ثقافة وادب

غنيةٌ بالذهب وشعبها يعاني فقراً مدقعاً! مالي “الشابة” المرهقة من الانقلابات العسكرية

تعيش جمهورية مالي في الوقت الحالي أزمة سياسية كبيرة، إذ إن الأخبار القادمة من هناك تتحدث عن انقلاب عسكري تخلله اعتقال رئيس البلاد أبو بكر كيتا ورئيس حكومته بوبو سيسيه، بحسب ما ذكرته وسائل إعلام فرنسية.

وبما أن كثيراً من الناس لا يعلمون الكثير عن هذه الدولة الإفريقية التي كانت موطناً لعديد من الإمبراطوريات قبل استعمارها، سنعرفكم في هذا التقرير عن أهم المعلومات التي قد ترغبون في معرفتها عن حضارة هذا البلد وحياة شعبه.

تقع جمهورية مالي، وهي دولة غير ساحلية عاصمتها باماكو، غرب القارة الإفريقية في قلب الصحراء الكبرى، وتعدُّ واحدة من الدول متوسطة الكبر في القارة الخضراء.

فمن ناحية المساحة هي ثامن أكبر دولة إفريقية بمساحة 1.24.000 كيلومتر مربع، بينما من ناحية السكان فهي في المرتبة الـ47 بنحو 19 مليون نسمة، بحسب آخر إحصاءات أجرتها الدولة في العام 2017.

بحسب الإحصاءات ذاتها تعدُّ مالي واحدة من أكثر الدول الشابة في العالم، إذ يقدَّر أن أعمار نحو 67% من سكانها تقل عن 25 عاماً، في الوقت ذاته لا يتجاوز متوسط عمر الرجال 57 عاماً، أما النساء فهم معمرات أكثر من الرجال بمعدل عمر 84 عاماً.

وبحسب موقع Africa، من المتوقع أن يتضاعف إجمالي عدد سكان مالي بحلول عام 2035، خاصةً أنها من أسرع الدول نمواً في إفريقيا، بسبب قلة الوفيات وكثرة الولادات، إذ يبلغ معدل ما تمتلكه كل عائلة من أطفال 6، وهو ثالث أعلى معدل في القارة الخضراء.

ولكن رغم قلة الوفيات فإن معدل وفيات الأطفال والنساء من بين الأعلى في العالم، بسبب محدودية وصول وسائل تنظيم الأسرة، ونقص الرعاية الطبية لحديثي الولادة.

يعيش في مالي العديد من المجموعات العرقية التي تُقسَّم إلى 3: الأولى هي مجموعة الفولاني التي تضم الأفارقة الأصليين من قبيلتي الفولاني والتكرور، وهي أكبر مجموعة عرقية في مالي.

أما المجموعة الثانية فهي الماندينجو وتضم قبائل البمبارا والمالنكيون والسوننكي.

في حين تسمى المجموعة الثالثة الدوجون وتضم قبائل الصنغي والفلتايك.

فيما توجد أقليات صغيرة تقدَّر بنحو 5% من السكان مكونة من العرب المغاربة، والطوارق الأمازيغ، وبعض الأوروبيين خاصةً الفرنسيين.

90% من سكان هذه المجموعات الثلاث مسلمون على المذهب السني، بينما يدين نحو 5% بالديانة المسيحية (الكاثوليكية والبروتستانتية)، و5% يتبعون ديانات محلية للسكان الأصليين.

ووصل الإسلام إلى مالي في القرن التاسع عن طريق التجار المسلمين القادمين من إفريقيا وعن طريق المهاجرين الأمازيغ والطوارق، كما وصل إليهم من قِبل بعض أتباع الطرق الصوفية.

لطالما كانت مالي عبر التاريخ مفترق طرق بين الشمال الذي يضم الدول العربية والجنوب الذي يضم بقية الدول الإفريقية، وبالتالي استمدت الكثير من التقاليد والثقافات الأخرى.

كما كانت في السابق واحدة من كبرى دول القارة لقرون، وموطناً للعديد من الإمبراطوريات، التي سيطرت على التجارة في الصحراء بشكل كامل، أهمها وأقدمها إمبراطورية غانا التي توسعت بشكل كبير غرب إفريقيا حتى احتلها المرابطون في العام 1078 ميلادي.

كما كانت جزءاً من مملكة مالي التي استمدت اسمها الحالي منها، حيث تشكلت المملكة بداية على نهر النيجر العلوي وبلغت ذروتها في القرن الثالث عشر.

فكانت مركزاً تجارياً إقليمياً رئيسياً، كما كانت مدينة تمبكتو الواقعة شمال مالي مركزاً للثقافة الإسلامية، إذ انتقل الإسلام إليها عبر قوافل التجار المسلمين القادمين من شمال إفريقيا.

إلا أن المؤامرات الداخلية تسببت في بانهيار الإمبراطورية واحتلالها من قِبل إمبراطورية سونغاي التي كانت تتخذ من نيجيريا الحالية مركزاً لها.

وفي العام 1591، استطاع المغاربة بقيادة جودار باشا، طرد القوات السونغايية من مالي والسيطرة عليها، وكانت هذه الفترة هي نهاية أهمية الطرق التجارية التي تمر عبر الصحراء بعد أن قام الأوروبيون بإنشاء طرق بحرية بديلة.

وفي العام 1905، سيطر الفرنسيون على مالي وضموها إلى ما يسمى مستعمرة السودان الفرنسي، حتى عام 1959 عندما اتحدت هذه المستعمرة مع السنغال لتشكيل اتحاد مالي الذي حصل على الاستقلال من فرنسا في عام 1960.

أشهر قليلة بعد الاستقلال قررت السنغال الاستقلال عن الاتحاد، وبذلك تم إعلان أول جمهورية رسمية لمالي، وأصبح موديبو كيتا أول رئيس لها.

بعد 4 سنوات من تأسيس جمهورية مالي، ومع ازدياد النفوذ الصيني الذي دعم المعارضة في البلاد بدأ الرئيس موديبو كيتا بتصفية معارضيه، ما تسبب بتدهور الأحوال الاقتصادية، وهو ما دفع الملازم موسى تراوري في العام 1968 للقيام بانقلاب عسكري أزاح به كيتا عن الحكم.

وفي العام 1974 أصدر تراوري دستوراً جديداً جعل مالي دولة الحزب الواحد، يسيطر عليها حزب الشعب المالي الديمقراطي الاشتراكي القومي، ولكنه انتهى في العام 1991 عند إزاحة تراوري بانقلاب عسكري ومظاهرات شعبية، تكللت بتنصيب حكومة انتقالية لإدارة البلاد مؤقتاً برئاسة أمادو توماني توري، الذي سلم السلطة في العام الذي يليه لإجراء انتخابات ديمقراطية.

في العام 1992 تم إجراء أول انتخابات رئاسية ديمقراطية، فاز فيها الرئيس ألفا عمر كوناري، ولدى إعادة انتخابه عام 1997 سار في نهج الإصلاح السياسي والاقتصادي ومحاربة الفساد.

وفي 2002 تم إجراء انتخابات ديمقراطية جديدة، فاز فيها الرئيس أمادو توماني توري، الذي بقي رئيساً للبلاد حتى العام 2012، عندما سيطرت مجموعة من العسكريين على السلطة بقيادة أحمدو سانوكو.

وذلك بعد استيلائها على القصر الرئاسي في العاصمة باماكو، وكان الانقلاب بسبب عدم استجابة الحكومة لمطالب الجيش، الذي يطالب بتسليح رفاقهم الذين يعانون هزائم متكررة في شمالي البلاد، في حربهم ضد الطوارق.

تقلد أحمدو سانوكو منصب الرئاسة مدة عام، حتى إقامة انتخابات رئاسية جديدة، وبالفعل أقيمت تلك الانتخابات في العام 2013، والتي فاز فيها الرئيس المالي الأخير إبراهيم أبوبكر كيتا.

تعد الفرنسية اللغةَ الرسمية للبلاد، إلى جانب وجود 40 لغة محلية يتم التحدث بها، أبرزها البامبارا التي يتحدثها نحو 80% من السكان، إلى جانب لغات أخرى كالسونينكي والبربرية والعربية.

بحسب بيانات السلطات في مالي، فإن البلاد تحتل المركز الثالث إفريقياً من حيث إنتاج الذهب، بعد كل من جنوب إفريقيا وغانا، بمعدل إنتاج نحو 60 طناً، ورغم ذلك فإن مالي واحدة من أفقر دول العالم، إذ تأتي في المرتبة الـ44 إفريقياً في معدل التنمية البشرية، كما يعيش سكانها تحت خط الفقر بمعدل 1.25 دولار للفرد الواحد.

في حين يعتمد غالبية السكان حالياً في كسب قوت يومهم، على العمل في زراعة القطن والأرز والذرة وقصب السكر على أطراف نهري السنغال والنيجر الرئيسيين في البلاد.

كما أن معظم المزارعين في مالي لا يستطيعون شراء الآلات الزراعية الحديثة، لذلك يعتمدون في زراعتهم على الأدوات والأساليب اليدوية.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى