تقارير وملفات إضافية

الغارديان: أمريكا تدفع ثمن عهد ترامب.. كيف وصلت البلاد إلى كل هذه الفوضى؟

الاضطراب الكبير الذي شهده عهد ترامب، والتدفق المستمر للأحداث التي لم يكن من الممكن توقعها حتى قبل ساعات، أخلّ بتوازن أمة وتركها عاجزة عن استيعاب حالها ومدى ما وصلت إليه.

تقول صحيفة The Guardian البريطانية، لقي أكثر من 100 ألف أمريكي حتفهم جراء إصابتهم بفيروس كورونا بعد فشل الحكومة في التعامل معه؛ وخارج محطات مترو واشنطن تستقر سيارات مدرعة وقوات شرطية، وشوهد رجال يرتدون معدات قتالية ويحملون بنادق قنص جالسين عند باب مفتوح لمروحية تحلق على ارتفاع منخفض فوق المنطقة التجارية، فيما حلقت مروحية عسكرية فوق حشد من المتظاهرين على مسافة قريبة جداً منهم حتى أنهم تأثروا بالرياح العنيفة التي أثارتها مروحتها، وهذا من الأساليب المستخدمة في تفريق المتظاهرين التي اكتُسبت من عمليات مواجهة محاولات التمرد في الخارج.

وكثيراً ما يتجاوز معدل المواجهات الجديدة القدرة على استيعابها، أو حتى وصفها. وجعلت الشرطة من المتظاهرين السلميين والصحفيين وشاب أمريكي من أصل إفريقي يطالب بالتفاهم المتبادل وأصحاب المتاجر والميقيمين هدفاً للاعتقال التعسفي أو الضرب أو كليهما، خاصة إذا كانوا من السود.

وبين عشية وضحاها تغيرت لغة رجال الحكم، إذ وصف وزير الدفاع المدن الأمريكية بأنها “ساحة معركة”، وأشاد الرئيس بـ”القوة الساحقة” لإدارته و”هيمنتها” على المواطنين.

تأتي كل لحظة استثنائية لتطرح سؤال: “كيف وصل بنا الحال إلى هنا؟”، لكنه سرعان ما ينجرف مع تيار تغريدات تويتر الذي لا يتوقف. وأصبح مجرد محاولة تقييم الوضع أمراً مرهقاً، تقول الصحيفة البريطانية.

أحد الأسباب التي تجعل من الصعب جداً تتبع هذا التدهور هو تحويل كل منعطف غريب جديد إلى أمر عادي وطبيعي بصفة شبه فورية، وحقنه بما يشبه مخدراً سريع المفعول، إذ إن ترامب محاط بأناس متماسكين يؤكدون أن ما يحدث ليس خارجاً عن المألوف. وأي شخص عجز عن منع نفسه من الصراخ “هذا جنون” غادر الإدارة منذ فترة. وفي ويليام بار يجد ترامب مدعياً عاماً جاهزاً لصياغة أوامر تنفيذية حسب الرغبة، وبمبررات تبدو قانونية.

وكان من بين مجموعة المسؤولين الذين يسيرون خلف ترامب لتصويره وهو يحمل الإنجيل وزير الدفاع مارك إسبر، وأرفع جنرال في البلاد، رئيس هيئة الأركان المشتركة مارك ميلي، وكانا يرتديان زيهما القتالي. وحضورهما في ساحة لافاييت وهما يسيران بين المخلفات التي تركها المتظاهرون الفارون، عَبَر الخط الذي من المفترض أن يفصل الجيش الأمريكي عن السياسات المحلية، وأضاف دعماً إلى خطاب ترامب بشن حرب مبررة على عدو خبيث في الداخل.

ولا يقف الأمر عند المسؤولين الحكوميين، بل ظهر أن القيود الدستورية نفسها أكثر مرونة مما كان يُعتقد في السابق، إذ من حقّ الكونغرس أن يطالب برؤية المسؤولين والوثائق التي يحتاجها لأداء واجبه الرقابي، لكن الإدارة تشعر الآن بأنها مخولة بتجاهل مثل هذه الدعوات متى تريد دون مواجهة أي عواقب.

والخوف يمهد الطريق لكل خطوة جديدة نحو العسكرة والنهب والدمار على هامش الاحتجاجات مرعب، لكنه ناتج جزئياً عن تكتيكات تطبيق القانون، إذ إن الشرطة تركز على تفريق الاحتجاجات بدلاً من القبض على اللصوص، وهو العنف الذي لا تتوقف نشرات الأخبار عن الحديث عنه.

والسبب الآخر الذي يجعل من الصعب جداً تتبع هذا التدهور هو مهزلة عروض دونالد ترامب اليومية. وكانت إحداها الثلاثاء 2 يونيو/حزيران، في ضريح كاثوليكي، حين ظهر الرئيس وهو يحث زوجته من جانب فمه على الابتسام ومحاولتها الفاترة للامتثال.

وفي اليوم السابق، كان الطريق الطويل من البيت الأبيض إلى كنيسة سانت جون، حيث سار الرئيس مسافة 18 متراً تقريباً في مقدمة وزرائه وأقاربه أمام كتابات على المراحيض العامة تلعن ترامب.

وبعد ذلك، لدى وصوله إلى الكنيسة، وهو يسمك بالإنجيل بزوايا مختلفة، ومن ذلك وهو مقلوب، كما لو كان جهازاً غير مألوف يُسحب عشوائياً من صندوق أدوات. لقد زعم ترامب ذات مرة أن الإنجيل كتابه المفضل ولكن عندما سئل عن آيته المفضلة فيه، أصبح مرتبكاً وتهرَّب من السؤال بتأكيده أن “الكتاب المقدس كله رائع”.

تقول الغارديان، لقد علمنا التاريخ أن نتوخى الحرص من المهرجين، ولكن من الصعب أن نتذكر هذه الدروس حين يلهينا كل يوم يمر علينا بأحداث شديدة الغرابة. إننا نتحدث باستمرار عن هذه التقلبات، وكل يوم يقربنا من نسيان ما كانت تبدو عليه الأمور العادية.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى