تقارير وملفات إضافية

أبوظبي تراود دبي عن أصولها.. هل نشهد فصلاً جديداً في صراع الشقيق اللدود؟

لا يزال السجال مطروحاً حول سيناريوهات تطور العلاقة التنافسية المتوترة بين أبوظبي ودبي، في ظل الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالمنطقة نتيجة جائحة كورونا.

المشهد يشبه إلى حد كبير ما حدث عام 2009 إبان الأزمة الاقتصادية العالمية، حيث تضرر اقتصاد إمارة دبي بدرجة كبيرة، وثارت تكهنات حول احتمال تدخل أبوظبي لإنقاذ جارتها اللدود، في ذلك الوقت امتنعت أبوظبي عن إبداء أي استعداد للتدخل، الذي كان فيما يبدو إنضاجاً للأزمة على نار هادئة، إذ لم تلبث أبوظبي أن أعلنت دعم اقتصاد دبي بمبلغ 10 مليارات دولار. اقترنت بتغيرات حادة في نمط العلاقة بين الإمارتين.

لا يتبنى ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد خيار التدخل العاجل أو الإنقاذ الفوري، وبدلاً من ذلك يتأخر حتى تتعمق الأزمة وتتقلص المقاومة، هنا يبدأ في عرض خدماته متجهزاً للحصول على تنازلات قاسية من حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم.

قبل أيام نفى المكتب الإعلامي لحكومة دبي في تغريدة عبر حسابه على تويتر الأنباء التي ترددت حول محادثات بين إمارتي دبي وأبوظبي بشأن دعم اقتصادي مُقدم من صندوق “مبادلة” الحكومي التابع للأخيرة، والذي يدير أصولاً تبلغ 230 مليار دولار.

أنباء الدعم سبق أن نشرتها وكالة رويترز نقلاً عن 3 مصادر، عن مباحثات وربط متوقع بين بعض الأصول واندماجات. يأتي النفي الرسمي من دبي موحياً بأن خبر الدعم مسرّب عن طريق أبوظبي نفسها، كبالون اختبار، وسعياً لإثارة الشكوك حول المستقبل الاقتصادي المضطرب للإمارة.

تولى الشيخ خليفة بن زايد حكم الإمارات منذ عام 2004م لكنه لم يلبث أن تدهورت حالته الصحية، ليبرز ولي العهد محمد بن زايد في صورة الرجل القوي للدولة، والذي تنامت صلاحياته عام 2010 حتى تسلم المسؤولية كاملة عام 2013، بعد وصول أخيه إلى حالة العجز الكلي.

10 سنوات إذن نجح فيها بن زايد في إعادة صياغة السياسة الخارجية للإمارات من ناحية، وفي إعادة صياغة العلاقة بين الإمارات السبع داخلياً من ناحية أخرى، وهو ما أنتج نقاطاً خلافية متعددة بينه وبين محمد بن راشد حاكم دبي.

نستعرض فيما يلي أبرز محاور الخلافات بين الرجلين على مدار السنوات العشر الماضية. وكيف ستؤثر على تطور علاقتهما مستقبلاً.

تبدو الإمارات دولة “ظاهرية” بدرجة كبيرة، إذ يختلف مظهرها عن مخبرها، فالدستور الذي كان ينص على تداول رئاسة الدولة بين حكام الإمارات السبع كل 6 سنوات، لم يُعمل به ولو لمرة واحدة، فقد أصبح حاكم أبوظبي هو رئيس الدولة من باب الأمر الواقع، في ظل عجز بقية الإمارات الست عن مواجهته اقتصادياً أو عسكرياً، كما أنه -بحسب الدستور أيضاً- يتولى حاكم دبي منصب نائب رئيس الدولة ورئاسة مجلس الوزراء، يعني أن يصبح هو الأكثر نفوذاً وصلاحيات في ظل الحالة الصحية المتدهورة للشيخ خليفة، لكن ذلك لم يحدث أيضاً، إذ لا يملك محمد بن راشد سلطة مستقلة بعد أن همّشه محمد بن زايد.

رغم حرص الغريمين على تبادل التصريحات الأخوية التي تعبر عن “دفء العلاقة”، فإن التاريخ ينبئ عن حالة مستمرة من التنافس ومحاولات الاستحواذ التي لا تتوقف، منذ انسحاب آل بو فلاسا -الذين ينتمي إليهم آل مكتوم- من أبوظبي إلى دبي عام 1833م، ابتعاداً بأنفسهم عن أبناء عمومتهم آل بو فلاح الذين ينتمي إليهم آل نهيان حكام أبوظبي.

رغم انتماء القبيلتين إلى حلف بني ياس فإن الصراعات بينهما وصلت في بعض الأحيان إلى مستوى الحرب، كما حدث في أربعينيات القرن الماضي، ما اضطر دبي للجوء إلى الحماية البريطانية.

بعد الاندماج وتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، اتخذ حكام دبي لأنفسهم مساراً مستقلاً وسعوا إلى تحويل الإمارة إلى مركز اقتصادي عالمي رغبة في تعويض قلة مدخولاتهم النفطية، مقارنة بأبوظبي التي تملك مخزونا يقدر بـ 105 مليارات برميل، يجعلها سادس أكبر احتياطي عالمي.

النجاح الكبير الذي حققته دبي على الصعيد الاقتصادي أثار غيرة أبوظبي بصورة واضحة، رغم الفارق الكبير بينهما من حيث الإمكانات، فأبوظبي بلغ ناتجها المحلي الإجمالي عام 2018م نحو 254 مليار دولار، بمعدل نمو بلغ 14.4% مقارنة بعام 2017م، بينما بلغ الناتج المحلي الإجمالي لدبي عام 2018م نحو 107 مليارات دولار، بمعدل نمو 1.94% مقارنة بعام 2017م.

مع هذا الفارق الكبير، سعت أبوظبي -تحت حكم محمد بن زايد- إلى مزاحمة دبي في مواطن متعددة.

ذكر موقع “إنتليجنس أونلاين” الاستخباراتي الفرنسي أن أبوظبي تحاول منافسة دبي بشأن من يستحوذ على الموانئ الاستراتيجية في العالم، وهو الأمر الذي كان من اختصاص “موانئ دبي العالمية” طيلة السنوات الماضية، تريد أبوظبي أن تصبح أكبر لاعب في هذا السوق الواعد متحدية بذلك هيمنة دبي عليه، حيث تدير الأخيرة موانئ في دول كثيرة، منها: الجزائر والسنغال وموزمبيق والأرجنتين وكندا وأستراليا وباكستان وفرنسا وبريطانيا وغيرها، فهي المالك الأكبر في إفريقيا وآسيا.

في مجال الطيران التجاري، فإن المنافسة شرسة بين شركتي “طيران الإمارات” التابعة لدبي، و”طيران الاتحاد” التابعة لأبوظبي، الأولى أنشأها آل مكتوم في الثمانينات من القرن الماضي، والثانية أسسها آل نهيان بعدهم بـ15 عاماً.

منذ تأسيس دولة الإمارات ظلت سياستها الخارجية تتبنى اتجاه الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وتلك كانت سياسة أغلب دول الخليج، خاصة في فترة حكم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، لكن بعد استلام محمد بن زايد صلاحيات الحكم بصورة كاملة عام 2013، تبدلت السياسة الخارجية للإمارات 180 درجة. لكن دبي تابعت تمسكها بمبدأ “الحياد” في علاقاتها الخارجية، محاولةً الحفاظ على استقلاليتها.

يمكن رصد 3 تناقضات في مجال السياسة الخارجية بين الإمارتين، والتي كان لبعضها تأثير مدمر على الاقتصاد في دبي:

التناقض الأول: تمثل في الموقف من إيران، فالإمارات تتصدر قائمة الدول العربية من حيث التبادل التجاري مع طهران، بإجمالي 13 مليار دولار عام 2017م، استحوذت دبي على 90% منها، والإمارات هي أكثر دول العالم تصديراً لإيران، إذ تشكل صادراتها نحو 30% من واردات طهران. وفي تقديرات أخرى، فإن إيران تستورد 10% من احتياجاتها من الإمارات، وتصدر 15% من صادراتها عن طريقها.

لذلك كان تبني أبوظبي اتجاه التصعيد ضد إيران، والتماهي مع إدارة ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان في ذلك، يعد ضربة قوية لاقتصاد دبي، التي ليست المستفيد الوحيد، فإمارة الفجيرة حصلت على استثناء عندما فرض ترامب الحظر على النفط الإيراني، لتواصل إيران استخدام ميناء الفجيرة في تصدير نفطها مقابل مبالغ مالية باهظة تحصل عليها الإمارة. وكانت صحيفة “اعتماد” الإيرانية قد ذكرت منتصف العام الماضي أن عدد الإيرانيين المقيمين في الإمارات انخفض من 117 ألفاً في عام 2016 إلى 73 ألف شخص، وأن عدد السياح الإيرانيين المتوجهين إلى الإمارات انخفض أيضاً من 700 ألف شخص إلى 350 ألفاً خلال الفترة نفسها.

بناءً على ذلك كانت دبي تتخوف من أن أي حرب تندلع ضد إيران ستكون هي على المحك مباشرة، وربما تتلقى الضربة الانتقامية الأولى، وذلك بناءً على معلومات مسربة من الداخل الإيراني، كون دبي هي المنطقة الهشة على النسق الصراعي، بسبب اعتماد اقتصادها على السياحة والتواصل المستمر مع الخارج.

التناقض الثاني: قضية الحرب في اليمن، إذ تضررت شركة “موانئ دبي” التي كانت تشغل ميناء عدن في عهد الرئيس الراحل علي صالح، ومع استمرار الحرب تنامت مشاعر السخط لدى حكام الإمارات الآخرين، حيث ذكر نجل حاكم إمارة الفجيرة -المنشق والهارب إلى خارج الإمارات راشد بن حمد الشرقي- في حوار مع صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن الحرب اليمنية تسببت في ظهور خلافات بين أبوظبي وبقية الحكام، بسبب عدم استشارتهم المسبقة، كما أنها أرغمت جنوداً من أبناء الفجيرة على المشاركة في الحرب، ما جعل الإمارة تتحمل العدد الأكبر من الخسائر البشرية التي اتهمت أبوظبي بعدم الشفافية في الإعلان عن حجمها الحقيقي.

التناقض الثالث في المصالح الخارجية بين أبوظبي ودبي تمثل في الأزمة مع قطر، التي نتج عنها خسائر اقتصادية كبيرة.

أدت سياسة المقاطعة والحصار لقطر إلى مغادرة أعداد كبيرة من القطريين المقيمين في دبي، والذين كانت لهم شركات تتخذ من الإمارة مقراً لها، وتذكر السفيرة الأمريكية السابقة لدى الإمارات، باربرا ليف، أن عديداً من المديرين التنفيذيين الأمريكيين كانوا يخشون من احتمالية إجبارهم على الاختيار، إذا أصروا على استمرار علاقاتهم التجارية مع الدوحة، كذلك فإن عدداً كبيراً من الشركات أصبحت عاجزة عن الطيران أو شحن البضائع مباشرة إلى قطر.

لقد أطلقت تلك الأزمة سلسلة من التداعيات الاقتصادية لا تزال آثارها مستمرة حتى الآن، نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية الصادرة من نيويورك، في يناير/كانون الثاني 2019، أن دبي فقدت أكثر من 20 ألف وظيفة في القطاعات التي تزخر بوظائف المهن المكتبية، مثل قطاع الخدمات وقطاع الاتصالات، والتي كان حصار قطر أحد أكبر أسبابها، إضافة إلى خسائر في الأسهم والقطاعات الاقتصادية المختلفة. 

وذكرت وكالة بلومبيرغ الأمريكية أن الوضع الاقتصادي السيئ الذي تعيشه دبي “بسبب المغامرات التي تخوضها أبوظبي في عديد من الملفات الخارجية، جعلها تعاني نزفاً بطيئاً”. ومن الآثار السلبية للأزمة الخليجية إيقاف عمليات البناء في المطار الجديد في دبي الذي صُمم ليكون أكبر مطار بالعالم ، بقدرة استيعابية تبلغ 250 مليون مسافر في العام، بعد تراجع اقتصاد الإمارات، والركود الاقتصادي الذي تعانيه دبي منذ 2017.

مع كل هذه التناقضات، حرص محمد بن راشد على إبداء معارضته للتوجه الصدامي في السياسة الخارجية لبلاده والتدخل في شؤون الغير، جاء ذلك في محافل متعددة، وبطرق مختلفة. وهو ما يدل على أنه رغم الضغوط الاقتصادية، واحتياجه لدعم أبوظبي، فإنه لا يزال متمسكاً برؤية عائلته التقليدية تجاه السياسة الخارجية لبلاده.

في سلسلة تغريدات نشرها قبل عامين تقريباً انتقد بن راشد بصورة غير مباشرة، سياسة التدخل في شؤون الدول الأخرى التي يتبعها بن زايد، فقال: “إن الخوض الكثير في السياسة في عالمنا العربي مضيعة للوقت، ومَفسدة للأخلاق، ومَهلكة للموارد”. وقال أيضاً: “من يرد خلق إنجاز لشعبه فالوطن هو الميدان، والتاريخ هو الشاهد، إما إنجازات عظيمة تتحدث عن نفسها أو خطب فارغة لا قيمة لكلماتها ولا صفحاتها”.

كما ذكرت وكالة الأناضول نقلاً عن مصدر خاص أن اجتماعاً عُقِد منتصف العام الماضي بين عدد من مسؤولي الإمارات، بينهم بن زايد وبن راشد، تحدث فيه الأخير صراحة عن التوجه المغامر للسياسة الخارجية، فقال: “علينا إعادة النظر بشكل كلّي في سياساتنا الخارجية، ننفق يومياً مئات الملايين من الدولارات، فماذا نجني مقابل ذلك؟ علينا أن نتخلى مباشرة عن سياسة التدخل في شؤون الدول، فهذه السياسة تكلفنا كثيراً ودون أي مقابل”، وقال أيضاً: “لو افترضنا أن واشنطن قصفت طهران، فإن الرد الإيراني سيكون عبر استهداف الإمارات أو السعودية بشكل مباشر أو عبر الحوثيين”، وأبلغ بن راشد الحضور بأن الإمارات ستخلو من المستثمرين الأجانب في حال سقط صاروخ واحد من إيران على أراضيها، ولن تتمكن من الاحتفاظ بالعمال الآسيويين.

في أبريل/نيسان 2009 بعدما ترددت أنباء كثيرة عن شروط لأبوظبي تتعلق بالقروض التي قدمتها لدبي، وأن هذه الشروط تتضمن تنازلات عن أصول واندماجات، قال الشيخ محمد بن راشد: “بين أبوظبي ودبي لا يوجد بيع وشراء، كل ما في دبي هو لأبوظبي ودبي وبقية الإمارات، وكل ما في أبوظبي هو لدبي وأبوظبي وبقية الإمارات”، وقال بعبارات واثقة: “أعتقد بأن هناك سوء فهم ومبالغة في تقدير انعكاسات الأزمة علينا. كما أن هناك تفسيرات خاطئة حول طبيعة العلاقة التي تربط الإمارات الأعضاء في الاتحاد. فنحن أعضاء في كيان واحد، وأجزاء في جسد واحد قوي ومتماسك”.

لا تعترف السياسة بهذه التصريحات الودية فهي تطلق عادة لإخفاء التوترات وإبقائها خلف الكواليس.

أبسط دليل على ذلك هو حجم المساعدات -المشروطة- التي قدمتها أبوظبي في ذلك الوقت، فهي لا تقارن بحجم الديون الذي بلغ حينها في بعض التقديرات 120 ملياراً، يستحق منها خلال عامين فقط حوالي 35 مليار دولار، في المقابل لم تدفع أبوظبي سوى 20 ملياراً فقط.

يعلق أحد المسؤولين التنفيذيين في “الإمارات كابيتال” على هذه المساعدة بالقول إن الأسواق لن تنظر إلى تلك المساعدة على أنها تطور بعيد المدى قابل للاستمرار؛ لأن واقع الوضع المالي المتأزم لدبي لن يتغير بهذا القرض. وقال: “إذا قالت أبوظبي إنها ستضمن كل ديون والتزامات دبي، فإن ذلك سيغير الوضع تماماً”.

إبان تلك الأزمة في 2009 صرح مسؤول إماراتي لرويترز موضحاً طريقة أبوظبي في التعامل الانتقائي مع الأزمة الاقتصادية في دبي: “إننا سننظر في التزامات دبي ونعالجها كل حالة على حدة، ولا يعني هذا أن أبوظبي ستغطي كل ديونها”، وأشار إلى أن بعض كيانات دبي تجارية شبه حكومية وأن أبوظبي ستحدد وتختار متى وأين تقدم المساعدة، وأن أي مساعدة مالية إضافية لدبي ستتوقف على مزيد من التوضيح من جانب الإمارة.

نفس النهج يتوقع أن تكرره أبوظبي من جديد إذا تدخلت لمساعدة دبي في مواجهة الأزمة الاقتصادية الحالية، ويمكن أن نلخص معالم هذا النهج في نقاط مختصرة:

1-      التدخل سيكون جزئياً

2-      سيكون انتقائياً

3-      سيكون مشروطاً

بصفة عامة فإن أبوظبي لا تتبنى نهجاً صدامياً في سعيها للاستحواذ على أصول دبي وإخضاع سياستها، فكما يذكر أحد المصرفيين الكبار في الإمارات، تعليقاً على قبول أبوظبي المستمر لتمديد أجل سداد قرض أزمة 2009، فإن “حكومة أبوظبي لن تغامر بأي توتر من خلال مطالبة دبي بالسداد. الوقت يتسم بمزيد من الحساسية الآن مقارنة مع عام 2009″، فليس من مصلحة بن زايد أن يُصَعِّد مع دبي، خاصة أن الأزمة الحالية تمسّ الجميع، وهناك ملفات ساخنة تنتظره في الفترة القادمة، من أهمها تسوية مسألة تسلم الحكم بصورة كاملة، سواء في ظل بقاء الشيخ خليفة على قيد الحياة، أو بعد وفاته المتوقعة بسبب المرض.

بالنسبة لدبي، فإن تنافسها مع أبوظبي لا يستهدف الاستحواذ، فهي تدرك الفروقات الهائلة بين الإمارتين في الإمكانات الاقتصادية والمساحة الجغرافية والقوة العسكرية، لذلك تركز كل طاقتها في اتجاه الحفاظ على استقلاليتها قدر الإمكان، محاولة ألا تعطي لأبوظبي فرصة لمزيد من التحكم، لذلك سارع المكتب الإعلامي للحكومة بنفي الأنباء عن التفاوض حول دعم جديد تعلم التنازلات التي ستترتب عليه.

مع ذلك فإن المستقبل القريب لا يبشر بخير للإمارة المأزومة، مع عبء ديون يبلغ نحو 135 مليار دولار، ما يعادل 125% من الناتج الإجمالي، تحل مواعيد استحقاق نصفها تقريباً قبل نهاية 2024.

وقد تلقت الإمارة صدمة بعد الاضطرار إلى تأجيل معرض إكسبو الدولي إلى العام القادم، بعدما أنفقت مليارات الدولارات للتجهيز لفعالياته التي تستمر ستة أشهر، وكانت تنتظر أن يجذب إليها متوسط 11 مليون زائر من خارج الإمارات.

كما كشف استطلاع أجرته غرفة تجارة دبي قبل أيام، وشمل 1228 مديراً تنفيذياً، أن 70% من الشركات في دبي تتوقع إغلاق أبوابها في غضون الأشهر الستة المقبلة، بسبب جائحة فيروس كورونا.

وأفاد تقرير في موقع بلومبيرغ نقلاً عن مؤسسة الأبحاث “إس تي آر” بأن نسبة إشغال الفنادق في دبي تراجعت منذ انتشار فيروس كورونا، ومن المحتمل أن يفقد حوالي 30% من العاملين في هذا القطاع وظائفهم، حيث بلغ معدل الإشغال في أبريل/نيسان حوالي 23%، ما دفع الفنادق إلى إغلاق حوالي 43 ألف غرفة. وأصدرت حكومة دبي الشهر الماضي تعميماً بشأن خفض الإنفاق الرأسمالي بواقع النصف على الأقل، وتقليص النفقات الإدارية والعامة، بما لا يقل عن 20%، ووقف التعيينات الجديدة حتى إشعار آخر.

إنها معركة عض أصابع، أبوظبي تنتظر صراخ دبي، ودبي تحاول التماسك حتى اللحظة الأخيرة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى