يقول المؤيدون إن عبور هؤلاء اللاجئين غير قانوني، ويلقون باللوم على تركيا في توجيه اللاجئين نحو اليونان في محاولة مريبة لخلق أزمة جديدة. 

ويُشار إلى أن أنقرة وقعت على اتفاق عام 2016 مع الاتحاد الأوروبي للحد من تدفق اللاجئين بعد وصول أكثر من مليون شخص، معظمهم من السوريين الفارين من الحرب الأهلية، إلى أوروبا دون قيود تقريباً عام 2015.

ورغم أن الاتحاد الأوروبي يعمل مع تركيا للحد من التوترات الحدودية، يأتي اللجوء إلى مثل هذه الأساليب البدائية حتى مع اعتماد حرس حدود الاتحاد الأوروبي على تقنيات شديدة التطور. إذ يجري اختبار مروحيات المراقبة وأنظمة الكاميرات الآلية وأجهزة الاستشعار و “أسراب” الطائرات المسيرة في دوريات الحدود في الوقت الحالي.

وزعم معظم المهاجرين الذين أجريت معهم مقابلات أنهم تعرضوا لضرب مبرح مرة واحدة على الأقل. وذكر الجميع أن الحرس جردوهم من جميع ملابسهم عدا الداخلية، وأجبروهم على الانتظار لساعات على الأرض التي يغطيها الجليد، وأعادوا إليهم ملابسهم ولكن بدون الأحزمة وأربطة الأحذية، وحطموا هواتفهم المحمولة.

وغالباً ما تُحمَّل الدول التي يدعمها الاتحاد الأوروبي للحد من الهجرة، مثل ليبيا، مسؤولية العنف المزعوم الذي يتعرض له المهاجرون. 

إلا أن هناك الكثير من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي أصبحت متواطئة الآن بشكل مباشر، في ظل انتشار هذه السياسة غير الرسمية على طول حدود الاتحاد، وفقاً للمنظمات الحقوقية.

ويقول حرس الحدود الروماني إنه يُخضع المهاجرين الذين يضبطهم على أراضيه للتحقيق ويُعلِمهم بإجراءات اللجوء. وقال في بيان: “جميع الإجراءات التي يتخذها حرس الحدود الروماني عند ضبط مهاجرين يتصرفون بشكل غير قانوني على الحدود تتم وفقاً للتشريعات الوطنية والدولية، ونحرص دائماً على احترام حقوق الإنسان”.

ولكن في معسكر الحدود الصربي الذي ينام فيه إبراهيم، ظهرت علامات سوء المعاملة على العديد من الرجال الذين تكدسوا على مراتب في غرف قذرة: إذ كان اثنان منهم يضعان ضمادات وجبيرة، في حين تورمت عينا شخص آخر، وكان ثالث يعرج في مشيته.

ومنذ تفشى فيروس كورونا في أوروبا، أغلق الجيشان الصربي والبوسني معسكرات المهاجرين، بحجة الحفاظ على سلامة المقيمين فيها. ولكنه تذكير بأن الفيروس قد يفاقم العداء تجاه طالبي اللجوء في وقت يمكن أن يؤدي فيه الركود الاقتصادي والصراع الاجتماعي في أعقاب الجائحة إلى المزيد من الهجرة.

ومن المستحيل جمع إحصائيات شاملة بالنظر إلى عدد المهاجرين الذين يفلتون من المراقبة، لكن دراسة أجرتها شبكة مراقبة العنف عبر الحدود، وهي منظمة حقوقية في دول البلقان، في يناير/كانون الثاني، قالت إن أكثر من 80% من 263 شخصاً درست حالاتهم أثناء توثيق عمليات الصد في كرواتيا قالوا إنهم تعرضوا لاعتداءات.

وقالت وكالة حماية الحدود الأوروبية “فرونتكس” إن دورياتها تواجه العنف من المهاجرين الذين يرشقونها بالحجارة، كما حدث على الحدود اليونانية. وقالت في تصريحات لصحيفة Financial Times: “هذا هو العنف الذي ينبغي أن يُقلق كل مواطني الاتحاد الأوروبي”.

أي أنها ركزت على حجارة المتظاهرين وتجاهلت انتهاكات السلطات الأمنية.

وأضافت أن نشر المزيد من دورياتها يمكن أن يقلل العنف. وقالت فرونتكس: “الضباط المنتشرون في عمليات فرونتكس مهمتهم دعم الدول الأعضاء وضمان سيادة القانون”.

ومع ذلك، تقول جوفانا أرسينيجيفيتش إن الاستعراض المتزايد للقوة لا يمكن حتى أن يكون رادعاً فعالاً، وظهر الدليل على ذلك في المقابلات التي أُجريت مع طالبي اللجوء، العازمين على مواصلة المحاولة. 

يقول أبو ليث (25 عاماً)، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه الحقيقي، مثل جميع المهاجرين الذين أجريت معهم مقابلات: “نحن مثل النمل. لو وضعتم صخرة أمامنا، فسنواصل تحركنا ونلتف حولها”.

وقد أبدى إبراهيم تعجبه، في ليلة تعرضه للاعتداء في رومانيا، من مدى دقة الدورية التي رصدته ورفاقه، في المكان الذي كانوا يختبئون فيه تماماً. وقد تعقبه أيضاً هو ورفاقه الذين أجريت معهم مقابلات المروحيات والدوريات المسلحة بنظارات الرؤية الليلية وأجهزة الاستشعار الآلية التمويهية التي تكشف أي حركة وتنبه الشرطة. ومنذ عام 2016، قالت الشرطة الرومانية إنها تزيد من “معدات الرؤية عن بعد إلى أقصى طاقتها” لمنع عبور المهاجرين.

وتحدث إبراهيم واثنان من اللاجئين الآخرين أيضاً عن مطاردتهم بالطائرات المسيرة أثناء عبورهم إحدى الغابات المجرية. ويقولون إن هذه الأشياء ظهرت في تشكيلات رباعية، وأحاطت بهم ولاحقتهم حتى غادروا الحدود. يقول أحد اللاجئين: “كان شعوراً غريباً، وكأنك في فيلم مخيف”.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنَّ بعض باحثي الأكاديمية المجرية للعلوم طوَّروا أسراباً من طائراتٍ بدون طيار، فيما كانت المجر كذلك جزءاً من مشروع Roborder الذي يدعمه صندوق Horizon 2020 البحثي التابع للاتحاد الأوروبي. ويعمل مشروع Roborder على اختبار مركباتٍ مؤتمتة يمكن استخدامها جواً أو براً أو بحراً، بما في ذلك خيارٌ لابتكار “أسرابٍ” لتحديد مكان الشخص بتقنية “التثليث”. ويحذر بعض منتقدي هذه الآليات من أنَّ مثل هذه الأبحاث يمكن أن تؤدي إلى إطلاق أسلحةٍ مؤتمتة، مما يُمهِّد الطريق نحو الاستخدام الأوسع للروبوتات ويجعلها مسؤولةً عن قراراتٍ فتَّاكة دوناً عن البشر. 

إذ قال مارك أكيرمان، من حملة Stop Wapenhandel الهولندية لمكافحة تجارة الأسلحة، الذي يُجري أبحاثاً عن تحصينات الاتحاد الأوروبي الحدودية لمصلحة معهد Transnational Institute (TNI) الذي يعد إحدى جماعات الضغط: “تُستخدم هذه المشروعات البحثية لاختبار أفكار جديدة عدوانية. (وهذا سوف) يُغذِّي دورة عسكرة الحدود واستخدام أساليب أشد وحشية لفعل ذلك”. 

وفي السياق نفسه، تواصل المفوضية الأوروبية ضخ الأموال إلى فرونتكس، التي تبلغ ميزانيتها السنوية الآن حوالي 470 مليون دولار، بزيادةٍ تتجاوز 34% عن ميزانيتها في العام الماضي 2019. فيما كانت ميزانيتها 6 ملايين يورو فقط (6.7 مليون دولار بسعر الصرف الحالي) في عام 2005. 

ويؤكِّد معهد TNI أنَّ هذا التمويل يسهم في عسكرة أوروبا، معززاً شراء معدات المراقبة والأسلحة، بل والقوات في المستقبل القريب. ففي مايو/أيار الماضي، أعلنت وكالة فرونتكس تشكيل أول قوة حدودية قائمة بذاتها، يمكن أن يصل قوامها إلى 10 آلاف بحلول عام 2027، ولديها حالياً 1500 ضابط منتدب من الدول الأعضاء. وفي الوقت نفسه، أطلقت الوكالة دورياتٍ في ألبانيا، وهي أولى الدوريات التي تُطلِقها إحدى دول الاتحاد الأوروبي.

وتقول المفوضية إنَّ وكالة فرونتكس لديها آليات لتعزيز احترام الحقوق الأساسية ومراقبته. لكنَّ تقريراً صادراً في عام 2018 عن منتدى فرونتكس الاستشاري، الذي يُعَد هيئة رقابية مستقلة، قال: “العدد الذي يكاد لا يُذكَر من التقارير التي تلقتها الوكالة.. يثير مخاوف كبيرة بشأن فعالية” مثل هذه التدابير.

وفي السياق نفسه، قالت إحدى العائلات إنَّ دوريات حرس الحدود اعتدت على شابٍ في مجموعتهم في إحدى محاولاتهم الأخيرة لدخول المجر، لكنَّها توقفت عن الاعتداء حين وصل حارسان تابعان لوكالة فرونتكس، وأخبرا المهاجرين بأنهم لديهم خيار التقدم بطلب لجوء. 

ويقول هاني، وهو مهاجرٍ عمره 19 عاماً من العراق: “قلنا حسناً، ولكن عندما أخرجنا المجريون، ألقوا بنا خارج الحدود وأعادونا إلى صربيا. ولم يكن لدينا ذلك الخيار بالفعل”. 

وكالة حماية الحدود الأوروبية “فرونتكس” تخاطر بأن تكون “شريكاً صامتاً في جريمة انتهاك قوانين الاتحاد الأوروبي”، حسبما يقول أندراس ليدرير، من منظمة Hungarian Helsinki Committee الحقوقية التي يقع مقرها في العاصمة المجرية بودابست.

وأضاف أنَّ وجودها يمكن أن يقلل العنف، لكنَّه لا يفعل شيئاً لمنع الاتجاه المتمثل في إلقاء المهاجرين خارج الحدود بصورةٍ غير قانونية. 

ونفى متحدثٌ باسم السلطات المجرية أنَّ قوات حرس الحدود المجرية تستخدم ممارسات تصد وحشية ضد المهاجرين.  

ونظراً إلى أنَّ المهاجرين أصبحوا يقضون وقتاً أطول الآن في محاولة اجتياز مساراتٍ أشد وعورةً داخل أوروبا، يتفاقم خطر وقوع وفيات. إذ تظهر بيانات المنظمة الدولية للهجرة أنَّ 148 لاجئاً لقوا حتفهم على الأراضي الأوروبية في العام الماضي 2019، وهذا أكبر من عدد الوفيات في السنوات السابقة، بل وأكبر حتى من الـ135 شخصاً الذين لقوا حتفهم في عام 2015، حين كان عددٌ أكبر من المهاجرين يعبرون الحدود. 

كان إبراهيم يعتزم مقابلة ابن عمومته في صربيا ليواصلا رحلتهما إلى داخل الاتحاد الأوروبي معاً. لكن ضلَّ إبراهيم طريقه في الجبال يومين، بلا طعام ولا شراب، وعندما بلغ ملتقاهما في بلغراد، علم أن جثة ابن عمومته كانت في مشرحة بمدينة تيرانا عاصمة ألبانيا، بعد أن لقي مصرعه إثر حادث سيارة أثناء تهريبه إلى خارج ألبانيا.

وعاودت عائلته التوسُّل بالمال، لكن هذه المرة بغرض استعادة جثة. ويقول إن هذه المأساة لم تزده إلا قوةً. ويخطِّط مع أصدقائه لخطوتهم التالية، ألا وهي حفر نفقٍ. إذ قال: “ليس من أجلي فقط، بل من أجل عائلتي. بعد كل ما مرُّوا به، لن أفشل. لا يمكن أن أفشل”.

وهذه العزيمة هي ما يدفع النشطاء الحقوقيين إلى التشكيك في جدوى الاستراتيجيات الحدودية الوحشية. في 2016، تراجعت الهجرة إلى أوروبا بعد توقيع بلجيكا اتفاقاً يعد تركيا بمعونة بقيمة 6 مليارات يورو على دفعتَين لدعم اللاجئين في مقابل وقف تدفُّق المهاجرين.

لذا تفاجأ المسؤولون في البوسنة وصربيا بارتفاع أعداد المهاجرين خلال الأشهر الأخيرة. لكن هذه الموجة سلَّطت الضوء على المشكلة الأصلية في الاتفاق بين تركيا والاتحاد الأوروبي: أنه ترك المهاجرين عالقين في مكان آخر غير مرحِّبٍ بهم، في ظل استمرار المشاكل التي دفعتهم إلى الفرار من أوطانهم بلا حلول.

وبالإضافة إلى الشكوى من أن أوروبا لم ترسل كل التمويلات الموعودة، تطالب أنقرة أيضاً حلفاءها الغربيين بدعم العمليات العسكرية التركية في شمالي سوريا بعد أن أدى هجوم شنَّه الرئيس السوري بشار الأسد إلى تدمير إدلب، آخر معاقل المعارضة في البلاد، مدعوماً من روسيا

ومنذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، جرى تهجير ما يقرب من مليون شخص يقطعون طريقهم في المنطقة الشمالية، زاحفين باستمرار نحو الحدود التركية المحصَّنة هي نفسها بجدارٍ ومركبات الدوريات المموَّلة من الاتحاد الأوروبي.

في أثناء ذلك، تزايدت الهجمات والترحيلات التي تستهدف المهاجرين في تركيا، موطن أكبر عددٍ من اللاجئين في العالم، 3.6 مليون شخص. وعند إجراء مقابلاتٍ مع مهاجرين أفعانيين وسوريين في صربيا، أوضحوا أن هذا ما دفع الكثيرين نحو الرحيل. 

ووفقاً لوزير الداخلية التركي سليمان صويلو، فقد أُجبر إجمالي 104 آلاف شخصٍ على الرحيل من تركيا خلال العام الماضي. لكن أنقرة تنكر إكراه اللاجئين السوريين على الرجوع إلى بلادهم ضد إرادتهم.

أحمد، وهو مواطن سوري في الـ30 من عمره، هرب من تركيا بعد إلقاء القبض عليه بتهمة العمل في أحد الفنادق دون تصريح، وهو شيء يصعب على اللاجئين بشدةٍ استخراجه. واحتُجز بأحد مراكز الترحيل 20 يوماً، حيث يقول إن الأغطية والملاءات وحتى عبوات الشامبو التي أُعطيت للمحتجزين كان عليها ختم علم الاتحاد الأوروبي، وكلمتا “الاتحاد الأوروبي” بالعربية، وهي إمداداتٌ يفترض أنها كانت مخصَّصةً للَّاجئين. وفور إطلاق سراحه، رحل أحمد على الفور متجهاً إلى أوروبا، خشية ترحيله إذا تكرَّر الأمر نفسه.

والآن هو عالقٌ في صربيا، بعد أن حاول دخول الاتحاد الأوروبي أكثر من 8 مراتٍ خلال أسبوعين. وهو ليس وحده. إذ في القبو القذر، تحت غيومٍ من دخان السجائر، يجلس رجال ونساء أنهكهم الترحال من إفريقيا والعراق وسوريا، ويتناقشون لإيجاد سبلٍ مختلفةٍ للعبور: بدءاً من قطع رحلاتٍ تدوم أسبوعين وحتى السباحة عبر نهر الدانوب. وكان هناك شابَّان يستعدَّان لمحاولتهما الـ18، وعلى هاتفَيهما صور من محاولتهما الأخيرة تُظهر كليهما والكدمات الحمراء تغطِّي ظهريهما وصدريهما.

قال أحدهما مازحاً: “مرحباً في أرض الحضارة”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى